فريدريك انجلز (1820 – 1895)


غازي الصوراني
2021 / 8 / 5 - 17:19     

24/1/2021

كان فريدريك انجلس، كماركس، من مواطني الاقليم الريناني، الأكثر تطورا، من الناحية الرأسمالية، ولد إنجلس بمدينة بارمن في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1820، في أسرة صاحب مصنع للنسيج، سيطرت فيها الآراء السياسية الرجعية و"التقوية" الدينية.
لم تسمح له الظروف العائلية بانهاء المرحلة الثانوية، إذ كانت العائلة تعده لمزاولة التجارة، ولكن، بالمواظبة على التثقيف الذاتي والنشاط العملي، وبالمشاركة في النضال السياسي، استطاع انجلز أن ينتقل إلى الطريق الثوري الصحيح"([1])، "وفي أواخر عام 1842 توجه انجلز إلى مانشستر بانكلترا، حيث عمل موظفا في مؤسسة لصناعة الورق، كان أبوه من المساهمين فيها.
في انكلترا بدأ انجلز بدراسة الاقتصاد السياسي، ووضع، قبل لقائه مع ماركس، مؤلفا بارزا في هذا الميدان – "خطوط أولى في نقد الاقتصاد السياسي"، الذي نشر عام 1844 في "الحوليات الالمانية – الفرنسية"، في هذا المؤلف ينتقد انجلز الاقتصاديين البرجوازيين لتسليمهم غير المشروط بمبدأ الملكية الخاصة، وتخليدهم له، وعلى النقيض من الاقتصاد السياسي الانكليزي يعتبر انجلز الملكية الخاصة أصلا لكافة الشرور الاجتماعية التي تولدها الرأسمالية. وتضمنت مقالة انجلز الثانية في "الحوليات.." تحليلا لآراء عالم الاجتماع الانكليزي توماس كارليل، الذي انتقد، بحدة، المجتمع البرجوازي، ودعا إلى ضرورة العودة عن الرأسمالية، التي جلبت الكثير من الويلات الاجتماعية، والرجوع إلى العلاقات الاجتماعية الاقطاعية، التي أسبغ عليها نوعا من الكمال، وفي عام 1845 أصدر انجلز كتاب "وضع الطبقة العاملة في انكلترا"، الذي درس فيه منشأ البروليتاريا الصناعية، وإفقارها المتزايد، وبرهن على الرسالة التاريخية للبروليتاريا في القضاء على الرأسمالية.
يقول لينين: "كان انجلز أول من أثبت أن البروليتاريا ليست فقط الطبقة التي تتألم، بل أن الوضع الاقتصادي المخزي، الذي تعانيه البروليتاريا، هو الذي يدفع بها إلى الامام دفعاً لايُردْ، ويحفزها إلى النضال في سبيل تحررها النهائي"([2]).
كارل ماركس وفريدريك انجليز .. نضال مشترك:
منذ عام 1844 بدأ مؤسسا الماركسية صداقتهما العظيمة، ونضالهما المشترك ضد الإيديولوجية البرجوازية، ومن أجل وضع الايديولوجية العلمية البروليتارية، وفيما  بين عامي 1844 و1846 أصدر ماركس وانجلز مؤلفين بارزين، هما "العائلة المقدسة"، و"الإيديولوجية الألمانية".
في هذين المؤلفين يهاجم ماركس وانجلز الفلسفة المثالية السائدة في المانيا، ولا سيما فلسفة هيجل وأتباعه من الهيجليين الشباب، ويعارضان المثالية بفلسفتهما الجديدة، بالمادية الديالكتيكية.
استخدم ماركس وانجلز المنهج الديالكتيكي، في تحليلهما للعلاقات الرأسمالية وللطبقات الرئيسية في المجتمع البرجوازي، وخلصا من ذلك، إلى البرهان على القانونية الموضوعية للنضال الطبقي من جهة، وإلى الكشف من جهة ثانية، عن القانون الاساسي في الديالكتيك المادي – قانون وحدة وصراع الأضداد.
ومن "التحليل العميق للتناقض بين الرأسمال والعمل، بين البرجوازية والبروليتاريا، ومن دراسة الجانبين، المحافظ والثوري، لهذا التناقض، توصل مؤسسا الماركسية إلى القول بأن تطور هذا التناقض سيقود، بالضرورة، إلى الثورة الاشتراكية"([3]).
أخيراً، في مسيرة تشكل الفلسفة الماركسية، يمكن تمييز مرحلتين أساسيتين، الأولى – مرحلة انتقال ماركس وانجلز من مواقع المثالية والديمقراطية الثورية إلى مواقع المادية الديالكتيكية والشيوعية العلمية، وقد تم هذا الانتقال نهائيا في أوائل عام 1844، والثانية – مرحلة وضع المبادئ الأساسية للمادية الديالكتيكية والتاريخية، وظهور المؤلفات الأولى للماركسية الناضجة: "بؤس الفلسفة" (1847) و"البيان الشيوعي" (1848). وقد كانت القوى المحركة الرئيسية لهذه العملية المعقدة والمتعددة الجوانب هي اندفاع ماركس وانجلز الحماسي لنصرة الكادحين، وعدائهما لجميع أنصار الإضطهاد واستغلال الإنسان للإنسان، المكشوفين منهم والمتسترين"([4]).
 


([1]) جماعة من الأساتذة السوفيات – موجز تاريخ الفلسفة - تعريب: توفيق ابراهيم سلوم - دار الفارابي – طبعة ثالثة (1979 م)  – ص 614
([2]) المرجع نفسه - ص 622
([3]) المرجع نفسه - ص 623
([4]) المرجع نفسه - ص 614