في تاريخ وسياسة ثورة 14 تموز 1958 المجيدة


سلام ابراهيم عطوف كبة
2021 / 1 / 26 - 01:05     

نص التصريحات التي ادلى بها سيادة الدكتور ابراهيم كبة لمراسل وكالة انباء المانيا الديمقراطية (ادن) في 3 تموز 1961 في بغداد
في 3 تموز 1961 تفضل الدكتور ابراهيم كبة مشكوراً، بالادلاء برأيه في مقابلة صحفية مع السيد يورغن كيدنك مراسل وكالة انباء المانيا الديمقراطية (ادن) في بغداد حول مسألة برلين الغربية بالطريقة التي اقترحها الاتحاد السوفياتي وجمهورية المانيا الديمقراطية .وكانت الاسئلة كما يلي:
1. مارأيكم في ضرورة ابرام معاهدة الصلح الالمانية، بعد 16 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكي يزال انبعاث العسكرية الالمانية من جديد؟
2. هل تعتقدون بان معاهدة للصلح كهذه ستسند كفاح الشعوب العربية المناهض للاستعمار (الجزائر و فلسطين ) ؟
3. ما رأيكم بفكرة جعل المانيا محايدة عسكرياًً كما اقترح ذلك الساسة البارزين من المانيا الديمقراطية ؟
وقد آثر سيادة الدكتور ابراهيم كبة جعل الاجابة واحدة كما يتضح من النص الآتي:
قد يبدو من الغرابة بمكان انسلاخ 16 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية بالاستسلام الكامل غير المشروط للاستعمار الالماني امام قوى الحلف المعادي للهتلرية وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي دون ان تعقد خلالها معاهدة صلح مع المانيا لانهاء آثار تلك الحرب المدمرة ووضع الاسس الجديدة لعالم ما بعد الحرب بما ينسجم والتغيير الجديد في ميزان العلائق الدولية لصالح قوى الاشتراكية والديمقراطية والسلم.
ويبدو الامر اكثر غرابة اذا علمنا بان اتفاقية بوتسدام ( آب 1945 ) التي وقعتها الدول الكبرى الثلاث المنتصرة قد سجلت بشكل تفصيلي ومحدد نوعية الاسس والمبادئ التي يجب ان تسير بموجبها المانيا الجديدة لما فيه خير الانسانية وصالح السلم ، كما نصت ايضاً على ضرورة عقد معاهدة صلح مع المانيا وكلفت مؤتمر وزراء خارجية الدول الاربع لتهيئة ذلك.
ان كل دراسة للقضية الالمانية برمتها لا يمكن ان تبدأ الا من دراسة الاسس والمبادئ العادلة التي تضمنتها اتفاقية بوتسدام في هذا الصدد .ويمكن تلخيص الاسس المذكورة بكل اختصار فيما يلي:
1. ضرورة توفير جميع الشروط لتكوين المانيا سلمية عاجزة عن استئناف العدوان الذي شنه الاستعمار الالماني اكثر من مرة في اوروبا وفي العالم.
2. استئصال النازية والعسكرية الالمانية بصورة كاملة .
3. القضاء على الاحتكارات الامبريالية وعلى التركز الاقتصادي المفرط في المانيا (وخاصة عن طريق الكارتيلات والسنديكات والترتسات والاحتكارات الاخرى)كما جاء في الاتفاقية بالنص.
4. تنظيم المانيا الجديدة على اسس ديموقراطية وضمان الحريات الكاملة للاحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية والمهنية.
5. ضمان الوحدة الالمانية بالرغم من مناطق الاحتلال الاربع الموقتة، وذلك بانشاء ادارات مركزية لعموم المانيا تعبد الطريق للدولة الالمانية الموحدة.
