الحلقة الرابعة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغربية من التأسيس (1970) إلى الحل العملي (1994) كرونولوجيا سياسية محاولة تفصيلية وشاملة


موقع 30 عشت
2021 / 2 / 6 - 17:59     

الجزء الثاني: المرحلة التحريفية 1980 ـــ 1994

من الانفجار التنظيمي سنة 1979 واستيلاء الخط التحريفي على قيادة التنظيم سنة 1980 إلى الحل العملي للمنظمة سنة 1994.

إشارة:
بالاعتماد على إصدارات موقع 30 غشت، يمكن تقسيم هذه المرحلة التحريفية من تاريخ منظمة "إلى الأمام" إلى طورين:
طور أول: من الانفجار التنظيمي سنة 1979 واستيلاء الخط التحريفي على قيادة التنظيم سنة 1980 إلى ضربة 1985.
طور ثاني: من ضربة 1985 إلى الحل العملي سنة 1994.

تذكير:
من المعلوم أن السنوات الأخيرة من المرحلة الأولى من تاريخ منظمة "إلى الأمام"، تحديدا سنة 1979، عرفت بروز صراعات إيديولوجية، سياسية وتنظيمية بين الخط الثوري لمنظمة "إلى الأمام" من جهة، وبين تيارات يمينية انتهازية وعمالوية تصفوية من جهة ثانية. فبعد صدور قرارات يونيو 1977 من طرف اللجنة القيادية للمنظمة بالسجن المركزي، وهي القيادة التي تشكلت في مارس 1977 عند وصول المعتقلين السياسيين إلى السجن المركزي بالقنيطرة بعد المحاكمة الشهيرة في يناير / فبراير 1977 (تضم هذه اللجنة القيادية كلا من : ادريس بنزكري، فؤاد الهلالي، محمد السريفي، أحمد آيت بناصر وإدريس الزايدي.)، والقاضية بطرد بعض أعضاء المنظمة من الذين تعاملوا مع الأجهزة القمعية ضد المنظمة ومناضليها، وبتوقيف بعض أطرها وقيادييها (المشتري بلعباس، عبدالله المنصوري، عبدالله زعزاع، عبدالفتاح الفاكهاني...) ومطالبتهم بتقديم نقد ذاتي عن كل ممارساتهم خلال فترة الاعتقال السري (المشتري والمنصوري رفضا تلك القرارات ورفضا تقديم النقد الذاتي)، انطلقت، من جهة، سيرورة المعارك داخل السجون التي عملت اللجنة القيادية بالسجن المركزي على الإعداد لها والإشراف عليها وقيادتها (معركة 8 نونبر 1977 التي استشهدت خلالها سعيدة لمنبهي في 11 دجنبر، وقبلها معركة يونيو 1977 لإرجاع السريفي إلى المجموعة، ثم معركة "سن قانون المعتقل السياسي" في فبراير 1978 التي على إثرها تم تشتيت المعتقلين...)، ومن جهة ثانية، سيرورة بروز أطروحات الخط اليميني الانتهازي (صدور وثيقة "موضوعات حول الوضع السياسي"، وثيقة "نقد نظرية الثورة في الغرب العربي"، و بعد ذلك "البرنامج الانتقالي، مهمات الوضع السياسي، إعادة البناء وتقييم تجربة 77/78")، وهو الخط الذي رفض سابقا القرارات التنظيمية، ورفض المشاركة في بعض المعارك السجنية، ورفض الدفاع عن مواقف المنظمة خلال محاكمة يناير 1977. هكذا انتهى هذا الصراع بانهزام الخط اليميني الانتهازي في معركة أبريل 1979 التاريخية، وذلك بعد عودة المعتقلين السياسيين للسجن المركزي، وبهذا الانتصار يكون الخط الثوري قد عاد لمواقعه القيادية، لتنطلق حملة التشهير والإشاعات (الاتهام بسرقة 18 مليون..."الستالينية"...) في محاولة لنزع المصداقية عن اللجنة القيادية وزرع النزاع والفوضى وسط الخط الثوري.
إن هذه الفترة، بعد معركة أبريل 1979، هي من أعقد فترات الصراعات الداخلية وسط منظمة "إلى الأمام"، حيث في الوقت الذي انهزم فيه الخط اليميني الانتهازي، برزت مجموعات أخرى على واجهة الصراعات، وبدأت بوادر انقسام داخلي وسط الخط الثوري قاده النوضة، آيت بناصر والسريفي، وعلى الخصوص بروز مجموعة الخط العمالوي التصفوي الذي سيدعو لاحقا إلى حل التنظيمات الماركسية ــ اللينينية باعتبارها من وجهة نظره برجوازية صغيرة، ودعوته الالتحاق بشكل فردي بالطبقة العاملة. لقد قاد هذه المجموعة التصفوية كل من عبدالله زعزاع وعبدالفتاح الفاكهاني (أصدر هذا الخط في هذه الفترة وثيقة "الحد الفاصل بيننا"). هكذا تم التركيز من قبل الخط الثوري، بعد معركة أبريل 79، على الصراع ضد الخط التصفوي، الذي تحالف ظرفيا مع الخط اليميني الانتهازي لإصدار بيان تجميد العضوية في يونيو 1979 (52 توقيعا)، حيث ما لبث أن انفض هذا التحالف الظرفي بعد إصدار المجموعة التصفوية لوثيقة "بيان تصحيحي". وحدث أن كان من خلف ستار هذه الهجومات على الخط الثوري للمنظمة والحملات التشهيرية بمناضليه، أبراهام السرفاتي (قدم نقدا ذاتيا في 17 مارس 1980 حول العديد من ممارساته لسنة 1979) الذي لعب أدوارا مزدوجة من فترة لأخرى، بهدف عزل اللجنة القيادية للخط الثوري، وذلك منذ وصوله إلى السجن المركزي في يناير 1979 والتحاقه المباشر حينها بالخط اليميني الانتهازي، إلى دفاعه عن بيان التجميد ليونيو 1979 من دون التوقيع عليه، وهو الذي جٌمدت عضويته من طرف اللجنة القيادية بالسجن، بعد تجميده لعضويته في المنظمة المركزية بالسجن المركزي في ماي 1979 تحت غطاء "نظرية التوجيه والتسيير". وللتذكير، فالمنظمة المركزية تضم مجموع الخلايا المشكلة من الأعضاء الكاملي العضوية، وتحيط بها حلقات من اللجان التي تضم مناضلي المنظمة من غير أعضاء التنظيم المركزي، وعلى رأس هذا الكل (المنظمة المركزية واللجان) توجد اللجنة القيادية التي تشكلت في مارس 1977 مع وصول المعتقلين السياسيين إلى السجن المركزي بالقنيطرة، وهي التي أصدرت قرارات التوقيف والطرد بالسجن في يونيو 1977.
خلال هذه الصراعات المتداخلة، برزت مجموعة قديمة ــ جديدة، أرادت اللعب على حبل "الشرعية التاريخية" باسم عضويتها في القيادة الوطنية لما قبل محطة النقد والنقد الذاتي (20 نونبر 1972)، حيث انطلقت هذه المجموعة الثلاثية، ك "قيادة جديدة" هذه المرة، لما سيسمى لاحقا ب"قيادة مسلسل إعادة البناء"، مستغلة مواقعها التنظيمية السابقة والوضع التنظيمي الانفجاري الذي أنتجته الصراعات الداخلية، في محاولة / مناورة لجمع ما لا يقبل الجمع، وتحت مسمى فتح المفاوضات مع رموز المجمدين لأجل عودتهم إلى مواقعهم التنظيمية السابقة، وهي المفاوضات التي اشترطها أبراهام السرفاتي على أصحابه من "القيادة السابقة" لأجل عودته في شتنبر 1979، والتي انتهت كما هو معلوم بالفشل، وعلى الخصوص إلى صدور قرارات 12 نونبر التاريخية التي وضعت حدا نهائيا للتيارين اليميني الانتهازي والعمالوي التصفوي. لقد لعب هذا الدور / المناورة كل من عبدالحميد أمين (معتقل منذ ماي 1972)، علي فقير (في السجن منذ يونيو 1972 ومطالب بتقديم نقد ذاتي وفق ما جاء به تقرير 20 نونبر 1972) وأبراهام السرفاتي (اعتقل في ظروف غامضة يوم 9 نونبر 1974، ثم وضع في عزلة سجنية لمدة سنتين تقريبا، ابتداء من صدور الأحكام في فبراير 1977 إلى يناير 1979 تاريخ وصوله للسجن المركزي والتحاقه المباشر حينها بالخط اليميني الانتهازي).
