الميركنتيلية الجديدة


هيفاء أحمد الجندي
2021 / 2 / 2 - 21:34     


تزيد من حدة الاستقطاب الطبقي وتعجل بحدوث الثورات الإجتماعية في الأطراف
استطاعت الرأسمالية التجارية " الميركنتيلية" ، وكما حلل ماركس بدايات نشوءها وولادتها، التي كانت تقطر دماً وقذارة ،من كل مسامها أن تخضع المستعمرات البعيدة،والتي أصبحت سوقاً لتصريف منتجات المانيفكتورة،وتعرضت هذه المستعمرات إلى عمليات نهب ،لا رحمة فيها على يد التجار والمغامرين ، الذين تاجروا بأحقر أنواع التجارة ، وهي تجارة العبيد الذين اقتنصوا من أمريكا ، بأبشع وسائل العنف وأرسلوا وهم مكبلين بالسلاسل، إلى مزارع السكر والدخان، بعدما أبيد سكانها الأصليون واستطاعت الرأسمالية التجارية ، أن تكدس أرباحاً ضخمة ، بعدما عملت على ترسيخ نمط الإنتاج الكولونيالي في هذه البلدان ، والذي أرسى دعائمه المستوطنين البيض ، في فترة الكشوف الجغرافية وبذلك تكون قد قطعت الطريق على تطور هذه البلدان، وهذا ما يفسر عدم وجود نمط إنتاج مهيمن وظهور بورجوازية كولونياليةتجارية تعايشت مع ملاك الأرض، في مرحلة تحول الرأسمالية إلى امبريالية ، وتمثل حالة التاجر الرأسمالي في الأطراف حالة متكيفة مع التشكيلة الإقطاعية ، على عكس الغرب الذي تحولت فئة من منتجيه السلعيين الصغار وبفضل التجارة الخارجية إلى رأسماليين.
وتمكنت الرأسمالية التجارية من خلال شفطها للكنوز من الأطراف ناهيك عن الجزية التي فرضتها على المستعمرات ، أن توفر أحد المصادر الهامة للتراكم في مرحلة الثورة الصناعية، واستمرت من بعدها بتطويع وتكييف هذه البلدان ، لكي تتماشى مع الحاجات المتغيرة الجديدة لتطور الرأسمالية الصناعية ، إذ لم تعد الرأسمالية تقتصر على السكر والبهارات والدخان والرق، بل اتسعت لتشمل المواد الخام الضرورية لاستمرار الصناعة ، وبذلك تكون قد طورت من قواها المنتجة ، في الوقت الذي دمرت فيه الانتاج الحرفي في المستعمرات، وفرضت على هذه البلدان نمطاً جديداً للتخصص، تقوم من خلاله بإنتاج المواد الأولية الزراعية والمنجمية ، على أن تستورد في مقابل ذلك ، المنتجات المصنعة في الغرب ، وكان ماركس أول من أماط اللثام، وكشف عن عملية الاستغلال هذه، وكما جاء في المجلد الثالث من الرأسمال عندما طرح السؤال التالي :
هل يرتفع معدل الربح العام ، بارتفاع معدل الربح الذي يولده رأس المال الموظف في التجارة الخارجية،وخاصة التجارة الكولونيالية؟! وبهذا يكون ماركس أول من كتب عن التطور اللامتكافىء ، بصيغته الأولية ويمكن أن نقتبس نصاً من المجلد الثالث لرأس المال كي يؤكد هذه الفكرة
