لماذا كتاب؟ البحوث اسرار!


سرمد السرمدي
2021 / 2 / 12 - 21:42     

ليس سرا ان هذا الاتجاه الذي اخترته للتعبير عن ما افكر به كحل مقترح ومنفذ من قبلي لما يمكن ان ادعوه مشكلة الباحث الذي يجد نفسه امام بعض البحوث ولديه بعض الملاحظات التي يمكن لها ان تكون ذات فائدة ما بالنسبة له على الأقل, من حيث كون هذه الملاحظات اولا بإمكان الباحث الاستناد عليها في انجاز بحوثه هو شخصيا, وثانيا ان هذه الملاحظات بحاجة هي ذاتها لتقييم حتى يعتمدها الباحث اساسا من القوة للدرجة التي يمكن البناء عليها في مسيرته العلمية شخصيا, والا كانت مجرد اراء شخصية لباحث دون نقاش حتى يتحول الرأي لفرضية مؤهلة للبحث فيها واستنتاج مايمكن ان تنتهي اليه عملية البحث بالشكل الأكاديمي بالضرورة, مع ان ما تقدم ليس بعيدا عن مهمة الباحث التقليدية الا ان طلب التقييم نادر جدا من قبل الباحثين تجاه اراءهم حول ما يتناولون من بحوث في اختصاصاتهم, وخاصة اذا ما نظرنا لكون التقييم لابد ان يتم باعلان الباحث رأيه, سواء باستبيان خاص او عام اومجرد طرح الرأي, ففي كل الاحوال هي تجربة نادرة, والا لكان انتشارها المفترض وفر ارضية نقاش علمي علني اوسع واثمر, لأن نشر ثقافة البحث العلمي أول مهمة لأي باحث, وهدف لكل بحث, ولهذا اساهم بتواضع على ان لا تكون البحوث اسرار.

ان الامر شخصي بحت, فكونك باحث لابد ان تقع في حيرة تساؤلاتك لحظة وصول جهد الآخرين اليك, فأن لم تبحث في كل ما تقرأ, عليك الالتزام على اقل تقدير بأمانتك العلمية من حيث كون ما قرأته يتفق مع ما تعرفه ام انك ستكون بعيدا عن هذا السؤال ويظل وصفك كباحث, لو اخترت الطريق الأصعب بأن تتجاوز ما لم تجد حكما لديك عليه من كل ما تتناول بالقراءة, فلابد انك توقفت عن القراءة بشكل عام ولم تعلم, لأن ما من مصدر يقع بين يديك الا ويثير لديك تساؤل يحيلك لمصدر اخر, سواء تعرفه مسبقا او ستبحث عنه مستقبلا, بالتالي لابد من روابط تضمن علمية طريقة التفكير التي تنتهجها في تناولك لأي معلومة, ولا حاجة هنا لتكون باحثا حتى لا تضيع عليك متعة القراءة اولا ولكي لا تتوقع ان هذه القراءة الممتعة ذاتها كانت للمتعة, ان الامر اقرب الى الفعل اللاارادي لو تمرست عليه, وقتها لن يكون لديك متسع من الوقت لتفكر في كونك كنت باحثا في المصدر ام لا, وانا انقل تجربة شخصية لأبين كيف ان القراءة لوحدها ليست دليل معلوماتك المعتمد حين يأتي وقت مبارزة في الثقافة, فكل ما هو مطلوب مني الالتزام بما يمكن ترجمته لأرقام في معادلة, لا يوجد غير الذي لايريد للعلم ان يحكم في هكذا نقاش هو فقط من سيعترض, وانت لست بحاجة لتكون احد المعترضين ولا حتى من يستند الى اراءهم الغير علمية, ومهما كانت مفردة علمية هذه مبهمة, مطواعة, قابلة للاستخدام من قبل كل الاطراف, الا ان المعادلة التي يستند عليها التفكير العلمي لا شك توفر بعض اليقين, الى حين توفر الأفضل, وهنا يمكنني القول بأن من يتقبل نسبية صحة رأيه, باحث.