عرفت هذه الفترة، منذ بروز الصراع ضد الخط اليميني الانتهازي إلى نهاية سنة 1979، صدور مجموعة من الوثائق:
ــــ "تحليل سياسي حول الوضع السياسي"، موقع من طرف أربعة رفاق الخط الثوري (الهلالي، الزايدي، الأبيض وكرطاط) وهو بمثابة رد على الأطروحات التي جاءت بها وثيقة "موضوعات حول الوضع السياسي" للخط اليميني الانتهازي.
ــــ وثيقة (لا تحمل عنوان) تدعو لحل فصائل الحملم، وهي وثيقة صادرة من طرف الخط العمالوي التصفوي (منشورة بموقع 30 غشت، ضمن وثائق الخط العمالوي التصفوي).
ــــ "وضعية المنظمة والمتطلبات العاجلة لإعادة البناء"، "المهام العاجلة لمنظمتنا"، وتعودان للمجموعة التي ستطلق "مسلسل إعادة البناء" حيث دشنت بهما مرحلة استيلاء هذه المجموعة على قيادة التنظيم، وانطلاق سيرورة التخلي عن مرتكزات الخط الاستراتيجي للمنظمة.
في أواخر سنة 1979 دائما، اكتملت سيرورة الانقسام داخل الخط الثوري، وذلك بالتحاق النوضة وآيت بناصر ب قيادة مسلسل إعادة البناء"، وانطلاق مسلسل الهجوم على الخط الثوري الذي رفض الالتحاق بذاك المسلسل ومشروعه، وبقي متشبثا بموقفه في "التقييم الشامل كحلقة مركزية في سيرورة إعادة البناء".
أصبحت تشكيلة "قيادة إعادة البناء" إذن تتكون من كل من: عبدالحميد أمين، علي فقير، ابراهام السرفاتي، عبدالرحمان النوضة وأحمد أيت بناصر و ادريس بن زكري.
عرفت سنة 1980 استمرار الصراع وسط منظمة "إلى الأمام"، صراعات سياسية وإيديولوجية بين مجموعة "مسلسل إعادة البناء" وبين الخط الثوري، كان جوهرها طبيعة "تقييم التجربة وإعادة البناء"، حيث دافع الخط الثوري عن ضرورة "التقييم الشامل للتجربة كحلقة مركزية في سيرورة إعادة البناء"، في حين طرحت مجموعة "القيادة الجديدة" "بناء حد أدنى تنظيمي يرتكز على تصور أولي للمهام ... يتم فيه اللجوء إلى تقييم جزئي كلما طرحت عملية بناء جزئية". هكذا كان تصور "القيادة الجديدة" لما أطلقت عليه ب "مسلسل إعادة البناء"، والذي يعبر بوضوح عن جزئية معرفة هؤلاء بتجربة المنظمة، وعن عدم الإلمام بكل الدينامية الداخلية، سياسيا وتنظيميا واستراتيجيا، تحديدا للطور الثاني من المرحلة الثورية للمنظمة (الفترة بين تقرير 20 نونبر ومسلسل اعتقالات نهاية 74 / بداية 75) التي عجت بها تجربة المنظمة في ارتباط وثيق بدينامية الحركة الجماهيرية.
في إطار هذه الصراعات الداخلية إذن، صدرت مجموعة من الوثائق (انظر لائحة وثائق الخلاف داخل منظمة "إلى الأمام" على موقع 30 غشت)، شكلت فيها وثيقة "بيان توضيحي حول الإشاعات الأخيرة" في 16 شتنبر 1980، الحد الفاصل بين تيار الخط الثوري للمنظمة، ومجموعة "القيادة الجديدة".
في الواقع، لقد سهر "الثلاثي": أمين، علي والسرفاتي وسط تلك "القيادة الجديدة"، على بسط وفرض خط إصلاحي منذ نهاية سنة 1979، رغم كل المحاولات التي قام بها مناضلو الخط الثوري لوقف سيرورة الانحراف اليميني التي انطلقت وسارت عليه تلك "القيادة" (نذكر هنا "بيان إلى عموم الرفاق" في 9 يونيو 1980 الذي أصدره تيار الخط الثوري لتنبيه وتحميل مناضلي المنظمة المسؤولية لمواجهة الانحراف اليميني ل "القيادة الجديدة")، وبعد ذلك رغم مجموعة من الانتقادات من داخل تلك "القيادة"، التي بلورها أحد رفاقهم فيها: النوضة. انفردت إذن هذه "القيادة" بالتنظيم، وطرحت تصورها وخطتها ل "إعادة البناء"، إلى حين أن انفجرت بسبب تناقضاتها الداخلية، وذلك بعد أن أرست دعائم خط سياسي يميني، "لا استراتيجي"، بعد التخلي عن الخط الاستراتيجي للمنظمة.
هكذا، وبمجرد خروجه من السجن سنة 1984، بعد ما سمي ب "ندوة فرع الداخل" في يناير سنة 1983، لم يلتحق أحد قادة "إعادة البناء"، عبد الحميد أمين، بالمنظمة، وقبله رفيقه في "قيادة إعادة البناء"، علي فقير الذي التحق ب "الج.م.ح.إ" بعد خروجه من السجن، مع ما صاحب ذلك من توقيعات مشبوهة تتعهد بعدم العودة إلى أي عمل سياسي، بالإضافة إلى تقديم لوائح عن طريق "دانييل ميتران" (صديقة زوجة السرفاتي) طلبا للعفو من الحسن، تضم بعض أسماء قادة "إعادة البناء": السرفاتي، آيت بناصر، بنزكري، هذا الأخير انسحب من المنظمة... وتضم كذلك عناصر أخرى: عبدالله زعزاع، عبدالله الحريف وعناصر من "23 مارس" و "لنخدم الشعب". في حين انسحب النوضة عبدالرحمان بعد ضربة 1985، وهي كما هو معلوم، الضربة التي على إثرها لم يعد للمنظمة تحت "قيادة" الخط التحريفي أي وجود بالداخل وخارج السجن، ما عدا فرع الخارج: فرنسا الذي بقي وفيا لخط "إعادة البناء" وتحت "قيادته" التحريفية، في حين رفض فرع بلجيكا منذ البداية الاعتراف ب "قيادة إعادة البناء". على إثر كل هذا، انفرد السرفاتي لوحده، ومن ورائه تلامذته من الجيل الثاني، في إتمام مسلسل البناء السياسي التحريفي لما بعد 1985، والذي لم يكن في الواقع إلا تصفية الخط الاستراتيجي، الإيديولوجي، السياسي والتنظيمي للمنظمة وكل إرثها الكفاحي الثوري، إلى أن تم الحل العملي ل "إلى الأمام" تحت قيادة الخط التحريفي بعد آخر اجتماع لفرع باريس منتصف سنة 1994.
