المسار- العدد 49


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
2021 / 2 / 26 - 20:56     



العدد(49)،شباطفبراير2021
----------------------
الرفيق نذير جزماتي ...وداعاً

توفي يوم الأربعاء 24شباط2021الرفيق نذير جزماتي بمنزله في دمشق بحي ركن الدين.
الرفيق نذير من مواليد دمشق عام1935.تخرج من قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب بجامعة دمشق ومارس التدريس في مدينتي دمشق والسويداء وفي بلدة الزبداني.انتسب للحزب الشيوعي السوري عام1954.وكان نشيطا في منظمات الحزب المختلفة ومن أكثر الناس بتاريخ الحزب الذين نسبوا أعضاء الى الحزب.
كان عضوا ً في اللجنة المنطقية لمدينة دمشق عندما حصل انشقاق 3نيسان 1972 ووقف مع كتلة خالد بكداش.
في عام 1979وقف مع مراد يوسف وتكتل (منظمات القاعدة)الذي انفصل عن تنظيم بكداش ثم ترك (منظمات القاعدة)عام1981 مع مجموعة ضمت العديد من الشيوعيين .
شارك في تأسيس (تجمع اليسار الماركسي-تيم )عام2007وشارك في هيئة تحرير جريدة التجمع:"طريق اليسار"ومجلة التجمع:"جدل".
للرفيق نذير مؤلفات عديدة منها كتاب " الحزب الشيوعي السوري1924-1958" وقد ترجم عشرات الكتب منها ترجمة كتاب ادوارد سعيد:"الاستشراق" بعد أن لاحظ أخطاء الترجمة التي صدرت ببيروت في الثمانينيات.
كان الرفيق نذير جزماتي من المثقفين الموسوعيين الذين مروا على الحزب الشيوعي السوري والحركة الماركسية السورية.وقد تميز بأخلاقه السمحة وبكرم الضيافة في بيته الذي كان بيتا للشيوعيين والماركسيين السوريين.
----------------------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية:
مؤشرات عودة التقارب بين واشنطن وطهران
هناك عواصم تحدّد مسار الإقليم في مرحلة تاريخية محدّدة: أخذت القاهرة هذا الدور التحديدي لمسار إقليم الشرق الأوسط منذ يوم 27 أيلول/ سبتمبر 1955 عندما أُعلن عن صفقة الأسلحة التشيكية لمصر، وهي أسلحة سوفياتية الصنع جرى تمريرها عبر تشيكوسلوفاكية من الكرملين للرئيس المصري جمال عبد الناصر، ما عنى بدء الطلاق بين الزعيم المصري والغرب الأوروبي ثم الأميركي (مع واشنطن بدءاً من عام 1964). قادت تلك الخطوة المصرية إلى حرب 1956، وبدورها قادت تداعيات حرب السويس إلى تضخّم قوة عبد الناصر، ما قاد إلى الوحدة السورية – المصرية في 22 شباط/ فبراير 1958، وإلى سقوط الحكم الملكي في العراق في 14 تموز/يوليو 1958وانهيار حلف بغداد. بدأت شمس عبد الناصر بالغروب مع انفصال 28 أيلول/ سبتمبر 1961، وكان نشوء نظام عروبيّ منافس له في دمشق ما بعد 8 آذار/مارس 1963وفي بغداد 8 شباط/ فبراير 1963-18 تشرين الثاني/ نوفمبر1963، ثم نظام البعث الثاني ما بعد 17 تموز/ يوليو 1968من علامات ذلك الغروب، حتى جاءت هزيمة 5 حزيران/ يونيو 1967 لتعلن بدء الليل المصريّ الذي اكتمل مع توقيع اتفاقية كامب دافيد يوم 17 أيلول/ سبتمبر 1978 التي عنت، من ضمن ما عنته، انتهاء الدور المصري في آسيا العربية.
أخذت طهران دور القاهرة في تحديد مسار الإقليم منذ يوم 11 شباط/ فبراير 1979مع سقوط نظام الشاه وتسلّم آية الله الخميني السلطة في طهران ثم آية الله علي خامنئي منذ وفاة الخميني في 3حزيران1989، حيث قادت تداعيات التغيير الإيراني إلى عملية إشعال الداخل العراقي عبر حطب التمييز الطائفي الموجود في الدولة العراقية ضد الشيعة منذ عام 1921. هذا الإشعال أتى عبر حراك حزب الدعوة، الموالي لطهران في زمنَي الشاه والخميني، وهو ما قاد إلى إشعال صدام حسين للحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، من منطلق حساباته بنقل النار إلى الخارج. قاد تضخّم قوة الجيش العراقي عقب الحرب، مع أزمة اقتصادية عراقية ناتجة عن آثار الحرب مُرفَقة بانخفاض أسعار النفط، إلى قرار غزو الكويت الذي قاد إلى حرب 1991 ثم إلى غزو واحتلال العراق عام 2003.
كانت طهران الرابح الأكبر من الاحتلال الأميركي للعراق لأنها من خلال الموالين المحليين قامت بملء فراغ نظام صدام حسين، فيما لم يستطع الموالون لواشنطن تحقيق ذلك، وهو ما حوّلها إلى قوة إقليمية كبرى. هذا الأمر أغرى طهران باستئناف برنامجها بتخصيب اليورانيوم في آب/ أغسطس2005. كان التقارب الأميركي -التركي عام 2007 محاولة من واشنطن لمواجهة التمدّد الإيراني عبر واجهات إقليمية، وقد كان تشجيع واشنطن في عامي 2011-2012 لجماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى السلطة في أكثر من بلد عربي ليس بعيداً عن تداعيات التقارب بين واشنطن وأنقرة، وليس بعيداً عن وضع تلاميذ حسن البنا في مواجهة تلاميذ الخميني.
هنا، إذا قارنّا بين القاهرة وطهران، نجد أنّ دوريهما التحديديين لمسار الإقليم لم يكونا فقط بحكم الوزن الجغرافي -السياسي للعاصمتَين فقط، وإنما اعتمدتا أساساً على الامتدادات الأيديولوجية للعاصمتين في البنى السياسية المحلية في أكثر من بلد في الإقليم. كان وزن عبد الناصر ممتداً عبر العروبة في سوريا 1956-1958والأردن 1956-1957والعراق1957-1958 وفي لبنان 1958وفي اليمن في فترة ما بعد يوم 26 أيلول/سبتمبر 1962. وجد نظام الخميني -خامنئي امتداداً عبر (الحركات الإسلامية الشيعية) في بغداد 1980-2003 حتى وصول الموالين لطهران إلى سدّة السلطة العراقية مع تولّي نوري المالكي رئاسة الوزارة العراقية في مايو 2006، وفي بيروت عبر حزب الله منذ عام 1982، وفي اليمن مع الحوثيين بدءاً من عام 2004، كما وجدت طهران، عبر حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، امتداداً فلسطينياً جعلها متحكّمة بهذا الشكل أو ذاك بمجرى الصراع العربي -الإسرائيلي. العاصمتان استفادتا من تداعي وانهيار نظامَين، البرلماني في سوريا 1954-1958وصدام حسين في العراق 1979-2003، لكي تتحكّما عبر هذا التداعي والانهيار في دمشق وبغداد بإقليم الشرق الأوسط وتصبحا «القوة الإقليمية العظمى» وفق تعبير الجنرال رحيم صفوي، القائد السابق لـ «الحرس الثوري الإيراني". هنا مثال كلاسيكي ثانٍ على صدام قوة عالمية مع «قوة إقليمية عظمى» يحصل في إقليم الشرق الأوسط. وضع واشنطن أقوى الآن من وضعها في الستينيات أمام عبد الناصر المدعوم من موسكو التي كانت القطب الثاني للعالم مع واشنطن في الحرب الباردة 1947-1989، فهي ما زالت القطب الواحد للعالم، وطهران الآن لا تملك أصدقاء حتى في موسكو. إذ إن فلاديمير بوتين قال صراحة بأنه لا يريد أو لا يستطيع ممارسة دور الإطفائي في الأزمة الأميركية -الإيرانية، والأوروبيون أظهروا رغم بقائهم في (اتفاق5+1) أنهم غير قادرين في مرحلة ما بعد 8 أيار/ مايو 2018 على مخالفة واشنطن. قوة طهران الذاتية ليست بقليلة، أو امتداداتها في الإقليم، ولكن من المرجّح ألا يكون وضعها عام2021في مثل وضعها عام2015وضعها أمام أوباما في اتفاق (5+1)، وفي المقلب الآخر ليس خامنئي في مثل وضع صدام حسين أمام جورج بوش الابن عام 2003.
.مع مجيء جو بايدن ،نائب الرئيس أوباما سابقاً ،إلى البيت الأبيض،هناك اتجاه أميركي واضح إلى نقض سياسة ترامب والعودة للسياسة الاسترضائية لطهران التي انتهجها أوباما: واضح هذا من الخلافات الأميركية المستجدة مع السعودية تجاه حرب اليمن والموقف من الحوثيين وواضح هذا من المواقف الاسرائيلية التي تهدد بضرب ايران فيمابايدن يعلن استعداده ولوبشروط للعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران بعد ثلاث سنوات من انسحاب ترامب منه. يعلن بايدن بأنه يريد تضمين الاتفاق بنوداً جديدة منها البرنامج الصاروخي الايراني وأمور تتعلق بالسياسة الاقليمية الايرانية، وهو متردد في تلبية مطلب طهران برفع عقوبات ترامب الاقتصادية على إيران كشرط ايراني للعودة إلى مائدة المفاوضات مع واشنطن.
مهما كانت التطورات القادمة في الكباش الأميركي-الايراني للعودة وشروطها لمائدة المفاوضات فمن الواضح أن لوحة اقليم الشرق الأوسط، من بغداد إلى دمشق وبيروت وغزة وصولاً إلى صنعاء، سترسم على وقع وآثار وتداعيات ماذا سيحصل في المائدة التفاوضية الأميركية-الايرانية، وهو أمر تقوم به واشنطن، مثلما جرى عام2015، رغم عدم رضا حلفائها في تل أبيب والرياض وأبو ظبي، وفي ظل قلق كبير عند الروس والصينيين من الترجمات المتوقعة عليهما من اتفاق أميركي-ايراني.
------------------------------------------------------------------------------------------------
من زوايا الذاكرة:
ألمانية الديمقراطية 1961-1962
- الدكتور جون نسطة -
.
انضممنا إلى زملائنا الألمان وسافرنا واياهم إلى قرية بعيدة نسبيا عن مدينة لايبزغ، واستقبلنا عمدة القرية مع رئيس الجمعية التعاونية الفلاحية، مرحبين وشاكرين لنا تطوعنا لمساعدتهم في عملية قطاف البطاطا لهذا الموسم، وتم توزيعنا إلى مساكن متناثرة في القرية.مساكن واسعة ومريحة.
فضلنا نحن السوريين ان نسكن مع بعضنا البعض، وكان لنا ذلك.
الجمعية التعاونية الفلاحية كانت جمعية انتاجية، ملكية وسائل الانتاج كلها من أرض واليات وحيوانات وطرق، كلها تخضع لملكية جماعية ينتخب اعضاءها هيئة إدارية، تقوم بوضع برامج وخطط الانتاج، لزراعات موسمية على مدار السنة متوخية زيادة. الانتاج من سنة إلى سنة، عن طريق السعي للحصول على آليات حديثة ومتطورة من الدولة، التي بدورها تتعهد بشراء كامل محاصيل الجمعية.
كانت فترة اقامتي بهذه القرية التعاونية غنية بكسب المعارف والمعلومات عن عالم الزراعة والانتاج الزراعي، وعن علاقات المجتمع الريفي، وعن كيفية ادارة الجمعيات التعاونية الفلاحية، وعن طبيعة وعادات الانسان الألماني والريفي خصوصا.كانوا اناسا بسطاء وطيبين وكرماء. هناك تعلمت قيادة التراكتور بدون مدرسة سواقة وهناك تعرفت على اللهجات اللغوية غير الفصيحة.