كيف يمكن لنا ان نعتبر ان هنالك نهاية لما قد يعتبر بحثا منشورا, او غير منشور, اوليس هذا البحث استند الى بحوث سابقة ادت الى وجود ضرورة له, وفي احوال كثر يكون وجوده لحاجة سببها انعدام بحوث سابقة في موضوعه, اليس من الغريب اعتبار هذا البحث او ذاك نهاية لا قبلها ولا بعدها مع انه ينتهي باقتراحات وتوصيات, بل ان نتائج البحث واستنتاجاته هي ذاتها مفاتيح بحوث لاحقة, لا اعلم كيف ينظر بعض الباحثين الى ان انجاز بحث هو النهاية !, مع ان الباحث ليكون سعيدا لو ان نقاشا تم حول بحثه الى الابد, بوصفه اثار تساؤلات دونا عن باقي البحوث, لابد له من ادراك اهمية ما قام به في الوقت الذي يكون فيه بحثه بداية للنقاش تثمر نسبيا بانجاز بحوث اخرى تتسع لتجد سبيلها دونما يدرك احيانا من انجزوها انهم تحت تأثير نقاش علمي حول بحث سابق, للدرجة التي لا يمكن معها ذكر هذا النقاش او البحث في الدراسات السابقة, لعدم وجود علاقة مباشرة, لكن نظرة سريعة على موضوعات البحوث تكفي لمسك خيوط التقارب فيما بينها, لهذا يشدد الاستاذ على الطلبة لحضور جميع جلسات المناقشة لنيل درجة الماجستير والدكتوراه, ولابد من الاشارة الى ان من شروط هذا النقاش ان يكون علنيا, وليس من دليل اوضح على اهمية النقاش العلني حول بحث علمي !.

شخصيا لا أجدني باحثا دون نقاش علني, فليس هنالك من حدود لقدرات الآخرين من غير الاختصاص استطيع معها القول ان نقاشهم لن يضيف لي شيئا جديدا, ولست معتقدا بسرية بحث منشور, فلا دليل على ان الرأي المخالف يطعن الرأي الأصح, وثبات الفكرة رهن بصمودها امام النقد, ولا نقد لفكرة بمهين لمفكر, ولا نقاش لبحث يمكن ان يسيء لشخص الباحث, ما يسيء للباحث هو ان لا يبحث بكونه باحث, سواء فيما يتقبل دون بحث من قبله لكل معلومة, او فيما يطرح من معلومة متأملا عدم بحث الآخرين فيها, فتحقق صفته كباحث رهن ببحث الآخر في ما يطرح, والا ما الهدف من نشر البحث ان لم يناقش, فتحقق صفة العلانية في نشر المعلومة والنقاش حولها, هي ضمان لنشر النتاج الأكاديمي بما يؤسس لتطور المجتمعات وتقدم التفكير الإنساني, على مستوى الفنون خاصة, فمسرحيا, لم أجد للبحث العلمي طريقا للفنان المسرحي, إلا باعتباره مادة للبحث من قبل الباحث, باعتبار إن الفن موهبة, يساهم في تطويرها المجتمع الأكاديمي, وهذه المساهمة نظرية وعملية الطابع, وهي لاشك تقدم حصرا لطلبة الفنون, وارى ضرورة توضيح مايتناوله البحث الأكاديمي للفنان والجمهور معا, لكي تمنح المعلومة أبعادا أوسع لمناقشتها, ولاشك فائدة اكبر لكل من الفنان والجمهور, فضلا عن الباحث, سواء أكان النقاش يطرح في مقال, كتاب...الخ., كل ما يمكن استخدامه للوصول الى تحقق صفة الباحث من خلال سعيه لتحقيق هدف البحث العلمي.

هذه هي القصة باختصار, فلابد لهذا النقاش ان يحتدم ليصل مرحلة التصادم مع كل المعترضين, ومهما كانت هذه الآراء التي يتداولها البعض بل والمحاولات التي تجرى لإيقاف هذا التوجه من قبلي, بحجة انه يسيء لشخص الباحث, فلا اجد مبررا يمنع ان ادعوا كافة الباحثين ومن كافة الاختصاصات بأن يفتحوا ابواب النقاش الموصدة دون سبب علمي حول البحوث التي تنشر في كافة المجالات, لتعم الفائدة الجميع وأولهم من هم ابعد عن هذه البحوث والذين يفترض ان تكون هذه المخرجات الأكاديمية لخدمتهم واقصد افراد المجتمع, الذين لابد ان يصلهم كل ما يدفع بالتطوير لقدراتهم ووعيهم ويساهم في حياة أفضل, انطلاقا من واقع أوضح !.