إن مجمل تلك الصراعات وسط منظمة "إلى الأمام"، أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، كانت تجري بعيدا عن معمعان النضال والمعارك الجماهيرية، كانت تجري فقط في قلب السجون وبعيدا عن دينامية الحركة الجماهيرية، وخارج أية علاقة وممارسة مع الجماهير. فهذه الأخيرة، وفي الوقت الذي كانت فيه "القيادة الجديدة" تدبج فيه طروحات "مسلسل إعادة البناء"، أبانت (الجماهير) عن قدرات نضالية جبارة، وعن شجاعة عظيمة في مواجهة مباشرة مع الأجهزة البوليسية القمعية والعسكرية الإجرامية للنظام، عبرت عنها في هذه الفترة الانتفاضة الشعبية المجيدة في 20 يونيو 1981 (وهو ما سنلاحظه من خلال هذه الكرونولوجيا السياسية). بعد ذلك، وحين أرست "قيادة إعادة البناء" أسس خطها الإصلاحي "اللا استراتيجي" فيما سمي ب "ندوة فرع الداخل" نهاية يناير 1983، وتخلصها من الخط الإيديولوجي والسياسي والاستراتيجي للمنظمة إبان مرحلتها الثورية، كانت الجماهير تخوض نضالات عظيمة توجتها بالانتفاضة الشعبية المجيدة في يناير 1984، والتي ووجهت بالرصاص والمقابر الجماعية والمعتقلات. وحين تحطم "مسلسل إعادة البناء" سنة 1985، بعد أول وآخر ظهور له في "الساحة" (منشور واحد موجه للجماهير خلال خمس سنوات)، كانت الجماهير تصلب من مقاومتها في المعامل والبوادي والأحياء الشعبية والجامعات، وتواجه سياسات النظام التصفوية ... إلى أن فجرت الجماهير انتفاضة 14 دجنبر 1990 المجيدة، والتي ووجهت هي الأخرى بالرصاص والمدافع، وخلفت المئات من الشهداء والمفقودين والمعتقلين، والآلاف من المصابين... وبعد كل هذا وذاك، وفي ظل المساومات والمؤامرات ضد الجماهير ومن ورائها، انخرط خط "إعادة البناء"، بعد قطيعته النهائية مع التجربة الثورية للحملم، فيما سمي ب "التجميع" التي تلت سياسة "العفو" عن المعتقلين في دفعات. انتهى هذا "التجميع" والمنخرطين فيه إلى الباب المسدود، وذهبت كل مجموعة إلى حالها، تستجمع أوراقها وتهييئ ملفاتها لمباشرة العمل السياسي المرخص، "القانوني والشرعي"، في ظل دستور وقوانين النظام الكمبرادوري. وهو ما فرض على دعاة "تجديد الفكر السياسي للحملم" الحل العملي لمنظمة "إلى الأمام"، والانطلاق نحو تأسيس تيار ديمقراطي جذري ينهل من خليط من الفكر "الاشتراكي" والفكر اللبرالي والحقوقي.

الطور الأول من المرحلة التحريفية (1980 ــ 1985)

من الانفجار التنظيمي 1979 واستيلاء الخط التحريفي على قيادة المنظمة 1980 إلى ضربة أكتوبر 1985.

إشارة: تعتمد الكرونولوجيا السياسية لهذا الطور على التواريخ التي حملتها الوثائق الصادرة بشكل رسمي على صفحات السلسلة الجديدة من "نشرة الشيوعي" و "مجلة إلى الأمام" السلسلة الجديدة، التي أصدرتها "قيادة إعادة البناء"، من دون أن ننسى طبعا، الخوض في أهم الأحداث السياسية التي طبعت هذه المرحلة، والتي تبرز بشكل واضح أن عملية "مسلسل إعادة البناء" جرت في واد جاف غير ذي ماء، وفي وعاء خال من روح حركة النضالات والانتفاضات الجماهيرية الشعبية.
• 23 شتنبر 1979:
صدور وثيقة معنونة ب: "وضعية المنظمة والمتطلبات العاجلة لإعادة البناء: البرنامج الوطني" موقعة باسم اللجنة الوطنية. وهي من أولى وثائق "قيادة إعادة البناء"
أهم محاور الوثيقة:
1 ــــ أولوية البناء التنظيمي في خط "إعادة البناء":
تقول الوثيقة أن "مسألة إعادة بناء المنظمة هي مهمة مزدوجة، تعني من جهة بناء تنظيميا ومن جهة ثانية بناء خطها السياسي..."، وطرحت بهذا الصدد تساؤلها حول "كيفية التعامل مع هذه المهمة المزدوجة؟" وكيفية "معالجة التناقض بين البناء التنظيمي والبناء السياسي"، وتحديد الأولوية في عملية إعادة البناء؟ جاء جواب الوثيقة حول هذه المسألة كالتالي: "إن مثل هذا التناقض يجد حله الصحيح، إذا نظرنا إلى إعادة البناء كمسلسل، مسلسل البناء التنظيمي والسياسي للمنظمة، والذي يتم خلاله البناء التنظيمي والسياسي، وينطلق من حد أدنى من البناء التنظيمي (على أساس تصور أولي لمهام المنظمة: ضرورة توحيد الفروع، الأولوية للتجذر داخل الطبقة العاملة...)، وهذا الحد الأدنى، يمكن المنظمة، من جهة، من ممارسة نشاطها الفعلي في الساحة النضالية، ويمكن جميع فروعها في المساهمة الفعلية في بناء الخط السياسي. وهكذا يستمر البناء التنظيمي والبناء السياسي في تفاعل فيما بينهما ... وفي هذا المسلسل من البناء التنظيمي والسياسي للمنظمة سيأتي المؤتمر كحدث بارز يسجل خلاصات الإنجازات السياسية والتنظيمية الحاصلة وللدفع بالمسلسل لإنجاز حلقات جديدة".
تقوم إذن عملية "إعادة البناء" أساسا / أوليا على "بناء حد أدنى تنظيمي..."، وهو ما يعني أن هذا "المسلسل" الذي يحركه تناقض التنظيم ــــ الخط السياسي، يمنح الأسبقية للتنظيم، في حين يبقى بناء الخط السياسي ثانويا. ومعلوم أن التنظيم المعني هنا، هو تنظيم تعرض للقمع الشرس والتخريب والتفتيت (فترة الانفجار التنظيمي وبروز التيارات الإصلاحية والتصفوية ونتائجها الكارثية على المنظمة)، وأصبح يفتقد للوحدة الإيديولوجية بعدما انتشرت في صفوفه مجموعة من الأفكار والإيديولوجيات التي تنهل حتى من الفكر اللبرالي. هكذا أصبحت "ممارسة النشاط في الساحة النضالية" هي الهدف الرئيسي في هذا المسلسل، أي أن الحركة كل شيء والهدف لا شيء، أما الخط السياسي والنظري فلا وجود لهما، أو هما في مستوى ثانوي، أقل أهمية من البناء التنظيمي الجزئي.
2 ـــ "مسلسل إعادة البناء" وأسلوب تقييم التجربة:
في إطار "مسلسل إعادة البناء"، طرحت مهمة تقييم تجربة منظمة "إلى الأمام" و الحملم، كإحدى المرتكزات الأساسية لهذا المسلسل، وفي هذا الصدد، قدمت الوثيقة منظورها للتقييم ارتباطا ب "إعادة البناء" الذي حددت الوثيقة سابقا أولويته في "بناء حد أدنى تنظيمي"، وطرحت مفهوم "التقييم الجزئي كلما طرحت عملية بناء جزئية"، حيث "يكتمل مسلسل التقييم باكتمال مسلسل البناء" حسب الوثيقة.
أصبح مشروع "إعادة البناء" إذن، يعتمد على حد أدنى من البناء التنظيمي الموافق لتصور أولي لمهام التنظيم، وعلى حد أدنى من التقييم بأفق ضمان موقع في "ساحة النضال" (الحركة).
