الغرض الحقيقي من عملية كوفيد الاحتيالية: تدمير الطبقة الوسطى


مشعل يسار
2021 / 1 / 24 - 21:01     

=============
اجتاحت الاحتجاجات في الخريف على عملية الاحتيال المسماة وباء فيروس كورونا حتى سويسرا الهادئة الهانئة.
من الناحية الموضوعية، تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أكثر من غيرها من الإغلاقات. وحتى اللحظة لا يزال الناس يتمسكون بالأمل في أن كل هذا مؤقت. وأن كل شيء على وشك أن يعود إلى طبيعته وسيكون كما كان من قبل. وتنبثق من السلطات نفسها بشكل دوري تلميحات إلى مثل هذا الأمل. ومع ذلك، يُظهر التحليل الموضوعي أن كل هذا سيستمر لفترة طويلة جدًا، وبالنسبة للكثيرين - مدى الحياة.
إن توقف الحياة الطبيعية للمجتمع يحرم الشركات الصغيرة من تلك البيئة المغذية لوجودها، تلك التي نشأت عليها. فالناس باتت تستخدم خدمات أقل، وتشتري وتستجم وتسافر أقل، ليس لأنها لا تريد ذلك، ولكن لأن السلطات تمنعها بغباء أو عن سوء قصد من القيام بذلك.
الأدوات الديمقراطية لم تعد تعمل. في ألمانيا، انخفضت عائدات المطاعم والفنادق بأكثر من النصف هذا العام. وقد تسبب هذا في آلاف الاحتجاجات. ففي الخريف الماضي، تجاوز عدد المتظاهرين في برلين المليون، كثيرون منهم يعملون لحسابهم الخاص. ومع ذلك، لم يترك هذا أي تأثير في السلطات. تم تفريق التظاهرات والاحتجاجات بأكثر الطرق وحشية بموافقة ضمنية من الصحافة "الديمقراطية الحرة" (بين هلالين طبعاً).
ووفقًا لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، من المفترض أن تصل خسائر الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية عام 2020 إلى 4.5٪. هذه الأزمة هي، في الواقع، أشد الأزمات حدة، حيث تجاوزت في الحجم الكساد العظيم في أعوام 1929-1933. وستأتي الضربة الأقوى ، كما هو الحال دائمًا، على العاملين المؤهلين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم. هذه هي الطبقة الوسطى إياها، التي كانت تعتبر في السابق أساس وفخار الدول الديمقراطية البرجوازية ومصدر تباهٍ لديها.

حرب بلا سلاح
تصوّر تصريحات المسؤولين والخبراء لدى الحكومات والمنظمات الدولية المشاكل الاقتصادية على أنها نتيجة الحجر الصحي المزعوم بسبب انتشار جائحة الكورونا المزعومة في جميع أنحاء العالم. لكن هذا هو في الواقع كذبة ما بعدها كذبة. إذ يتم قلب السبب إلى نتيجة والنتيجة إلى سبب عمدًا هنا. فالهدف الأصلي هو على وجه التحديد تدمير الأعمال التجارية الصغيرة. الحجر الصحي ليس سوى أداة هنا، أما الفيروس التاجي فإما جاء في وقته عن طريق الصدفة وإما تم تصنيعه عن عمد.
مدبّرو العملية - قادة الأوليغارشية المالية العالمية ومجموعة العلماء والخبراء والمديرين والمسؤولين الذين يخدمونهم - يفعلون ذلك لأسباب عملية تمامًا من وجهة نظرهم. لقد اقتربت الرأسمالية موضوعياً من حدود تطورها القصوى، احتضنت بيديها الخشنتين كوكب الأرض بأكمله. ببساطة لم يعد يوجد مكان يمكنها أن تتوسع فيه أكثر، وبدون ذلك، تصبح رأسمالية راس المال الكبير مستحيلة. كان توسعها لبعض الوقت عائداً لابتلاعها وهضمها اقتصاد الكتلة الاشتراكية السابقة. ثم، من خلال تضخيم اقتصاد الطلب المنفوخ نفخاً بشكل مصطنع واقتصاد الفقاعات المالية. لكن هذه الأخيرة سرعان ما أصبحت سامة اقتصاديًا (في غضون عقدين من الزمن) وحملت في طياتها خطر انهيار النظام المالي العالمي بأسره انهياراً لا يمكن التحكم فيه.
آنئذ تقرر إحداث انهيار متحكَّمٍ به – شيء يشبه حرباً عالمية، ولكن بطريقة غير دموية نسبيًا. وكنتيجة له، يُفترض أن ينتقل اقتصاد الاستهلاك الموسع إلى اقتصاد التوزيع المحدود. فأصبحت الاستثمارة الصغيرة مع موظفيها (وهؤلاء يشكلون جزءاً كبيراً من سكان العالم)، تلك التي ازدهرت وهي تخدم عملية الاستهلاك، مثابة الضحية المخطط لها أن تصبح الضحية.
الآن سيبدأ الناس في استهلاك موارد أقل بكثير، وسيتحول الميزان العام للتوزيع العالمي نحو الأعمال المالية، نحو رأس المال المالي الكبير في المقام الأول، بما في ذلك من خلال الاستيلاء مباشرة على مناطق النشاط.

