عشيرج قطعة من السوفييت


نضال الصالح
2021 / 3 / 31 - 20:10     

عندما كنت أعمل في الخمسينيات في دولة الكويت، كان في طرف الكويت منطقة اسمها عشيريج وكانت مسكنا للعمال العراقيين الذين كانوا في غالبيتهم من الشيعة. ولقد كانت معلوماتي عن الشيعة قبل المجيء إلى الكويت بسيطة جدا وفي بعض الأحيان كنت اظن أنهم فريق من الشيوعيين ولذلك سمو بهذا اللقب.
كنا مجموعة من اليساريين العرب من فلسطين والأردن تعرفنا على مجموعة من اليساريين العراقيين وتمتنت الصداقة بيننا. واعدتنا مع الرفاق العراقيين أن نزور منطقة عشيرج ونسمر معهم ونستمع إلى حكاياتهم ونستمع إلى أغانيهم التي كانت حزينة جدا وكنت أرا الدموع وهي تنهمر من عيون مناضلين أشداء جربوا السجون والتعذيب. وكانوا في بعض الأحيان يغنون أغاني سياسية أذكر منها " تقدم يالمهداوي تقدم، عشيرج قطعة من السوفييت.
من بين اللذين تعرفنا عليهم في تلك الجلسات بعض من رجال الشرطة عرفناهم عندما دخلنا السجن وطردنا من الكويت وصدف أن كان اثنان منهما يعملان كحرس في السجن الذي وضعونا فيه وكان سجنا خاليا من السجناء ما عدانا نحن . ولقد قام هاذان الشرطيان بمساعدتنا. وعندما كنا في المساء نغني لفلسطين ونبكي كنت أراقب الشرطيين واقفين بجانب السياج ودموعهم تنهمر من عيونهم.
اعتادت مجموعتنا أن تشارك في السمر في عشيرج أثناء الليالي الرمضانية وأذكر أن شيخا عراقيا جميل الصوت كان يقرأ لنا في تلك الليالي آيات من القرآن والغريب أننا كنا نستمتع بالسماع للشيخ رغم أننا كنا وفي أغلبنا يساريين ماركسيين. وفي أحدى الليالي وبعد قراءة الشيخ لعدد من السور القرآنية القصيرة قام أحد العمال وخاطب الشيخ قائلا: فيك سيدنا الشيخ تقرالنا شي من سورة علي ؟ فرد الشيخ قائلا أنه لا يوجد في القرآن سورة علي، فقال العامل محتجا، " شلون ما في ، في سورة في القرعان للبقرة ؟ فرد الشيخ ، " نعم في" فسأل العامل " وفي سورة النحل ؟ والشيخ يقول " إي في " والعامل يردد ، النسا ويوسف وما أدري منو إلهم سورة، وتابع متعجبا وعلي كرم الله وجهه ما إله سورة ؟ ثم قام وتركنا وهو يردد " شي ما يدخل المخ، " علي كرم الله وجهه مالو سورة والبقرة لها سورة.
انفضت الجلسة وعدنا إلى بيوتنا مرددين ما قاله العامل ولم نعرف أنضحك أم نبكي.