جاءت الوثيقة كذلك بمحاور وشعارات أخرى "حول دور القيادة الوطنية" و"مفهوم الوحدة" و"المركزية الديمقراطية" ودورها في "مسلسل إعادة البناء"، حيث تحت غطائها انفردت هذه "القيادة الجديدة" بكل ما يتعلق بهذا "المسلسل"، مع إقصاء وجهات النظر المخالفة لها، مثال وجهة نظر "التقييم الشامل وإعادة البناء" (لمعرفة تفاصيل هذا "المسلسل" يستحسن العودة لدراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام" " المنشورة على موقع 30 عشت.).
• خريف 1979:
صدور وثيقة للخط العمالوي التصفوي، والوثيقة الأصلية لا تحمل عنوان. (للاطلاع انظر ملفات موقع 30 غشت ــ الوثيقة الأولى من ملف الخط اليسراوي العفوي الجديد).
• دجنبر 1979:
صدور وثيقة: “المهام العاجلة لمنظمتنا".
تشكل هذه الوثيقة إلى جانب الوثيقة السابقة، أولى وثائق "قيادة إعادة البناء"، وإحدى أهم وثائقها التأسيسية التي استند عليها مشروعها.
حول الوثيقة: حددت الوثيقة مجموعة من المهام التي أطلقت عليها ب "المهام العاجلة"، وفي هذا الإطار، تطرقت لشعار "التجذر داخل الطبقة العاملة"، حيث أكدت فيها على دور الندوة الوطنية الأولى (نهاية 71 / نهاية 72) في تدقيق ذاك الشعار، إلا أنها قفزت على أحد أهم أطوار تطور الخط الاستراتيجي والسياسي والتنظيمي للمنظمة، وهو الطور الثاني من المرحلة الثورية الذي عرف بدايته مع "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد ونقد ذاتي"، المعروف اختصارا بتقرير 20 نونبر، والمنتهي بمسلسل اعتقالات نونبر 74 / يناير 75.
طرحت الوثيقة سؤال حول "فشل المنظمة في تحويل هذا الشعار إلى واقع ملموس"، وسؤال لماذا رفعت المنظمة شعار "التجذر وسط الشبيبة المثقفة". ومن أجل الإجابة عن هذه الأسئلة، تقول الوثيقة بأن "تقييما نقديا صريحا لتجربة منظمتنا هو الذي يمكننا من الجواب... وفي نفس الوقت من استخلاص دروس ثمينة...".
هكذا إذن، ومن دون تقديم هذا النوع من "التقييم النقدي الصريح"، الذي اعترفت "القيادة الجديدة" بضرورته، وكذا بالقفز على أحد أهم الاطوار التاريخية للمنظمة (نهاية 72 ــ بداية 75)، انتهت الوثيقة في جوابها على الأسئلة التي طرحتها سابقا، إلى أن الخطأ يعود للخط السياسي للمنظمة في العمل الجماهيري والتنظيمي، وتحددهما هذه "القيادة" في أطروحة "الشبيبة المدرسية مقدمة تكتيكية" وفي "الطبيعة الشبكية للتنظيم"، مع العلم أن هذه الخلاصات التي لم تستند إلى أي تقييم حقيقي، وخصت فقط الطور الأول من تاريخ المنظمة (طور ما قبل "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد ونقد ذاتي" الصادرة في 20 نونبر 1972). وعلى نفس هذا النهج، قدمت الوثيقة نقدا لأطروحة التيار العدمي الداعية إلى حل تنظيمات الحملم والالتحاق فرادى بالطبقة العاملة، ثم نقدا آخر للتيار الإصلاحي الذي رفع شعار "جبهة القوى الثورية والديمقراطية" والداعي إلى التجذر وسط البرجوازية الصغيرة للمرور إلى الجماهير. وطرحت بدل هذا، أطروحة التجذر المباشر وسط الطبقة العاملة عبر التواجد المباشر معها في مواقع الإنتاج، معتبرة في نفس الوقت أن المسؤول عن فشل التجربة هو الخط "الانتهازي اليساري" الذي ساد داخل المنظمة، ومن تم ضرورة محاربته، حيث اعتبرت أطروحة "المقدمة التكتيكية" و"الشبكية"، من مظاهر "الانتهازية اليسارية"، متبنية في هذا، من دون "تقييم نقدي صريح" وشامل لكل التجربة الثورية للمنظمة (وهي سمة تجمع بين هذه التيارات الثلاث)، مجمل المفاهيم التي بلورها الخط اليميني الإصلاحي في فترة صراعه ضد الخط الثوري للمنظمة. وحول مهمة التجذر المباشر وسط الطبقة العاملة، قدمت الوثيقة مجموعة من القضايا بهذا الصدد، كالمفهوم اللينيني للطليعة البروليتارية، والنظرية الماركسية للمعرفة والكيفية التي يتم بها التجذر وعلاقته بالفلاحين. (لمعرفة مضامين هذه الأطروحات عن قرب، ومعرفة أخطائها النظرية والتاريخية، يستحسن الاطلاع على دراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية اللينينية المغربية "إلى الأمام" " المنشورة على موقع 30 غشت)
1980
• من 15 إلى 19 يناير 1980:
زيارة جورج حبش قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للصحراء الغربية وإصدار بيان مشترك مع جبهة البوليساريو.
• 21 يناير 1980:
اعتراف كوبا بالجمهورية العربية الصحراوية الدمقراطية.
• 29 يناير 1980:
رفع المنع عن بيع الأسلحة الأمريكية للنظام الكمبرادوري بالمغرب (تمت الصفقة بعد ذلك في 26 فبراير 1980، وكانت قيمتها 140 مليون دولار).
• 22 فبراير 1980:
صدور نص: "بيان من داخل السجن المركزي بالقنيطرة إلى الشباب المغربي والرأي العام الديمقراطي"، من توقيع: المشتري بلعباس، المنصوري عبدالله، عبدالعزيز الطريبق، أمناي إبراهيم، مشبال محمد أمين، أحمد بوراس، أحمد بوغابة، عزوز لعريش، جمال بن عمر، يونس مجاهد.
حول بيان الخط اليميني الانتهازي:
الوثيقة ـ البيان تؤرخ للحظة حاسمة في تاريخ التيار اليميني الإصلاحي داخل منظمة "إلى الأمام"، وهي لحظة انتقال هذا الخط من الإصلاحية إلى الردة عن المنظمة، وعن الحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية ككل، وتحوله إلى تيار رجعي يستهدف تصفية الرصيد الكفاحي الثوري للمنظمة (انظر نص البيان على موقع 30 غشت ضمن ملفات الموقع / ملف اليمين الجديد من الإصلاحية إلى خط الردة).
حملت هذه الوثيقة في البداية توقيع زعيمي هذا التيار اليميني، وهما من الأطر السابقة للمنظمة: المشتري بلعباس (كان عضوا في كتابة المنظمة المنبثقة عن الندوة الوطنية الأولى سنة 1972، وآخر من اعتقل منها) وعبدالله المنصوري (كان عضوا في اللجنة الوطنية للمنظمة بعد اعتقالات نونبر 74 ـ يناير 75 و عضوا سابقا في لجنة التنسيق الوطنية عند التأسيس). ليتبين بعد ذلك، أن "البيان"، يحمل، بالإضافة لتوقيعي زعيمي التيار اليميني، توقيع ثمانية أعضاء آخرين، تم إخفاء أسمائهم في البداية من طرف زعيميهم، ليتم بعد صراع بين موقعيه، إعادة نشره بتوقيع المجموعة ككل (لمعرفة الجذور الفكرية والسياسية لهذا الخط والتي تعود لفترة ما بعد اعتقالات 1974 إلى حدود مارس 1976، وكذا سيرورة هذا الخط بعد ذلك، من التحاق السرفاتي به إلى حين انهزام هذا الخط في معركة أبريل 1979، ثم توقيعه لبيان التجميد وفشل مفاوضاته بعد ذلك مع ما سيطلق عليه ب "قيادة إعادة البناء"، وانتهاء بطردهم من المنظمة ضمن قرارات 12 نونبر 1979، يمكن العودة لدراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام" " المنشورة على موقع 30 غشت).
