جاء الحزب ..... راح الوطن


محمد بودواهي
2021 / 1 / 30 - 20:55     

توالت التجارب الحكومية لاكثر من ستين سنة مضت في تدبير الشان العام الوطني عبر طرح برامج سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية تختلف كل واحدة منها عن الاخرى انطلاقا من الرؤية الخاصة لكل تيار او حزب حاكم عبر خطه الايديولوجي و قناعاته الفكرية و اطروحاته النظرية و تدابيره العملية على الارض لواقع باءس و متخلف يرثه كل واحد منهم عمن سبقه حيث يعد بمختلف الوعود ابان حملاته الانتخابية بتغييره الى الاحسن و تحييد كل المساوء و النواقص فيه و دلك عبر تجفيف كل منابع الفساد و الفقر و الامية و الحكرة و تقوية كل مؤشرات الضعف دات الاسباب المختلفة و المتنوعة في كل القطاعات الاستراتيجية من تعليم و صحة و شغل و غيرها و تسطير برامج اصلاحية تتوخى قدر الامكان الدفع بعجلة التنمية و التطور الى الامام و التقليل من الفرص الضاءعة و من الاخطاء المرتكبة و السلبيات المحتملة و العمل بالجدية المطلوبة و الحزم المنتظر لتحقيق داك الحد الادنى من النجاح الدي تم الوعد به .
و لقد كانت تلك التجارب الحكومية كلها تتفادى الوضوح في الرؤية و تتجنب الصراحة في تشخيص الواقع و تبالغ كثيرا في تجميل الخطاب و في تضخيم الوعود لتجني في اخر التجربة نتاءج مخيبة للامال و ضعيفة المستوى و دات عاءدات لا تكاد تدكر ...
فبعد مقتل البوعزيزي في تونس نهض الشعب التونسي عن بكرة ابيه في انتفاضة تاريخية اسقطت نظام بنعلي مما كان سببا في اشعال الثورات في كل المنطقة من شمال افريقيا الى الشرق الاوسط من ضمنها انتفاضة 20 فبراير التي كادت ان تقلب كل موازين القوة لصالح الشعب المغربي لولا الخيانة التاريخية لحزب العار الاسلاموي العدالة و التنمية الدي قبل ان يقود المرحلة و ان يخرج عن صف الحراك و ان يتحمل مسؤولية تسيير الحكومة الجديدة و ان يقنع بدوره جماعة العدل والاحسان دات التوجه الاسلامي بالقيام بنفس الفعل و الخروج من انتفاضة الشعب و هو الامر الدي كان له كبير الاثر في اضعاف الحراك و بالتالي تكسير المد النضالي و ما نتج عنه من نتاءج كارثية تجلت في اعادة الدماء الى الجسم المخزني الدي استطاع ان يستغل الظرفية عبر تقوية الدات و لم كل الصفوف من اجل شن هجمة مضادة كانت السبب في ضرب كل المكتسبات و الاجهاز على كل الحقوق حتى اصبح الوضع السياسي الان و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الحقوقي يعيش نكبة حقيقية غير مسبوقة يعيش على اثرها كلا من المواطن و الوطن اسوء مرحلة تاريخية مند الاستقلال الشكلي في 1956 الى الان ...
و لدلك فان تجربة الحكومتان الاخيرتان اللتان قادهما حزب العار العدالة و التنمية الاسلاموي فاقتا كل التصورات و تجاوزتا كل حدود المعقول و سببتا في انهيار كلي و شامل لكل المجالات و الاطارات و المؤسسات و لكل القيم و المعنويات و البرامج و لكل الارقام و الاحصاءيات و هو انهيار للواقع و الحاضر و الاكثر منه للغد و المستقبل حيث كل شيء راح راح راح راح .....
لقد راح الوطن برواح التعليم و المدرسة التي اصبح جزءها الاكبر بيد الخواص حيث ابناء الشعب تمتص دماؤهم مقابل تلقي تعليم ضعيف و سيء و غير دي جدوى لا علاقة له بمتطلبات سوق الشغل مما يحتم توسيع وعاء البطالة الى تلك الحدود التي اصبح الواقع فيها متازم جدا و
لا يطاق ...
لقد راح الوطن برواح الصحة و المستشفيات و كل ما كانت تتوفر عليه من معدات و اجهزة و اطر و ادوية حتى اصبح القطاع عبارة عن بنايات شبه فارغة الا من مرضى مستلقون على الارض في واقع تتعايش معهم فيه كل كل الحيوانات الضالة من قطط و كلاب و طيور و بوم وحشرات متنوعة مكانها الاصلي هو المراحيض و الاماكن العفنة ...
لقد راح الشغل حيث البطالة ضربت اطنابها و اصبحت واقعا اخطبوطيا تمتد اطرافه الى كل القطاعات دون استثناء مع ما ينتج عنه من ماسي اجتماعية رهيبة حيث ارتفاع الجريمة بشكل غير مسبوق و حيث الجوع و الفقر و الحرمان و حيث الهجرة السرية فاقت كل حدود المعقول حيث اصبح البحر و الحيثان يشعران بالتخمة في ابتلاع مءات الجثت يوميا لشباب في مقتبل العمر رمى بهم اعداء الوطن الى هدا المصير السوداوي المظلم ...
