الاغتيال السياسي ـ الحلقة الأولى


امال الحسين
2021 / 3 / 13 - 11:48     

في 15 أبريل 2016 استنشقت رائحة الموت، من جثمان شهيد، ودعت الشهيد إبراهيم صيكا، في قاعة الأموات بمستشفى أكادير، خمسة عشر يوما من الاعتقال والتعذيب، تم بعدها إعلان وفاة مناضل، دخلت القاعة، ولأول مرة أشاهد جثمان إنسان متمددا، قبلته جبهته كما يفعل الأحياء للأموات، بدأت مسيرة النضال من أجل الحق في الحياة.
كانت النقابة الفلاحية مسرحا لنضال عسير، من أجل كشف حقيقة اغتيال الشهيد، كان استشهاده مصباح وهاج صراع مرير، مازال قائما إلى اليوم، حملت أم الشهيد هذا المشعل، تطوف به من محطة إلى محطة في حركة الفلاحين، حضرت بتالوين أثناء افتتاح مقر النقابة هناك، أربع سنوات مضت، حافلة بمعارك داخلية وخارجية، وتستمر حركة الفلاحين لتشمل الرحل الفقراء.
وصلت من أكادير، نزلت ببلدتي، اجتمعت ورفيقي بمقر النقابة، خرجنا معا، في اتجاه منزل المناضل الذي تعرض للاعتداء، بمنتصف الطريق، اتصلنا به هاتفيا، كان مع صاحبه بالمقهى، في طريقنا، حاول أحدهم الاعتداء علي، أوقفني ومنعي من المرور، طلب منه رفيقي إخلاء سبيلي، وضع يديه على صدري، يمنعني، واجهته، هددته إن لم يخل سبيلي، تراجع.
كان صاحبه واقفا بجانب السيارة، تابعنا طريقنا، تجاوزنا بسيارته السوداء، توقف أمام البريد، اتجهنا إلى مقهى بالجهة الأخرى من الشارع، بسيارته يتابع حركتنا، تابعنا طريقنا إلى مقهى أمام البلدية، صادفنا في طريقنا كل الوجوه المعروفة، صاحب الوجه الأبيض، منظر كل المكائد ضد الفلاحات الفقيرات، حركة غير عادية بالمدينة، ينتظرون العملية بأحر من الجمر، يتبادلون المكالمات الهاتفية.
في ظل حالة الطوارئ بالمدينة، نحن بالمقهى أمام البلدية، نتبادل الحديث حول الاعتداء وأشياء أخرى، على الساعة السابعة و45 دقيقية، قال لي المناضل الذي تجرع مرارة الاعتداء : قم، قم إلى بيتك، إلى بيتك كن حذرا، لقد قرروا الاعتداء عليك، رأيتهم يتحركون في كل جهات المدينة، يتصلون فيما بينهم.
سرنا أنا ورفيقي، بكل هدوء بالشارع، إلى الحي العتيق، عمره أزيد من خمسة قرون، حتى تسميته الأمازيغية تدل على مكان إقامة مريح، تأسست به الزاوية، على الجهة الشمالية للوادي، تقابلها مزارع أفرا بالجهة الجنوبية، رأت القبائل المكان هادئا، مكان لائقا بالنزول : "تكركوست" بالأمازيغية، ترحب بالغرباء والمضطهدين، من كل جهات البلاد، مازالت هكذا.
نزلنا في اتجاه الحي، غير بعيد عن مدرستي، قضيت بها طفولتي، سرنا معا، غير بعيد عن الطريق/الشارع، شخص يرتدي بذلة سوداء ملثم، تعرفت عليه، مسرعا في مشيته، وصل إلينا في الاتجاه المعاكس، بخفة انقض وربط رجلي بيديه، كانت آخر لحظة سجلها دماغي، حتى استفقت من حلم مزعج، أحاول الوقوف فأقع على الأرض، أحاول ثانية الوقوف، رفيقي يدعوني للجلوس، أبحث عن أغراضي التي تناثرت على الأرض، تكسرت نظاراتي، الدماء بوجهي، رأسي يتدور،.
توقفت النساء، القادمات من مركز المدينة، هن فلاحات فقيرات، أمام المشهد المريب، يستنكرن الاعتداء، قال لنا أحد الشباب : إنهم محترفون في السرقة، سرنا جميعا إلى وسط بلدتي، الكل يستنكر، بتكركويت، في 8 مارس 2021، تمت المحاولة، محاولة الاغتيال السياسي.