• 27 فبراير 1980:
جبهة البوليساريو تحيي الذكرى الرابعة لتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بحضور، ولأول مرة، ممثل عن رئيس موريتانيا الذي كان قد أعلن في 8 يناير 1980 أن حكومة موريتانيا تلتزم بسياسة الحياد فيما يخص الصراع في الصحراء الغربية. وفي نفس اليوم تعترف إيران بالجمهورية الصحراوية.
• 17 مارس 1980:
صدور وثيقة: حول بعض التأملات النقد الذاتية الأولية لسنة 1979"، أبراهام السرفاتي، السجن المركزي.
بعد صدور بيان خط الردة والقطع بتاريخ 22 فبراير 1980، بزعامة المشتري بلعباس و المنصوري عبدالله، الذي كشف بالواضح الملموس عن الأهداف التدميرية للخط اليميني داخل المنظمة الثورية "إلى الأمام"، و عرى بالكامل استراتيجيته في الإجهاز عليها بتمزيقها من الداخل و تصفية كل الرصيد الثوري للحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية، خصوصا بعد انخراط حزب اتحاد بوعبيد على خط الحملة المسعورة ضد المنظمة، بالدعاية لبيان الردة ،أصدر و في أقل من شهر، تحديدا في 17 مارس 1980، أحد أعمدة الثالوث اليميني حين التحاقه بالسجن المركزي، أبراهام السرفاتي، وثيقة بعنوان: "حول بعض التأملات النقد الذاتية الأولية لسنة 1979"، التي لم يكن الهدف منها، بعد أن عرتها ممارساته و أطروحاته اللاحقة الأكثر يمينية و تحريفية، سوى التملص حين ذاك، من ما آل إليه الخط اليميني الإصلاحي الذي كان السرفاتي يده الضاربة ضد الخط الثوري للمنظمة، بتحوله (الخط الإصلاحي) إلى تيار رجعي تدميري، و التغطية كذلك على كل توجهاته و ممارساته اليمينية التي لم يتوقف عنها حتى و هو قد عاد إلى قيادة المنظمة.
• 23 ـــ 30 ماي 1980:
"استفتاء" على تعديل الفقرتين 1 و 2 من المادة 21 من الدستور، وتتعلق بخفض سن الرشد ل "الملك" من 18 إلى 16 سنة، وتغيير رئاسة "مجلس وصاية العرش" التي أصبحت موكلة لرئيس المحكمة العليا بدلا من أخ الحسن (كان حينها مريضا).
يتكلف مجلس الوصاية بالسلط الدستورية إلى حين أن يبلغ الملك 16 سنة، وذلك من غير مراجعة الدستور. وبعدها يعمل المجلس كجهاز استشاري "للملك" إلى حين أن يبلغ 20 سنة كاملة. (النتائج صرح بها المجرم ادريس البصري في ندوة صحفية بتاريخ 31 ماي، وكانت نتيجة الاستفتاء على هذا التعديل كما العادة: 99.71 في المئة).
استفتاء ثاني حول مراجعة المادة 43 و95 من الدستور، وتتعلق بتمديد مدة الولاية البرلمانية من 4 إلى 6 سنوات، ورئيس الغرفة من 1 إلى 3 سنوات. (96.94 في المئة).
في الوقت الذي فيه تم منح ممارسة السلطة السياسية ل "ملك" عمره بين 16 و 20 سنة، تم تحديد سن من لهم حق المشاركة في الاستفتاء في 21 سنة.
• 9 يونيو 1980:
صدور "بيان من الرفاق الأربعة": فؤاد الهلالي، ادريس الزايدي، عبدالرحيم الأبيض ومحمد كرطاط (البيان غير متوفر، وقد صاغه فؤاد الهلالي باسم الرفاق الأربعة).
تم توجيه البيان إلى كل أعضاء ومناضلي منظمة "إلى الأمام" حول ما تقوم به "القيادة الجديدة" للمنظمة فيما سمي ب "إعادة البناء"، ويعبر عن اختلاف جوهري مع ممارسات تلك القيادة التحريفية.
• يونيو 1980:
بداية صدور مجلة "إلى الأمام" السلسلة الجديدة، وفي صيف 1980 انطلق صدور نشرة "الشيوعي" السلسلة الجديدة، واللتين أشرفت على إصدارهما "القيادة الجديدة" لما سمي ب "مسلسل إعادة البناء".
• بين 1 و 4 يوليوز 1980:
انعقاد القمة 17 لرؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية ب "فريتاون ب "سيراليون"، وبروز الصراع حول قبول عضوية الجمهورية الصحراوية من طرف منظمة الوحدة الإفريقية، حيث كانت الجمهورية الصحراوية قد تقدمت رسميا بطلب العضوية بناء على البند 28، وذلك يوم 23 يونيو خلال اجتماع مجلس الوزراء التهيئي لقمة منظمة الوحدة الإفريقية.
26 دولة من أصل 50 قبلت عضوية الجمهورية الصحراوية، مما دفع بممثلي النظام الكمبرادوري وببعض الدول المساندة لطرحه إلى التهديد بالانسحاب من المنظمة، الشيء الذي أدى إلى الاستجابة لاقتراح نيجيريا بتشكيل "مجلس الحكماء"، والدعوة إلى عقده ثلاثة أشهر بعد هذه القمة لإيجاد حل للصراع.
• 8 يوليوز 1980:
خطاب الحسن بمناسبة عيد شبابه، ودعوته الشباب المغربي إلى الإقبال والانخراط في "الوظائف" العسكرية.
• 18 يوليوز 1980:
إطلاق سراح 45 معتقلا سياسيا من بينهم عبداللطيف اللعبي، وبعض معتقلي سنة 1973، وكذا بعض معتقلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وفي 21 يوليوز تم إطلاق سراح 46 آخرين.
عبداللطيف اللعبي، من مؤسسي مجلة "أنفاس" والمسؤول عنها، ومن مؤسسي منظمة "إلى الأمام" وعضو كتابتها الوطنية التي أفرزتها الندوة الوطنية في دجنبر 1971 / يناير 1972، اعتقل في 14 مارس سنة 1972، وحوكم بعشر سنوات خلال محاكمة غشت 1973. هذا، وقد أنشأت لجنة دولية بفرنسا من أجل إطلاق سراح عبداللطيف اللعبي وأبراهام السرفاتي.
ارتكب اللعبي أخطاء فادحة بالسجن المركزي خلال سنة 1975 أدت إلى توقيفه من طرف "قيادة" "إلى الأمام" في حي "ج"، والتي كانت تضم عبدالحميد أمين وعلي فقير، هذين الأخيرين كانا يخفيان وضعيته التنظيمية عن رفاق حي "أ" بالسجن المركزي، وكانا يحضرانه للاجتماعات الداخلية على أنه عضو في "القيادة"، وقد أدرك اللعبي هذه المناورة، فقام بالدفاع عن نفسه وبفضح أصحابه. انسحب اللعبي من المنظمة في صمت مطبق بعد خروجه من السجن في 18 يوليوز سنة 1980، وأخذ منحى آخر، حيث تحول إلى مناضل ديموقراطي ليبرالي (لمعرفة المزيد حول هذه الأحداث، انظر دراسة "مسلسل تصفية منظمة "إلى الأمام" " المنشورة على موقع 30 غشت).
• 21 غشت 1980:
صدور "عفو" عن 24 من المحكومين غيابيا والموجودين خارج المغرب، من بينهم العضو القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: عبدالرحمان اليوسفي.
• غشت 1980:
صدور نص "حول بيان المرتدين ــ الانتهازية والكذب في خدمة الارتداد عن طريق الثورة المغربية"، موقع باسم مناضل، وصدر في مجلة "إلى الأمام" عدد 4 ـــ غشت 1980.