"إن رؤوس الأموال الموظفة في التجارة الخارجية ، يمكن أن تدر معدلات ربح أعلى لأنها تتنافس في المقام الأول ، مع سلع تنتجها بلدان أخرى في ظروف إنتاج أقل ملاءمة ، بحيث أن البلد الأكثر تطوراً ، يبيع سلعاً بما يفوق قيمتها رغم أنه يبيعها بسعر أرخص من سعر البلدان المنافسة ، ويرتفع معدل الربح لأن عمل البلد الأكثر تطوراً يقدر بعمل ذي وزن نوعي أعلى لأن ثمن هذا العمل، لا يدفع بوصفه عملاً ذا نوعية أعلى، ولكنه يباع بوصفه كذلك ، ويمكن أن ينشأ وضع مماثل بالنسبة للبلد الذي ترسل إليه السلع ، وكذلك بالنسبة للبلد الذي ترد منه السلع، فمثل هذا البلد قد يعطي عملاً متشيئاً عينياً ، أكثر مما يأخذ ويتلقى مع ذلك السلع المقصودة ، وهي أرخص له مما لو أنتجها بنفسه ، وبالنسبة الى رؤوس الأموال الموظفة في المستعمرات فيمكن لها أن تدر معدلات ربح أعلى ، بفضل تدني مستوى التطور شأنه شأن درجة استغلال العمل بفعل العبيد والحمالين والفعلة المحليين ، وليس ثمة موجب يمنع هذه الأرباح العالية نسبياً ،التي تدرها رؤوس الأموال الموظفة في بعض الفروع ، وترسل إلى موطنها الأساسي وأثناء عملية التبادل والسلع التي تباع إلى البلدان المستعمرة تحوي كمية عمل أقل، وهذا الفائض تستأثر به طبقة معينة وهذه التجارة الخارجية تطور نمط الإنتاج الرأسمالي، وبالتالي أدت إلى خفض رأس المال المتغير، قياساً إلى رأس المال الثابت ، وهي تخلق فيض إنتاج بالنسبة إلى الخارج "انتهى الاقتباس"
مع انتقال الرأسمالية إلى مرحلة الاحتكار، يكون قد جرى تكييف وتطويع البلدان المتخلفة وفقاً لتصدير رأس المال إليها ، ولم يعد تقسيم العمل الذي تخصصت بمقتضاه الدول المتخلفة قادراً على التفسير لوحده ، والذي يمكن أن يفسر التطور اللامتكافىء هو تفاوت مستويات الأجور مع تساوي الإنتاجية ، ولأن الأجور جزء من مكونات القيمة للسلعة ويمكن القول يأن الأجور التي يتقاضاها عمال البلدان المتخلفة ، مقارنة مع زملاءهم في البلاد الرأسمالية ، تجعل العلاقة بين أسعار سلع البلاد المتخلفة وأسعار البلدان الرأسمالية ، في غير صالح الأولى،علاوة على أن تفاوت استغلال قوة العمل أعلى في البلاد المتخلفة عنها في البلدان الرأسمالية ، وقد أشار سمير أمين إلى أن التطور اللامتكافىء في إطار النظام الرأسمالي، يتحقق عندما يكون الفرق بين الأجور أعلى من الفرق بين الانتاجيات فالمعضلة الأساسية التي يشير اليها التبادل اللامتكافىء بين البلدان المتخلفة والصناعية ،هي أنه في حين أن رأس المال متحرك على الصعيد الدولي ومعدل الربح يتجه إلى التكافىء مع الزمن يكون العمل بالمقابل ثابتاً على الصعيد الدولي، فالأجور لا تتجه إلى التساوي بين مختلف بلدان العالم، ولما كانت فوارق الأجر هذه ، لا تسطيع في العلاقات التجارية الدولية أن تنعكس على الأرباح فهي تميل إلى التساوي بسبب حركة رأس المال التي تنعكس على الأسعار.
