الاندماج كأفق / الاندماج كقرار.....1


محمد الحنفي
2021 / 1 / 26 - 14:40     

تقديم:
إن الأمل في اندماج أحزاب اليسار الديمقراط،ي قائم أساسا في فكر، وفي ممارسة المنتمين إلى الأحزاب اليسارية الثلاثة، التي أخذت على عاتقها أن تندمج في حزب اشتراكي، أو يساري كبير، في حزب ديمقراطي كبير، في حزب يساري كبير. وهذا الاندماج، لا يتأتى هكذا، بل لا بد له من إنضاج الشروط، التي على أساس إنضاجها، يتم الاندماج فيما بين الأحزاب الثلاثة.

وإذا كان الاندماج كأفق، يقتضي إنضاج الشروط المادية، والمعنوية، وخاصة منها الشرط الأيديولوجي، والشرط التنظيمي، والشرط السياسي، كشروط أساسية، لا يمكن الاندماج أبدا بدون إنضاج هذه الشروط، فإن الاندماج كقرار، لا يهتم إلا بالتسريع بعملية الاندماج، مهما كانت عملية الاندماج مضرة بمستقبل المنتمين إلى الأحزاب الثلاثة، وبمستقبل الطبقات الاجتماعية المستهدفة بعملية الاندماج.

فالاندماج كأفق، يفرض على المنتمين إلى الأحزاب الثلاثة، العمل المتواصل، من أجل إنضاج شروط الاندماج، على المستوى الأيديولوجي، وعلى المستوى التنظيمي، وعلى المستوى السياسي، وعلى مستوى كل الأدبيات الحزبية المتعلقة بالاقتصاد، وبالاجتماع، وبالثقافة، وبالسياسة، وبالعلاقات الداخلية، والخارجية، حتى يتأتى الاندماج على أسس متينة، ويضمن للحزب المندمج، أو الحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير، أن يشق طريقه في أفق اكتساح كل الميادين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل أن تترسخ مكانته في المجتمع المغربي، وبين جميع أفراد الشعب المغربي، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستهدفين بنضال الحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير، الذي يصير من الشعب، ويناضل من أجل الشعب، ويحرص على تحقيق التحرير، والديمقراطية والاشتراكية.

أما الاندماج كقرار، فلا يمكن أن يكون إلا فوقيا، وبيروقراطيا، ولا يمكن، أبدا، أن يكون في مستوى ما هو مطلوب من الإنسان، الذي يسعى إلى التعبير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية.

ففي أي بلد، وفي أي وطن، لا يكون التغيير، أبدا، بالقرارات الفوقية البيروقراطية، ولا يمكن السعي إلى التغيير، بناء على تلك القرارات، ذات الطبيعة البيروقراطية، ما لم تساهم في بلورتها قواعد الأحزاب الثلاثة، المكونة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، باعتبارها الإطار، الذي يتم فيه إنضاج شروط الاندماج بين المكونات الثلاثة، في أفق إيجاد حزب اشتراكي، أو يساري كبير، يقود الصراع في مستوياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ضد الطبقة الحاكمة، وضد المستغلين في مستوياتهم المختلفة، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وعندما يساهم المناضلون الأوفياء، فإن الاندماج يضمن له النجاح، والفعل الإيجابي، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفي تعبئة الجماهير الشعبية الكادحة، من أجل خوض المعارك، التي يسعى إليها الحزب، في أفق تحقيق الأهداف المسطرة، والتي تهم بالخصوص: تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف مرحلية / استراتيجية.

فماذا نعني بالاندماج بصفة عامة؟

وما المقصود بالاندماج كأفق؟

وما المراد بالاندماج كقرار؟

وما هو الفرق بين هذه الأشكال الثلاثة من الاندماج؟

وهل الاندماج، في حالة تحققه بصفة عامة، يؤدي دوره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية؟

هل الأفضل أن نصل إلى الاندماج القائم، على أساس إنضاج الشروط الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية؟

أم أن الاندماج، بدون إنضاج الشروط، هو الأفضل؟

وهل نستطيع، بقيام الاندماج، بين مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن نعمل على تحقيق الأهداف المسطرة، لعمل الحزب المندمج؟

أم أن الاندماج، لا يتجاوز أن تتحول الأحزاب الثلاثة المعتبر كل حزب منها صغيرا، إلى مجرد حزب صغير، يبحث عن أحزاب صغيرة، يتحالف معها، وتساهم بدورها، في تكوين فيدرالية اليسار الديمقراطي بعد حين؟

