المثلية والاحتجاجات الشعبية التونسية .


فريد العليبي
2021 / 3 / 9 - 14:19     

أستعملت المثلية بشكل واسع في أوربا وأمريكا ، أي في مجتمعات نفرت من الحداثة حيث جرى سوقها الى ما بعد الحداثة بما فيها من اغتيال للعقل وإعلان موت الانسان وبروز ظواهر مثل زواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء وتقنين استهلاك المخدرات الخ .. ولم تكن الحالة العربية أقل تأثرا بذلك ، برغم أن الحداثة والتنوير لا يزالان فيها على جدول الأعمال فقد ساد التنوير المغشوش والحداثة الهجينة برعاية الدولة ، وفي ظلهما انتشرت ظواهر من نفس الجنس ولا تكاد اليوم مدينة عربية تخلو من تفشي استهلاك المخدرات أما المثلية فإنها تعلن عن نفسها حينا وتتخفى أحيانا .
ويذكر أنه عندما أقرت الولايات المتحدة زواج المثليين طلب روبرت موقابي زعيم حركة زانو المسلحة في زمبابوي سابقا ورئيس البلاد لاحقا يد باراك أوباما ...كان موغابي مثقفا وسياسيا وطنيا مدركا أن احتلال الشعوب أشد خطورة من احتلال الأوطان فقد تمكن الزمبابويون من تحرير وطنهم ولكن الامبرياليين قرروا غزو الشعب فكان اختلاق الأقليات ومنها المثلية بزعم وجوب احترام حقوقها في الزواج المثلي وغيره ، رد موغابي بوضع مثليين في السجن متعهدا بعدم الافراج عنهما الا بعد انجابهما طفلا فأثار ذلك موجة من السحرية من الامبرياليين الذين شرعنوا زواج المثليين .
اليوم في بلاد العرب غزو الشعب قائم على قدم وساق بواسطة كمبرادورية سياسية تجمع احزابا ومنظمات وجمعيات ملونة من بين أسلحتها تحويل المثلية الى ظاهرة سياسية .وفي تونس تعمل تلك الكمبرادورية السياسية على اختراق اليسار خاصة بعد ان اتضح أن يساريين مفترضين يدافعون عن المثليين باعتبارهم " فئة اجتماعية مضطهدة"، ويحيون كفاحها ويصفقون لها فهى تقف في الصفوف الأولى للانتفاض الشعبي ، وهذه المرة لا يتعلق الأمر بيمين ديني ينسب الى اليسار أمرا وانما بـ"مثليينن انغماسيين " يروجون تلك المزاعم ، علما أن الفئة الاجتماعية لا تتحدد على أساس ميولاتها الجنسية ، كما أن المثلية في السياسة صناعة رأسمالية صرفة . وهذا اليسار الحزين، موضوع الاختراق، عندما ينهض الشعب الى النضال يقلب معجمه الجنسي ليجد " الكويريين " وينسى المناصلين الطبفيين . وهو ما حصل خلال الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي حولها ذلك اليسار الحزين في آخر مسيرة ( 6 مارس 2021 ) الى تظاهرة سار المثليون في مقدمتها حتى أنهم اعتدوا على شابات وشبان يساريين لأنهم رفعوا لافتات كتبت عليها شعارات وطنية وطبقية.
:
وسرعان ما نسي اسم الشهيد وحضر اسم آخر بدلا عنه هو اسم إمرأة تتزين في مسيرات العاصمة بعلم مثلي ، بل ان كاريكاتوريا مجهولا يخفي اسمه عنوة ، صورها وهى متربعة على قبة جامع عقبة القيرواني امعانا في الاستفزاز، و تصيدا لرد فعل يحقق الدعاية المطلوبة ويضمن تدفق مال الداعم الدولى والهجرة المضمونة .ومن المرجح أن ما يحصل في تونس هدفه تفجيرها على قاعدة التقسيم الهووي الديني والجنسي والقبلي الخ. ومن مثل هؤلاء يتغذى التعصب الديني .
وغني عن البيان أن تلك الوصفات جربت في بلدان كثيرة وهناك أغبياء يضعون توقيعهم تحتها معتقدين أن في ذلك حقوقا للبشر.، دون نسيان أن نظرية المؤامرة في جانب منها مؤامرة بدورها فالمتآمرون ينكشفون مع مرور الوقت ووقتها ينتصر شعب هيكل الراشدي شهيد الاحتجاج الشعبي الأخير في الأطراف/ الأرياف على طحالب الأحياء الراقية في العاصمة تونس.
لقد تمت مواجهة الاحتجاجات بأشكال مختلفة بعضها سبق الحديث فيه ولكن آخرها ظل دون نظر وهو رفع رايات مثلية وانفصالية من قبل أنفار و القصد هو تلبية رغبات منظمات دولية ممولة كما ألمحنا الى ذلك ، حرفا للشعارات والرايات عن مساراتها السياسية والاجتماعية وهذا الذي نشير اليه يحدث لأول مرة في تونس. من حيث اختراق مظاهرات اليسار بل اننا رأينا جمعية للقنب الهندي توقع مع منظمات سياسية وحقوقية على بيانات مشتركة وشعارات تنادي بالسماح باستهلاك الأفيون ، فضلا عن تلويث تمثال ابن خلدون وهو ما برره بعض اليساريين الحزانى باعتباره كفاحا شبيبيا وزادوا على ذلك بالقول ان ابن خلدون يمثل الفكر اليميني بما يعني أنه يستحق ذلك ولو وجدوا الفرصة لدمروا تمثاله وأحرقوا كتبه بما يذكر بقطع التكفريين الديينين رأس تمثال المعري في معرته وغيرها من الممارسات الفظيعة ضد التماثيل في مدن سورية وعراقية .
لا شك أن المنتفضين الأوائل في الأطراف لم يذهب في خلدهم أن احتجاجاتهم وقد وصلت العاصمة تونس سيكون فيها مثل هؤلاء بمطالبهم المريبة ، ويبدو أن بعد التجريم والقمع جرب الاختراق فراق استعماله وتلك وصفة قديمة . واللافت حصول تلك الوقائع في العاصمة دون سواها وخاصة قبالة بعض السفارات ، وقد تكبر وتجد لها تبريرا ومساندة من سياسيين جهلة او متآمرين أو حتى مرتزقة فالمال يحرك المواقف أحيانا بما في ذلك الغريب منها ...
في بلدان أخرى أوربية خاصة أستعملت جماعات مماثلة بكثافة لحرف الحركة الاجتماعية عن مجراها وتخريب وعى الشبيبة على نحو خاص ، واليوم يبدو كما لو أن المجتمع البرجوازي في المراكز الامبريالية والمجتمعات التي تدور في أطراف العالم في فلكه تتقيأ بعض ما بداخلها .