وتعرفت على قيمة العمل المبزول في كل حلو بطاطا نأكلها، بدون ان نفكر بمراحل انتاجها ونقلها الى ان تصل الى صحن طعامنا.
وهناك في يوم الثامن والعشرين من شهر ايلول 1961 سمعنا من خلال الراديو بسقوط الوحدة بين سوريا ومصر، ولا اكتم القراء بان فرحنا كان كبيرا، الى درجة إنني ورفاقي زياد إدريس وعون جبور ورزوق طولاب رقصنا وغنينا بوهم استعادة سوريا لحريتها وعودتها الى تطورها الديموقراطي التقدمي السابق.
كان من اسباب موقفنا هذا ايضا هو ما تعرضنا له خلال اعوام الوحدة الاولى من ملاحقة وخوف من الاعتقال وترك الوطن واللجوء إلى لبنان، تحت ظل المعاناة المعيشية الصعبة والمريرة كالكابوس ومنه أيضا التأجيج والضخ الاعلامي الهستيري ضد سياسات نظام الوحدة وممارسته الدموية، من قبل رسائل الحزب المركزية وما كان يكتب في جريدة الحزب. "الأخبار" عن الاستعمار الفرعوني، وسياسة ابن الست وابن الجارية، ومحاولات مصر ابتلاع الثروات السورية، وتحطيم للصناعة وللتجارة ودور البنك المصري بالاستيلاء على الثروات النقدية والذهبية في البنك المركزي السوري.
كانت مقالات الكاتب في جريدة الاخبار أمين الأعور الاسبوعية، تغلي في الحماسة في مهاجمة نظام السراج والمشير عبد الحكيم عامر بذاتية مفرطة، تذكرني بخطابات احمد سعيد على الجانب الاخر من صوت العرب من القاهرة.كانت حربا كلامية نارية تأجج العواطف والنفوس وتشعل النار في الاجواء.
في شهر ايار من العام 1961اصدر الحزب بيانه ذات النقاط الثمانية عشر.
وتبدأ النقطة الأولى منه الى إعادة النظر بالوحدة من الأساس. ثم مواد تدعوا إلى انتخاب مجلس نيابي سوري وآخر مصري وحكومات في القطرين بظل ديموقراطية شفافة مع حكومة مركزية تشرف على الدفاع والشؤون الخارجية. والى إطلاق الحريات الديموقراطية وحرية في الصحافة وتشكيل النقابات والجمعيات الخ. بمثابة نظام فيدرالي عمليا.
كانت استقالات كل الوزراء السوريين المركزيين، بمن فيهم الوزراء البعثيين والمستقلين تبعث بإشارات واضحة، بان الشعب السوري بأغلبيته أصبح بواد وقيادة عبد الناصر، بواد أخر بواقع زمني سريع لم يكن أحدا يتوقعه على الاطلاق، مما كان يولد لدينا نحن الشيوعيين السوريين، بأننا كنا على حق في مواقفنا من الوحدة الاندماجية الغير مدروسة.
في نهاية فترة تطوعنا في قطاف البطاطا أقامت الجمعية التعاونية الفلاحية حفلة شكر ووداع لنا حافلة ترعنا فيها كؤوس متنوعة من الاشربة الروحية وبكميات وافرة.
وفي اليوم التالي عدنا إلى لايبزيغ مهللين فرحين بالانفصال ولصحة سياسات حزبنا الشيوعي السوري.
اجتمعت قيادة المنظمة الحزبية في لايبزيغ وقررت إقامة احتفال خطابي بهذه المناسبة حضره أعداد كبيرة من الطلاب السوريين واعداد كبيرة من الشيوعيين العرب.
وكنت قد كلفت بإلقاء كلمة الحزب في هذه الأمسية. وبالمناسبة لا بد من القول الان بأنني كنت ولا أزال نادماً على ما فعلت، ولكن تحكم على الأفعال بظروفها، ولقد وعيت بعدها بان عملية الانفصال عن مصر شكلت نكسة في تاريخ العرب ورجعة الى الوراء، مع يقيني إلى الآن بأن قيادة الرئيس عبد الناصر في وقتها تتحمل المسؤولية الرئيسية عنها بسبب غياب الديمقراطية والقيادة غير الجماعية، وحكم الفرد او الزعيم.
وعلى نطاق الحركة الشيوعية العام بقيادة نيكتا خروتشوف،لا يسعني الا الى التطرق الى الانقسام الحاد فيها جراء الخلاف مع قيادة الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماوتسي تونغ منذ عام1960.ففي حين دعت القيادة السوفيتية الى سياسة التعايش السلمي مع النظام الرأسمالي وتخفيف التوتر معه والدعوة الى خطوات نزع السلاح النووي والى السباق الاقتصادي بين النظامين،والى إمكانية الوصول الى الاشتراكية بالطرق السلمية،والى دعم طريق التطور الغير رأسمالي في البلدان النامية.كان الحزب الشيوعي الصيني يعتبر ذلك خروجا عن تعاليم الماركسية اللينينية.وبدأ ماوتسي تونغ يتحدث عن النظام الرأسمالي بأنه نمر من ورق،وبأن ريح الشرق تغلب ريح الغرب.
وبالمقابل كانت القيادة السوفيتية تتهم قيادة الصين بانها من اصول فلاحية غير قادرة على فهم الواقع الإنساني الجديد ومواكبة التطورات التي حدثت وتحدث. وطبعا اصطفت قيادة خالد بكداش إلى جانب الاتحاد السوفيتي وبحماسة واضحة.
هذا الانقسام عكّر الأجواء، وأضر بالحركة الشيوعية إلى حد بعيد.
في خريف العام 1962،بدأت الازمة الكوبية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الاميركية،بعد أن كشفت صور التقطتها الطائرات الاميركية من سماء كوبا،وجود صواريخ روسية بأعداد كبيرة.بعد أن وثق الرئيس كنيدي من صحة الصور ،توجه بخطاب شديد اللهجة إلى نيكيتا خروتشوف،طالبا بسحب هذه الصواريخ من أرض كوبا فورا،مهددا بالحرب.عاشت البشرية جمعاء على أعصابها متوجسة اندلاع حرب عالمية ثالثة ولكنها نووية لا تبقي ولاتذر .مهددة الحضارة والانسان بوجوده.
مرت أيام عديدة حبلى بالشائعات والتوقعات المنطقية وغير منطقية.
شكل إنذار كيندي احراجا صعبا لنيكتا خروتشوف،يتعلق بهيبته في داخل بلده،وعلى الصعيد الدولي،إنْ تراجع.وبدأت جولة من المباحثات السرية بين الطرفين العملاقين،والعالم بأسره ينتظر.
وبحكمة القائدين،توصلا الى اتفاق يضمن أمن أميركا من جهة،ويحمي ماء وجه وكرامة الزعيم السوفيتي.وينص على سحب الصواريخ الروسية من كوبا،مقابل أن تتعهد الولايات المتحده الاميركية بعدم المساس بالنظام الشيوعي الكوبي.تنفست الإنسانية بأسرها الصعداء متجاوزة أكبر ازمة في القرن العشرين.
ألقى الزعيم السوفياتي خطابا مطولا شرح فيه حرصه على السلام الدولي،وتجنيب البشرية حربا نووية،وكيف أنه ضمن سلامة النظام الاشتراكي في كوبا.
في نهاية الأزمة قدم من برلين الرفيق احمد فايز الفواز الى لايبزيغ وعقد اجتماعا لكافة افراد المنظمة،قرأ خلاله الخطاب المطول لخروتشوف،ثم علق عليه ،شارحا الحكمة الكبيرة وروح المسؤولية العالية للقيادة السوفياتية.ثم أجرى مناقشة حول الموضوع مستقبلا أسئلة الرفاق.
كان الرفيق فايز يتمتع بذكاء واضح وبشخصية كاريزماتية لا تغيب عنها العين،وبسطوة حزبية مهيبة.وكان من المعجبين بالرفيق خالد بكداش ويمتدحه كثيرا،وأحيانا يقلده بأمور عديدة من اللباس إلى طريقة المعاملة.
وكان يتمتع بشدة الملاحظة وسرعة الاستنباط وطلاقة اللسان بلهجلة رقّاوية, نسبة الى مدينة الرقة، محببة.

وفي المقابل كان خالد بكداش،وخصوصا زوجته وصال فرحة،كما نقل لي،يكنان للرفيق فايز الفواز محبة خاصة وتقدير مميز،ويصفانه بأنه رجل بكل معنى الكلمة،ويتباهون به امام المنظمات الحزبية الأخرى في أوروبا الشرقية،وكيف أنه يحل كل المشاكل،ويلبي كل المتطلبات التي يحتاجون لها.
وكما روى لي الرفيق عبد الله حنا،فإن الدكتور فايز كان يشتري لخالد وزوجته،ما يحتاجونه من متطلبات شخصية وهدايا،وأحيانا من أسواق برلين الغربية،وذلك من أموال الاشتراكات الحزبية للمنظمة الطلابية.ولا عجب في ذلك،اذ كان خالد بكداش يعتبر نفسه هو الحزب،والحزب هو خالد بكداش.ولقد ورد ذلك حرفياً في احدى رسائل الحزب المركزية،وقرأته أنا بعيني.
والنص يقول لقد اصبح اسم الرفيق الأمين العام خالد بكداش،يعني الحزب الشيوعي،والحزب الشيوعي يعني الرفيق خالد بكداش.
وأنا لا أعرف كيف ومتى انقلب السحر على الساحر،وصار الدكتور فايز من أشدّ منتقدي خالد بكداش،وأكثرهم جرأة في اظهار عيوبه ومسالبه علنا وامامه أيضاً،في المؤتمر الثالث للحزب في العام 1969وفي كلمته أثناء انعقاد المؤتمر الوطني للحزب عام1971،والتي نشرت ،الى جانب مداخلات انتقادية أخرى،لكوادر الحزب،في كتاب تحت عنوان قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري،والتي انتشرت وبسرعة في كل أنحاء سوريا،ولاقت استحسانا واسعا من قبل الشيوعيين ومن أوساط اليسار عامة.

وبعد بيان الثالث من نيسان من العام 1972،حيث صدر بيانا موقعا من قبل خالد بكداش ويوسف فيصل ،وهما اثنان من أعضاء المكتب السياسي،من أصل سبعة اعضاء وسبعة أعضاء من اللجنة المركزية من أصل خمسة عشر عضوا،والقاضي بطرد عضو المكتب السياسي رياض الترك،ورفاقه ظهير عبد الصمد،وابراهيم بكري،وعمر قشاش،ودانيال نعمة، ،من عضوية الحزب،بحجة التحريفية والشوفينية والخروج عن خط الحزب ،وحصول الانقسام عمليا،بدأ نجم الرفيق فايز الفواز بالصعود الشاهق في سماء الحزب الشيوعي (المكتب السياسي)،ويقال بأنه ورياض الترك أصبحا المحور الأهم في الحزب وقيادته الفعلية.


------------------------------------------------------------------------------------------------
لمحة عن اقتصاد دولة الاحتلال الإسرائيلي
- نادر عازر -
تمكّن قادة الحركة الصهيونية من اللعب على حبال مصالح الدول الكبرى، واستغلال التوازنات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، فحصلوا على دعم عسكري وسياسي وقانوني وثقافي كبير لتأسيس كيانهم على أرض فلسطين، ونالوا غطاء لجرائمهم من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبلدان أخرى، واعتراف سوفييتي وتركي ودولي، فتمكنوا بعد عمل دؤوب من تثبيت أنفسهم، وتأسيس دولة قابلة للحياة بجيش ومؤسسات واقتصاد فاعل.
بعد النكبة عام ١٩٤٨، تدفق عدد كبير من اليهود المتعلمين والمهنيين من أوروبا وأمريكا الشمالية إلى دولة الاحتلال الوليدة، وشكّلوا نواة للعمالة عالية المهارة، رغم أن معظمهم اضطروا إلى تغيير مهنهم.