أليس السعي إلى الاندماج، بدون إنضاج الشرط الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، مجرد سعي إلى تحقيق العبث؟

فإذا كان الاندماج إعلانا، عن حل الأحزاب الثلاثة، التي لم تستطع تحقيق أهدافها، مجرد عبث بمصير الأحزاب المذكورة؟

أليست المحافظة على الأحزاب المذكورة، بهياكلها المختلفة، تعتبر مسألة أساسية، في أفق إنضاج شروط الاندماج؟

هل يمكن للأحزاب المذكورة، أن تستعيد مكانتها في المجتمع، بعد فشل الاندماج؟

وهل في إمكان الحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير، أن يعوض ما تقوم به الأحزاب الثلاثة، المكونة لفيدرالية اليسار الديمقراطي في حالة حل نفسها؟


أليس التريث أفضل وسيلة لإنضاج شروط الاندماج في الحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير؟

ولماذا هذه الأصوات، التي تحاصرنا من هنا، ومن هناك، والتي تعمل على التسريع بعملية الاندماج؟

وهل نستطيع في ظل الشروط القائمة، العمل على إنضاج الشروط المذكورة؟

إن موضوع الاندماج كأفق، والاندماج كقرار، موضوع شائك، يقتضي التأني في الفهم أولا، وفي استيعاب ما يجب عمله، مرورا بالاندماج كأفق، ووصولا إلى الاندماج كقرار، عندما يصبح الاندماج أمرا تقتضيه مصلحة الوحدة.

وفيدرالية اليسار الديمقراطي الآن، يتصارع فيها رأيان أساسيان:

الرأي الأول: يتمسك بالعمل الفيدرالي، في أفق الاندماج، على أساس أن يعمل الجميع، من أجل إنضاج شروط الاندماج أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، من أجل التخلص من تعدد الأحزاب اليسارية، الساعي إلى تحقيق نفس الأهداف؟

فالاندماج كأفق، معناه: الإعداد المادي، والمعنوي، في إطار فيدرالية اليسار الديمقراطي، من أجل إنضاج الشروط المادية، والمعنوية، المفضية إلى أجرأة الاندماج، الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، الذي يصير قائما ميدانيا؛ لأن الأحزاب الثلاثة، مكونة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، ثم بعد ذلك، يتم اتخاذ الخطوات اللازمة، من أجل أجرأة الاندماج على المستوى الوطني، مركزيا، وجهويا، وإقليميا، ومحليا، وقاعديا، على أساس إعادة التربية، من أجل اندماج الأحزاب الثلاثة، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.

الأمر الثاني: الاندماج كقرار، الذي يتخذ مركزيا، وبدون مراعاة إنضاج الشروط الموضوعية للأحزاب الثلاثة، لا على المستوى المركزي، ولا على المستوى الجهوي، ولا على المستوى الإقليمي، ولا على المستوى المحلي / القاعدي، الذي يتغير ما بين عشية وضحاها.

ولذلك، فالاندماج كقرار، إذا لم يراع الشروط الضرورية للاندماج، والتي لا تخرج عن كونها أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، وضرورة تحقق الوحدتين: الأيديولوجية، والسياسية، حتى تتحقق الوحدة التنظيمية، ومن أجل أن تتحقق الشروط الموضوعية، المؤدية إلى الاندماج جهويا، وإقليميا، ومحليا، وقاعديا، في حالة تحققها ميدانيا، على أن يكون هناك تفاعل بين ما هو قاعدي، أو محلي، أو إقليمي، أو جهوي، وبين ما هو وطني، فيما يتعلق بالاندماج، لأنه من الصعوبة بمكان، تغيير الانتماء من حزب، إلى حزب آخر، أو حل تنظيم حزبي معين، وتأسيس حزب آخر، في مثل حالة المنتمين إلى مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي.

وإذا اقتضت الشروط الموضوعية التسريع باندماج الأحزاب الثلاثة، فإن على القيادات الحزبية، في مستلزماتها المختلفة، أن لا تتنازل عن الشرط الأيديولوجي، والشرط السياسي، قبل اللجوء إلى تحقيق الشرط التنظيمي، من أجل أن نضمن الوحدة الأيديولوجية، والوحدة السياسية، باعتبارهما يعطيان إشعاعا للحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير، ويجلبان إليه منتمين جددا، من مختلف الأعمار، بسبب أيديولوجية الحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير، وبسبب مواقفه السياسية، التي تتداولها وسائل الإعلام، ويتداولها الناس فيما بينهم، إعجابا بالحزب الاشتراكي، أو اليساري الكبير.