مع صعود رأس المال المالي أو ما يسمى بالاقتصاد الرمزي الافتراضي الوهمي، بما يعنيه من مضاربات في البورصات ، يكون قد تراجع الاستثمار الإنتاجي لصالح المالي والاستثمار في الأسهم بما يعنيه من تدويل لرؤوس الأموال وتقلبات أسعار الفائدة وتدفقات الائتمان ، إذ أصبحت الراسمالية تعيش على المديونية الخارجية كمحرك للنمو في مراحل الركود إذ كلما كان الركود منتشراً، كان الاعتماد على الدين أكبر وتحولت المصارف من وسيط بين المدخرين والمستثمرين إلى أصيل يندمج بداخله رأس المال المصرفي، ويقوم بخلق الائتمان وتصدير الرساميل ، الباحثة عن الاستثمار في صورة قروض وأصبحت الديون بمثابة سلاح يستخدمه سادة العالم، لاستعباد الشعوب وللقضاء على مواردها وقدرتها على العمل، ويعتبر خدمة الدين من أخطر وسائل الهيمنة ، لأن الأموال التي يجري تحويلها من الجنوب إلى الشمال ، يفوق ما تقدمه هذه الأخيرة من من أموال على شكل مساعدات لهذه البلدان ، وفي عام 2006 بلغت حجم الأموال التي حولت من الجنوب ب 501 مليار مقابل 58 مليار على شكل مساعدات،علاوة على أن خدمة الدين تبتلع الجزء الأكبر من موارد الدولة ، وعندما يهدد الإفلاس دولة ما يرغمها الصندوق على تخفيض النفقات ، وعلى انتهاج سياسة الخصخصة وتحرير الأسواق والمتضررالوحيد هم الفقراء ، إذ يعتبر الجوع نتيجة مباشرة للدين لأن الصندوق يقدم قروضا لدعم زراعة المحاصيل الزراعية التجارية التي تدعم القطاع التصديري وعندها يتحول كل الإنتاج إلى السوق ، والمتضرر من سياسة رسملة الزراعة هو الفلاح ، الذي لم يعد ينتج لاكتفائه الذاتي وما يفيض عن حاجته يبيعه الى السوق المحلية ، فضلاً عن أن هذه السياسة لا تكتفي بتجويع الفلاح وتدمير زراعته ، بل يتعدى الأمر إلى تجريده من ملكيته ، وذلك من خلال الاستثمار العقاري الذي يحول الأراضي الزراعية إلى تجمعات تجارية فارهة ويعتبر الاستثمار العقاري حلاً لأزمة فوائض الرساميل الذي يعيد توجيهها لصالح الأغنياء على حساب تهجير وإفقار الفلاحين والمهمشين الذين يقطنون في العشوائيات وتاريخياً أخذ التوسع العمراني بعداً طبقياً ، اذ استلزم تدمير أماكن سكن المهمشين والعمال ، وكان لماركس فضل السبق في تحليل هذه الظاهرة ، معتبراً أن الربح ليس مستمداً من أعمال البناء بل من الاختيار الذكي لموقع البناء واستغلاله ببراعة ، ويسوق وكمثال على ذلك بونابرت الذي حكم لصالح الرأسمالية، واستغلت البونابرتية في شخص هوسمان هذا الميل في باريس لأجل الاحتيال والإثراء الشخصي وكانت النتيجة إبعاد العمال من أوساط المدن إلى الأطراف.
لا ضير من القول ، أن الأزمة الراهنة التي يعيشها العالم تجعلنا نؤكد على تفوق النموذج الميركنتيلي الجديد ، الذي يحقق فوائض تجارية وهو الأكثر تطلعا إلى الهيمنة وذلك من خلال تحفيز المديونية وتصدير التضخم ، الذي غدا ظاهرة عالمية وسلاحا للحفاظ على معدلات الربح، والمتضرر الوحيد من الركود التضخمي وخصخصة الارباح، هي الطبقات الشعبية والتي توسعت دائرتها بعدما انضمت اليها شرائج اجتماعية جديدة.