ساهم ذلك في ارتفاع سريع بالناتج القومي الإجمالي (GNP) في ظل جهود راغبة ببناء اقتصاد قوي بأسرع وقت ممكن.
حصلت دولة الاحتلال الإسرائيلي على رؤوس أموال ضخمة، ومنها هدايا من يهود العالم، وتعويضات من جمهورية ألمانيا الاتحادية عن جرائم النازية، ومساعدات من حكومة الولايات المتحدة، ورأسمال جلبه المهاجرون، وقروض وائتمانات تجارية واستثمارات أجنبية. ومرّت هذه التدفقات المالية الكبيرة عبر القنوات الحكومية والمنظمات العامة.
عملت دولة الاحتلال على تأسيس سريع للجامعات ومعاهد البحث، وأسّست لجنة الطاقة الذرية عام ١٩٥٢، وأجرت مسحاً شاملاً للموارد الطبيعية في البلاد، وخاصة من أجل العثور على اليورانيوم، ودرّبت كوادر علمية وتقنية.
كانت فكرة الحصول على سلاح نووي الهمّ الأكبر لمؤسسي دولة الاحتلال، وخاصة دافيد بن غوريون، رغبة منهم في منع تكرار حدوث محرقة جديدة لليهود، فتم، عبر اتفاق سري مع فرنسا، بناء مفاعل نووي تحت أرض صحراء النقب، ليصبح المكون الأساسي في إنتاج أسلحة إسرائيل النووية، الجاهزة للاستعمال في حال تعرّض جيشها لهزيمة ما أو لتهديد وجودي حقيقي. كما تم إنشاء مفاعل نووي بمساعدة الولايات المتحدة جنوب تل أبيب. وجرى أيضاً تهريب كميات كبيرة من اليورانيوم من أفريقيا وأوروبا.
لم توقّع دولة الاحتلال على معاهدة منع الانتشار النووي، ولا تعترف رسمياً بامتلاكها هذه الأسلحة، لكنها وبحسب العديد من التقارير الدولية، تمتلك عشرات القنابل النووية بتغطية وبتواطؤ من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى.
على مستوى الاقتصاد، فإن دولة الاحتلال تمتلك إحدى أعلى معدلات الضرائب في العالم، وهي من المصادر الرئيسية للدخل، وتشكّل ما يقارب خمسي قيمة الناتج القومي الإجمالي، وتشمل ضريبة الدخل والقيمة المضافة والجمارك والإنتاج والرفاهية والأراضي.
كان الوصول إلى الأسواق الخارجية، وزيادة اندماج اقتصاد الدولة في الأسواق العالمية، أمراً حيوياً لمزيد من التوسع الاقتصادي لدولة الاحتلال. فعقدت اتفاقيات تجارة حرّة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وانضمت إلى منظمة التجارة العالمية.
ومع الدعم الدولي الكبير الذي حصلت عليه دولة الاحتلال، وتركيزها على الابتكارات الصناعية والعلمية، تمكنت من زيادة تنافسيتها وأحرزت تقدماً نحو أهدافها، وحققت مستوى معيشة مرتفعاً لمعظم سكانها، ونمواً كبيراً في الصادرات الصناعية، وتميزاً عالمياً في التقنيات المتقدمة والصناعة القائمة على العلم، رغم الظروف التي واجهتها، مثل الحروب الإقليمية، والإنفاق الثقيل على الدفاع، ومقاطعة معظم الدول العربية، وصعوبة وصولها إلى الأسواق الإقليمية في الشرق الأوسط، وندرة الموارد الطبيعية، والزيادة السريعة لعدد السكان، ومعدلات التضخم المرتفعة، وسوقها المحلي الصغير الذي يحد من الاقتصاد.
بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠١٣، بلغ متوسط النمو حوالي خمسة في المائة سنوياً، بقيادة الصادرات. أدت الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ إلى ركود قصير في دولة الاحتلال. وتسبب تباطؤ الطلب المحلي والدولي، وانخفاض الاستثمار الناتج عن الوضع الأمني غير المستقر فيها إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقرب من ٢,٨٪ سنوياً خلال الفترة ٢٠١٤-٢٠١٧.
أدى اكتشاف حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل فلسطين منذ عام ٢٠٠٩ إلى إضفاء التفاؤل على توقعات أمن الطاقة في دولة الاحتلال. وكان حقلا تمار وليفياثان من أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي البحري في العالم في العقد الماضي.
لكن الأوضاع السياسية والأمنية تسببت بتأخير تطوير حقل ليفياثان الضخم، أما الإنتاج من حقل تمار قدم دعماً بنسبة ٠,٨٪ للناتج المحلي الإجمالي لدولة الاحتلال في عام ٢٠١٣ وزيادة بنسبة ٠,٣٪ في عام ٢٠١٤.
في عام ٢٠١٠ انضمت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، لكنها تمتلك أعلى معدلات فقر وعدم المساواة في الدخل بين بلدان المنظمة، وتعتبر أقل بلدانها إنفاقاً على المؤسسات التعليمية، وهناك تصور واسع بين سكانها بأن عدداً صغيراً من كبار رجال الأعمال لديهم قبضة شبيهة بقبضة الكارتل على الأجزاء الرئيسية من الاقتصاد. كما يعتبر ارتفاع أسعار المساكن والسلع مصدر قلق لكثير من سكان دولة الاحتلال وخاصة من الشباب.
على المدى الطويل، تواجه دولة الاحتلال مشاكل هيكلية بما في ذلك معدلات البطالة وسط شرائحها الاجتماعية الأسرع نمواً أي المجتمعات العربية، واليهودية المتشددة. إلى جانب العنصرية وجرائم الحرب وعمليات الاعتقال والتهجير والاستيلاء على الأراضي وهدم البيوت وبناء المستوطنات والويلات التي جرّتها على الشعب الفلسطيني.
على المستوى الزراعي، فإن المجتمع المبكّر في دولة الاحتلال كان ملتزماً بقوة بتوسيع الزراعة وتكثيفها. فزادت مساحة الأراضي المروية بشكل كبير، إلى جانب المكننة الواسعة، ما شكّل عاملاً رئيسياً في رفع قيمة الإنتاج الزراعي.
وساهمت هذه التحسينات في التوسع الكبير في زراعة الحمضيات والفول السوداني، والسكر، والقطن، والبطاطا، والطماطم، والجزر، واللفت، والفلفل الأخضر، والزهور. إلى جانب الدواجن والبيض والحليب ومنتجات الألبان. حيث تنتج دولة الاحتلال الجزء الأكبر من إمداداتها الغذائية فيما تستورد الباقي.
لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه الزراعة هي ندرة المياه، حيث يتم تحويلها عبر خطوط الأنابيب من نهري الأردن ويركون ومن بحيرة طبريا إلى المناطق القاحلة في الجنوب، كما تتم محاولات الحصول على المزيد من المياه عن طريق استمطار السحب، وتقليل كمية التبخر، وتحلية مياه البحر، وتوسيع الزراعة الصحراوية في النقب. وأتقنت دولة الاحتلال أساليب الري بالتنقيط التي تحافظ على المياه وتحسن استخدام الأسمدة.
تتوفر كمية محدودة فقط من الأسماك قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، فتبحر سفن الصيد الخاصة بدولة الاحتلال إلى مناطق الصيد الغنية في المحيطين الهندي والأطلسي. كما يلبي إنتاج الأحواض السمكية في الداخل الكثير من الطلب المحلي.
طوّرت دولة الاحتلال نظام طرق سريعة حديث، ويعتبر النقل البري أكثر أهمية للخدمات التجارية والسفر من النقل بالسكك الحديدية.
يعتبر النقل البحري عامل حيوي للاقتصاد والتواصل مع الدول الأخرى، عبر ثلاثة موانئ حديثة للمياه العميقة -حيفا وأشدود على البحر الأبيض المتوسط، وإيلات على البحر الأحمر -يرتبط بها شبكة طرق وسكك حديدية مشتركة. ولعب الشحن البحري والجوي دوراً رئيسياً في نقل الإمدادات خلال فترات الحرب والسلم.
تشمل الموارد المعدنية البروم والمغنيسيوم المستخرجان من مياه البحر الميت، والبوتاس، كما يتواجد خام النحاس في وادي عربة، والفوسفات والجبس في النقب، والرخام في الجليل.
بدأت دولة الاحتلال استغلالاً محدودا للنفط في الخمسينيات من القرن الماضي، وتم العثور على مكامن نفطية صغيرة في شمال النقب وجنوب تل أبيب، لكنها تواصل استيراد معظم بترولها.
تشمل منتجات مصافي النفط في حيفا البولي إيثيلين وأسود الكربون، المستخدمة في صناعات الإطارات والبلاستيك وسلع أخرى.
تعتبر صناعة قطع الماس وتلميعه، المتمركزة في تل أبيب، الأكبر في العالم، وهي مصدر مهم للنقد الأجنبي. كما تنتج صناعات دولة الاحتلال أسلحة متطورة وإسمنت ومواد بناء وأسمدة ومنظفات وأدوية، ومواد كيميائية ومعادن وأغذية ومنتجات خشبية وورقية وتبغ ومنسوجات وملابس وأحذية ومعدات طبية وصناعية.
كل الصناعات مملوكة للقطاع الخاص، باستثناء شركة صناعات الطائرات التي تديرها الحكومة، حيث تم توسعة مصانع إنتاج الإمدادات والمعدات العسكرية بشكل كبير منذ حرب ١٩٦٧، وهو ظرف حفَّز تطور صناعة الإلكترونيات.
كان النمو الصناعي سريعاً بشكل خاص منذ عام ١٩٩٠، وسط تركيز دولة الاحتلال على التعليم العالي والبحث، وكنتيجة حصلت على مكانة عالية في مجال التكنولوجيا العالية والآلات والإلكترونيات وأنظمة الكمبيوتر والاتصالات والألياف الضوئية والأسلحة، فازداد الطلب على تقنياتها المتقدمة، ما أدى إلى تحفيز النمو الصناعي، وسط دعم حكومي من خلال تقديم قروض منخفضة الفائدة من موازنتها الإنمائية.
رغم كل ذلك، فإن قطاع التكنولوجيا يوظف ثمانية بالمائة فقط من القوة العاملة، بينما يعمل الباقي في الغالب في الصناعات الأخرى والخدمات، لكنها تواجه ضغوطاً هبوطية في الأجور جراء المنافسة العالمية.
أما القيود الرئيسية التي تواجهها الصناعة تتمثل في ندرة المواد الخام المحلية، ومصادر الطاقة، والحجم المحدود للسوق المحلية.
تم تأميم صناعة الطاقة، وشجعت حكومات الاحتلال كهربة الريف ووفرتها للزراعة والصناعة. يتم توليد الكهرباء بشكل أساسي من المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم والنفط، حيث تنتج حوالي ٥٧٪ من طاقتها من الفحم، وفقط ٢,٦٪ من مصادر متجددة، لكنها تعتبر واحدة من أكثر دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في كثافة انبعاثات الكربون.
تم تخفيض قيمة عملة الشيكل في دولة الاحتلال عدة مرات بعد عام ١٩٤٨. وفي عام ١٩٥٣ تأسست بورصة تل أبيب، ولاحقاً في أيلول/سبتمبر عام ١٩٨٥ تم تقديم عملة الشيكل الجديد لتحل محل سابقتها.
النظام المصرفي مملوك بغالبيته من القطاع الخاص، وخاصة البنوك التجارية التي تقتصر عادة على الأعمال قصيرة الأجل. ومع ذلك، يتم التعامل مع المعاملات المتوسطة والطويلة الأجل من قبل بنوك التنمية المملوكة بشكل مشترك للمصالح الخاصة والحكومة، والتي تلبي الاحتياجات الاستثمارية لمختلف قطاعات الاقتصاد.
وفقاً لتصنيف صندوق النقد الدولي للناتج المحلي الإجمالي للعام ٢٠٢٠، فإن دولة الاحتلال حلّت في المرتبة ٣٠ بـ ٣٨٣ مليار دولار، وعدد سكّانها يقارب ٩ مليون نسمة، ويأتي قبلها إيرلندا بخمس ملايين نسمة، وبعدها الأرجنتين ذات الـ ٤٥ مليون نسمة.