لماذا يجب أن ترحل من الوجود الشركات الصغيرة والمتوسطة
العالم سيبدو في المستقبل، كما تصورته النخبة العالمية، عبارة عن "خلية سجن مدى الحياة.”
باختصار، يتم الآن بناء مجتمع شمولي (توتاليتاري) تسوده السيطرة العالمية البالغة الشدة والقساوة، مما يترك للناس حيزاً من الحرية أقل من ذاك الذي كان العبيد في العالم القديم. فهناك، كان يمكن للعبد، بفضل صفاته الشخصية، أن يحقق مصلحة السيد وحريةً ما وحتى مكانةً عالية في المجتمع. في العالم الجديد، يُعرض على معظم الناس العيش على بدلٍ مالي هزيل، حيث يتم لأجل استعبادهم استبعادهم تمامًا من العمليات الاجتماعية والإنتاجية. أي من دون أيّ أفق في الحياة. ولن يُسمح لمعظمهم على الأرجح حتى بإنجاب ذرية.
إذا تركنا جانبا القشور المتمثلة في الكلام الجميل عن الحفاظ على البيئة والاهتمام بصحة الإنسان، فإن الهدف الحقيقي هو الحفاظ على سلطة البرجوازية المالية الكبرى وأصحاب الشركات العابرة للأوطان في ظل تضاؤل الموارد والنمو السكاني. فـ"المليار الذهبي" يريد بناء جنة خاصة به، وبالتالي حل مشكلة الزيادة السكانية.
وفي الوقت نفسه، يريد استعادة السيطرة على تفكير ومزاج الجماهير. فقد أصبحت أمزجة هذه الأخيرة حقيقة واقعة بسبب زيادة مستوى المعرفة والتواصل بين الناس بسبب تطور تقنيات المعلومات، وخاصة الإنترنت. الجماهير المستقلة اقتصاديًا بما يكفي يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة. لذلك، قرر الحكام تشليح الطبقة الوسطى وسائلها الاقتصادية والتحكم في وسائل الاتصال.
لن يكون المجتمع الجديد مكونًا من ثلاث طبقات، بل من طبقتين اثنتين - كما في العالم القديم والعصور الوسطى: طبقة الحكام وطبقة المرؤوسين الخاضعين الذين قد لا يمكن أن يطلق عليهم اسم "عبيد"، لأن معظمهم لن يكون لديهم عمل. الطبقة الوسطى، باعتبارها الأكثر استقلالية عن النظام الإداري، عن الدولة وموظفيها ذوي الدخل المحدود، ليس لها مكان في هذا النظام. لذلك، سيتم تنظيف المجتمع منها.

الآفاق
بالطبع، هذا ليس سوى بيان، أو قل قائمة أمنيات مثالية لحكام العالم. لكن من الواضح أن جميع الإجراءات الأخيرة للمنظمات الدولية ولحكومات الدول الرئيسية تتموضع ضمن هذا المنطق.
لا توجد انحرافات كبيرة عن التوجه الرئيسي. فيتم تدمير الشركات الصغيرة والمتوسطة بعناد منقطع النظير، على الرغم من أنها كانت قبل بضع سنوات البقرة المقدسة للرأسمالية. والقيود المفروضة على حقوق وحريات الناس مستمرة منذ عقدين من الزمن (منذ تفجير البرجين في نيويورك وإعلان وجود الإرهاب الدولي المتمثل تارة في القاعدة وتارة في داعش إلخ – م.ي.)، لكنها تسارعت بشكل خاص في السنوات السبع الماضية. ففي الكثير من البلدان، يتعرض الناس للاضطهاد علانية وأحيانًا تتم محاكمتهم بسبب إبدائهم معتقداتهم وآراءهم.
ومع ذلك، هذا لا يزال بعيداً كل البعد عن نهاية التاريخ. فلا يزال البشر يشكلون نوعاً بيولوجياً موحداً، والمضطهدون لن يستمروا في تحمل الافتئات عليهم وفي البقاء في وضع العاجز، وضع البهيمة الصامتة.