المغني الإسباني بابلو هاسيل يُسجن على مدحه ستالين والاتحاد السوفياتي


مشعل يسار
2021 / 2 / 22 - 01:04     

====
اجتاحت أعمال الشغب والاشتباكات مع الشرطة عدة مدن في إسبانيا - وكل ذلك بسبب اعتقال الرجل الرجل مغني الراب الإسباني بابلو ريفادولا دورو المعروف باسمه الفني بابلو هاسيل الذي اقتبسه من اسم إحدى الشخصيات في مجموعة قصص من الأدب العربي، حين أكد أن "الاتحاد السوفياتي سيعود".

لقد اضطر عشرات من ضباط الشرطة، من أجل القبض على المغني الشجاع، للتهديد باقتحام مبنى جامعة لييدا التي تحصن فيها وأمضى الليل محاطًا بخمسين من أنصاره. لكنهم في النهاية استطاعوا اعتقاله. وقد صرخ هاسيل عند دخوله سيارة الشرطة بعد اعتقاله: "الموت للدولة الفاشية!" و"لن يسكتونا أبدًا!"

ولد بابلو ريفادوغليا في لييدا (لييدا هي النسخة الكاتالونية لاسم المدينة) في عام 1988. وهو، مثله مثل معظم الكاتالونيين، ليس متحمسًا لاستقلال كاتالونيا الذاتي ضمن المملكة الإسبانية، وهذا ينعكس في عمله المكرس بشكل أساسي لانتقاد العائلة المالكة وأنشطتها. والمواضيع الأخرى التي يتطرق إليها بنقده هاسيل هي بوضوحٍ الديمقراطيةُ الحديثة، التي يصفها بالطغيان.

لماذا يكره بابلو الملك الإسباني؟ الحكومة من وجهة نظره تستر على مكائد الملك المتقاعد الذي اضطر لمغادرة بلاده للاشتباه بتلقيه 65 مليون يورو بشكل غير قانوني من زملائه السعوديين وعدم دفع ضرائب عليها .

تعتقد وسائل الإعلام الإسبانية أن بابلو بدأ في سن مبكرة للغاية "قراءة الكتب" ونتيجة لذلك "تشكلت نظرته للعالم تحت تأثير شخصيات مثل فلاديمير ماياكوفسكي وجوزيف ستالين وتشي جيفارا". كان هذا طريق بابلو إلى الحزب الشيوعي الإسباني CPE (r) (الذي أعيد تأسيسه) في عام 1975 قبل أيام قليلة من وفاة الديكتاتور فرانكو - أي عشية بداية انتصار الديمقراطية التي فهمها بابلو حرفيا بقيمها المعلنة (على وجه الخصوص، حرية التعبير)، فقرر الاستفادة منها.
تحملت السلطات كل هذه التصريحات إلى أن قرر هاسيل الدفاع عن الأمين العام للحزب الشيوعي الإسباني مانويل بيريز مارتينيز، الذي تم سجنه لمدة 17 عامًا.

وُضع الرفيق أريناس (الاسم الحركي للأمين العام) وراء القضبان بسبب "انتمائه إلى مجموعة المقاومة المناهضة للفاشية "غرابو" (GRAPO)". وقد تم إنشاء المجموعة في عام 1975 (قبل بضعة أشهر من رحيل فرانكو إلى عالم الآخرة)، وأعلنت الماركسية اللينينية ومعاداة الفاشية أيديولوجية لها، وكان هدفها بناء "جمهورية شعبية واتحادية واشتراكية" في إسبانيا. وكعادة الغرب"الديمقراطي" الذي يكشف الآن عن وجهه الفاشي الحقيقي، تعتبر GRAPO منظمة إرهابية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

إن “GRAPO" هي مثابة "الجناح المسلح" للحزب الشيوعي. وقد نشطت في أواخر السبعينيات - أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. وقضى بفضل كفاحها ضد الرأسمالية الموروثة عن الفاشية حوالي 80 من ضابط الشرطة. وحصّلت المجموعة نفسها الأموال للقيام بمهامها من ابتزاز رجال الأعمال كما سطت ذات مرة على فرع من بنك. Banco del Noroeste

من تصريحات بابلو: "نشأت GRAPO للدفاع عن النفس من جور الإمبريالية وجرائمها"، "أفكر في الرصاصات التي لن يستطيع أن يصل إليها القضاة النازيون أبدًا". وتفسر المحاكم الإسبانية تصريحات بابلو هاسل على أنها دعاية للإرهاب. وتعتبره بحسب ما جاء في قرار المحكمة شخصاً يدعم الإرهاب ويمجده. لكنه هو نفسه لم يرتكب في الحقيقة أية أعمال إرهابية.