ويأتي ترتيب دور القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي (تقديرات عام ٢٠١٧):
الخدمات: ٦٩,٥٪
الصناعة: ٢٦,٥٪
الزراعة: ٢,٤٪
تبلغ النفقات العسكرية ٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
بلغ عدد القوى العاملة في دولة الاحتلال عام ٢٠٢٠ ما يقارب ٣,٩ مليون شخص.
ويأتي توزع القوى العاملة على القطاعات (تقديرات ٢٠١٥):
الخدمات: ٨١,٦٪.
الصناعة: ١٧,٣٪.
الزراعة: ١,١٪.
بلغ معدل البطالة وفق تقديرات (٢٠١٩) ٣,٨١٪.
ويعتبر خط الفقر في دولة الاحتلال ٧.٣٠ دولار في اليوم، وكان ٢٢٪ من السكان تحت هذا الخط.
احتياطيات النقد الأجنبي والذهب عام ٢٠١٧ بلغت ١١٣ مليار دولار.
بلغ حجم الدين الخارجي عام ٢٠١٧ ما يقارب ٨٩ مليار دولار.
عام ٢٠١٩ بلغت قيمة الصادرات ١٠٥ مليار دولار.
وكانت وجهات التصدير الرئيسية لدولة الاحتلال للعام ٢٠١٨، بالترتيب: الولايات المتحدة ٢٧٪، الصين ٧,٧٪، بريطانيا ٧٪، هونغ كونغ ٦,٨٪، هولندا ٣,٧٪، بلجيكا ولوكسمبورغ ٣,٦٪.
بلغت قيمة الواردات عام ٢٠١٩ ما يقارب ١١٦ مليار دولار.
أما واردات دولة الاحتلال، تتكون بشكل أساسي من المواد الخام، مثل النفط والماس، والسلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، والحبوب والمعدات العسكرية.
وجاءت الواردات عام ٢٠١٨ من: الولايات المتحدة ١٢,٧٪، سويسرا ١٠٪، الصين ٩٪، بريطانيا ٨٪، ألمانيا ٧٪، بلجيكا ولوكسمبورغ ٥,٢٪.
عادة ما تسجل دولة الاحتلال عجزاً تجارياً كبيراً، تعوّضه السياحة وصادرات الخدمات الأخرى، فضلاً عن تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية.
نمت السياحة بشكل كبير وأصبحت مصدراً مهما للنقد الأجنبي، على الرغم من أن نموها يتأثر بالصراعات الإقليمية. ينجذب الزوار إلى العديد من المواقع الدينية والأثرية والتاريخية في أرض فلسطين المحتلة، مثل حائط البراق وقبة الصخرة والناصرة وبيت لحم في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تنوعها الجغرافي، وطقسها المناسب للأنشطة الترفيهية. هناك العديد من المنتجعات في المرتفعات والصحراء وعلى طول الساحل، حيث يأتي معظم السياح من أوروبا وأمريكا الشمالية.
بالنسبة للعلاقات التركية الإسرائيلية فإن تركيا كانت أول دولة معظم سكّانها من المسلمين تعترف رسمياً بدولة الاحتلال عام ١٩٤٩، ومع مرور السنوات تطوّرت العلاقة بينهما، حتى وصول حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب إردوغان لسدة الحكم في تركيا عام ٢٠٠٢، ليزداد حجم التبادل التجاري إلى الضعف.
ورغم بعض التوترات بين تركيا ودولة الاحتلال بعد حرب غزة عام ٢٠٠٨، وتبادل التصريحات الحادة، وتزايد خطابات إردوغان الشعبوية، فإن العلاقة التجارية لم تتأثر بل استمرت في النمو، وسط تسيير عشرات الرحلات الجوية بين البلدين أسبوعياً.
تستورد تركيا المنتجات الكيماوية، والمواد البلاستيكية، والوقود، فيما تُصدّر لدولة الاحتلال المركبات والحديد والصلب والآلات والإسمنت.
أما علاقات دولة الاحتلال مع روسيا فتعود إلى عهد الاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين، حيث كانت أول دولة في العالم تعترف بالكيان بعد يومين فقط من إعلان قيامه. كما أن اليهود من أصل روسي يشكلون أكثر من عشرين بالمائة من سكان دولة الاحتلال، واللغة الروسية هي اللغة الثالثة فيها بعد العبرية والعربية. وساهموا في بنائها عبر هجرة مئات الآلاف من حملة الشهادات العلمية والأدبية. إلى جانب تعاون تجاري وعلمي وثقافي كبير ومستمر.
وكخاتمة، فإنه في الوقت الذي تهتم فيه الحكومات المتعاقبة لدولة العدو بسكّانها وبلدها واقتصادها وببقائها ككيان، يبقى أمام شعبنا قضيتين مؤلمتين جاثمتين على صدورهم، الأولى تتمثل بهذا الاحتلال، والثانية بأنظمة الفساد والاستبداد الحاكمة التي لا تمثّل شعبنا ولا ترعى مصالحه، ولا تستطيع بناء أوطان يمكنها الدفاع عن كرامتها أو تحرير أراضيها. بل فشلت هذه الأنظمة في كل شيء، ولم تنجح إلا في حماية سلطتها وشعاراتها ومسروقاتها، وفي سحق الناس.
المراجع: صحيفة القدس العربي، وكالة سبوتنيك، موسوعة بريتانيكا، كتاب حقائق العالم.


حاتم علي والأزمة السورية
- مصطفى سعد -
thelevantnews
فبراير 17, 2021

كُتب الكثير عن حاتم علي، ولفترة طويلة قادمة سيكتب عنه، أما أعماله فستبقى خالدة لأجيال وأجيال. حاتم علي من المخرجين والفنانين القلائل الذين كانو يعملون على مشروع ثقافي وتنويري وتوعوي متكامل، يلاحظ ذلك بوضوح من خلال القضايا المطروحة في أعماله. حاتم علي
لن أتحدّث هنا عن الراحل الكبير وسيرته الفنية وأعماله المحفورة في وعقول وقلوب المشاهدين، لكن سأحاول قراءة المشهد الأجمل الذي صنعه حاتم، صنعه لكن لم يره.
المشهد هو نهر بشريُّ ينساب من مشفى الشامي إلى جامع الحسن في جنازة لرجل أجمع السوريون على محبته واحترامه، وأكد في مماته أنّه بإمكان السوريين أن يلتفوا ويجتمعوا حول من يشعر بآلامهم ويتحدّث عن آمالهم ويعاملهم بصدق وإخلاص وأمانة.
في هذا المشهد، كانت دموع الناس وأناشيدهم واجتماعهم تعبر عن قضية تخصّهم، عن حالة احتجاجية، عن غضب وقهر في نفوسهم، هم بشكل ما يرثون أنفسهم ويبكون على عمر مضى. الجنازة لم تكن في شوارع دمشق فقط بل كانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جنازة مهيبة وحّدت السوريين ونادرة المواقف التي وحدتهم هي هكذا أكثر من كونها قضية تخص حاتما.
ماذا لو مات حاتم علي في نهاية عام 2011؟
مع بداية الأزمة السورية، ظهر الشرخ واضحاً بين السوريين، وساد الخطاب الشعبوي والمتشدّد لدى طرفي الصراع، وتم ترديد شعارات لا تدلّ إلا على عقل جمعي إقصائي مريض ومنافي لقيم الوطنية والإنسانية والديمقراطية.
على سبيل المثال، الهتاف الذي نطق به جمهور الثورة “يلي ما بشارك ما فيه ناموس”، وسيل الشتائم الموجّه لهيئة التنسيق الوطنية عندما لم تؤيد التدخل الخارجي تحت الفصل السابع. وهذا ضد ثورة تطالب بالحرية والديمقراطية. أما في الطرف المقابل، كان شعار الأسد أو نحرق البلد، وهذا أيضاً لا يعكس حالة انتماء للوطن والدولة.
استمرّ هذا الشرخ لعدة سنوات بعد الأزمة، والجميع يذكر نهاية عام 2016، عندما كتب الشاعر والرسام منذر مصري مقالاً بعنوان (ليتها لم تكن)، وأقام الفنان التشكيلي، يوسف عبدلكي، معرضاً للوحاته في العاصمة دمشق تحت اسم (عاريات). وما تبع المقال والمعرض من تشهير وتخوين وتشويه لحقيقة الرجلين من قبل أسماء كبيرة في المعارضة السورية وأزلام تلك الأسماء، على الرغم من أنّهما اختارا البقاء في البلاد والعمل من داخلها، لم يشفع تاريخ وحاضر يوسف عبدلكي ومنذر مصري عندما قدما عملاً لم يفهمه الآخر أو لم يعجبه، أو فسّره على هواه.
الشهر الأخير من 2020، شهد رحيل شخصيات بارزة وقريبة من وجدان السوريين، وهم المناضل النبيل يوسف عبد الحميد، والمهندسة صاحبة اليد البيضاء، مها جديد، وأخيراً، المخرج حاتم علي، لنجد في رحيلهم شكلاً من أشكال تقارب الرؤى عند السوريين، وإن كانت جنازة حاتم علي هي الأبرز لتأكيد أنًّ التغيير طال الآلية الذهنية لدى شعب لم يتفق منذ سنوات على فكرة أو شخص.
هي بداية صغيرة لكن لا يجب إهمالها كجزيرة جميلة جداً وصغيرة، عدم رسمها في الأطالس لا يمنحنا الحق في إنكارها.
أصبحنا على طريق تشكل وعي سياسي جديد تمظهر بسلوك السوريين وردود أفعالهم ومواقفهم، بعد عشر عجاف لم يكتب الموالون أنّ حاتماً كان معارضاً لنظام الأسد، على الرغم من موقفه المعارض، بل لم تعد “الوطنية” حكراً على نجوم شاشات الفضائية السورية وقناة الدنيا وأصحاب الخطب الرنانة والشعارات، كما كانت منذ عقد من الزمن.
وفي الطرف الآخر، اقتنع جمهور الثورة أنّ المعارضة موقف يتخذه الإنسان ويعبّر عنه بطريقته الخاصة، بحسب عقليته وبيئته وأسلوبه الخاص، قد لا يكون منها التقاط الصور مع الضباط المنشقين، والإقامة في فنادق خمس نجوم، ولقاء دبلوماسيين، من أجانب وعرب.
لم تعد “الثورية” حكراً على السبّاب الشتّام، بل قد يكون الصمت تعبيراً بليغاً عن موقف سياسي، خصوصاً إذا كان هذا الصمت لفنان يعبر بأعماله أكثر مما يعبر بلسانه.
نهاية التخوين والإقصاء عند طيف واسع من السوريين لا يعني انتفاء الصفة وزوالها، وإن ضاقت مساحتها. هذه اللوحة لا يمكن بأي حال أن تكون نقية صافية، ونجد كارهين لها، وهذا أيضاً أمر طبيعي. يكفي أن نرى موقف وزارة الثقافة السورية ونقابة الفنانين من طرف، وغسان عبود، بما يمثله من خط سياسي من طرف آخر، لنرى كيف اجتمع الطرفان ضد من اجتمع السوريون حوله، وكيف تعامل كل طرف مع موت شخصيات (لست بصدد تقييمها) لكن مُختلف عليها بين السوريين، هما قاسم سليماني وعبد الباسط ساروت.
بموت قاسم سليماني، قُدّمت التعازي لإيران باسم السوريين على الرغم من أن الموالين أنفسهم غير متفقين عليه وعلى الدور الذي تلعبه إيران في سوريا والمنطقة، وبالقطع كل المعارضين لا يجدون به إلا عدوّاً لهم.
