الحب في ميزان الثقافة الاستهلاكية...!


عمران مختار حاضري
2021 / 2 / 14 - 08:20     

الحب في ميزان الثقافة الاستهلاكية :
الحب شعور أخلاقي جمالي و قيمة إنسانية ثابتة له أبعاده الذاتية و الموضوعية و أعمق من حصره وتعليبه في يوم معين و اقصوصة معينة :
لا ننكر أن عيد الحب أصبح مناسبة لتسويق مشاعر سطحية باهتة مغتربة غير موائمة مع الحب كقيمة إنسانية راقية مركبة متعددة الأبعاد... يتداخل فيها الفردي بالجمعي و الأخلاقي بالجمالي و الخاص بالعام... جرى تتفيه هذه القيمة بحكم تداعيات الثقافة الاستهلاكية التي املاها اقتصاد السوق و ما تشهده من استغلال اجتماعي و تشيء ( chosification ) و سلعنة و تسطيح للعلاقات الاجتماعية و الثقافية و الروابط الإنسانية و الساعية إلى محاولة تجريد غالبية البشر من خصائصهم الإنسانية الغامرة بالحب بمفهومه الواسع و الدفء و نقاء العقل و الإبداع و الجمالية و رقي الأخلاق... حيث يتم تعليب و تكييف عقل الإنسان و ذوقه و مشاعره باتجاه تحويله إلى مجرد " آلة" إنتاج واستهلاك قليل القدرة على التفكير و الحب و الإبداع حسب ما يوفره السوق من منتوجات تمس كافة مفردات الحياة بما فيها الروابط الإنسانية و العاطفية و الرومنسية التي زادت في تشوهها المنشطات الكيميائية و تعدد الأجهزة التقنية و الدفع باتجاه حصرها في مخاطبة الجسد والغرائز ... وازاء هذه الروح المجتمعية الموجهة سوقيا و اشهاريا و المبنية على شراهة التسلع المتمركز في الإنتاج وتداعيات الثقافة الاستهلاكية, لا يمكن أن ينجو من هكذا آثار سلبية متكلسة باهتة، غير المتمرد اللاممتثل القادر على تحرير نفسه من هكذا قيود وفرض مساحة من الحرية لأن الإنسان الذي لا يشعر بمساحة من الحرية ليس بوسعه أن يشعر بالحب و ينتصر لذاته و للقيم الإنسانية الراقية العادلة في كافة مفرداتها... و بالتالي الحب كخيار انساني غير خاضع "للسلعنة" و التشيؤ و التشوه... و في تعارض لما يسوق له في المجتمعات المتخلفة التي لا تفكر من كونه تجاوز للعادات و خروج عن المألوف ... !
من المفارقات العجيبة أن كلمة حب هي أكثر كلمة نستمع إليها في الأغاني وأكثر كلمة يعج بها تراثنا الأدبي و الشعري مثلها مثل كلمة الديموقراطية هي كذلك أكثر كلمة نقرؤها و يتم تداولها حكاما و محكومين في حين لا نتلمس كلتا الكلمتين في واقعنا المعاش ... !!