قلنا ان اتفاقية بوتسدام عهدت الى مؤتمر وزراء خارجية الدول الاربع لتهيئة معاهدة الصلح مع المانيا .. وقد بذل الاتحاد السوفياتي جهوداً عظيمة بصبر عجيب وطول اناة داخل المؤتمر المذكور وخارجه لتنفيذ النص المذكور، واستمر طيلة الستة عشر عاماً الماضية يلح على دول الغرب بضرورة عقد معاهدة الصلح مع المانيا وفق مبادئ بوتسدام ، وتقدم بمختلف العروض المعقولة منذ المؤتمر الاول لوزراء خارجية الدول الاربع في باريس عام 1946 حتى بيانات خروشوف الاخيرة التي كرر فيها تصميمه النهائي على عقد معاهدة صلح انفرادية مع جمهورية المانيا الديموقراطية خلال هذا العام ان لم تستجب الدول الغربية بصوت العقل والعدل والسلم وتنهى الوضع الشاذ الخطير القائم الان في المانيا وبرلين.
كذلك تقدمت الجمهورية الالمانية الديموقراطية سواء كان ذلك على لسان مجلسها الشعبي او حكومتها او قادتها البارزين بمختلف الاقتراحات لحكومة بون ومجلس البوندستاغ والحزب الاشتراكي الالماني طالبة التفاوض باي شكل من الاشكال لحل المسألة الالمانية لمجموع او بعض عناصرها على الاقل ... وفي مقدمة ذلك مسألة عقد معاهدة الصلح ،ولكن دول الغرب وحكومة اديناور بدل ان تنفذ التزاماتها الدولية بهذا الصدد، عمدت لتنفيذ خطة اخرى ماكرة ولكنها مفضوحة بقصد دفع الاستعمار الالماني مرة ثالثة لاثارة حرب عالمية جديدة تهدد اجزاء كبيرة من الجنس البشري بالفناء.
ان خطة الدول الغربية بدأت منذ المؤتمر الاول لوزراء خارجية الدول الاربع في باريس عام 1946 عندما رفضت بفضاضة اقتراح الاتحاد السوفياتي بتشكيل حكومة مركزية لعموم المانيا وبادرت منذ تلك اللحظة لتنفيذ مشروع ماركنتو الامريكي (1944) لتقطيع اوصال المانيا وتشكيل اكثر من دولة واحدة فيها واعادة حكم الاحتكارات اليها ، واضعاف طاقاتها النضالية السلمية ، واثارة نزعات الانتقام والعداوة البهيمية في شبابها، وتسليحها حتى الاذقان لتكون راس الحربة في معاودة الهجوم على المعسكر الاشتراكي وعلى قوى السلم والديموقراطية في العالم اجمع. ومنذ ذلك العام (1946) تتابعت خطوات الدول الغربية في هذا الطريق الشائك،فاعلنت امريكا وبريطانيا تشكيل المنطقة الثنائية في القسم الغربي من المانيا (كانون الاول 1946)والتي تحولت فيها بعد الى المنطقة الثلاثية، ثم طالبت فرنسا رسمياً بفصل الرور والراين عن جسم الدولة الالمانية (1947) ... ثم مالبثت امريكا ان اعلنت مبدأ ترومان (آذار 1947 ) فمشروع مارشال (حزيران 1947) التي ادخلت فيما بعد المانيا الغربية فيه قسراً دون اي استشارة شعبية، ثم حدث الحادث الاستفزازي الخطير عندما عمد الغرب الى شق مؤتمر لندن لوزراء الخارجية (تشرين الثاني 1947 ) وعمد الى عقد مؤتمر انفصالي غربي في صيف 1948 تقدم بما يعرف الان بتوصيات لندن التي وضعت ونفذت الخطوط النهائية لتجزأة المانيا وفرض نظام الاحتلال الغربي عليها ... ثم قام الغرب بالاصلاح النقدي الانفرادي المزعوم في المانيا الغربية في حزيران 1948 ، تلاه بتشكيل (المجلس البرلماني) المزيف ، فاعلان دولة بون في ايلول 1949.
وما ان وضع اديناور على راس الحكم في المانيا الغربية حتى بادر بشكل محموم استفزازي الى تنفيذ خطة الاستعمار العالمي في تهيئة الحرب العالمية الثالثة وذلك لارجاع عجلة التاريخ الى الوزراء واستعادة مواقع الاستعمار المنهارة في كل مكان وخضد شوكة الحركات التحررية والوطنية والقضاء في زعمه على العسكر الاشتراكي.