تصاعدت الإجراءات الداعمة لمغني الراب المعتقل إلى أعمال شغب في كاتالونيا
كان قد تم القبض على هاسيل لأول مرة في أكتوبر 2011، مباشرة تقريبًا بعد إصداره فيديو كليب تحت اسم Democracia su puta madre المكرس لمصير الرفيق أريناس. وحكم على مغني الراب بالسجن لمدة عامين "بسبب إشادته بالإرهاب في كلمات أغانيه".
في عام 2017، طالب مكتب المدعي العام بإضافة "خمس سنوات" أخرى بتهمة "إهانة التاج، وكذلك تشويه سمعة الدولة"على مواقع التواصل الاجتماعي. في عام 2018 حكم عليه بالسجن لمدة عامين ويوم واحد ثم تم تخفيف الحكم ليصل إلى تسعة أشهر، وتأخرت عملية تقديم الاستئناف والنظر فيه حتى يناير 2021. في هذا الوقت، بدأت وسائل الإعلام الإسبانية بتحليل "64 تغريدة وقولاً أودع السجن بسببها".

أقواله الأكثر إثارة للإعجاب هي:

"نشأت GRAPO دفاعًا عن النفس ضد جور الإمبريالية وجرائمها".
"رجل عصابة آل بوربون [الملك خوان كارلوس الأول] توافق مع النظام الملكي السعودي، وكان من بين أولئك الذين يمولون داعش. كل شيء لا يزال كما كان من قبل".
"إذا كان الناس يحبون النظام الملكي كثيرًا، كما تخبرنا السلطات، فليسمحوا للعائلة المالكة بالذهاب إلى شوارعنا من دون مصاحبة".
"أدا كولاو [عمدة برشلونة] لن يصف الملك بأنه مجرم على بيعه أسلحة للسعودية أو على رفاهية العيش على حساب فقر غالبية الناس".
"تم طرد عائلة أخرى من منزلها، بعد أن كانت قطعت المياه والكهرباء عنها من قبل: الرأسمالية هي البربرية، وأنا أشعر، بالطبع، بالحنين إلى الاتحاد السوفيتي."
"ستالين زعيم عظيم أرسل مسؤولين فاسدين إلى الغولاغ (GULAG) ويجب أن نستعيد المجتمع الذي حكمه! وبغض النظر عن التلاعبات التي يتخذونها في تفسير الأحداث التاريخية، فإنه لا يزال بطلاً في نظر ملايين الروس الذين يتوقون للتحرر من نير الرأسمالية وممن خانهم".
أنا مذنب لإدراكي أن الرأسمالية هي أصل المشكلة. انها تخدم مصالح حفنة من حيتان المال الذين يستغلوننا ".
"سيعود الاتحاد السوفياتي، سيعود بالتأكيد، لأن لا مستقبل بدون الاشتراكية. وسوف يسلك المزيد والمزيد من الناس طريق الشيوعية، وسيعمل المستغِلون في استخراج الخامات من مناجم سيبيريا ".
"الحركة النسوية لـ"المستغلين بتنورة" لا تمثل مصالح امرأة من الطبقة العاملة".

الصحافة الإسبانية الحديثة لها موقف خاص تجاه الاتحاد السوفياتي. فالصحف الكبرى في البلاد تصف بانتظام كيف أن الفرقة الزرقاء الإسبانية شاركت في ظل جهود بطولية بذلتها في صقيع الخنادق وأكل أي شيء استطاعت الوصول إليه، في الحصار النازي للينينغراد. وإذ بنا هنا أمام شاب يمتدح الاتحاد السوفيتي إياه الذي صمد في الحرب وانتصر.

في 13 فبراير، نظمت مظاهرة في مدريد، حيث ينتشر الحجر الصحي بحجة فيروس كورونا، لإحياء ذكرى المقاتلين "الزرق"، وتم توقيتها تزامنا مع تاريخ هزيمتهم النهائية في كراسني بور عام 1943. ولإقامة مسيرة لثلاثمائة نازي من يوفينتود باتريوتا دي مدريد (Juventud Patriota de Madrid - الشباب الوطنيون في مدريد)، تم الحصول على إذن رسمي من السلطات. وفي نفس الوقت يمنع على ثلاثة أشخاص التوقف للدردشة في الشارع. ولا يمكن الحصول على إذن لأي موكب بشكل عام (وفي ظل الحجر الصحي بشكل خاص).
المظاهرات العفوية مستمرة في عدة مدن في إسبانيا للمطالبة بالإفراج عن مغني الراب بابلو هاسيل كما تستمر دعوة الشرطة إلى "عدم استخدام العنف". فقد وقع حوالي 200 فنان في إسبانيا، بمن فيهم المخرج السينمائي بيدرو المودوفار والممثل الشهير خافيير بارديم، عريضة تطالب "بمراجعة قانون التشهير وعدم المساواة بين انتقاد الملكية والإرهاب".

لم تظل الاحتجاجات سلمية لفترة طويلة - فقد تصاعدت إلى اشتباكات مع الشرطة، باستخدام الزجاجات والحجارة "كسلاح للبروليتاريا" من ناحية وكرد حضاري بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي من ناحية أخرى، الرصاص الذي اقتلع حتى الآن عين شابة شاركت في التظاهرات. هذه هي ديمقراطيتهم التي أعموا بها أعين الأوروبيين والعالم منذ عشرات السنين.