فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية


فؤاد النمري
2021 / 1 / 22 - 18:59     

في السادس من مارس 1919 أعلن لينين في الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية أن الثورة الإشتراكية قد استحقت في كل العالم . فهل كذّب التاريخ نبوءة لينين نبيّ الشيوعية !؟
القراءة العلمية للتاريخ فيما بعد العام 1919 تقول العكس تماما بالرغم من كل جهود رجال السياسة الأفاقين ودوائر الإعلام المأجورة المختلفة الذين لم يألوا جهداً في تكذيب لينين . يقول التاريخ أن شعوب روسيا القيصرية التي كانت حسب لينين "تبيت على الطوى" في العام 1922 بعد انتهاء 8 سنوات من الحروب الشاملة قد غدت بفضل الثورة الإشتراكية في العام 1941 أقوى دولة في الأرض تسحق النازية وتحفظ حرية الدول الرأسمالية الكبرى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا . روسيا القيصرية المهزومة شر هزيمة في العام 1917 تتعملق لتغدو الآمر الناهي في الجغرافيا السياسية للمعمورة بعد أن تجاوزت الجهود الحربية الي بذلها الاتحاد السوفياتي في الحرب عشرة أمثال جهود الدول الغربية الكبرى الثلاث مجتمعة في الحرب . وما كان ذلك بالطبع ليكون بغير الثورة الاشتراكية التي فجّرها لينين في العالم .