الأمر نفسه مع عبد الباسط ساروت، المعارضين غير متفقين على ثورة الساروت وبالقطع كل الموالين يرونه عدوّاً لهم. لكن الشعب أثبت أنه لا ينكر من يقدّم له قيمة جمالية دون أن يطالبه بمقابل، من يقدّم له الرقي، من يحترم عقله ولا يستخف بإنسانيته، من يقدم له الدفء والخبز و”ليس بالخبز وحده يحيا الانسان،،
الشعب السوري يثبت أنّه يتوحد عندما تهيأ له الظروف، وأّنه توّاق لحل سياسي ينقذ البلاد ومن فيها، حل حقيقي يستند على الشرعية الدولية وتطبيق القرار 2254، وهذا ما يجب أن تدركه القوى السياسية الفاعلة في البلاد، ليس فقط من أجل من في الداخل، بل من أجل (تيم) الذي قال في نهاية مسلسل قلم حمرة:
ورد: ليش أنت راجع وين بدك يانا نتزوج؟
تيم: بالبلد يا بنت البلد.
ورد: عن أي بلد عم تحكي؟ أنت ما بتحسن ترجع، بكل الأحوال أنا بدي كون معك وين ما كان.
تيم: ما في وين ما كان هو مكان واحد هلأ أو بكرا أو يلي بعدو رح كون فيه
.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحركة العمالية البريطانية(منذ القرن التاسع عشر حتى الآن)
- رامز مكرم باكير-
بعد نصف قرن من نهاية الإمبراطورية، لا يزال السياسيون البريطانيون من جميع التوجهات ومختلف الأحزاب يشعرون بأنهم "و من باب القيام بالواجب" مطالبون بتذكر ماضيهم الامبريالي باحترام. مع انه ، ومع القليل من التأمل ، يلاحظ أن أحفاد بناة تلك الإمبراطوريات والشعوب الخاضعة لها، والمستعمرة سابقًا ، إضافةً الى خليط اثني وعرقي وديني و قومي كبير من المهاجرين, يتشاركون معهم ارض و مصير ، وحتى هوية هذه الجزيرة الصغيرة . وعندما تذكر بريطانيا "العظمى" ، تذكر إمبرياليتها وتاريخها الاستعماري ، وبورصة لندن ، والمال والأعمال والرأسمالية ، وينسى الكثيرون ان لبريطانيا تاريخ عريق ، وتجربة نضالية فريدة مع الاشتراكية والحركات العمالية ، تمتد منذ بدايات القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا، و مازال البريطانيون يتمتعون بإنجازات تلك الحقبة بقدر ما يتمتعون بمكتسبات الإمبراطورية.
الحركة الشارتية "الميثاقية" ١٨٣٨-١٨٥٠
"كن صبورًا ليوم أو يومين ، ولكن كن مستعدًا في غضون دقيقة واحدة" هذا كان احد شعارات الحركة الشارتية ، والتي دشنت بداية العصر البطولي للطبقة العاملة في بريطانيا ، ان لم تكن اول حركة عمالية حقيقية ، فلا توجد فترة في التاريخ البريطاني أكثر إلهامًا ومليئة بالدروس أكثر من الفترة الشارتية ، وذلك لما حققته من انتشار للديمقراطية . و كتابة ميثاق الشعب لعام ١٨٣٨ ، وبناء الطبقة العاملة كقوة اجتماعية و سياسية ، فقد كان الملايين من الرجال والنساء العاملين. الذين كان لحمهم ودمهم يلتهم باستمرار، من نهم الرأسمالية الامبريالية البريطانية والتي لم تكن تهتم الى في جني الأرباح ، وتوسيع وحماية مستعمراتها مهما كانت الاثمان ولو حتى على حساب العمال والكادحين من شعبها وعمالها . فكانت الجهود البطولية لهؤلاء البروليتاريين هي التي ساهمت في تحويل الحركة الشارتية الى قوة جماهيرية. فقد أتت بعد سلسلة من الدروس الصعبة "مذبحة بيترلو عام ١٨١٩" والتغيرات التاريخية والاقتصادية "الثورة الصناعية".
عادة ما يتم حجب التاريخ الحقيقي للحركات الطبقية ومنجزاتها، و غالباً ما تختزل او تصور على انها حركات تمرد، او صراعات أهلية او يتم تقديمها على أنه ليس أكثر من حملات انتخابية من أجل التصويت كما حصل مع الثورة الشارتارية.
وكان أبرز ما تحقق تلك الفترة من إنجازات، هو إعطاء الحق والمساواة السياسية بين طبقة العمال التي كانت قد أخذت بالصعود والظهور كقوة بروليتارية من جهة، وطبقة البرجوازيين والملاك من جهة أخرى.
وكانت أهم وأبرز مطالب الحركة وقتها:
التأكيد على حق الرجال "الذكور فوق سن التاسعة عشر" في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات العامة العام، حيث كان حق الانتخاب يقتصر فقط على الملاك، وربط مسألة الاقتراع بالخبز، وتحويلها الى مسألة وطنية.
يجب أن يتم التصويت بالاقتراع السري.
ان تعقد انتخابات نيابية كل عام وليس مرة كل خمس سنوات.
تخصيص رواتب لأعضاء البرلمان، وإلغاء " تأهيل الملكية " للعضوية.
كان أبرز قادة الحركة الشارتية، الايرلنديين برونتيري أوبراين وفيرغوس اوكونر، والذين أكدا ايضاً على المطالبة بإلغاء الاتحاد مع أيرلندا (نهاية الحكم الاستعماري) والذي حصل في الشارتية الثانية عام ١٨٤٢. حيث حصدت العريضة أكثر من 3 ملايين صوت رغماً عن معارضة البرلمانين من الملاك واللوردات. وتمت متابعة أحداث الثورة الشارتية في فرنسا وبولندا والمجر. فكانت ثورة بروليتارية وأممية بامتياز، حتى أنها وصفت بأنها أحد اهم الحركات في سلسلة الثورات العالمية ضد الاستبداد والاستغلال، وجاء ذلك قبل سنوات من ظهور كارل ماركس وصدور البيان الشيوعي في لندن عام ١٨٤٨، "يا عمال العالم اتحدوا".
فكان شعار الشارتيين، "كن صبورًا ليوم أو يومين ، و لكن كن مستعدًا في غضون دقيقة واحدة؛ لا أحد يعرف اليوم ما يخبئه الغد، فكن مستعدًا دائماً لتغذية شجرة الحرية بالدم دفاعا عنها من المستبدين". نشر في أيار/مايو عام ١٨٣٩.
و في نيسان/أبريل ١٨٤٨ تم تقديم الميثاق الشارتي الثالث والأخير. والذي تم رفضه ، حيث تنظيم اجتماع جماهيري كبير في ضاحية كينينجتون كومون جنوب لندن من قبل قادة الحركة الشارتية ، وكان أكثرهم نفوذاً هو فيرغوس أوكونور ، محرر "ذا نورثرن ستار" صحيفة نجمة الشمال، وهي صحيفة أسبوعية كانت تروج للقضية الشارتية.و عُرف عن أوكونور نضاله وبطولته ، ومحاولاته لتحقيق مكاسب للعمال وتحقيق تغييرات جذرية بأي وسيلة ، بما في ذلك العنف . وكانت تخشاه السلطات و تهابه. وبفضل هذا الثائر وبجهود العمال والثوار الشارتيين ، كان ومازال إرث الشارتين قوياً وجلياً حتى يومنا هذا، فمع حلول خمسينيات القرن التاسع عشر اجمع أعضاء البرلمان على المزيد من الإصلاحات . و تم تمرير المزيد من القوانين الإصلاحية بين عامي ١٨٦٧ و ١٨٨٤. و بحلول عام ١٩١٨ ، تم تحقيق خمسة من مطالب الجارتيين الستة - "فقط الشرط القاضي بإجراء انتخابات برلمانية كل عام " لم يتم الوفاء به.
صعود الطبقة العاملة في بريطانيا ١٨٥٠-١٩١٤
كان يُنظر إلى فترة الثلاثين عامًا "من أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر إلى أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر " على أنها العصر الذهبي للازدهار في بريطانيا "العظمى" ، إذا ما تجاهلنا الحالة البائسة لأيرلندا وقتها . فكانت بريطانية أعجوبة العصر الصناعي ، وورشة العالم ، حيث هناك بدأت الثورة الصناعية ، وكانت الكثير من الابتكارات التكنولوجية في ذلك الوقت بريطانية بامتياز. و بحلول منتصف القرن الثامن عشر ، اصبحت بريطانيا الدولة التجارية والصناعية الرائدة في العالم ، اضافة الى اتساع سيطرتها الامبريالية الاستغلالية فوصلت مستعمراتها الى أمريكا الشمالية ومنطقة البحر الكاريبي ، و وصلت هيمنت التاج الملكي العسكرية والسياسية الكبيرة الى شبه القارة الهندية من خلال شركة الهند الشرقية. وعلى الرغم من أن المستفيدين الرئيسيين من هذا الازدهار الكبير كانت الطبقة البرجوازية من صناعيين والتجار ، إلا أن ظروف العمال قد أخذت في التحسن ايضاً ، وخصوصاً بفضل المكاسب السياسية الكبيرة التي حققتها الثورة الشارتية.
بدأ العمال من ذوي المهارات والكفائات العالية يبرزون جماهيرياً في المقدمة ، فقامو بتأسيس النقابات العمالية الفعالة لتحسين وضعهم الاجتماعي وحماية مصالحهم ، وكانت استراتيجيتهم تعتمد سياسات اصلاحية تدريجية ، بدلاً من تغييرات ثورية في النظام الاجتماعي ، وكان ذلك مزامناً للفترة التي أصر فيها كارل ماركس في خطابه الافتتاحي لعام 1864 أمام الرابطة الدولية للعمال (الأممية الأولى) في لندن ، على أنه " لا يوجد تحسين للآلات ولا تطوير لأدوات الإنتاج ولا وسائل اتصال، ولا السيطرة على مستعمرات جديدة، ولا الهجرة، ولا فتح للأسواق، ولا تجارة حرة ... يمكن ان تقضي على بؤس الجماهير الكادحة.
فكانت على الطبقة البروليتارية أن تعمل كحزب سياسي ضد الأحزاب السائدة و ضمن النظام البرلماني القائم، وأن البروليتاريا، و بعد أن تطيح بالدولة البرجوازية، وتحقق أهدافها، يجب أن تؤسس النظام السياسي الخاص بها."
ومع ذلك ، وخلافاً لرؤية ماركس، فقد استسلم الاقتصاد السياسي البرجوازي للطبقة العاملة، وكان ذلك نتيجة الضغوط المطالبة بالإصلاحات من خلال التشريعات "وحدها" لتحسين أوضاع الطبقة العاملة.
فتأسست عصبة الإصلاح في عام 1865 مع ستة من أعضاء المجلس الأممي في الهيئة التنفيذية للحملة من أجل حق الاقتراع العام للذكور ، و الامتياز ات المحدودة التي اقترحها الحزب الليبرالي ، الأمر الذي أثار اشمئزاز ماركس ورفضه.
وذلك بسبب سقوط الحكومة الليبرالية وتولى حزب المحافظين المنتصر مسؤولية الإصلاح الانتخابي. و نص قانون الإصلاح لحزب المحافظين عام ١٨٦٧ على توسيع نطاق الامتيازات للعمال أكثر بكثير من مشروع قانون الإصلاح الليبرالي السابق، فقام المحافظين بالالتفاف وخطف تمثيل الطبقة العاملة ، فهذه الطبقة "عدديًا" أصبحت أقوى قوة انتخابية في المدن وقريباً ستكون قوة عددية هائلة في المستعمرات ايضاً.
