في رحيل المناضل النقابي الشيوعي اللبناني العريق مُرسل حسين مُرسل


جهاد عقل
2021 / 1 / 23 - 01:48     


فُجعت الحركة النقابية اللبنانية بداية هذا الشهر بالرحيل المفاجئ للمناضل النقابي الشيوعي المعروف مُرسل حسين مُرسل، ابن بلدة كفر ملكي قضاء صيدا جنوب لبنان، ووفق ما نُشر عن أسباب الوفاة، فكان السبب إصابته بڤيروس كورونا اللعين، وهو في سن الثامنة والثمانين من العمر.



للنقابي الشيوعي المخضرم مُرسل مُرسل تاريخ نضالي حافل ضمن الحركة النقابية اللبنانية عامة، خاصة وأنه من الرعيل الأول للحركة النقابية اللبنانية، وممن ساهموا في وضع أسس الحركة النقابية اللبنانية ضمن نضالاتهم الميدانية والتنظيمية، وتأسيس الاتحاد العمالي العام في لبنان، إلا أنه بعد تراجع الأخير في مواقفه المهادنة للسلطة، انضم إلى الجناح اليساري للحركة النقابية، وقد برز ذلك في بيانات النعي الصادرة عن رفاقه في الحركة النقابية، وعن حزبه الشيوعي اللبناني، إلا أن الاتحاد العمالي العام في لبنان والذي يعتبر النقابي مُرسل مُرسل كما ذكرنا أحد قادته السابقين، بل ومن رعيل المؤسسين له، لم يُصدر نعيا لرحيل هذا القائد النقابي حتى في موته، لاعتبارات سياسية، خاصة وأن الراحل كان قد وجه النقد لخضوع هذا الاتحاد للسلطة والتعاون معها على حساب مصالح العمال في لبنان، ومثله اتحاد العمال العرب الذي يرأسه النقابي اللبناني غسان غصن زميل الراحل، فلم يُصدر أي بيان نعي أو تعزيه لفقدان الراحل، بينما أصدر بيانات تعزية ونعي لنقابيين آخرين، الأمر الذي يثير الحزن والغضب من هذه التصرفات التي تعتبر حاقدة حتى عند فراق وموت الراحل المعروف بنضاله العنيد وانحيازه غير المحدود لصالح الطبقة العاملة في لبنان خاصة، والعالم العربي عامة.





* الحزب الشيوعي ينعي القائد النقابي مُرسل حسين مُرسل



أصدر الحزب الشيوعي اللبناني نعيا لرحيل النقابي مُرسل حسين مُرسل باسم "القطاع العمالي المركزي في الحزب الشيوعي اللبناني"، يوم الثلاثاء ٤/١/٢٠٢١، جاء فيه: " قائد، مناضل، مكافح، إنه النقابي الرفيق المناضل مُرسل حسين مُرسل، من ذلك الزمن التاريخي الناصع، زمن مصطفى العريس وسعد الدين مومنة وإلياس البواري، وإلياس الهبر ونقولا اللحام وغسان اللمع، وسعيد مغربل وكامل فقيه وعلي سلامة، وسليمان الباشا وحسيب عبد الجواد واللائحة تطول... بأعلام الحركة النقابية اللبنانية، وروادها الذين حملوا قضايا شعبهم وعماله وفلاحيه، ونظموا صفوفهم وأسسوا لنشوء حركة نقابية ثورية تستلهم أفكارها من تراث الاشتراكية العلمية، حملوا شهادات نضالهم بعرقهم وقوتهم، بأفكارهم وتفانيهم لخدمة رسالتهم من أجل مستقبل أفضل للحركة الشعبية في لبنان، فحققوا الإنجازات التي نعم بها الشعب اللبناني على مدار مئويته المتهاوية، بفضل منظومة الإقطاع السياسي المتجدد في مسيرة أمراء الطوائف.





لكن شعلتهم وشعلة مُرسل مُرسل ورفاقه ستبقى منارة متوهجة نحملها جيلا بعد جيل حتى بناء الوطن الحر والشعب السعيد.



وبمزيد من الحزن والأسى، تلقى القطاع العمالي المركزي في الحزب الشيوعي اللبناني خبر رحيل القائد النقابي مُرسل حسين مُرسل، الذي ناضل لأكثر من نصف قرن دفاعا عن الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية المستقلة، والموحدة في إطار الاتحاد العمالي العام، قبل سيطرة السلطة على مفاصله، ولعب دورا رائدا في نهوض الحركة النقابية في سبعينيات القرن الماضي.