لقد راح الوطن برواح الاقتصاد حيث المديونية بلغت ما يقارب 100 في 100 لميزانية الدولة و المال العام للشعب مما سيجعل الحكام الظلمة يقترفون نفس الجريمة في اخد المزيد من القروض ما دامت السياسة الحكيمة و العقلانية لازالت بعيدة عن افكارهم و ادهانهم المريضة و العقيمة...
س
لقد راح الوطن برواح خيراته من فوسفاط و دهب و معادن و اسماك و مواد فلاحية متنوعة ...و هي التي راحت و ابتعدت عنا ليستفيد منها و يشبع بها كل القاصي و الداني في الشمال و الجنوب و في الشرق و الغرب من كرتنا الارضية و باثمان بخسة جدا لا تساوي حتى عشر القيمة التي تباع بها في وطنها الام و لمواطنها المسكين الدي لا حق له فيها الا في انتاجها و الحصول عليها بمشقة العمل و التعب البالغين جدا ...
لقد راح الوطن برواح كل صناديقنا السيادية التي كانت تختزن فيها مءات الملايير من الدراهم و راح معها كل الخدمات التي كانت تقدمها للمواطن و راح معها تلك المساعدات التي كانت من خلالها تخفظ اسعار الكثير من المواد الاساسية حتى يصبح في المتناول اقتناؤها و حتى لا تشكل عبءا كبيرا على جيبه الدي هو اصلا شبه فارغ بفعل الاجور المتدنية جدا و بفعل البطالة المستفحلة الى اوسع نطاق ...
لقد راح الوطن برواح عاءدات كل خيرات الوطن ليتم بها بناء اوطان بعيدة في في شرق افريقيا و في غربها و وسطها و لعل دولة جنوب السودان و الكوت ديفوار لاحسن مثالين في هدا المجال و حيث جل الابناك في وطننا راحت لتستثمر هناك بعيدا عنا عبر عبر انشاء الطرق و تاهيل المدن بشتى انواع البناء و التشييد و في كل المجالات الحيوية و الاقتصادية و عبر استعمال الفوسفاط و كل مشتقاته في النهوض بالزراعة و الصناعة على حد سواء و بصفر درهم بينما فلاحتنا تعاني من الضعف و النقص بسبب غلاء هده المواد في السوق الوطنية ...
لقد جاء الحزب و راح الوطن عبر رواح المغرب العميق في الاطلس و الريف و الجنوب الشرقي ليبقى منغمسا في فقره و جهله و ماساته معرضا لكل انواع القهر و الاستبداد و لكل اساليب التبخيس و الحط من الكرامة عبر تعريضه لشتى انواع التعديب الجسدي و النفسي سواء عبر الاهمال و الحصار و التجويع و التقليل من فرص العمل الناتجة عن التهميش المطلق و الغياب التام لعامل التنمية و الاستثمار او عبر سن سياسة القمع و الترهيب و فتح السجون على مصراعيها لاحتضان كل اشراف هدا الوطن و مناضليه و احراره من اخواننا في الريف و كل مناطق المغرب العميق و من صحفييه و حقوقييه و قضاته و مثقفيه العضويين الدين لم يختاروا ابجا الانضمام الى جوقة عملاء النخاسة و الدل الدين رضوا ان ينالوا رضى المخزن و ان يعملوا تحت سياساته و توصياته و ادبياته اللاشعبية و اللاديموقراطية مقابل فتاة مهين و مقابل قضاء تلك المصالح الضيقة و التي هي على حساب انفتهم و كبرياءهم و على حساب كرامتهم و انسانيتهم بل اختاروا معانقة كل فقراء الشعب و احراره و التخندق معهم في خندق النضال و الكفاح من اجل الوصول الى غايات سامية عنوانها العريض هو الحرية و الديموقراطية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و بناء مغرب لا مكان فيه للظلمة و الفاسدين و لكل حماة الاستبداد و التخلف ..
لقد راح الوطن برواح الانسان المغربي الدي اصبح عبارة عن كاءن شبح لا وجود له على الارض الا كظل و خيال لا روح فيه و لا امل ...و راح الوطن الدي لم يعد فيه وجود الا لكل الكيانات المهاجرة من الشمال و من الجنوب من البيض و من السود التي اصبحت تستولي على جزء كبير من بيوتنا و من ازقتنا و شوارعنا و من خيراتنا و املاكنا حيث اصبح ابناؤنا و بناتنا مجرد خدم لهم يقومون بكل الاعمال و الاشغال الشاقة و المتعبة و لساعات طوال في اليوم مقابل الفتات من الاجر و الطعام ...
لقد جاء الحزب و راح الوطن بعد تعرضه لكل هدا النزيف القاتل ...لكن الاكيد ان المواطن لم يرح و لن يروح ابدا حيث سيبقى يقاوم و يكافح و لو بقي فيه عرق واحد ينبض حيث التاريخ يؤكد هدا و حيث تجارب الامم يا ما كتبت عن ماسيها و الامها و نكباتها باقلام من دماء لكن عتمة الليل لا بد لها من ان تنتهي و تزول بعد ان يلوح فجر الحرية داك الفجر القادم باضواءه النيرة و انواره البراقة ليكون داك المستقبل الدي سيقطع مع الماسي و الالام و سيزرع محلها كل الامال في حياة كلها سعادة و رفاهية ...
انه المستقبل القريب حيث يروح ظلام الحاضر و يروح معه حزب العار الاسلاموي الدي لم يسء الا لنفسه عبر سقوطه في مستنقع المخزنة و حيث يلفضه الواقع و الشعب و يرموا به الى مزبلة التاريخ و الى غير رجعة ...