و في عام ١٨٦٩، أصدر مؤتمر بازل الدولي ، بدعم من المؤتمر النقابي البريطاني الثاني ، الذي مثل ٢٥٠،٠٠٠ عامل ، قرارًا لصالح تأميم الأراضي ، على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق بشأن ما إذا كان ينبغي على الدولة أو الكوميونات المحلية امتلاك الأرض او لا، وما إذا كان ينبغي تأجير الأرض للتعاونيات الكبيرة أو للمزارعين المستأجرين الأفراد. و بعد بضعة أشهر، وبدعم من الاتحاد الدولي، تم إنشاء رابطة الأرض والعمل في لندن. و كانت المطالب الأساسية في برنامج العصبة هي المطالبة بتأميم الأراضي ، مع استخدام الأرض الشاغرة لتوطين العاطلين عن العمل. وشملت المطالب ايضاً التعليم العلماني المجاني والإلزامي. وإنشاء بنك حكومي لإصدار النقود الورقية، وفرض ضرائب ملكية تصاعدية مباشرة لتحل محل جميع الضرائب الأخرى و تصفية الديون العامة، وإلغاء الخدمة العسكرية الدائمة ، و تخفيض ساعات العمل، وتاكيد على الانتخابات العامة ، ودفع الرواتب للنواب البرلمانيين.
كما شجبت الرابطة الملاكين العقاريين و المقرضين والمستغلين الرأسماليين في بيانها واعتمدت شعار "الأرض للشعب".
و في عام 1870 ، أسس جون ستيوارت ميل "الفيلسوف السياسي الليبرالي" جمعية "إصلاح ملكية الأراضي" الأكثر اعتدالًا وذات الطابع الاصلاحي ، والتي ضمت عدداً من الليبراليين الراديكاليين والاقتصاديين والنقابيين الرائدين. ومن اهم منجزات هذه الرابطة انها دعت إلى فرض ضرائب على الزيادة غير المكتسبة في قيمة الأراضي . ولكن عارضت تأميم الأراضي باعتبارها هدفًا بعيد المنال ، ودعمت ايضاً الى منح حقوق و امتيازات للمزيد من العمال في تملك الأراضي الصغيرة . فكانت النتيجة ذهاب الجزء الأكبر من المحاصيل والثروات إلى أولئك الذين لم يعملوا على الإطلاق ، و تضائل الأجر مع تزايد صعوبة العمل و فشلت قوانين الملكية للأسف في تحقيق العدالة الطبقية الحقيقية في التناسب بين الأجر والإجهاد .
وفي البداية ، و بالرغم من التأثير الكبير لكارل ماركس، و "الأممية الأولى"، و الحركات العمالية التي كانت كانت تعصف في البلاد، كانت بريطانيا البلد الأوروبية الوحيدة التي لم تظهر فيها أي حركات تحت مسميات ماركسية او شيوعية. فكانت اشتراكية وفق المسار الطبيعي للتطور التاريخي ، ويمكن ان نجادل انها كانت نتاج التقاء الماركسية والثقافة المحلية.
و بعد عام ١٨٨١ اخذت الماركسية بجذب أتباعًا في بريطانيا ، و اقترب أتباعها من نظريات وكتابات كارل ماركس من خلال التقاليد المحلية ، فقد كان لماركس شركاء بريطانيون داخل الأممية نفسها ، ولا سيما بعض القادة العمال ،من أتباع الشارتية القديمة مثل برونتيري أوبراين ، والراديكاليين الليبراليين ، وآخرين من الحركات العلمانية والوضعية. وأسس السياسيين وقتها ،هيندمان وباكس، الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي (SDF). وكتبوا مقالات يقدمان فيها كارل ماركس للجمهور البريطاني، وتعامل الماركسيون البريطانيون مع نظرية ماركس الاقتصادية كراديكاليين، وقاموا كالعادة بإدانة البرجوازيين من مالكي العقارات والصناعيين بسبب الزيادة غير المكتسبة التي حصلوا عليها من احتكار وسائل الإنتاج. و ظل الماركسيون البريطانيون رغم قلتهم متأثرين بشدة ومتمسكون بهذا الإرث الثقافي.
وتم استئناف تشكيل نقابات جديدة للعمال الأقل مهارة هذه المرة بمساعدة النشطاء الاشتراكيين، من ماركسيين و غيرهم. حيث جلب أواخر القرن التاسع عشر اضطرابات عمالية كبيرة أثرت بشكل حاسم على زيادة تطور النقابات في بريطانيا ، و شهدت البلاد انتعاشاً للأعمال بين ١٨٨٨-١٨٩٢ ، .و تلقت الحركات العمالية حافزًا هائلاً من خلال انتصار عمال أرصفة لندن في إضرابهم العظيم عام ١٨٨٩ ، والذي تم تأمينه في الملاذ الأخير من خلال الدعم المالي الأسترالي والذي جاء تحت شعار "بادرة من العالم الجديد إلى القديم".
نهاية القرن التاسع عشر:
ومع كل هذه التضحيات والمحاولات التي قدمها العمال خلال القرن التاسع عشر بدأت مرحلة جديدة من التراجع، وفي عام ١٨٩٠، تعرض أرباب العمل في القطاع البحري لهجوم مضاد ضد النقابات الجديدة للبحارة وعمال الرصيف، كما عانى الاتحاد الجديد الذي تأسس في صناعة الغاز من نكسات كبيرة. حتى بعض النقابات المهنية واجهت مقاومة أقوى من أصحاب العمل ، الذين انزعجوا من إدخال المزيد من التشدد في السلوك النقابي في وقت واجهوا فيه منافسة أجنبية متزايدة في أسواقهم القائمة، وعادت سياسات الأسواق الحرة.
وبعد الإغلاق الوطني في 1897-1898، اضطرت جمعية المهندسين المندمجة لقبول إدخال آليات وأنظمة دفع جديدة وفقًا لشروط أصحاب العمل. في كل من الصناعات البحرية والهندسية، وأكد أرباب العمل سلطتهم من خلال الاندماج في الاتحادات الوطنية. وكان الأمر الأكثر خطورة على الإطلاق بالنسبة للنقابات ، هو رد فعل أصحاب العمل على المحاكم، حيث أدت سلسلة من الأحكام القضائية، التي بلغت ذروتها في حكم تاف فالي عام 1901، إلى تقويض تشريعات سبعينيات القرن التاسع عشر، وبداية مرحلة نضالية جديدة من سلسلة التاريخ العمالي في بريطانيا. لمحة عن أبرز القوى في حزب العمال البريطاني
ولد حزب العمال في مطلع القرن العشرين من رحم الطبقة العاملة ، و عدم قدرتهم على تقديم مرشحين برلمانيين من خلال الحزب الليبرالي ، و الذي كان في ذلك الوقت الحزب الذي تبنى مطالب الإصلاح الاجتماع وقتها. و في عام ١٩٠٠ ، تم عقد مؤتمر يجمع النقابات العمالية (الاتحاد الوطني لنقابات العمال البريطانية) و حزب العمال المستقل (الذي تأسس عام ١٨٩٣) لتأسيس لجنة تمثيلية للعمال ، والتي في مابعد أصبحت حزب العمال في عام ، ١٩٠٦بقيادة مؤسسه كير هاردي . فكانت بداية لمرحلة مد جديدة بعد ان كانت تعصف بالبلاد الاضطرابات السياسية والإضرابات العمالية ، ومحاولات القوى الرجعية لتقويض كل المكتسبات السياسية التي حققها العمال منذ الثورة الشارتية وصولاً الى بداية القرن العشرين.
حزب جديد لقرن جديد:
كان الهدف الذي وحد كير هاردي وزملائه في الاجتماع التأسيسي الشهير للجنة التمثيلية العمالية في شباط/فبراير عام ١٩٠٠. هو تجاهل المحافظين وخيبة أملهم من الليبراليين ، والمطالبة بالتغيير من خلال تمكين العامة في نهاية المطاف من السيطرة على وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل ، ووضعها جميعاً في أيدي دولة ديمقراطية حقيقية ، لتكون في خدمة مصالح المجتمع بأكمله ، والسعي لتحقيق الحرية الكامل للعمال من الهيمنة الرأسمالية وهيمنة الملاك العقاريين ، و إقامة المساواة الاجتماعية والاقتصادية بين الجنسين.
وحقق الحزب إنجازات تاريخية كبيرة ، يذكر منها التأمين الطبي المجاني (NHS) ، وتحديد الأجور.
الآن يضم حزب العمال اكثر من نصف مليون عضو حزب ديمقراطي اجتماعي ذو توجهات اشتراكية ديمقراطية ¡ و متجذرة في الحركة النقابية" .
ويضم الحزب عدداً من الفصائل السياسية و الكتل وجماعات الضغط "فكان جيرمي كوربين مثلاً يقود حزبًا اشتراكيًا يسارياً صريحًا بينما يقود كير ستيرمر حالياً الحزب باتجاه ليبرالي وسطي معتدل ، ولا ننسى طوني بلير والذي كان محافظاً اكثر من المحافظين.
حركة مومينتوم (Momentum):
تاسست الحركة في مطلع عام ٢٠١٥ عن طريق جون لاتسمن و عدداً من رفاقه ، واتى ذلك بعد الحملة الناجحة ، و التي أوصلت جيرمي كوربن لقيادة حزب العمال في أيلول/سبتمبرعام ٢٠١٥. وهي اكبر تجمع لليساريين في بريطانيا . حيث يصف البعض حركة مومينتوم على انها "The grassroots" او الجذور الضاربة في الأرض لحزب العمال ، ويصفها آخرون معارضون على انها حزب متنكر ضمن حزب العمال او منظمة موازية له . حيث تضم الحركة حاليا قوة عددية هائلة ، اكثر من ٥٠.٠٠٠ شخصاً . ولا تتقاضى الحركة اَي رسوم عضوية ، وتشترط على أعضائها الانتساب لحزب العمال كشرط أساسي.
هدف الحركة المعلن هو "خلق حركة جماهيرية من اجل تحقيق تغيير تقدمي حقيقي" إضافةً الى الحفاظ على اجندتها السياسية اليسارية والسعي الى دمقرطة حزب العمال بالكامل.
النقابات العمالية المنتسبة لحزب العمال (TULO):
تمثل (TULO) المنظمة الجامعة التي تنسق أنشطة النقابات ال١٢ المنتسبة لحزب العمال وعلى رئسهم (Unite) و (TUC) او مؤتمر النقابات العمالية ، و تهدف المنظمة الى منح العمال صوتهم السياسي ، وتنظيم العمل السياسي بين العمال والحزب لمعالجة المشاكل الملحة التي تواجهها بريطانيا ، من تحسين أجور العمال وحقوقهم ، ومعالجة المشاكل المرتبطة بالخدمات العامة ، والقطاعات المختلفة .
وتشمل هذه النقابات معظم الجمعيات والنقابات العمالية في بريطانيا ، من جمعية مهندسي القاطرات ورجال الإطفاء ، والعاملون في السكك الحديدية ، وعمال الحديد والصلب ، والخدمات اللوجستية ، والخدمات القضائية ، والجمعيات الخيرية ، والتمويل ، والعمال المعوقين ، و العاملين في خدمات البريد والاتصالات والخدمات المالية. وتشمل ايضاً عدداً كبيراً من الموظفين العاملين في كل من القطاعين العام والخاص. و الأعضاء في الحكومة المحلية ، والعاملين في الرعاية الصحية والكليات والمدارس و الشرطة وقطاع العمل التطوعي ، والنقل ،والكهرباء والغاز والمياه. وغيرها الكثير من المؤسسات والجماعات.
الجمعية الفابيانية :
تأسست جمعية فابيان في ٤ كانون الثاني/يناير عام ١٨٨٤ في لندن وهي مؤسسة فكرية وشبكة عضوية تابعة لحزب العمل، وأحد مؤسسيه الأصليين عام ١٩٠٠، وهي مؤسسة ذات ميول يسارية، مكرسة للشأن السياسي العام. تنشط في جميع أنحاء بريطانيا ومنفتحة على جميع القوى اليسارية في بريطانيا، وتدافع عن الفابيينية ونحتفل بها.
تؤمن الفايينية بان الوسيلة الأفضل للوصول الى الأهداف الراديكالية طويلة المدى تكون من خلال الإصلاح التجريبي والعملي والتدريجي.