لعب أيضًا دورا بارزا في الحزب الشيوعي اللبناني، الذي انتسب إليه وناضل في صفوفه منذ مطلع الخمسينيات، وكان عضوا في اللجنة النقابية العليا، كما انتخب عضوا في لجنته المركزية والمكتب السياسي لأكثر من مرة. ناضل الرفيق مُرسل مُرسل في قيادة نقابة عمّال تنجيد المفروشات وترأسها لأكثر من ربع قرن، وعمل الرفيق بثبات وتفان لتعزيز وحدة الحركة النقابية العربية والعالمية من خلال المواقع القيادية التي شغلها:

رئيس نقابة عمّال تنجيد المفروشات.

رئيس اتحاد نقابات عمّال البناء والأخشاب في لبنان.

عضو في قيادة الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان.

عضو في قيادة المركز النقابي المُستقل.

عضو في اللجنة التحكيمية الناظرة في خلافات العمل في لبنان.

عضو مؤسس في الهيئة الإدارية لاتحاد نقابات البناء والأخشاب العرب.

عضو الهيئة الإدارية للاتحاد العالمي لنقابات عمال البناء والأخشاب."



* الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، واتحاد نقابات عمال البناء





وكان الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين برئاسة النقابي كاسترو عبد الله، واتحاد نقابات عمال البناء والأخشاب في لبنان، الذي كان النقابي مُرسل مُرسل أمينه العام حتى وفاته، قد نعيا الفقيد يوم الأحد ٣/١/٢٠٢١.



كما أصدرت "لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان"، التي كان النقابي مُرسل مُرسل أحد مؤسسيها وناشطا فيها حتى وفاته، وجاء في النعي: "بمزيد من الحزن والأسف، تنعي لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان الرفيق مُرسل مُرسل، القائد النقابي والمناضل من أجل حقوق الكادحين منذ عشرات السنين".



رحل القائد المناضل مُرسل مُرسل تاركا في العين دمعة، وفي القلب حافز النضال من أجل تحقيق مطالب الحركة الشعبية التي كان أحد قادتها، فهو من أوائل الذين انضموا في أواخر خمسينيات القرن العشرين إلى أول لجنة للدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان، ومنذ ذلك الحين وهو يناضل ضد التشريعات والمخططات التهجيرية السوداء، الناجمة عن تحكّم الشركات المالية والعقارية بالسكن، ويسعى من أجل سياسة إسكانية عادلة مرفقة بخطة واضحة، تأخذ بعين الاعتبار أوضاع المستأجرين القدامى بالتوافق مع صغار المالكين.



لن ينسى المستأجرون الرفيق مُرسل، الذي أعطاهم من وقته وقوّته دون حساب، كان الحاضر أبدا من أجل تقديم النصائح والمساعدة في مواجهة بعض تجار العقارات، ولا يمكن بالطبع نسيان مساهماته القيّمة في اجتماعات المستأجرين، وكذلك في كل اللقاءات الرسمية، أمام هذا المصاب الجلل، تعاهد لجنة الدفاع عن المستأجرين في لبنان الفقيد الكبير أنها ستتابع طريق النضال من أجل حق المسكن".





* جبهة التحرير العمالي



نعت الأمانة العامة لجبهة التحرر العمالي: "ننعي إليكم القائد الكبير مُرسل مُرسل، عضو قيادة الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، ورئيس اتحاد عمال البناء والأخشاب في لبنان، وهو المناضل النقابي الذي أفنى عمره في خدمة الحركة النقابية والعمالية بكل إخلاص وعناد نقابي، والذي تشهد له نضالاته ومواقفه النقابية الصلبة في وجه تغوّل سلطة رأس المال وتعديها على حقوق ومكتسبات العمال والفقراء وأصحاب الدخل المحدود. ستفتقد ميادين النضال والشوارع والأرصفة لوقع أقدام هذا الفقيد الكبير، وستشتاق له المنابر النقابية".

وفي الختام، تقدمت الأمانة العامة لجبهة التحرر العمالي من عائلة الفقيد وأحبابه ومن رفاقه بأصدق التعازي الحارة، راجية أن يسكن فسيح جناته.