للوثيقة أهمية تاريخية قصوى، ليس فقط في فهم بعض المعالم الأساسية والداخلية التي مرت منها المنظمة في خضم الصراع الداخلي بين الخط الثوري والخط اليميني التخريبي. بل وعلى الخصوص، لفهم سيرورة التحول الذي عرفته لاحقا الأطروحات السياسية والإيديولوجية والتنظيمية للمنظمة بعدما برز طرف أخر يحمل قناع / غطاء بعض المفاهيم الماركسية ـــ اللينينية الثورية التي تبلورت خلال المرحلة الثورية، لكن بمضامين الأطروحات اليمينية التي تبلورت سابقا لدى الخط اليميني التخريبي مع اعتقالات 1974، إلى حين أن اكتملت عناصر أسسها السياسية والإيديولوجية المتضمنة في بيان الردة والقطع (فبراير 1980).
فوثيقة "حول بيان المرتدين" التي حملت توقيع "مناضل" والتي صدرت بعد صدور وثيقة "حول بعض التأملات النقد الذاتية الأولية لسنة 1979" (أبراهام السرفاتي في مارس 1980)، ابتدأت بجرد "أهم أطروحات البيان" (بيان الردة)، لتنتقل إلى الرد عليها، حيث جاء هذا الرد دون مستوى الردود التي جاءت بها "تأملات السرفاتي" في نقده للأطروحات المركزية لليمين.
بعد تحديد هذه الوثيقة لطبيعة التناقض الرئيسي للمرحلة مع الإغفال الكلي للتناقض الأساسي (وهي من طبيعة الانتهازية اليمينية)، تقبلت الوثيقة أهم المضامين التي ارتكز عليها بيان اليمين التخريبي سابقا في ضربه للأسس الإيديولوجية، السياسية والتنظيمية للمنظمة، وردت بشكل ازدواجي وبموقف وسطي بين الموقفين (بين موقف الخط الثوري وموقف الخط اليميني) في تعاطيها مع القضايا التي شن اليمين هجومه التخريبي عليها:
فحول الإصلاحية مثلا، يقول الرد: "محاربة كل الأوهام الإصلاحية والمفاهيم البرجوازية حول الديمقراطية من جهة، والاستفادة من كل الإمكانيات التي تتيحها اللعبة الديمقراطية من جهة أخرى". وحول العمل السري، يقول النص: "والخطأ المرتكب في قضايا النضال السري... هو عدم إتقان أساليب العمل السري وعدم إتقان الاستعمال المتزامن للسرية والعلنية وللعمل الشرعي مع العمل اللاشرعي"، وفي نفس الوقت يحمل هذا الرد "المسؤولية للنظام الملكي الدكتاتوري بشكل خاص" في "بروز ممارسات سياسية ثورية، مثل السرية". وحول العنف الثوري: "والعيب في كل ما بلورته المنظمة من تحاليل في هذا الشأن، لا يكمن.... في مبدأ العنف الثوري أو عدم ملاءمته مع الواقع... إن المبادئ الماركسية اللينينية والأهداف الثورية التي اعتمدتها "إلى الأمام" في مجهودها من أجل بلورة رؤية إستراتيجية صحيحة تماما، ولكن "إلى الأمام" أسرفت كثيرا في البحث عن تفاصيل العملية الثورية".... (لمعرفة المزيد حول الوثيقة، انظر منشورات موقع 30 غشت بهذا الخصوص)
• 30 غشت 1980:
صدور بيان الذكرى العاشرة لتأسيس منظمة "إلى الأمام": "عشر سنوات من الكفاح والصمود" (انظر الطور الثالث ـــ الجزء الأول من هذه الكرونولوجيا).
• شتنبر 1980:
صدور "تعميم داخلي ـــ تنبيه"، موقع باسم المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام"، حول أصحاب "بيان الردة".
ذكر التعميم ببعض الممارسات الانتهازية التخريبية لزعيمي خط الردة منذ اعتقالات 1976، وخلص إلى اعتبار تصرفات العنصرين (المشتري بلعباس والمنصوري عبدالله) عدائية للمنظمة و للحركة الماركسية اللينينية و لمجموع الحركة الثورية المغربية.
• 9 إلى 11 شتنبر 1980:
انعقاد "مجلس الحكماء" الذي دعا مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية 17 لتشكيله وعقد لقاءه.
الأطراف الحاضرة أمام مجلس الحكماء: المغرب (بوستة وزير الشؤون الخارجية)، الجزائر، موريتانيا، جبهة البوليساريو، وعشر منظمات "صحراوية" مواليه لطرح النظام الكمبراودوري.
صدرت توصيات "مجلس الحكماء" في 11 شتنبر 1980، وتدعو الأطراف (المغرب وجبهة البوليساريو) إلى تنظيم استفتاء عادل وعام وفقا لقرارات القمة 16 لهذه المنظمة في مونروفيا، كما تدعو إلى وقف إطلاق النار وإلى أن تسهر هذه المنظمة بمعية الأمم المتحدة على حفظ السلام بالصحراء الغربية والسهر على تنظيم الاستفتاء.
• 13 شتنبر 1980:
صدور نص "نداء إلى الرفاق الأربعة، من الداخل" .
• 16 شتنبر 1980
إصدار الخط الثوري ل "بيان توضيحي حول الإشاعات الأخيرة"، رد الرفاق الأربعة المنتمين للخط الثوري (فؤاد الهلالي، ادريس الزايدي، عبدالرحيم الأبيض ومحمد كرطاط) على الحملة الواسعة التي أطلقتها "القيادة الجديدة"، حملة الإشاعات التي شنت عقب صدور بيان 9 يونيو 1980.
يشكل هذا البيان عمليا الحد الفاصل بين الخطين.
إن هذا البيان التوضيحي، قام بصياغته الرفيق فؤاد الهلالي باسم مجموعة من رفاق الخط الثوري للمنظمة، الذين رفضوا مخطط ما سمي ب "إعادة البناء"، وأكدوا على ضرورة تطبيق الشعار الداعي إلى "التقييم الشامل وإعادة البناء" مع إشراك كل أعضاء المنظمة ومناضليها بالداخل والخارج في عملية التقييم و توفير كل الشروط للقيام بذلك. بما يعني تطبيقا سليما للمركزية الديموقراطية وتوفير أدوات التعريف بالمواقف من خلال أدوات النشر (نشرة داخلية، نشرة جماهيرية ...).
هذا البيان التوضيحي هو امتداد للبيان الأول الصادر في 9 يونيو 1980 (غير متوفر)، حيث استعمل أسلوب البيانات لمخاطبة رفاق ومناضلي المنظمة في الداخل والخارج، للتنبيه عن انحراف "القيادة الجديدة"، والتأكيد على ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية والدفاع عن الخط الثوري للمنظمة، والتصدي لأسلوب التطويق والحصار والتمويه والمركزية البيروقراطية التي فرضتها "القيادة الجديدة" باسم وحدة المنظمة.
• 1 أكتوبر 1980:
صدور وثيقة: "نداء إلى رفيق، من السجن"، السجن المركزي.
• 16 أكتوبر 1980:
قرض بقيمة 1.1 مليار دولار (على 3 سنوات / دفعات) من طرف صندوق النقد الدولي للنظام بالمغرب
• 31 أكتوبر 1980:
صدور قرارات لجنة تصفية الاستعمار للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية، في 13 نقطة، حيث جاء في النقطة الرابعة: "تؤكد من جديد على أن حل مسألة الصحراء الغربية يكمن في ممارسة سكان هذه المنطقة لحقوقهم الغير القابلة للتصرف، بما فيها حقهم في تقرير المصير والاستقلال".
• 11 نونبر 1980:
الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى "قرار حول الصحراء الغربية: يدعو إلى إنهاء الاستعمار المغربي للصحراء وفتح المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو". وهو القرار الذي أعلن ممثل النظام الكمبرادوري بالأمم المتحدة بأنه باطل ولاغ.
