كان عبد المهدي يبرر القمع والكاظمي يراوغ


علي عرمش شوكت
2021 / 3 / 1 - 14:43     

اسقطت انتفاضة تشرين، الجزار عبد المهدي، لكن نُصب مصطفى الكاظمي خلفاً عنه ليستكمل نهج سلفه الذي لا يختلف عن مسلكه سوى باشكال اداء القمع المسلط على شباب حراك الشارع المنتفض. ومن اوجه الاختلاف كان السلف " عبد المهدي " يبرر بصورة وقحة لشراسة ارهاب السلطة. غير ان الخلف " الكاظمي " يعطي من الكلام حلاوة ويروغ عن القمع... كقوله المكرر السمج انه " ولي الدم وسينتقم للشهداء". غير انه سرعان ما " يُغلس " التزاما بما يُفرض علية " التغليس ".
لقد اخذ رئيس الوزراء في الاونة الاخيرة يتبع سياسة تبديل الاجهزة القمعية، للهروب من لمواجهة الانتفاضة التي لم تنقطع في الشارع. حيث استخدم" الوية حفظ النظام القمعية " الشرسة التي اسسها عبد المهدي ليحصد بها ارواح سبع مئة شهيداً وعشرين الف جريحاً. ولكي يلوذ الكاظمي بغشاوة باهتة لعلها ترضي الشارع المنتفض حسب ظنه. فاقدم على تحويلها الى مهمة امنية اخرى. ويبدو لم تقبل مراجعه، " الكتل المتنفذة " لذا اضطر على الغاء قراره، كعادته، سرعان ما يتراجع عن قراراته.
لكن عندما اوغلت كثيراً ببطشها الهمجي للمنتفضين استبدلها بـ " وحدات مكافحة الشغب" التي ينطبق عليها المثل القائل { ان شهاباً اتعس من اخيه } ولم يصل الى مبتغاه، فجاء بالشرطة الاتحادية، ولم تتحقق له غايته ايضاً، الهادفة الى اخماد جذوة الانتفاضة. ثم راح مؤخراً يجرب حظه باستخدام الجيش. وهكذا دواليك على غرار تبديل وجوه الحكام الذين لم يتلامس احد منهم مع معالجة الازمة البنوية الشاملة الطاحنة في عموم مفاصل الدولة العراقية. بل تفننوا بصناعتها وادامتها. هذا اذا ما كانت هنالك دولة.
اصبح منتفضو ساحة الحبوبي في الناصرية الملتهبة، يلخصون انتفاضة تشرين في هذه { البؤرة الثورية } الباسلة. وتصاعدت النداءات بقلع مستوطنات الفساد ورمزها المحافظ، سارع رئيس الوزراء على ذات السلوك المهادن، كالذي يحاول علاج مرض عضال بـ " الاسبرين " وهذا ما هو مسموح له طبعاً. الا وهو تبديل الوجوه ليس الا. بغية طمس معالم الازمة الشاملة واسبابها الطافحة بالفساد والفشل والظلم الاجتماعي. والابتعاد عن معالجتها جذرياً. ويعبر ذلك بوضوح عن انبطاحه المخجل امام الكتل المتنفذة.
وقد تنادى رموز المحاصصة لتشويه جوهر تجدد الانتفاضة، فجاءت تصريحات " المالكي " رئيس كتلة دولة القانون التي جاء فيها: { ان الصراع في الناصرية يمثل تمهيداً لاعلان اقليماً في هذه المدينة} كما ترادف معه تصريح رئيس" كتلة الفتح " الذي كان يصب في ذات المجرى بالقول " ان التظاهرات في الناصرية هي مجرد صراع حولة مركز المحافظ.
لعل بعض التصريحات قد تشير الى احد اوجه الصراع وهو الحصول على مركز المحافظ، الذي يعني الاستحواذ على اموال اعمار المحافظة التي خصصت لها في موازنة 2021، التي هي الاخيرة قبيل الانتخابات ولذلك يشتد الصراع عليها اكثر من سابقاتها، لكي يتم استثمارها في دعم حملات الفاسدين الانتخابية. ولا ينفصل ذلك عن الوجه الاخر الهادف الى ابعاد الاسباب الحقيقية للانتفاضة، لما لها من صدى وتاثير على الجماهير العراقية الواسعة المكتوية بنار انحطاط الاوضاع المبشرة بسقوط الدولة العراقي برمتها. بعد ان تداعت اركانها واصبح البلد بلا دولة رسمية انما تقوده الدولة العميقة.
وبما ان تعفن الدولة العراقية وتشييع ما سمي بـ "العملية السياسية " الى مثواها الاخير معنوياً قد فاحت رائحته. لابد من ان تشمها انوف الذئاب الاقليمية المسعورة، حيث استنفرت وغدت تتناحر حول هذه الفريسة الدسمة. لقد ظهر ذلك من خلال المماحكات التي جرت علناً في الاعلام بين سفراء كل من ايران وتركية في العراق. وكأن احدهم يحذر الاخر من التمادي على فريسته. في حين يبقى المتسلطون في العراق غافلين فارغي الرؤوس من الشعور الوطني.غارقين في صراع حول نهب المال الحرام. وقد اسفروا بلا اي تحفظ عن غربتهم بل وعدائهم لشعبهم العراقي..