"الحكومات المتعاقبة ساهمت في تقهقر الحركة النقابية"

سبق وبادر الصحفي عباس الصباغ في "الميادين نت" أن كتب ٣ حلقات تحت عنوان: "الحكومات المتعاقبة ساهمت في تقهقر الحركة النقابية في لبنان"، وقابل عددا من النقابيين المخضرمين، وأولهم النقابي الشيوعي مُرسل مُرسل ورفيقه أديب أبو حبيب، وفي الحلقة الأولى في تاريخ ٨ شباط ٢٠١٧، نقل الصباغ عن النقابي مُرسل مُرسل ما يلي: "النقابي مُرسل مُرسل (٨٥ عاما) يستعيد ما يسميه أيام العز في لبنان، عندما كانت النقابات تفرض مطالبها على الحكومات منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، ويقول للميادين نت: "إن أول تظاهرة شاركت فيها كانت في عام ١٩٥٣، عندما كانت النقابات تطالب بإقرار الضمان الاجتماعي أسوة بدول أخرى، وكانت القوى الأمنية تمنعنا من التظاهر وحتى تحظر إقامة الاحتفال بعيد العمال".



ويواصل الكاتب الصباغ في تقريره: "يفخر مُرسل أن النقابات استطاعت بعد عشر سنوات من التظاهر إرغام السلطة على إقرار نظام الضمان الاجتماعي، الذي بدأ العمل به عام ١٩٦٥، ويضيف: "مطالبنا الأخرى كانت تصحيح الأجور وعدم رفع الأسعار، وكانت التظاهرة الأضخم تلك التي عُرفت بتظاهرة الرغيف، وكانت من أهم التحركات المطلبية التي قامت بها الحركة النقابية، فالتظاهرة نظمها الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين (تأسس عام ١٩٦٦) في آذار عام ١٩٧٤، وكانت رفضا لزيادة سعر ربطة الخبز من ٤٠ الى ٤٥ قرشا، وصفيحة البنزين من ٧ الى ٧,٢٥ ليرة، وجرت المظاهرة في ساحة بشارة الخوري باشتراك نحو ٥٠ ألف متظاهر."



وفي نفس الحلقة، يستذكر النقابي مُرسل دور عمّال المطابع في لبنان في بناء النقابات معتبرا نضالهم أنه كان "نواة العمل النقابي في لبنان"، مستذكرا أنّ عمال المطابع شكّلوا واحدة من أهم النقابات في لبنان، مع أن فكرهم السياسي كان غير متجانس.

في هذه المناسبة، لا يمكن لأي باحث إغفال دور الشيوعيين في لبنان، ومنهم مصطفى العريس (ربطته علاقات وثيقة مع رفاقنا النقابيين في فلسطين، وقام بزيارة حيفا ويافا في أواسط أربعينيات القرن الماضي)، وفؤاد شمالي، وغيرهم في مأسسة الحركة النقابية اللبنانية المدافعة عن قوت الكادحين في ظل أباطرة الطائفية والرأسمالية اللبنانية، لكن ما حدث لاحقا من مطاردات لهم، واعتقالات وسجن وهيمنة السلطة على الاتحاد العمالي العام، الذي أصبح أداة طيّعة بيد السلطة وفقد قوته النضالية، الأمر الذي دفع النقابيون الشيوعون واليساريون إلى إعادة تفعيل مؤسساتهم النقابية، التي فرضت وجودها النضالي وكلمتها في النضالات المطلبية والسياسية على الساحة اللبنانية اليوم، وكان للفقيد الراحل النقابي مُرسل حسين مُرسل دورا هاما في ذلك كما بقية رفاقه، حنا غريب (أمين عام الحزب اليوم)، وكاسترو عبد الله، وأديب أبو حبيب، وغيرهم من النقابيين الشيوعين واليساريين على الساحة اللبنانية.

في النهاية، نتقدم إلى رفاق المناضل النقابي مُرسل في الحزب الشيوعي اللبناني، وفي الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، وفي اتحاد نقابة عمال البناء والاخشاب، وإلى زوجته السيدة دلال، وإلى بناته مايا ورنا، وإلى جميع أفراد العائلة، بأحر التعازي لرحيله، ولتبقى ذكراه خالده.