• 9 دجنبر 1980:
صدور وثيقة بعنوان: "نداء إلى الرفاق الأربعة، من اللجنة الوطنية"، السجن المركزي.
• 10 دجنبر 1980:
عائلات المعتقلين السياسيين يحتلون تمثيلية الأمم المتحدة بالرباط، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، مع إضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة. (في نفس اليوم يتم اعتقال عبدالرحمان بنعمرو عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان).
• بعض نضالات سنة 1980:
في 24 يناير، إضراب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لمدة 24 ساعة إحياء لذكرى حل المنظمة الطلابية في 24 يناير 1973، والمطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والنقابيين. وفي 26 يناير إضراب احتجاجي على إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر والكيان الصهيوني نتيجة لاتفاقيات كامب ديفيد. اعتقل 16 طالبا خلال سلسلة الإضرابات في كل من البيضاء والرباط وفاس، ثم إضراب جديد يومي 5 و6 فبراير 1980 للاحتجاج ضد اعتقال الرفاق الطلبة الستة عشر.
بين 17 و 27 فبراير ولمواجهة الإضرابات الطلابية، ردت السلطات بقسوة: تعليق دفع المنح الدراسية للطلاب المضربين، وإحالة عدد من المعتقلين على القضاء، حيث حكمت بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات (ستة أحكام) بتهم "المس بأمن الدولة"، و "الإخلال بالنظام العام" و "تكوين جمعية غير قانونية" (سمي ملف بعض الطلبة ب "طلبة إلى الامام"). في 24 فبراير، وعن طريق صحافة النظام، اتهم الطلبة المضربين بتلقي الأوامر من الخارج ("التآمر").
بين 2 و17 يناير، مواجهات في منطقة بني ملال تتعلق باستخدام المراعي، حيث تم اعتقال 29 فلاحا، وأصدرت المحكمة في 17 يناير في حقهم أحكاما وصلت إلى ثلاث سنوات سجنا، بتهمة العنف والاعتداء على ضباط ومسؤولي السلطة. نفس القضية بمنطقة أزيلال، حيث استولى حفنة من كبار ملاك الأراضي على المراعي الجماعية لرعي عشرة آلاف رأس من الأغنام تحت حراسة أجهزة النظام.
بين 2 و 26 يناير، إضرابات دورية في مناجم خريبكة ثم إضراب سيارات الأجرة الصغيرة.
في 16 فبراير، إضرابات بالدار البيضاء بسبب ارتفاع الأسعار والبطالة.
في 16 أبريل، قطاعات المنسوجات والسكر والمخابز تعرف إضرابات عمالية.
في 18 يونيو إضراب في قطاع المعادن بالبيضاء بسبب التسريحات الجماعية، نفس الشيء بالنسبة لعمال CTM (النقل) من أجل الانخراط في صندوق التقاعد.
شهر يونيو ويوليوز، إضرابات بمجموعة من المعامل، سيليما، سوماكا، صوماديم، كاميم، لاسامير، باهيا بلاستيك، مصنع السكر بلقصيري...
في نهاية 1980، وبعد أن عرفت أسعار المواد الأساسية ارتفاعا بين 10 و 25 بالمئة في شهر شتنبر، انطلقت مجموعة من الإضرابات: إضراب عمال وموظفي المكتب الوطني للسكك الحديدية للرفع من الأجور. عمال "مكتب الشريف للفوسفاط" وشركة إيجوز، وشركة إنشاء وصيانة الطرق المغربية، النقل الحضري بالدار البيضاء...
اضراب 14000 عامل بمناجم خريبكة بسبب تدهور القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الغدائية.
مجموعة من الإضرابات التلاميذية بالناضور ومواجهات مع الأجهزة القمعية، أدت إلى العديد من الاعتقالات في دجنبر 1980.
خلال هذه السنة، وصل عدد المغاربة الذين يقل دخلهم السنوي عن 1274 درهم (3.50 درهم يوميا) إلى أزيد من مليونين من أصل ما يقارب 20 مليون نسمة. هذا في الوقت الذي قدرت فيه التكلفة المخصصة لقضية الصحراء الغربية بين 1 مليون ومليونين دولار يوميا، وارتفعت نسبة الدين الخارجي ب 42 بالمئة، خصص نصفها لتسديد فوائد الديون السابقة.
1981
• بعض نضالات يناير / فبراير 1981:
إضراب طلابي بجامعة وجدة منتصف يناير، واعتقال 17 من مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. 26 يناير: َإضراب لا محدود عن الدراسة (إلى حدود 9 مارس 1981)، بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، فاس، مراكش والدار البيضاء، احتجاجا على خفض المنحة (من 1400 درهم إلى 1116 درهم) وكذلك بمدرسة المعلمين بطنجة والمركز البيداغوجي بالقنيطرة.
نهاية يناير: إضراب 650 عامل بشركة كوفيتيكس بفاس (استمر لأكثر من أسبوعين).
12 فبراير: إضرابات بالجامعة دعا لها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، واعتقالات بالرباط وفاس (اقتحام الأجهزة البوليسية للجامعة واعتقال 60 طالبا يوم 19 فبراير) وتوجيه تهمة "الإخلال بالنظام العام".
وبين 17 و26 فبراير: الحكم بالسجن على المعتقلين.
• 10 فبراير 1981:
تسليم طائرات استطلاعية أمريكية للمغرب (وفق الصفقات التي عقدت لشراء المعدات العسكرية الأمريكية)
• 23 فبراير إلى 2 مارس 1981:
اجتماع مجلس الوزراء بمنظمة الوحدة الإفريقية ب "أديس أبابا"، وتعليق الخوض في مسألة عضوية الجمهورية الصحراوية في المنظمة، وإدراجها في جدول أعمال القمة المقبلة لرؤساء الدول في نهاية يونيو 1981 بنيروبي.
• 8 مارس 1981:
عودة ستة لاجئين سياسيين من باريس إلى المغرب (الدار البيضاء) "بعفو ملكي"، من بينهم بنسعيد آيت إيدر (الجناح اليميني الذي أسس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي)
• 16 مارس 1981:
محاولة انقلاب فاشلة بموريتانيا، وشكوك هذه الأخيرة بتورط النظام الكمبرادوري في ذلك.
• 28 ماي 1981:
استجابة لإملاءات البنك الدولي، أعلنت الحكومة قرار الزيادة في أسعار المواد الغدائية الأساسية بشكل لم يسبق له مثيل، وفي ظروف الجفاف والكساد الاقتصادي والانتشار الواسع للبطالة (أكثر من مليونين ونصف المليون من الحاملين للشواهد)، وغرق الدولة في الديون الخارجية التي ذهب معظمها في الصفقات العسكرية والحرب في الصحراء الغربية.
تراوحت الزيادات بين 14 و77 بالمئة حسب المنتجات، وذلك بدعوى ارتقاع الأسعار الدولية وزيادة رسوم صندوق التعويضات. دخلت هذه الزيادات حيز التنفيذ ابتداء من 29 ماي.
• 6 يونيو 1981:
يتم الإعلان عن خفض نسبة الزيادة إلى النصف ابتداء من 7 يونيو بعد السخط والتذمر الشعبي الذي جسدته مجموعة من الاحتجاجات في العديد من المدن، كانت أهمها بمدن وجدة وبركان والبيضاء، وكذلك احتجاجات "المعارضة" عبر البيانات والتصريحات. لكن في الواقع بقيت تلك الزيادات قائمة في الأسواق كما هي.
• من 17 إلى 20 يونيو المجيدة 1981:
الأربعاء 17 يونيو انطلاق بعض المظاهرات بالدار البيضاء. بعدها يدعو "الاتحاد المغربي للشغل" للإضراب يوم 18 يونيو احتجاجا على تلك الزيادة في أسعار المواد الغدائية الأساسية. ودعوة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 17 يونيو للاحتجاج في يوم 20 يونيو.