التعيين الواقعي للطبقات والشرائح الاجتماعية الأكثر تضرراً من سياسة الرأسمالية المالية :
لقد تغيرت طبيعة عمل الطبقة العاملة ، وتعقدت بنيتها وتحولت عقليتها وزادت الفوارق داخلها بعد الثورات العلمية التكنولوجية ، وبعد التحولات التي طرأت على الرأسمال وقوة العمل ، حيث أصبح العلم قوة انتاجية ، وجرى التحول من الصناعات الكثيفة العمل إلى الصناعات الكثيفة العلم ، وتراجعت الصناعة لصالح ظهورعمال جدد منخرطين في سلك الثورة التكنولوجية وظهر نوع من العمل من ذوي المهارة العالية الذين يقومون بتشتغيل التكنولوجيا المعقدة القائمة على العلم ، وأصبح هناك طلبا على الكوادر العلمية المهندسين والمتخصصين، الأمر الذي أدى إلى زيادة العمال ذوي الياقات البيضاء ، المرتبطين بالطبيعة الطفيلية للرأسمالية الاحتكارية والاتساع في أجهزة الدولة والادارة البيروقراطية،والتي وجدت نفسها مجبرة على بيع قوة عملها للاحتكارات الكبيرة ، بنفس الطريقة التي باعتها الشريحة الأخرى من الطبقة العاملة ، إذ لم يعد العاملون المهندسون فئة مغلقة صغيرة فالشركات الاحتكارية تستخدم اليوم ألوفاً من أمثال هؤلاء المتخصصين ، الذين لم يشعروا بأنهم مجموعة ذات امتياز وأصبحوا أكثر انشغالا بالاشراف على الآلات وتسييرها ، يبذل العامل جهده البدني والمهندسالتقني جهده الذهني والاثنان يجهدان أعصابهما طيلة الوقت في المصنع أو في الشركات، ومن الجدير ذكره أن ماركس لم يقصر مفهومه عن البروليتاريا ،على أولئك الذين هم موضوع الانتاج بل أدرج في صفوف الطبقة العاملة كل أولئك الذين يخلق عملهم فائض قيمة ، أو يساعد فائض القيمة على الوصول الى أيدي الرأسمالية ، والرأسمالي لا يعنيه فقط اذا كان العامل ينتج فائض قيمة في شكل سلع ويهمه أيضا توفير الظروف لإعادة توزيعه من قطاعات الاقتصاد وهذا يشكل اضافة أقسام جديدة الى الطبقة العاملة.
مع زيادة تركز الرساميل وتصديرها إلى الأطراف على شكل قروض واستثمار عقاري ، كحل لأزمة فوائض الرساميل ورسملة الزراعة وطرد الفلاحين من أراضيهم ونزع حيازتهم، وتحولهم إلى هامشيين وعاطلين عن العمل، يكون قد ازداد عدد المفقرين واتسعت دائرة المتضررين بعد الخصخصة وسياسات التثبيت والتكيف الهيكلي ، الأمر الذي أدى إلى امتهان هؤلاء لأعمال هامشية ، وهي على درجة عالية من التنوع ، كبيع السلع الاستهلاكية والأطعمة والسجائر والسلع المستعملة على أرصفة المدن ، إضافة إلى أعمال البناء والتشييد والصيانة وجمع القمامة وتنظيف السيارات وأعمال الحراسة والخدمة في المنازل والعاملين في الفنادق والمطاعم مما أدى إلى تزايد الاستقطاب الطبقي وأفرز تحالفا طبقيا قوامه كبار التجار والمستوردين والمصدرين والمضاربين الماليين والعقاريين والنخب البيروقراطية ، ومقابل هذا التحالف المغلق يوجد قاعدة عريضة من الشرائح الاجتماعية، التي تضررت من سياسات خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر، وهي تتسم بالتفكك وعدم التنظيم والعفوية والتنافر وعدم الانسجام، والعنصر الغالب ضمن هذا التحالف هي الشريحة الهامشية أي العمالة الموسمية والمؤقتة والتي تشكل أكثر من نصف قوة العمل في العالم، التي أطلق عليهم ماركس حثالة البروليتاريا، واعتبرها كتلة سلبية معفنة تطرحها الطبقات الدنيا في المجتمع القديم ، و يمكن أن تكون قاعدة اجتماعية للأشخاص المحافظين، أما باكونين الذي هاجمه ماركس بشدة لأنه رأى في قطاع الطرق والخارجين عن القانون والجماهير الرثة والجائعة قوة ضاربة في الثورة الاشتراكية والتي يمكن أن تندلع في