تضم هذه المؤسسة اكثر من ٨٠٠٠ عضواً. وتتنوع مهامها بين إجراء البحوث وإجراء الاستفسارات السياسة الرئيسية ، عقد المؤتمرات والاجتماعات والندوات ، وبصفتها مؤسسة فكرية فلديها تأثير كبير على الخطاب العام السياسي . ويعمل فريق العمل لديهم في لندن وإدنبرة مع شبكة واسعة من كبار السياسيين وخبراء السياسة لتطوير الأفكار الجديدة والترويج لها والتأثير على مناخ الرأي العام السياسي. من خلال اجتماعات الأعضاء والانتخابات واللجان. و تنظيم المئات من الأنشطة عن طريق أقسام مستقلة من المجتمع - فابيانز، وشبكة فابيان للنساء، وفابيانز الاسكتلندية، وفابيان الويلزية - ومن قبل 40 جمعية محلية تابعة لفابيان.
تعرف نفسها منظمة فابيان على انها "منظمة اشتراكية تهدف إلى تعزيز قدر أكبر من المساواة في السلطة والثروة والفرص، و قيمة العمل الجماعي والخدمة العامة وتحقيق ديمقراطية مسؤولة ومتسامحة وفعالة تخضع لمفاهيم المواطنة والحرية وحقوق الإنسان"
" نحن من المؤسسين الأصليين لحزب العمل وننتمي دستوريًا إلى الحزب كمجتمع اشتراكي. لدينا مصلحة في العملية الديمقراطية لحزب العمال على المستوى المحلي والإقليمي والوطني. لكننا مستقلون تمامًا عن الحزب تحريريًا وتنظيميًا وماليًا".
منظمة النداء الاشتراكي (socialist appeal):
هي امتداد لحركة (Militant) التروتسكية في حزب العمال ، والتي حلت نفسها عام ١٩٩٧
أسس حركة النداء الاشتراكي مجموعة من اتباع تيد غرانت وآلان وودز عام ١٩٩٢ وذلك بعد ان تم فصلهم من (Militant). وينظم اتباع الحركة أنفسهم حول صحيفة (Socialist appeal) وهي صحيفة إخبارية وثقافية تقدم تحليلاً طبقياً للأحداث ، وتبحث في قضايا اليسار والماركسية .
تعرف الحركة نفسها على انها "منظمة ماركسية تنشط في حزب العمال، وتناضل من اجل الثورة الاشتراكية العالمية ، وتسعى وتنادي بالتحول الاشتراكي للمجتمع ، في بريطانيا وعلى الصعيد الدولي، وبصفتهم أمميين ، تعمل الحركة مع نشطاء من التيار الماركسي العالمي."
وترى الحركة ان "الفرق بين الإصلاحية والماركسية هو نفسه الفرق بين التبصر والدهشة. يمكننا أن نرى الصراع الطبقي الهائل في المستقبل، حيث ستُطرح مهمة تحويل المجتمع على أسس اشتراكية."
وترى الحركة ان مهمتها المباشرة هي بناء تيار ماركسي قوي يمكنه التدخل في الحركات الجماهيرية للعمال والشباب. وعارضت الحركة بشدة استبعاد جيرم كوربن من الحزب، ودعت الى اتخاذ إجراءات حزبية طارئة لإعادة الحزب الى مساره اليساري، حيث ان الحزب يواجه فترة من الصراعات الداخلية والانشقاقات وخصوصاً في ظل القيادة الجديدة بزعامة كير ستيرمر.
منظمة (Progress) :
وهي منظمة سياسية تنشط ضمن حرب العمال البريطاني ، تأسست عام ١٩٩٦ لدعم حملة " قيادة حزب العمال الجديد" لتوني بلير وتسويقه في الحزب . و عادتاً ما يوصفون بالبليلريين. ويمثلون أقصى اليمين في حزب العمال ، ومن اكبرالداعمين الأساسيين لقيادة كير ستيرمر حالياً .أسس المنظمة كل من بول ريتشاردز وليام بيرن وديريك دريبر ، كمنظمة للحفاظ على الحوار مع القيادة الجديدة لحزب العمال تحت قيادة توني بلير. وقد نظمت العديد من الفعاليات والمؤتمرات واستضافت العديد من الفعاليات الهامة لكبار الشخصيات الحزبية. أصبح مؤتمرها السنوي عنصرًا أساسيًا في البرامج السياسية، و بحضور كبير للزيد من الوزراء وغيرهم من السياسيين البارزين. و في فبراير/شباط ٢٠١٩، استقال مجموعة من نوابهم في حزب العمال البريطاني وأسسوا مجموعة انديبيندنت.
تعرف المنظمة نفسها و أهدافها على انها " منظمة من أعضاء حزب العمال هدفهم تعزيز سياسة راديكالية وتقدمية للقرن الحادي والعشرين.
نحن نسعى لمناقشة وتطوير وتعزيز الوسائل لخلق بريطانيا أكثر حرية ومساواة وديمقراطية ، والتي تلعب دورًا نشطًا في أوروبا والعالم بأسره.
متنوع وشامل ، نعمل على تحسين مستوى ونوعية النقاش داخل حزب العمل ، وبين الحزب والمجتمع التقدمي الأوسع."
هذه كانت لمحة عن أبرز الفصائل السياسية والمنظمات التي تنشط ضمن مظلة حزب العمال البريطاني، لإعطاء صورة عامة عن هذه القوى وأهدافها ومجال عملها وطريقة تنظيمها.
------------------------------------------------------------------------------------------------
ماذا لو عاد أنس العبدة ونصر الحريري إلى دمشق؟
- وائل السواح -
"العربي الجديد":24/1/2021
عاد أليكسي نافالني إلى روسيا، على الرغم من تهديد الرئيس فلاديمير بوتين له باعتقاله. كان نافالني قد خرج من روسيا قبل أشهر، بعد أن حاول بوتين اغتياله عن طريق السمّ. حسن الحظ وحده هو ما ساهم في إنقاذ حياة الرجل. وأرسلت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، طائرة خاصة نقلت فيها نافالني وهو على وشك الموت، حيث تمّ إسعافه في مستشفيات ألمانيا.
ما إن تحسّن وضع نافالني، حتى قرّر العودة إلى بلاده. كان يعرف أن الرئيس بوتين سيعتقله، وسيحاول مرّة ومرّة تحييده وتشويه صورته إن لم يكن اغتياله من جديد. وكان يستطيع، بكلّ بساطة، أن يطلب اللجوء في ألمانيا، أو في أي بلد غربي، ويصبح زعيما للمعارضة الروسية في الخارج. وكانت حكومات الغرب ستقبل بكل ترحيب، وتقدّم له حياة رغدة وإمكانات واسعة للعمل السياسي، بيد أنه رفض.
نجح نافالني في إيقاف بوتين وأجهزته على رؤوسهم. بدأ منذ أكثر من عقد بمدوّنة فردية عن المناقصات الحكومية الوهمية والعقود الحكومية الفاحشة. ثمّ أنشأ مؤسسة إعلامية، تحقق في الفساد وإساءة استخدام السلطة في روسيا، وتنتج تقارير نصية وفيديو مكثفة تجذب ملايين القراء والمشاهدين. كما أنشأ شبكة من المنظمين الميدانيين الذين كشفوا جهود بوتين في تزوير الانتخابات، وشكّلوا حالة رعب للرئيس الروسي. اعتُقل مرارًا ودين مرتين بتهم جنائية ملفّقة، لكن أيا من هذه الإجراءات لم تنجح في إسكاته. وقد أثار احتجاجاتٍ جماهيريةً أجبرت السلطات على إطلاق سراحه في العام 2013، بعد يوم من الحكم عليه بالسجن خمس سنوات. وبعد إدانته التالية، رفض الامتثال لحكم الإقامة الجبرية غير القانوني، رفع دعوى قضائية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وفاز بها. وعندما احتجزت الحكومة شقيقه أوليغ، وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة، ارتفع صوت أليكسي أكثر وبات أكثر فاعلية. وأخيرًا، حاولت شرطة بوتين السرّية في العام الماضي قتل نافالني عن طريق تسميمه بالمادة الكيميائية نوفيتشوك. لم ينجُ نافالني فحسب، بل شارك في تأليف تحقيقٍ في محاولته القتل.
خلال أشهر حرجة ثلاثة، عمل نافالني مع الأطباء الألمان لإعادة عقله وجسده إلى الحياة بالكامل. وكان ذلك معجزة حقيقية، إذ لم يسبق أن نجا أحد من هذا السمّ الفعّال الذي كان من بين ضحاياه الجاسوس الروسي السابق، سيرغي سكريبال، وابنته يوليا، اللذان يُعتقد أن حكومة بوتين قد أمرت باغتيالهما في بريطانيا في عام 2018.
قبل أيام، أعلن نافالني أنه تعافى تمامًا، وأنه سيعود إلى موسكو. هدّدته الحكومة الروسية وإدارة السجون الروسية على الفور بالاعتقال، وكان يعرف أنها قادرةٌ على ذلك، فقد سبق لحكومة بوتين أن أطلقت مثل هذه التهديدات ضدّ أعداء بوتين بشكل روتيني، وعادة ما كانت تنجح في منع الناس من العودة إلى ديارهم من الخارج. في عام 2003، تحدّى قطب النفط، ميخائيل خودوركوفسكي، مثل هذا التحذير، فما إن وطأت قدماه أرض روسيا حتى قُبِض عليه، وجرّد من ثروته، وسجن عشر سنوات. وفي عام 2014، تحدّى السياسي بوريس نيمتسوف تحذيرًا مشابهًا وقتل. ولكن ذلك لم يكن ليهن في عزيمة نافالني.
صمّم نافالني عودته بدقة وروح دعابة مميزّة. صباح الأحد، استقل أليكسي ويوليا طائرة برلين -موسكو، برفقة محامية نافالني، أولغا ميخائيلوفا، والمتحدّثة باسمه كيرا يارمش، وصحافيين عديدين. على متن الطائرة، التقط نافالني صورة سيلفي مع مضيفات الرحلة، اللواتي طلبن ذلك على ما يبدو، وسجّل هو ويوليا مقطع فيديو مدّته خمس ثوان، قال فيه نافالني: "أيها الساقي، أحضر لنا بعض الفودكا. نحن ذاهبون إلى المنزل"... واعتقل نافالني لحظة وصوله إلى المطار واقتيد إلى السجن.
لا أستطيع أن أمنع نفسي من المقارنة بين شجاعة نافالني وإصراره على العودة إلى الوطن، لأن المعركة الحقيقية يجب أن تكون هناك، وموقف عديدين من قادة المعارضة السورية الذين استمرأوا الإقامة في إسطنبول أو الرياض أو باريس، حيث يقودون من هناك معارك دونكيخوتية ضدّ النظام، لا تغني ولا تسمن من جوع.
ماذا لو قرّر رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، نصر الحريري، أو رئيس هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، أنس العبدة، أو كلاهما، العودة إلى دمشق؟ لا أتحدّث طبعا عن العودة المشينة لبعض أطراف المعارضة الذين عادوا "إلى حضن الوطن"، ورموا بأنفسهم في أحضان الأجهزة الأمنية. أتحدّث، بالأحرى، عن عودةٍ أخرى، عودة فيها من التحدّي والتصميم على المعارضة لإسقاط الرئيس بشار الأسد، من الداخل. والرغبة على العمل الجادّ من أجل تشكيل معارضةٍ قويةٍ وموحدةٍ ضدّ نظام الأسد المجرم.
لم تكن المعارضة الروسية ذات شأن قبل نافالني، ولكن شجاعته وتحدّيه ومواجهته قمع بوتين وحكومته جعلته رمزا تجمّعت حوله معظم أطياف المعارضة. وأحسب أن الحال سيكون مشابها لو قرّر قادة المعارضة السورية العودة إلى دمشق وتحدّي الأسد في وطنهم.
