فكرة الشيوعية لدى ماركس والماركسية لاحقاً


حازم كويي
2021 / 1 / 24 - 00:21     

أرتبط مفهوم الشيوعية عادة بهدف يتعلق بالمجتمع ككل وفهمت الاشتراكية من أنها الطريق المؤدي الى التحقيق النهائي للشيوعية، هذا المصطلح مُصاغ وموجود في مخطوطات ماركس الاقتصادية الفلسفية من عام1844.
يتعلق الامر دائماً بفكرة تعايش البشرية الكامل الى حدٍ كبيروبكل ابعاده وبالاخص البعد الاقتصادي .
وقد تركز هذا المفهوم على الالغاء النهائي للانتاج البضاعي والدولة كأداة للحكم وبالتالي المجتمع الطبقي نفسه.هذا المفهوم للشيوعية يعني ايضاً أنه لم يعد هناك أي أغتراب للذات،وستذبلُ فيها الكثير من التصورات الدينية .وهي فكرة عالم مختلف تماماً ومفهوم الكمال في التعايش البشري بتعبير كانط (مايربط العالم في أعمق كيانه)دون أن يخلق منه وهماً متعالياً في اللغة الكانطية،والذي يمكن أن تكون عواقبه وخيمة.
لكن مفهوم الشيوعية في حد ذاته ليس وهماً، فهو بحاجة الى أدراك مفهوم التعايش البشري الكامل،لذلك يمكن للمرء أن يوجه نفسه على هذه القيم على الرغم من أن المصطلح المثالي يدل على شئ مستحيل.
لايمكن أن يكون هذا المفهوم هدفاً،لكنه سعي وراء القيم المحددة الى أقصى حد ممكن.
وفشل التجربة الاشتراكية السوفيتيةعام 1989/1990 ومن أحد أسبابها الرئيسية كانت، عدم القدرة على تنظيم السوق الذي تسبب في اضرار غير عادية، مع ذلك لايزال الامر يتعلق بالبحث اليوم عن البدائل للراسمالية المُدمرة بالكامل والتي اصبحت في الوقت نفسه مشروع أنتحار جماعي للبشرية،وواضح أن الاقتناع بأن الشيوعية آنذاك بكونها ممكنة قد أضعف الحركة الاشتراكية باكملها،ولم يعد المطلق الآن المفهوم السائد في الفكر الماركسي وبالتالي فقد تم التغلب عليه الى حد كبير.
الليبرالية الجديدة متمسكة بأسطورتها الاساسية عن أتمتة السوق وتنظيمها الذاتي ،والتي تعتبراليوم من أحد اسباب خطورتها والذي يسميه كانط (الوهم التجاوزي)في سياق آخر، هذا الوهم المتعالي في التقليد الليبرالي والنيوليبرالي مرتبط كلياً بمفاهيم آلية السوق وقوى التنظيم الذاتي والعناية الالهية للسوق المسماة اليد(الخفية).هذه الفكرة الى جانب الوهم المتسامي،لاتزال تعتبر حلماً لمجتمع مثالي.لكن المجتمع المثالي ليس كما هو الحال في الاشتراكية بأعتبارها فكرة التعايش البشري الكامل،عكس النيوليبرالية بوهمها التجاوزي،هوالسوق الكلي كما تروج له، كونه أعلى قيمة من الانسان،في حين تعتبر الماركسية، أن الانسان أعلى قيمة وهو مفهوم سلام لامفهوم حرب .
وبألقاء نظرة على ثقافات ماوراء الاطلسي ومنها المكسيك وعلى سبيل المثال (الزاباتيستا) فهو عالم يتمتع فيه كل فرد بمكانته بما في ذلك الطبيعة والتي تجد تعبيرها في المنظور الروحي بطريقة موضوعية، التي تم تطويرها في بلدان أمريكا اللاتينية بناءاً على تقاليدهم الطويلة من خلال ثقافات سكانها الاصليين،كما هو الحال في بوليفيا والاكوادور في ترجمتها على أنها حياة جيدة،ولكن ليس بمفهوم الحياة الارسطي التي تبدأ من الفرد وأمكانياته،بل هي مسألة العيش سوية،وبدونها لايمكن للمرء أن يعيش بشكل جيد. في جنوب أفريقيا يتم التعبير عنه على النحو التالي : أنا عندما تكون أنت،أنت وأنا عندما نكون جميعاً،وهو تقليد في العديد من الثقافات الافريقية، فالصيغتان هنا تتطابقان،وهو منظورللانسان ككائن حي، إنه الرد على المشروع الليبرالي الجديد لمجتمع خالٍ من حقوق الإنسان،الذي لايعرف غير السوق وحق الملكية الخاصة، يعمل بالضد من منظور رأس المال البشري،من يعمل له ولصالحه كرأسمال بشري وعدا ذلك يُنظر لهم كنفايات بشرية.
اليوم يمكننا مواجهة الليبرالية الجديدة ليس فقط تعلقاً بالتنمية الاقتصادية التي تقوم على الوهم المتعالي بخصخصة كل ما يمكن في هذا الاطار. بدلاً من ذلك يتوجب علينا الإصرار على توسيع التنمية الاجتماعية والبيئية وعلى حقيقة أن هذا يتطلب تدخلات مناسبة في السوق حتى يتسنى لكل من دولة الرفاهية والحالة البيئية أن تتطور وتتعزز، بروحية إنسانية الممارسة كما قدمها ماركس.يجب الرد على (دين) سوق النيوليبرالية الحالي،الذي يختزل الروحانيات كلها في المال من خلال جدلية ماركسية نحتاجها اليوم لتعبئة القوى الديمقراطية للحركات الشعبية اليسارية من جديد بإجابات على الصراع الطبقي من فوق،كي تتم إعادة فرضه بطريقة غير مسبوقة مع الديمقراطية من الاسفل.

فرانز ج. هينكلاميرت خبير اقتصادي وعالم لاهوت متحرر يعيش في كوستاريكا.
ترجمة:حازم كويي