لقد بادر اديناور الى تصديق نظام الاحتلال الغربي في دولته الجديدة (1949) ثم اعقب ذلك بتصديق اتفاقية ادخالها في مشروع مارشال (كانون الاول 1949) وسارع الى رفض اقتراح جمهورية المانيا الديموقراطية لتشكيل مجلس تأسيسي لعموم المانيا يكون نواة لأعادة توحيد المانيا(1950)... وبدل ان يستجيب اديناور لطلب الرئيس غرونغول المعقول لعقد مؤتمر يمثل كلا الدولتين الالمانيتين لمناقشة اجراء انتخابات حرة في مجموع البلاد وتشكيل جمعية وطنية موحدة تقرر تشكيل دولة المانية موحدة ديموقراطية وسلمية، رد عليه بضرورة الحاق المانيا الديموقراطية بدولته الاستعمارية (بيان اديناور في ايلول 1951).
لقد رفض اديناور حتى مجرد فكرة المفاوضات بين اي كان حول المسالة الالمانية ، واعتبر مثل هذه المفاوضات المذكورة (ضربة قاسية لمجموع المانيا) – خطابه في البوندستاغ في 3 نيسان 1954. ولكنه لم يتورع عن ادخال بلاده في مجموعة الدفاع الاوروبية بتصديق ما يعرف (بالمعاهدة العامة)5 ايلول 1954 ، وطلبه علنا السلاح الذري من دول الغرب كرد على اقتراح اولبرفت في اجراء مفاوضات بين الدولتين الالمانيتين مباشرة حول المسألة الالمانية وعقد معاهدة الصلح(25 تشرين الثاني 1953). ثم عقد مؤتمر مؤتمر برلين التاريخي في كانون الثاني 1954، وتقدم الاتحاد السوفياتي باقتراحات تفصيلية عادلة حول مجموع المسألة الالمانية على اساس تحضير مسودة لمعاهدة الصلح مع المانيا من قبل الدول الاربعة بعد استشارة ممثلي كل من الدولتين الالمانيتين،وعقد مؤتمر للصلح لمناقشة المسودة وتصديقها ثم اجراء انتخابات حرة في مجموع المانيا تمهد لاعادة توحيد البلاد تحت اشراف حكومة مؤقتة لمجموع المانيا. ولكن الدول الغربية كعادتها عادت فرفضت تلك الاقتراحات. واستمر اديناور في متابعة تنفيذ خطط اسياده الاستعماريين فاعلن بشكل استفزازي ردا على مذكرة الجمهورية الالمانية الديموقراطية حول ضرورة الغاء معاهدات بون وباريس ، رد بان المانيا الموحدة نفسها سوف تبقى في الاحلاف الغربية العدوانية وفعلا تم نفاذ مفعول الاتفاقيات المذكورة التي ادخلت جمهورية بون في حلف الناتو( الاطلسي) اعتبارا من آذار 1955. وبالرغم من هذا الاجراء العدواني الخطير لم تيأس جمهورية المانيا الديموقراطية ولم تفقد صبرها فاستمرت في تقديم اقتراحاتها البناءة لاجراء استفتاء عام حول تسليح المانيا وعضويتها في الاحلاف العسكرية(اقتراح المجلس الشعبي على البوندستاغ 1955) واجراء انتخابات حرة بعد الغاء اتفاقيتي باريس وبون(اقتراح كروترزل في آب 1955 ) وتشكيل مجلس لمجموع المانيا كاداة فعالة لتوحيدها على اساس كونفدرالي (اقتراح اولبرفت في 30 كانون الثاني 1957)... ولكن اديناور رد على جميع ذلك باعلان الخدمة العسكرية الالزامية(تموز 1956) واستحصال قرار من الغرب بتزويد دولته الاستعمارية بالسلاح الذري (آذار 1958 ). الخلاصة ان سياسة اديناور حول المسألة الالمانية هي سياسة خيانية فاضحة لمصالح الشعب الالماني فضلا عن تهديدها الخطير للسلم في اوروبا وفي العالم اجمع.