يوم الخميس 18 يونيو إضرابات بالدار البيضاء والمحمدية.
يوم الجمعة 19 يونيو، الوزير الأول، وفي تصريح تهديدي يدعو الموظفين إلى ضمان سير الأشغال العمومية، وفي نفس اليوم يتم اعتقال أزيد من 180 من النقابيين المحليين بالبيضاء وحدها.
يوم السبت 20 يونيو: إضراب عام بالدار البيضاء ومواجهات عنيفة بالأحياء الشعبية بين الأجهزة البوليسية والعسكرية المدججة بالرشاشات والدبابات وبين فقراء البيضاء، حيث أعدم الأطفال برصاص النظام وأمام أعين أمهاتهم وآبائهم. وإرغام التجار على فتح محلاتهم وملاحقتهم في بيوتهم، ومحاولات إرغام العمال على التراجع عن الإضراب، أدت هي الأخرى إلى مواجهات عنيفة بينهم وبين الأجهزة القمعية.
بدأ إطلاق النار يوم السبت 20 يونيو حوالي الساعة الثانية عشرة، واستمرت المواجهات إلى ما بعد منتصف الليل، واستمر إطلاق النار يوم الأحد 21 ويوم الإثنين 22 يونيو.
لقد تحدت الجماهير الكادحة ترسانة النظام، وكسرت نهائيا، بنضالاتها وتضحياتها وشهدائها جعجعة "الإجماع الوطني" المزعوم حول ما أطلق النظام عليه ب "القضية الوطنية"، التي اتخذها في الواقع غطاء لمزيد من التفقير والاستغلال والاضطهاد، وفي أوج النضالات الجماهيرية الشعبية، بدأ النظام يلوح بأسطوانة "المؤامرة الخارجية والتواطؤ الداخلي" (تصريح الوزير الأول يوم 21 يونيو، وكان طبعا ذلك تنفيذا للتعليمات).
يوم الإثنين 22 يونيو مساء: تصدر وزارة داخلية النظام الملكي بيانا حول حصيلة المواجهات: " 66 وفاة، و110 مصابين"، في حين تحدثت قيادة الاتحاد الاشتراكي عن 637 جثة (وتتحدث مصادر نضالية عن أزيد من ألف). وأعلن الحسن بنفسه في ندوة صحفية يوم 3 يوليوز على أن عدد المعتقلين بلغ 2000، في حين تجمع الأوساط النضالية عما يقارب 8000 معتقل، تم تجميعهم بعد أن امتلأت السجون ومراكز التعذيب، في "معرض الدار البيضاء الدولي" الذي أصبح حينها "سانتياغو" الشيلي.
كل هذه الدماء والاعتقالات، وقيادة الاتحاد الاشتراكي تحسب عدد القتلى من بيت عبدالرحمان اليوسفي، حيث كانت حينها مجتمعة في بيته تدبج البيانات. أما حزب علي يعتة، فقد أثنى علنا في البرلمان على "دور قوات الأمن في حفظ النظام".
يوم 26 يونيو: انطلاق المحاكمات (استمرت إلى حدود 30 يوليوز، وجرت في 18 مدينة مغربية)
مكناس :(حوكم 13 معتقلا بسنة ونصف سجنا، وآخرون من 3 إلى 10 سنوات سجنا نافدة).
الرباط: في 30 يوليوز يصدر الحكم على 82 معتقلا، بمدد من ستة أشهر إلى سنة سجنا نافدة).
الدار البيضاء: أزيد من 200 معتقل قدموا للمحاكمة بتهمة "التظاهر من دون ترخيص، الاعتداء على الأملاك العمومية والخاصة، تعنيف القوى العمومية، والإساءة لرئيس الدولة".
• 24 يونيو إلى 28 يونيو 1981:
انطلاق قمة منظمة الوحدة الإفريقية ب "نيروبي"، وكان الحسن قد أعلن في فاتح يونيو، خلال ندوة صحفية، عزمه المشاركة في مؤتمر نيروبي.
يوم 27 يونيو 1981: الحسن يقدم "ملفا جديدا" للقمة، يعلن فيه قبول تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية واستبعاد أية مفاوضات قبلية ومباشرة مع جبهة البوليساريو.
يوم 28 يونيو: القمة تتخذ قرار وقف إطلاق النار واستفتاء تقرير المصير، عام وعادل، حيث تم تشكيل لجنة لتنفيذ القرار، والتي عليها عقد اجتماعها الأول في 24 / 25 غشت 1981 لتحديد شكل وطريقة الاستفتاء وتقرير المصير، ووقف إطلاق النار.
• 30 يونيو 1981
في هذا اليوم، ودماء البيضاء لا تزال شاهدة على المجزرة، وجماهير الشعب المغربي لا تزال تقاوم الجوع والفقر الذي عمقته بشكل مخزي الزيادات النارية في أسعار المواد الغدائية الأساسية، وفي ظروف الجفاف الذي ألقى بالعديد من الفلاحين الفقراء والصغار في أحزمة الموت على هامش المدن، يتم اقتناء من طرف النظام الكمبرادوري لخمس سفن حربية من إسبانيا.
• 8 يوليوز 1981:
في خطابه بمناسبة عيد شبابه، يدين الحسن انتفاضة جماهير شعبنا المجيدة ليوم 20 يونيو، وينعت أبناء شعبنا المنتفض ب "الصعلكة"، ("لا تخيفني ولو خمسمائة ألف صعلوك"، من خطاب الحسن يوم 8 يوليوز 1981)
• 20 يوليوز 1981:
يتم تقسيم الدار البيضاء إلى خمس عمالات، كإجراء "إداري" على إثر الانتفاضة الشعبية.
• 14 غشت 1981:
صدور نص: "حول أرضية: "تفكير أولي حول أسلوب حسم السلطة" من توقيع "رفيق".
صدرت هذه الوثيقة في نشرة "الشيوعي" السلسلة الجديدة. وهي تعود للرفيق "مبروك" (النوضة)، بالإضافة لنص آخر له تحت عنوان "خطة عمل"، وفق ما جاء في نص "التخبط السياسي نتيجة حتمية لمنهج الصراع بدون هوادة".
تعرضت وثيقة: "حول أرضية "تفكير أولي حول أسلوب حسم السلطة"، لإحدى ركائز الخط الاستراتيجي للمنظمة، إلا أنها لم تتجاوز حدود تسجيل التساؤلات دون القدرة على تحديد العطب الجوهري في الأطروحة المركزية لخط "إعادة بناء إلى الأمام" والدفع به إلى حدوده القصوى، المتجسد في العجز الطبقي التاريخي للبرجوازيتين الصغيرة والمتوسطة على قيادة مشروع الث. الو. الد. الش.. فلا الوثيقة استطاعت طرح "استراتيجية جديدة"، ولا هي قدمت نقدا جذريا للأطروحات التحريفية التي بدأت تتشكل حينها (انظر كتاب وثائق الخط التحريفي على موقع 30 غشت).
• 24 / 25 غشت 1981:
تعقد لجنة تنفيذ قرارات مؤتمر نيروبي اجتماعها بحضور: الحسن والشادلي بنجديد عن الجزائر، ومحمد عبدالعزيز الكاتب العام لجبهة البوليساريو، وأبرزت اللجنة أن القضية تتعلق ب "استفتاء تقرير المصير، الذي يمكن شعب الصحراء الغربية من التعبير بحرية وديمقراطية عن مستقبل أراضيه"، وأن هذا الاستفتاء ستديره هذه اللجنة بالمشاركة مع الأمم المتحدة، وطالبت اللجنة حينها بوقف إطلاق النار عن طريق المفاوضات المباشرة بين الحسن وممثلي جبهة البوليساريو.

عسو أمزيان

يتبع بحلقة خامسة

موقع 30 غشت
http://www.30aout.info