ملفات الفساد في المراكز الرأسمالية / ساركوزي من قصر الإليزيه الى قفص الاتهام


رشيد غويلب
2021 / 1 / 22 - 19:00     

القضاء الفرنسي مشغول من فترة طويلة بالمقاضاة والتحقيق في مسلسل من ملفات فساد لا حصر لها مع الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي. وتحتوي الملفات الكثير من القضايا منها: الفساد، التدخل المباشر وغير المباشر في صراعات المصالح، التأثير غير المشروع، وإساءة توظيف الأموال العامة، وقضايا أخرى أمام متهم سياسي من الصف الأول. وفي الأسبوع الفائت تم الكشف عن أن الرجل الذي ترأس فرنسا في سنوات2007 – 2012 يواجه تهما جديدة. وهي مساعدة الأخوين الروسيين نيكولاي وسيرجي ساركيسو وشركة التأمين العائدة لهما في فرنسا، عبر الضغط غير القانوني لجعل ثروتهما أكثر من قيمتها البالغة مليار دولار، لتسهيل تعاملاتهما المالية. ويرى متابعون ان مقاضاة ساركوزي تعني وضع النظام السياسي الذي أسسه، وعزز وجوده في الحياة السياسية في قفص الاتهام. ويحاول ساركوزي تصوير نفسه بالسياسي الضحية، والأكثر اضطهادا في فرنسا، بل في عموم واربا. هذا ما يعكسه في حواراته ومقالاته وفي كتبه، التي وفق متابعين، يختار لها أفضل الكتاب غير المعلنين، والتي تعود على دور النشر وساركوزي وفريقه بمئات الآلاف من الدولارات.
ويقال انه استحوذ خلال حملته الانتخابية للفوز بمنصب الرئيس عام 2007 على مبالغ كبيرة من المتوفاة لاحقا وريثة شركة مستحضرات التجميل العملاقة لوريال. لقد قام ساركوزي وبمساعدة مسؤول مالية حزبه، بإغراء ليليان بيتينكور، وفي هذه القضية من الصعب الحصول على أدلة دامغة، وبالتالي سوف لن تكون حاليا ضمن ملفات المحكمة.
في حملة انتخابات 2012، التي خسرها أمام الديمقراطي الاجتماعي فرانسوا هولاند، تجاوز ساركوزي و مساعدوه السقف الأعلى لتمويل الحملة الانتخابية، التي حددها القانون بـ 22,5 مليون يورو، بأكثر من الضعف. ولم تسجل تكاليف 50 فعالية انتخابية كبيرة في سجلات الحملة الانتخابية، بل نقلت بواسطة فواتير مزورة الى سجلات الحزب المالية. ساركوزي يقول إنه لا علم له بما حدث. لقد تمت ادانة مساعديه، وبصفته رئيس جمهورية سابق، من الصعب أحيانا محاصرته، حتى من قبل أكثر المحققين صرامة. لقد استطاع تأجيل الدعوة مرارا أمام هيئات الاستئناف، ولا يُتوقع أن يُحاكم في هذه القضية قبل نيسان المقبل.
في نهاية تشرين الثاني، وبداية كانون الأول الفائتين، جلس ساركوزي بالفعل في قفص الاتهام، وكان أول رئيس في الجمهورية الخامسة، يمثل امام محكمة. لقد حاول ساركوزي ومحاميه تييري هيرزوغ رشوة رئيس القضاة للحصول على معلومات حول قضية أخرى المعروفة بفضيحة تبرعات شركة التجميل (بيتنكور). وفي كانون الأول الفائت، طالب الادعاء بالسجن أربع سنوات لكليهما، بما في ذلك عامان تحت المراقبة. وسيعلن الحكم في الأول من آذار المقبل، ومن المتوقع أن يستأنف ساركوزي الحكم وأن ينشغل القضاء سنة أو سنتين أخرى بهذه القضية أيضا.
وأبرز ما في السباق القضائي مع الممثل الأبدي ساركوزي ستكون محاكمة لم يتم تحديد موعدها بعد. الحديث يدور مرة أخرى عن التمويل المفترض لحملة الانتخابات الرئاسية لعام 2007. وعلى عكس فضيحة تبرعات بيتنكور، سيكون اللاعب في هذه القضية الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. لقد كشف النجل الأكبر للقذافي سيف الإسلام، بعد مقتل والده في عام 2011، ان القذافي دعم منذ عام 2006 حملة ساركوزي الانتخابية بمبلغ يصل الى 50 مليون يورو، تم نقلها نقدا على مراحل الى مكتب ساركوزي، الذي كان حينها وزيرا للداخلية في عهد الرئيس جاك شيراك.
ما هو الصحيح في هذا؟ لا شيء، يقول ساركوزي. الحرب في ليبيا وموت القذافي، قد دمر كل الأدلة في حال وجودها. لقد كتبت الصحافة حينها “ صديق ساركوزي الجديد” تعليقا على الزيارة التي قام بها القذافي حينها الى باريس، بهيبته المفتعلة و400 مرافق وخيمته التي نصبها في حديقة فندق دي ماريني، وعرباته المدرعة، حينها وعد القذافي بشراء معدات حربية فرنسية بقيمة 3 مليار يورو.