افتتاحيّة العدد 61 من جريدة طريق الثّورة


حزب الكادحين
2021 / 2 / 6 - 02:40     

مـــــــا العمــــــل ؟
تتفاقم الأزمة في تونس عاما بعد عام، وتتراكم مظاهر هذه الأزمة في مختلف الميادين والقطاعات، ويزداد تردّي أوضاع الطّبقات الشعبيّة الكادحة لأنّها الطّبقات الاجتماعية التي تتساقط على أكتافها تبعات تلك الأزمة.

ولم يعد الشّعب يتحمّل فقط تداعيات الأزمة الاقتصاديّة الاجتماعيّة وإنّما أصبح أيضا يتحمّل ما ينجرّ عن الأزمة السياسيّة للنّظام الذي تتصارع داخله الرّجعيّات وقد بدا صراعها جليّا ومفضوحا وتفاصيله منشورة بين الجميع مهما حاولت تلك القوى المتصارعة إخفاءه أو دهنه بشعارات وبعناوين مضلّلة. فقد اكتشف الشعب أنّ ما تردّده أبواق الرّجعيّة من تنافس ديمقراطي من أجل الحفاظ على مصلحة البلاد وسيادة الوطن وإصلاح الأوضاع الاقتصادية وتحقيق التنمية وتحقيق التمييز الإيجابي بين الجهات وبين الطّبقات ليس إلاّ دعاية معدّة للاستهلاك اليومي، وأدرك بعد سنوات من اختباره لهؤلاء الحكّام أنّ ما يحصل على الأرض هو مناقض تماما لتلك الشعارات، وأنّ حصيلة ما ردّدوه لم يكن سوى هذه الأزمة التي يزداد تفاقهما يوما بعد يوم. واتّضح أنّ تلك الصّراعات السياسيّة الدّاخليّة بين الأطراف الرّجعيّة التي تتقاسم السّلطة تهدف إلى مزيد نهب الثّروات وحرمان جموع الكادحين والكادحات منها وإلى مزيد رهن الوطن لهيمنة القوى الإقليمية والعالميّة ومؤسّساتها المتحكّمة في تلك "الكلاب المتمرّغة" التي تلبّي شروطها وتنفّذ برامجها على حساب الشعب والوطن فاتحة الباب على مصراعيه أمام عصابات من البرجوازيين الفاسدين ليحوّلوا أرضنا وبحرنا وهواءنا إلى مصبّ للنفايات وأمام مجموعة من اللّصوص المحترفين المتنفّذين وحمايتهم.

في ظلّ هذه الأزمـة، يخيّم شبح الانفجار الاجتماعي الذي ترتسم ملامحه من تصاعد الاحتجاجات الشعبيّة في مناطق مختلفة وبدرجات متفاوتة، وفي ظلّ ذلك، فإنّ الرّجعية الحاكمة لا تتأخّر في اعتماد سياسة القمع بهدف إخماد تلك الاحتجاجات نظرا لعجزها عن تلبية أدنى المطالب الاجتماعيّة خصوصا وأنّ علاقاتها مع المقرضين ليست في أحسن أيّامها ممّا جعلها تضغط على البنك المركزي من أجل توفير تمويلات لميزانيتها المثقوبة. وإذا كان القمع سيمثّل حلاّ –ولو وقتيا- بالنسبة للحكّام، فإنّه سيزيد في المقابل في شحن الغضب الشّعبي وفي تقوية الإرادة على الصّمود والمقاومة ممّا قد يؤجّج الوضع. وفي ظلّ ذلك كله، ما على الثّوريين إلاّ أن يعدّوا خطّة للعمل ترتقي إلى تطلّعات الشعب في افتكاك حقوقه وتسمح لهم أن يبتكروا آليات ناجعة تمكّنهم من الالتحام في الكفاح اليومي لجماهير الشعب إذا ما هبّت إلى الثورة وأن يشكّلوا الإطار التنظيمي والسياسي الذي يجمّع مجهوداتهم الضّعيفة حاليّا بسبب تشتّتهم ليصنعوا من وحدتهم المرجوّة قوّة وهذا يتطلّب منهم مزيدا من الشّجاعة والتّقييم والنّقد لتجاوز الهنات التي جعلتهم متأخّرين ولو نسبيّا عن قطار كفاح الشّعب.
------------------------------------------------------------------------------
طريق الثورة، نوفمبر-ديسمبر 2020