ان هذه السياسة تقوم من جهة على ادامة تجزئة المانيا وعرقلة وحدتها على اسس ديموقراطية سلمية. وتقوم من جهة ثانية التهيئة الجدية لتنفيذ خطة عدوانية انتقامية على خطوات لالحاق المانيا الديموقراطية وحدها بحكومة بون الاستعمارية فقط بل للاعتداء على جميع الدول الاوروبية المجاورة واحباط نتائج الحرب العالمية الثانية التي اثارتها الفاشية والعسكرية الالمانية. ومن يطالع المطبوعات الرسمية في المانيا الغربية ومنها مثلا مجلة (سولداتن زايتونغ) التي تمولها وتديرها وزارة الدفاع الالمانية الغربية يجد تفاصيل صريحة عن اهداف الاستعمار الالماني الاجرامية في هذا الصدد، فهو يريد علانية اعادة ما يسمى (بالمناطق الشرقية) الى حدود عام 1937 ، واسترجاع اراضي السوديت الجيكوسلوفاكية الى حدود اتفاقية ميونيخ 1938 ، واستعادة ميمل حسب حدود 1939، واغتصاب الدانزك والممر البولوني وسيليسيا العليا الى حدود الامبراطوريةالقيصرية قبل الحرب العالمية الاولى.... الخ .... بل ان هناك وثائق رسمية وشبه رسمية كثيرة تدل على نيّة اديناور السخيفة في القضاء على المعسكر الاشتراكي برمته باسم مايسمى (تحرير) مجموع اوروبا الشرقية من الخطر الشيوعي المزعوم. وقد جاء في تصريحات النائب الالماني الغربي هاينمان في مجلس البوندستاغ في جلسة 13 كانون الثاني 1958 بمناسبة مناقشة بعض اوجه القضية الالمانية... جاء ب (ان اديناور لن يوافق على اجراء انتخابات حرة حول الوحدة الالمانية ومعاهدة الصلح قبل (تحرير مجموع اوروبا الشرقية).
وتقوم سياسة اديناور من جهة ثالثة على تسليح المانيا وتزويدها باحدث الاسلحة الذرية والصاروخية واعادة الجنرالات النازيين من مجرمي الحرب مرة ثانية على راس الجيش الالماني العدواني، وقد صرح وزير الدفاع الالماني الغربي شتراوس في 23 حزيران 1960 في مجلس البوندستاغ بان المانيا تستطيع تجهيز حوالي مليون جندي نتيجة الخدمة العسكرية الالزامية وحوالي 5 ملايين جندي آخر تحت اسم ما يسمى (الدفاع المدني)، هذا فضلاً عن الفيرماخت التابع لمنظمة الناتو(حلف الاطلسي) والجيش الاقليمي وحرس حماية الحدود. وبوليس البرايتشافت وعشرات المنظمات شبه العسكرية كمنظمة الخوذ الفولاذية والكيفهوبزربوند .... الخ
ان جيشا على رأسه امثال شتراوس وشبايول واوزنكر وبلانك يشكل خطراًَ مميتا على مجموع الشعوب الامنة وعلى السلم العالمي مباشرة وسينهمك في خدمة الاحتكارات العالمية والالمانية. ويكفي ان يعلم المرء ان جمهورية بون يديرها اليوم امثال اديناور وشرويدر وايرهارد وكرستنماير وغلوبكة واوبرلاندر بالتواطؤ مع خونة الاشتراكية الانتهازيين امثال مومر و فينر ليدرك بوضوح الخطر الهائل الذي ينبعث اليوم من هذه الدولة الاستعمارية العدوانية ضد امن الشعوب وسلامتها.
وتقوم سياسة اديناور من جهة خاصة على استخدام برلين الغربية كموقد دائم لاثارة الاستفزازات الطائشة وتشديد الحرب الباردة والقيام باعمال التجسس والتخريب في المانيا الديموقراطية ومجموع الدول الاشتراكية المجاورة. ويمكن ان تذكر بين اعمال الاستفزاز التي لا يحصرها العد استمرار المظاهرات الفاشية التهديدية في هذه المدينة ، والخرق المستمر لسيادة المانيا الديموقراطية (الممر الجوي المزعوم) وتجنيد شبابها في القوات الالمانية خلافا لنصوص اتفاقية بوتسدام، وادماج صناعاتها بصناعات الحرب في المانيا الغربية وتشكيل عشرات المنظمات الفاشية وشبه العسكرية فيها، وعقد اجتماعات المؤسسات السياسية العليا الالمانية الغربية في اراضيها ... الخ.