هل سيعتقلون؟ ربّما، ولكن الأغلب أنهم لن يتعرّضوا للتعذيب الذي تعرّض له الناشطون السلميون الذين كانوا يعرفون مصيرهم ولم يأبهوا له. يعرف الأسد، ومعه الروس، أنهم يمكنهم اعتقال شخصٍ بحجم هادي البحرة أو برهان غليون أو نصر الحريري، ولكنهم يعرفون أيضا أنه لن يكون في مستطاعهم تصفيتهم الآن أو تعذيبهم، أو تغييبهم كما فعلوا مع القائد عبد العزيز الخيّر. في المقابل، ستشكّل هذه العودة إطارا فعّالا لكي يقتنع السوريون في الداخل (والخارج) أن قيادة معارضتهم جادّة في سعيها السياسي، وأنها تقوم بما تقوم به وهي تضع مصالح السوريين أولا وليس مصالح حزبية أو فردية ضيقة، والأهم أنها تضع مصالح السوريين قبل مصالح القوى الإقليمية التي تتحالف معها.
لست متفائلا، ولا أحسب أن ذلك سيحدُث قريبا، لجملة من الأسباب، أهمها أن التاريخ الوحشي للأسد في القتل والتعذيب والاغتصاب والمحاكمات الفاجرة يجعل أي شخصٍ يعدّ للمائة قبل أن يقرّر العودة. على أن ثمّة عاملا أهم من ذلك، أن قادة المعارضة السوريين يختلفون عن أليكسي نافالني، في الصدق والنزاهة والاستقلالية. وفي النهاية، كان قرار نافالني قراره هو، وليس قرار أي أحد آخر.
الديمقراطية والوحدة القومية
- محمد أسعد -
إن الحركات السياسية والتحولات الاجتماعية خاصة الثورة الفرنسية 1789 نشأت على علاقة وثيقة بقضية الديمقراطية التي انبعثت عنها فيما بعد مسالة الاشتراكية كتجسيد للمساواة الاجتماعية، ولقد مثلت الديمقراطية الأفق السياسي بالنسبة إلى مطالب العصر فإن البشر من حيث المبدأ والأصل هم أحرار متساوون في الحقوق بصرف النظر عن انتماءاتهم المذهبية والدينية والطبقية والعرقية، ولا يوازي هذا المبدأ أهمية سوى مبدأ المواطنة التي تترجم الديمقراطية المساواة والانسجام بين الأفراد على أساسة فالديمقراطية في بعدها الأساس هو احترام المساواة في المواطنة بين الإفراد، وإن الحركات القومية والاجتماعية في آسيا وإفريقيا عموما لم تنشأ تاريخيا ولقد تطورت رؤيتها بفعل خارجي طرأ على تاريخها واستفز بناها الاجتماعية التقليدية فشكلت في الأساس حركات إيديولوجية انطوت على ممارسات نظرية بدائية وقبل مدنية، وفي كفاحها في سبيل التحرر والاستقلال اكتسب مضمونه السياسي تاريخيا وأبعاده الإيديولوجية في ظل غياب الوعي والممارسة الديمقراطية والسلطات الاستبدادية "الدولة العثمانية" في الحالة العربية. وإن انجاز الاستقلال القومي بنشوء الدولة الوطنية التي لا ترى هويتها السياسية في الديمقراطية كان مثليا تاريخيا في كمالها الاجتماعي والوطني، لهذا السبب وغيره أخفقت مشاريعها الوطنية والاجتماعية في المحصلة، وكذلك اشتراكيتها التي تحولت في الحالة العربية مثلا إلى مرد أشكال التسلط البيروقراطي الفاسد، وقادها ذلك إلى تكريس القومية القطرية المشوهة كبديل مسخ وعبره تستمد مسوغات وجودها، وإن ميزة المجتمعات الحرة والحديثة تكمن في إثبات تلك الديمقراطية التي تتجلى في تبعية السلطة السياسة المتزايدة للمجتمع، والاعتراف المتزايد باستقلال الفرد وحريته إزاء كل شكل من أشكال القهر السياسي والاجتماعي. فالدولة القطرية التي اتخذت من مطلب القومية الواحدة هدفا وشعارا لها كانت قاصرة في الغالب ناقصة وغير مكتملة تفتقر إلى أساسها الاجتماعي التاريخي مثلما افتقرت إلى فكرة التعاقد الاجتماعي، مما شجع لديها وهم انجاز الوحدة بالعنف لا على أساس الاختيار الحر، فالدولة المفتقرة لأساس التعاقد الاجتماعي لا تحقق إغراضها السياسية والإيديولوجية إلا بالعنف داخليا وخارجيا فلا تكتف بالاستبداد الداخلي وقمع المجتمع وشل أي حراك مدني أو أي شكل من التجمعات النقابية المستقلة، وتندفع إلى تعويض مثلبها الذاتي بخطاب أيديولوجي وتعبئة اجتماعية عسكرية بغرض تأمين أكبر إجماع حماسي، فهي بطركية الطابع ، دون أن تستحيل في مسارها إلى إمكان اجتماعي سياسي للأمة، فالدولة القطرية عجزت باستمرار عن تحقيق المضمون والأساس الاجتماعيين للأمة وأنجزت وهم أو ظلال الأمة الواحدة والمفقودة ، وقد ولدت هذه القومية المضادة للحداثة بتعبير "آلان تورين " في آسيا وإفريقيا في مراحل متأخرة ووصلت بشكل واسع محل مفهوم القومية العقلانية المشجع على الحداثة على نحو ما فرضته الثورة الفرنسية، فإن المنطق الوحدوي الملازم للخطاب السياسي للدولة القومية شأنه شأن المشاريع الإيديولوجية الأخرى كالإسلام أو الثورة التي تنظم تحت هيمنة مبدأ واحد، لم ينتج سوى ألغامه التي تنفجر اختلافات ونزاعات تمزق ما هو واحد في الأصل، أي إن مفهوم الأمة كان مفهوما و"واقعة " مجرده تهيمن على التاريخ دون أن تنظم في سياقه وهذا ما دفع الخطاب القومي العربي إلى صياغة مفاهيم عديدة بطريقة "ما وراء واقعية" ولها آثار مدمرة على الفرد والمجتمع، ك مفهوم الحرية التي ربطها هذا الخطاب بحرية الأمة_القومية فتحولت إلى تطبيق لا تاريخي لا يستقل عن مضامين ودلالات مفاهيم القسر والدمج والإقصاء وإلغاء الآخر والقمع في أرقى وأصفى أشكاله. إلى هذا الجانب قدم الفكر العربي مفهوما لا تاريخيا عن الأمة التي باتت مستقلة تماما عن تاريخها الواقعي ولا تنتمي إلى حاضرها بقدر ما تنزع إلى الارتماء في حضن الماضي وتستمد منه مسوغات وجودها وراهنها ومستقبلها، ومن هذا المنظور برزت مقولات "الشعب" و"المجتمع" و"الدولة " كأنها مجرد أشباح خرجت من جوف التاريخ مرتدية عباءة معاصرة، فالحرية والديمقراطية والمواطنة، لا يمكن أن تكون مفاهيم قبليه ناجزه، نظفر بها مره واحدة والى الأبد، بل هي مفاهيم تقرر مضامينها ودلالاتها الأطر الاجتماعية والتاريخية وتحددها عبر الممارسات المتراكمة. من جانب آخر فإن الذهنية البيسماركية في الوحدة القومية في تجليها العربي، فضلا عن انسياقهالحديثة. انجاز وحدتها المنشودة بالعنف، فقد بررت ذلك وعززته بدور الفرد المنقذ القومي، وهذا ما أكده معاصروا الفكر العربي حين رأوا أن نمط الفكر القومي هذا هو نقيض الفكر الديمقراطي، ذلك إن المماهات الوحدوية أنتجت أسطورة الفرد البطل المخلص والقائد الملهم الذي يفكر ويقرر عن الكل، وكان من شأن هذا "السوبرهيرو" بأن استبعد العمل المؤسسي وأقصاه بقدر ما استبعد الحوار الديمقراطي العقلاني، فالوحدة هنا ليست إلا آله للقولبة والنمذجة أو للإخضاع وثمرة ذلك سحق المجتمع تحت سلطة "العقيدة" أو "الحزب "أو "القيادة " أي قيام المجتمع "الكلاني" حيث الكل يتماهون مع الواحد الأحد "السوبرهيرو" الذي تملئ صوره الساحات والشاشات . ومن كل ذلك باتت السياسة ممثلة أكثر فأكثر للمطالب الاجتماعية مع غياب أي أهمية لدور المجتمع المدني الذي لديه دور ضروري ومهم يمكن تلخيصه في مواجهة السلطة التعسفية للدولة بحيث هو الملاذ لحماية حقوق الإنسان وهو الوحيد القادر على مقاومة اندفاع الدولة المستبدة، وتاريخيا غياب المجتمع المدني في العالم العربي اقترن على نحو وثيق بعجز الدولة عن تجاوز طابعها الارستقراطي العسكري الاستبدادي وتخطي حالة الحداثة الرثة التي تتخبط بها فهذه الدولة لم تنجم تماما عن السيرورة الذاتية لتطور الأمة التاريخي كانت وريثة لتقاليد مجتمع ما قبل الأمة أو المواطنة وبالمقابل برزت الدولة الحديثة كتقنية اجتماعية سياسية مستعارة كأداة قمع وسيطرة فحسب. وعلى ضوء كل ما أسلفنا في عرضة كانت الدولة العربية المعاصرة تفتقد إلى أهم مفاهيم الدولة الحديثة...
- أرقام سورية -
- سوريا عام1957 و سوريا عام 2021 -

سوريا عام 1957

•سعر صرف الدولار ٣ ليرات_سورية.
•سعر غرام الذهب عيار ٢١ قيراط: ٤ ليرات سورية.
•الترتيب من ناحية قوة الإقتصاد: المركز ٣٥ من أصل ٢٠٠ دولة.
•الترتيب بين دول الشرق الأوسط من ناحية مستوى المعيشة: المركز الأول.
•الترتيب بين الدول_العربية من ناحية حرية الصحافة و التعددية السياسية و بالديموقراطية: المركز الأول.
•ترتيب جامعة دمشق عربياً: المركز الثاني بعد جامعة القاهرة.
•عدد المغتربين: ٢٥٠ ألف.
•الحد الأدنى للأجور الشهرية: ١٥٠ ليرة = ٣٧,٥ غرام ذهب عيار ٢١.
•متوسط راتب الموظف الجامعي الشهري: ٣٧٥ ليرة = ٩٣,٧٥ غرام ذهب عيار ٢١.
•متوسط سعر شقة ٣ غرف وصالون في دمشق: ٨٠٠٠ ليرة.
•يمكن شراء الشقة بالحد الأدنى للأجور خلال: ٤ سنوات ونصف تقريباً.
• الراتب السنوي ضمن الحد الأدنى للأجور = ٤٥٠ غرام ذهب عيار ٢١.

سـوريا عام 2021
•سعر صرف_الدولار : ٣٠٠٠ ليرة سورية.
•سعر غرام الذهب عيار ٢١ قيراط: ١٥٦٠٠٠ ليرة سورية.
•الترتيب من ناحية قوة الإقتصاد: المركز ١٩٠ من أصل ٢٠٠ دولة.
•الترتيب بين دول الشّرق_الأوسط من ناحية مستوى المعيشة: المركز الأخير.
•الترتيب بين الدّول العربية من ناحية حرية الصحافة و التّعددية السياسية و الدّيموقراطية: المركز الأخير.
•ترتيب جامِعة دمشق عربياً: المركز ٢٢.
•عدد الذين هم خارج بيوتهم بين نازح داخل البلد ولاجىء للخارج): ١٢ مليون.
•الحد الأدنى للأجور الشهرية: ٤٠ ألف ليرة = ٠,٢ غرام_ذهب عيار ٢١.
•متوسط الراتب الشهري لموظف جامعي: ٧٥ ألف ليرة = ٠,٥ غرام #ذهَب عيار ٢١.
•متوسط سعر شقة ٣ غرف وصالون في دِمشق: ٢٥٠ مليون ليرة.
•يمكن شراء_الشقة بالحد الأدنى للأجور خلال: ٥٢٠ سنة تقريباً.
• الراتب السنوي ضمن الحد الأدنى للأجور = ٣ غرامات ذهب عيار ٢١.





















زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135