من أجل تذكية الصراع الاجتماعي و التنبه إلى تلاشي الحراك الشعبي الاحتجاجي...!


عمران مختار حاضري
2021 / 2 / 11 - 20:40     

من أجل تذكية الصراع الاجتماعي و التنبه إلى تلاشي الحراك الاحتجاجي الشعبي :
* الاشاعات و الصراعات الهامشية و المناكفات السياسية بين أجنحة اليمين النيوليبرالي بشقيه الاسلاموي الظلامي و الحداثوي الزائف لا هدف لها سوى تمييع الصراع و تلهية الشعب عن مشاغله الحقيقية و محاولات إخماد الصراع الاجتماعي المحتدم و حرف التناقض الرئيسي عن جوهره الحقيقي...
* يبقى باعتقادي المتواضع أن مجتمع الحرية و التكافؤ و العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروة ... يشكل البوصلة و قطب الرحى في المنظومة الفكرية اليسارية بصفة عامة، المنتصرة للشعب و انتظاراته و الوطن و سيادته خارج الشعارات الليبرالية الضبابية و الحلول الترقيعية و المبادرات الحوارية التي لا تتخطى بشكل أو بآخر المربع المسموح به في رقعة المنظومة الحاكمة العدوانية المتهالكة ...
* عندما تفشل الثورة نتيجة عوامل ذاتية و موضوعية في إختيار قيادة شعبية ديموقراطية تكفل سيادة الوطن و تلبي مطالب الثورة و انتظارات الشعب يصبح بعض البسطاء من عامة الناس أكثر استعداداً للمخاطرة إذا قدمت لهم خيارات سيئة فقط...! و تتيح أمامهم أوضاعاً ربما تضطرهم على الخيار بين السيء و الأسوأ في ظل هشاشة بديل شعبي ديموقراطي حقيقي ، يتصدى بكافة الأشكال النضالية المتاحة و في مقدمتها الشارع و الانصهار في الحراك الاحتجاجي و الحرص على تنظيمه و تاطيره ضد منظومة حكم متهالكة و خياراتها النيوليبرالية المدمرة و آثارها الكارثية على الشعب و الوطن...!
* وبالتالي لا مجال للسقوط في المفاضلة و الاصطفافات الهلامية التي تسهم بشكل واعي أو لاواعي في حرف التناقض الاجتماعي الرئيسي عن جوهره الحقيقي في الحرية الأساسية و المساواة و تكافؤ الفرص و التوزيع العادل للثروة و الرعاية الصحية و الاجتماعية و ما تعنيه العدالة الاجتماعية في كافة مفرداتها...
* الشعب لما ينزل إلى الشوارع ، تحركه أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المعيشية المزرية تحديداً التي لم يعد يتقبلها و يحتمل التعايش معها في ظل سياسة الاءفقار و التجويع و تحويل الشعب في غالبيته إلى متسولين نسقيين لتحسين أوضاعهم... و المفارقة العجيبة في وجود بعض النخب و المنظمات الوازنة التي لا تكتفي بعدم الانصهار في الحراك الشعبي و تجاهل المطالب الاقتصادية والاجتماعية بل تنخرط بشكل أو بآخر في التنفيس على المنظومة الحاكمة و اعطاءها جرعة اكسجين عبر المبادرات الحوارية و شعارات مخادعة حول "السلم الاجتماعي" و التخويف من "عدم الاستقرار و تلاشي الدولة" ...!
* أطراف النزاع المتصدرين للمشهد السياسى و البرلماني الراهن، كلهم نيوليلراليون و مع حرية اقتصاد السوق و منخرطون طواعية في فخ صندوق النقد الدولي و شروطه الكارثية و غير قابلين حتى بالحد الأدنى من شروط دولة الرعاية في طابعها الشكلي الهش على النمط الأوروبي و التي جرى و يجري تفكيكها قصديا و تفكيك ما تبقى من بعض المكتسبات الصحية و الاجتماعية و التعليم العمومي لفائدة لوبيات الاستثمار الخاص...!
* وبالتالي من هذا المنظور الشعبي و الديموقراطي الاجتماعي، لا فرق بين بن علي و المرزوقي و الباجي و قيس سعيد و المشيشي و الغنوشي و نبيل القروي و عبير موسي... كلهم نيوليبراليون حتى النخاع و كلهم مع اقتصاد السوق التبعي الرث و كلهم مع هيمنة أقلية كمبرادورية على ثروات البلاد و سيطرة اللوبيات...
*لذا على اليسار الديموقراطي الثوري و الوطني الناهض المتمسك بجوهر التناقض الاجتماعي و المؤمن بالثورة و بالعدالة الاجتماعية و بسيادة الشعب و استحقاقاته أن يستلهم الدروس و يتعلم من أخطائه و يبني قدراته الذاتية حول مشروعه المستقل الجامع المنتصر للثورة و تصحيح مساراتها و الحرص على تنظيم الحراك الشعبي و استمراريته و حمايته من التلاشي و السكون و تاطيره و مقاومة مظاهر اللبرلة و العفوية و الانخراط في الاصطفافات و الصراعات الهاشمية بين أجنحة المنظومة اليمينية و المهم الحرص الجاد على توحيد طاقاته و مركزة التحركات و الاحتجاجات و البدائل... و صياغة التكتيكات المناسبة في ضوء استراتيجية واضحة صوب التغيير الجذري المنشود شعبياً و الذي يطال كلية المنظومة القديمة المرسكلة برمتها...!
*فالمنظومة النيوليبرالية التبعية بتمثلاتها الاسلاموية و الحداثوية الزائفة كما الشعبوية المحافظة لديها إستعداد تام أن تذهب معك لمناقشة مسائل هامشية و تجرك إلى معارك ثانوية و صراعات شعاراتية غوغاءية و مبادرات حوارية ... لكنها لا استعداد لها إطلاقا لمراجعة الخيارات القديمة المازومة التي أنتجت الثورة أو التخلي عن المنوال التنموي التبعي الهش و نمط الإنتاج الخدمي البنكي الريعي الرث الذي أوصل الاقتصاد إلى الإفلاس و جوع الشعب و حول غالبيته العظمى إلى متسولين نسقيين و خلق أزمة اجتماعية غير مسبوقة أكثر خطراً من الذي حصل في اليونان... أو التخلي عن الاتفاقيات المشينة و الاملاءات من صناديق النهب و الجهات المانحة الناهبة للثروات و المنتهكة لأبسط مقومات السيادة ...!
*كل ثورة تفرض منتهاها و منتهاها في الفوز بالحكم...

عمران حاضري
31/1/2021