واخيرا فان سياسة اديناور في المسألة الكولونيالية لا تختلف من حيث الجوهر عن سياسة الاستعمار الالماني الكلاسيكية في هذه المسألة، وذلك لان نفس الاوساط الاحتكارية الامبريالية التي كانت وراء سياسة المانيا القيصرية قبل الحرب العالمية الاولى وسياسة جمهورية فاينار ثم السياسة النازية الهتلرية بين الحربين العالميتين، لاتزال نفس الاوساط المذكورة تسيطر اليوم على مجموع الاقتصاد الالماني لجمهورية بون... وبالتالي فهي لن توجه سياستها الداخلية والخارجية. على ان الاستعمار الالماني بالنظر لتغير ميزان العلائق الدولية في الوقت الحاضر وبنتيجة تفوق المعسكر الاشتراكي واتساع حركة التحرر الوطني وتعاظم قوى السلم في العالم ،اضطر لتغيير الكثير من اساليبه التقليدية في المسألة الاستعمارية واتباع خطط وسائل جديدة تتفق مع المرحلة الحالية من تاريخ العالم ، مرحلة تفكك النظام الاستعماري والانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية، وهذه الخطط والاساليب تكون جوهر مايسمى اليوم ( بالكولونيائية الجديدة).
ان اهم الخصائص التي يتسم بها الاستعمار الالماني في المرحلة الحالية هي في راينا مايلي :
1. الاستمرار على اطراء السياسة الكولونيائية القديمة للاستعمار الالماني ووضع عدة نظريات زائفة لتبرير السياسة الاستعمارية القديمة الالمانية القيصرية وجمهورية فايمار ، ومحاولة ايجاد المبررات حتى للسياسة الهتلرية نفسها . ويكفي ان يلقي المرء نظرة سريعة على مئات الكتب الاقتصادية والسياسية التي تصدرها دور النشر في المانيا الغربية لكبار المسؤولين والقادة الحاكمين للتاكد من ذلك (مؤلفات ايرهارد وهالشتاين وغريفة وكرستنماير مثلا).
2. العمل لاسترجاع المستعمرات الالمانية القديمة وخاصة في افريقيا باتباع اساليب اقتصادية وعسكرية جديدة ... وخاصة تحت شعار (البارتنرشافت) او المشاركة.
3. الدعوة للاستعمار الجماعي عن طريق ادماج الاقتصاديات الاستعمارية مع بعضها والوقوف قوة واحدة تجاه الثورة العالمية المعاصرة ضد الامبريالية . ومن ابرز دعاة هذه السياسة بين حكام بون وزير الاقتصاد ايرهارد والبروفيسور هالشتاين.
4. تشديد سياسة التجزئة في البلدان الكولونيالية والبلدان المستقلة حديثاً (مثال ذلك الكونغو ،اندونيسيا،فلسطين،لاوس، الفيتنام ... الخ).
5. منع تصنيع البلاد المستقلة حديثاً وخاصة في مجالات الصناعة الثقيلة، ومنع تطورها الاقتصادي المستقل والحيلولة دون تعاونها مع الدول الاشتراكية، وربطها بعجلة الاستعمار العالمي بمختلف الصور والاشكال.
6. المقاومة الضاربة لثورات التحرر في البلدان الكولونيالية ، والمشاركة النشيطة في جميع حركات الردة الاستعمارية ضدها ، والتعاون مع جميع الدول الاستعمارية لاخماد الثورات التحررية في المستعمرات. ( مثال ذلك في الجزائر ،فلسطين، انغولا، السويس ، الكونغو،كوبا ..... الخ).
7. التحالف مع الصهيونية العالمية كاداة للاستعمار الجديد واسناد اسرائيل اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً لخدمة اهداف الاستعمار العالمي .
من هذا الاستعراض السريع لسياسة الغرب وسياسة اديناور في القضية الالمانية يتضح السبب في رفضها المستمر لعقد معاهدة صلح مع المانيا ، ذلك لان الغرب يعمل بجنون للاستعاضة عن المعاهدة المذكورة بمعاهدات بون وباريس ، وتحويل المانيا – كما حصل الان بالفعل- لترسانة مسلحة ومخزن هائل للاسلحة الذرية والصاروخية ،ودفع الشعب الالماني مرة اخرى في طريق الاعتداءات وزج العالم اجمع في اتون الحرب العالمية الثالثة ... وكل ذلك لتاخير تصفية نظام الاستعمار العالمي والحيلولة عبثاً دون انجاز اهداف الثورة العالمية المعاصرة.
