الدعوة للحوار .. استدراجاً ام علاجاً ..؟


علي عرمش شوكت
2021 / 3 / 11 - 14:20     

تعددت التسميات والهدف واحد لم تأت هذه الدعوة التي ابلغنا بها السيد رئيس الوزراء بخلاف ما سبقتها من دعوات الا بتعديل عنوانها. وان كانت معظم عناوين السابقات موسومة بالوطنية. ولكن كلمة { الشامل والاشراف الاممي } المضافة من قبل السيد "مقتدى الصدر" التي وردت بدعوته الاخيرة، قد زادتها اهتماماً . مما جعل هذه الكلمة الاخيرة هي المعنية بالتأمل اكثر من غيرها. لا بأس لهذا التوسع بالحوار، شرط ان يخرج عن اسوار قلاع الطغمة الحاكمة نحو الفضاء الوطني. غير ان خيمته ينبغي ان تستوعب تطلعات وهموم كافة الاطراف التي ستخوضه. نحو التغيير كقاعدة انطلاق وتحديداً للغاية منه اي التغييرالبنيوي لمنظومة الحكم.
ومن دون الاسس سالفة الذكر تصبح الدعوة عبارة عن محاولة باتجاه الانقياد الى اغراءات سياسية وليست دواءً للجرح العراقي النازف. انما تكراراً للقاءات القوى الحاكمة، التي قبل ان يجف حبر محاضرها يضربها عصف الخلافات من جديد وتذهب في مهب النسيان.
ان مستجدات الحراك الجماهيري في هذه الايام تحمل على متونها اثقال قوة قالعة لمخلفات وتراكمات الخراب والفشل، الذي بات كاتماً على انفاس العراقيين لحد زهق الارواح. سواء كان اغتيالاً او جوعاً او تشرداً او تغييباً.. فلا مناص من النهوض لازاحة " عزرائيل " الفساد.. وليكن الحوار وسيلة للتحرك الى منتصف الطريق في اقل تقدير كمحطة مراجعة وتصويب المسار. ومن ثم دق ركائز دولة العدالة الاجتماعية.. ولكن لغاية الان لا توجد اية علامات فارقة تدل على معالم الوجهة المقصودة ولاي من الاتجاهات سيؤدي. شرقاً ام غرباً ام التمسك بعنوان انتفاضة تشرين .
واذا ما بقي الابهام طاغياً على مثل هذه الدعوات ، يغدو الامر كالذي يبني بيته على كثبان رمال متحركة. لاتتناسب مع المناخات السياسية الراهنة في البلاد، المشحونة بالخلافات التناحرية واستقطاب الصراعات حول بناء الدولة المدنية و تفشي مفهوم اللادولة الذي يهدف في نهاية المطاف الى الدولة الدينية. اذن من الذي يؤطر الحوار ويرسم خارطته ..؟
هذا هو السؤال الذي تنبغي الاجابة عليه بوضوح اي رسم الاهداف التي يفترض ان لا تخرج عن دائرة " التغيير " ووضعها على ناصية الحوار. لان ثلاثية الفشل والفساد والانحطاط الشامل لم تبق شيئاً يمكن اصلاحه. لذا اقتضي هذا الحال قلع خرائب وتركات الماضي البعيدة والقريبة، ومن ثم التأسيس للحياة العصرية المدنية العادلة. ان هذا يكشف عن حقيقة لم يحدد من يدعو للحوار عن واقعيتها الا وهي كفتي الاستقطاب والتمايز الطبقي الصارخ، بين قوى طفيلية قد غدت مالكة للمال الحرام وللسلطة، وبين قوى شعبية واسعة منتفضة لا تملك شيئاً سوى ارادتها الواعية ووطنيتها الخالصة.. نرجع الى السؤال: من الذي سيتحاور مع من، وهل ان الكفتين متساويتان في حلبة الصراع المسمى حواراً..؟
عند هذا الفاصل تتوفر امكانية لتحديث السؤال الى صيغة باحثة بالقول هل ان الغاية من الحوار استدراجاً للحراك المنتفض الى ازقة ومتاهات سياسية لا منفذ لها وابعاده عن الشارع الثائر. ام يفترض ان يكون علاجاً شافياً لجراح العراق النازفة ابداً.