بلدان زراعية متخلفة ، وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بتطور اقتصادي صناعي وفق ما رأه ماركس وعول أي باكونين على الارادة وليس الظروف الاقتصادية،ويبدو أن لينين قد تأثر ببعض أطروحات باكونين الذي بدوره عول على الإرادة والوعي الطبقي عندما أبدع قانون تفاوت التطور، الذي صاغه على ضوء التجربة التاريخية للامبريالية مخالفاً بذلك ماركس والمناشفة وتحديداً بليخانوف وفي الوقت الذي اعتبر الفلاحين طبقة رجعية ودعامة للاستبداد الاوتوقراطي،رفع لينين شعار تحالف العمال والفلاحين وركز على الشروط التي تجعل من الفلاحين طبقة ثورية ، وبرهن على انه يمكن بناء الاشتراكية في بلد متخلف، وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بثورة عمالية على عكس الناروديين الذين اعتبروا الفلاحين طبقة ثورية ، وكانوا يحلمون بالانتقال الى الاشتراكية عن طريق المشاعة الروسية وانتقد لينين هذا التيار واتهمهم بالرومانسية مؤكداً على ضرورة عدم القفز فوق الثورة البورجوازية وعلى ضرورة تحالف العمال والفلاحين
قد يتقاطع النارودنيين مع أفكار ريجيس دوبريه وفرانز فانون وهربرت ماكوز الذين عولوا على ثورية الفلاحين وضرورة تحالفهم مع المثقفين والطلاب، اذ لا يمكن للطلاب وحدهم اشعال ثورة ولا يمكن اعتبارهم قوة ثورية ولا طليعة ، اذا لم يكن هناك جماهير قادرة واعية، يمكن أن يكون للطلبة دوراً ثورياً بفعل الثورة التكنولوجية ، بيد أن هؤلاء ليسوا طبقة ثورية بالمعنى الماركسي للكلمة ، لأنهم ينتمون إلى أصل طبقي مختلف ، ويعكسون الأفكار المتناقضة لمختلف الطبقات والخلفيات الاجتماعية ، وغالبية الطلاب لا ينتمون إلى أصل عمالي وهم ليسوا ضحايا الاستغلال الرأسمالي ولا ينتجون فائض قيمة ، حتى و إن كانوا يعانون من مظالم النظام الرأسمالي . من يمكنهم أن يكونوا قوة ثورية هم العمال الجدد والتقليديون الذين يرتبطون بتنافض أساسي مع نظام الملكية وهم موزعين في كل البلاد الرأسمالية واذا وضعوا ثقلهم في المعركة الطبقية يمكن أن يغيروا موازين القوى لأن لديهم خبرة في الصراع الطبقي ، وهم موجودين في المصاتع والمكاتب والشركات.
غني عن البيان القول ، بأن البروليتاريا الجديدة ستكون مؤلفة من العمالة الاختصاصية التقنية والعمالة التقليدية، اضافة الى الهامشيين والعمالة المهاجرة بفعل التدويل الجزئي لسوق العمل، وملايين السود والأقليات ويمكن أن يكون هذا التحالف بمثابة جبهة ثورية ، ستفرز مثقفيها ويكون لها فهمها الذاتي وستصبح قادرة على أداء وظيفتها كقائدة للنضال، اذ لم تعد الثورية حكراً على الطبقة العاملة الصناعية كما توقع ماركس وهناك قراءات أخرى يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار كالقراءة التي قدمها كل من انطونيو نيغري وديفيد هارفي وتيري ايغلتون والذين انضموا الى كل من ريجيس دوبريه وفانون وماكوز الذين عولوا على ثورية الفلاحين و العمالة الهامشية ، ويمكن أن نعتبر ما قدموه اضافة جدية للماركسية وأسلحة نضالية جديدة من أجل الاشتراكية سيما وأن الانتفاضات الشعبية أثبتت صوابية هذه القراءة وهذا التحليل ، إذ كان للطبقات الشعبية المهمشة دوراً أساسياً في اشعال هذه الانتفاضات لربما يكون التاريخ أنصف باكونين ولينين اذ لا يمكن للفلاحين أن يكونوا طبقة ثورية من دون تحالفهم مع العمال أو المثقفين والطلبة ، وفي غياب هذا التحالف يمكن ان يكونوا قاعدة للانظمة الرجعية وخاصة في الأطراف ، لأن الصراع الطبقي يمكن أن يأخذ شكلا دينيا لأن الاغتراب الرأسمالي لم يصيح كاملاً.