ان شيئا واحدا يستطيع وقف الاوساط الاستعمارية العالمية وفي مقدمتها المانيا عن تنفيذ خططها الاجرامية ضد امن الشعوب والسلم العالمي، هو وقوف جميع الشعوب المحبة للسلم والمعادية للاستعمار على اختلاف عقائدها السياسية ونظمها الاجتماعية في جبهة عالمية واحدة لغرض فرض الحلول العادلة للمسألة الالمانية وفي مقدمة ذلك عقد معاهدة الصلح مع المانيا . ان معاهدة الصلح المرسومة وفق اسس ومبادئ بوتسدام تؤدي الى النتائج التالية:-
1. ازالة آثار الحرب العالمية الثانية واعادة العلاقات الطبيعية مع المانيا، كما تم ذلك فعلا بالنسبة لدول اوروبا الاخرى عام 1947 (امثال ذلك ايطاليا وفنلندا وهنغاريا ورومانيا ...... الخ).
2. كبح جماح العسكرية الالمانية ، ووضع عقبة كأداء دون اثارة الحرب العالمية الثالثة والتمهيد التدريجي لالغاء اتفاقيات باريس ونزع سلاح المانيا ضمن نطاق نزع السلاح العام الشامل والغاء القواعد العسكرية فيها وجلاء جميع الجيوش الاجنبية عنها..... الخ.
3. وضع اسس اوربا الجديدة لما ينسجم مع الانتصارات الديموقراطية والاجتماعية التي تمخضت عنها الحرب العالمية الثانية، وتثبيت الحدود الاوربية وفق اتفاقيات يالطا وبوتسدام ،ووضع حد نهائي للاحلام الجنونية التي تراود الجنرالات النازيين الذين عادوا اليوم ثانية على راس الجيش الالماني وجيوش دول الناتو للانتقام من معسكر السلم وخاصة المعسكر الاشتراكي لانقاذهما العالم من فضائح النازية وجرائم الهتلريين.
4. التمهيد نحو توحيد المانيا انطلاقا من التفاهم بين الدولتين الالمانيتين الحاليتين وذلك بمنح الشعب الالماني كامل حقه في تقرير مصيره واختيارالنظام الاجتماعي الذي يلائم تطور الاقتصاد الالماني على اسس سلمية ، ودخول المانيا الجديدة في هيئة الامم المتحدة ومساهمتها في بناء حضارة العالم.
5. تثبيت مبادئ التعايش السلمي وذلك عن طريق تركيز اسسه بين الدولتين الالمانيتين الحاليتين.
ان المحتوى الاساسي لمسالة عقد معاهدة الصلح مع المانيا في اللحظة الحاضرة هو مسألة السلم، ولهذا السبب بالضبط تعمل جميع قوى الحرب العدوانية لعرقلة عقد المعاهدة المذكورة وتهدد الداعين لعقدها بالويل والثبور.... ولكن النظام الاستعماري يغذ السير سريعاً نحو حتفه الاكيد.... ولسوف تعقد معاهدة الصلح بالتاكيد خلال هذا العام، ولسوف تستطيع قوى السلم المتعاظمة ان تفرض العقاب الصارم على اللاعبين بالنار.
ان الشعوب العربية التي كانت ولا تزال تقاسي الامرين من السياسة الاستعمارية العدوانية لحكومة بون وخاصة في اخطر قضيتين عربيتين وهما قضية فلسطين وقضية الجزائر، لتقدر اعظم التقدير الجهود المخلصة المثابرة التي تبذلها الدول المحبة للسلم وخاصة الاتحاد السوفياتي وجمهورية المانيا الديموقراطية لحل المسألة الالمانية حلاً عادلاً يستجيب لمصالح الانسانية ويحقق السلم العالمي، وهي تعتبر هذه الجهود مساهمة جدية في اسناد حركة التحرر العربية والتخفيف من الضغوط الاستعمارية عليها.