فيما بعد الحرب العالمية وقد تحوّرت دولة دكتاتورية البروليتاريا الإشتراكية للضرورات الحيوية إلى دولة حربية في كل تفاصيلها يقودها عملياً مارشالات وجنرالات الجيش الأحمر وهو ما عطّل مسيرة الثورة الإشتراكية ورتب على الحزب الشيوعي بقيادة ستالين بعد إعادة الإعمار في العام 1951 إعادة الأمور إلى نصابها، إعادة دولة الحرب بقيادة العسكر إلى الدولة المدنية الإشتراكية بقيادة البروليتاريا . طبعاً ما كان ذلك ليتم بغير ثورة بلشفية عميقة يقودها ستالين بكل صرامته المعروفة على رأس حزب بكل تقاليده البلشفية الثورية الخلاقة .
أيٌّ من الشرطين لم يتوفر حينذاك ؛ فالحزب كان قد فقد عصبته الثورية بعد أن توقف عن ممارسة سياسته المقتصرة على الصراع الطبقي لضرورات الحرب منذ العام 39 وحتى العام 51 ؛ أما الشرط الثاني وهو ستالين فقد اغتاله رفاقه في المكتب السياسي بالسم في 28 فبراير 53 ؛ وعليه استفرد الجيش بمصائر الاتحاد السوفياتي وحال دون العودة إلى الإشتراكية وما كان منه بكل قباحته العسكرية إلا أن أعلن في العام 1961 إلغىاء دكتاتورية البروليتاريا، شرط الإشاراكية الأوحد .
الحقيقة الكونكريتية التي يتجاهلها مختلف السياسيين ودوائر الإعلام وهي أن البورجوازية الوضيعة التي تنتج الخدمات وعلى رأسها القوات المسلحة ليست طبقة إجتماعية مستقلة بذاتها حيث أن مجمل إنتاجها ينتهي إلى الصفر (نقد = خدمات = 00)، وهكذا لا مستقبل للمجتمع السوفياتي تقوده البورجوازية الوضيعة وتحول دون عودته إلى الثورة الإشتراكية، نبوءة لينين . وهكذا انتهى المجتمع السوفياتي إلى حكم المافيا وتجارة الرقيق وإلى أن دولة لم تكن متقدمة في النظام الرأسمالي كالبرتغال تحول قوى العمل المتاحة إلى بضائع أكثر مما تحوّل روسيا بالرغم من الفارق الكبير بعدد السكان . يداعي السياسيون الأفاقون والشيوعيون المفلسون زاعمين بأن روسيا تعود إلى النظام الرأسمالي حيث لا يعلم هؤلاء الطارئون في علم السياسة أن البورجوازية الوضيعة الحاكمة اليوم في روسيا هي أصلاً وحسب تقسيم العمل من أعداء النظام الرأسمالي .
تعطلت الثورة الإشتراكية في مركزها، في عاصمة لينين، فكان لها أن تتعطل في غرب أوروبا وسائر انحاء العالم . تعطيل الثورة في مركزها بفعل تداعيات الحرب لا يعني بأي معنى من المعاني خطل نبوءة لينين، فمشروع لينين الثوري بقيادة ستالين المتميزة كان قد نقل العالم من مسار التطور الرأسمالي إلى مسار الثورة الإشتراكية دون أدنى فرصة للرجوع عنه . على المسار الإشتراكي الجديد انهار النظام الرأسمالي في كل أطراف العالم بما في ذلك الرأسمال الأمريكي الذي تحول من إنتاج فائض القيمة إلى إنتاج مقاومة الشيوعية . ثمة فرق نوعي بين الحالتين، توظيف النظام الرأسمالي في مقاومة الشيوعية دون خدمة ذاته مصيره الإنهيار وهو ما كان للرأسمالية الأمريكية في العام 1971 .
نحن عندما نؤكد صحة نبوءة لينين ونرى أن على مسار الثورة الاشتراكية لم يعد هناك نظام مستقر للإنتاج وأن فوضى الهروب من الاستحقاق الإشتراكي التي بدأتها البورجوازية الوضيعة ىالسوفياتية لتنتشر في العالم كله، نحن إذّاك لا نتطفل عل التاريخ ونضيف إليه ما ليس فيه بل نشير إلى فقدان الولايات المتحدة الغطاء البضاعي لنقودها في العام 1971 وهو ما يؤكد انهيار النظام الرأسمالي فيها ؛ كما نتوقف بكل اعتبار لدواعي اجتماع قادة الدول الخمسة الكبرى (G.5) في 16 نوفمبر 1975 في رامبوييه بباريس ليعلنوا تكافلهم في الحفاظ على أسعار عملاتهم ضمن هامش رفيع محدود وتكليف هيئة إدارة صندوق النقد الدولي بإلغاء الذهب كغطاء حتمي للنقود . هذا أمر يفسر نفسه بنفسه دون تذاكي المتذاكين وهو أن تلك الدول الخمسة - وقد غدت اليوم سبعة دول بعد انضمام ايطاليا وكندا - لم تعد تنتج البضاعة أي أنها لم تعد رأسمالية طالما أن الرأسمالية تقوم قصراً على إنتاج البضاعة . الخمسة الرأسماليون المفلسون خالفوا أس الإقتصاد والمبدأ الأولي للتجارة وقانون النقد العالمي وأعلنوا نقل أصل القيمة (Value) من البضاعة وهي المكتنزة لقوى العمل (Labour Power) إلى النقود التي لا تكتنز أدنى كمية من قوى العمل .
تكافل الدول الكبرى الخمسة في الاحتفاظ بأسعار عملاتها ضمن فروق محدودة انتهى ليكون الدولار الأميركي هو العملة الرئيسية المكفولة بحكم أن التجارة الأميركية كانت الأوسع على مستوى العالم، وما كانت تلك الكفالة لتأخذ دوراً محدوداً بغير المضاربة في أسواق المال ؛ فما أن يميل سعر صرف الدولار إلى الإتخفاض في أسواق لندن مثلا حتى يهب البنك المركزي في برلين أو في طوكيو إلى شراء مئات ملايين الدولارات فيعود سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه . وهكذا حافظت تلك الدول الخمسة الكبرى منذ ثمانينيات القرن الماضيي على تناسي القيمة البضاعية في المبادلات التجارية لكنها وبالرغام من كل الأموال الوفيرة المكدسة في خزائنها فهي لم تنجح في مسعاها وظلت القيمة البضاعية هي الأصل فالدولار الأميركي وهو محل عناية الدول الخمسة الكبرى كان بقيمة 50 سغم من الذهب في العام 1970 هو اليوم أقل من قيمة 1.5 سغم وهو ما يعني أن دولار العام 70 يساوي اليوم أكثر من 33 دولارا وبعد سنوات قليلة سينتهي الدولار ليكون بلا قيمة وعندئذ سينهارالنظام العالمي القائم اليوم .

في الإحصاءات الأخيرة للولايات المتحدة يبلغ مجمل الإنتاج الوطني السنوي 20 ترليون دولار ولما كان 80% من الاقتصاد الوطني يقوم على إنتاج الخدمات فذلك يعني أن الولايات المتحدة تنفق سنويا 16 ترليون دولار على إنتاج الخدمات التي لا يعود منها دولار واحد على الثروة الوطنية وعلى موازنة الدولة، انها تُستهلك تماماً حال إنتاجها كما في الدورة أعلاه (نقد = خدمات = 00) . وبمثل هذه النتيجة يترتب على الإدارة الأميركية أن تطبع 16 ترليونا من الدولارات لتنفق على إنتاج ذات الخدمات من جديد في السنة التالية . ولما كانت الولايات المتحدة لا تملك القيمة التبادلية لترليونات الدولارات الجديدة التي تطرح في الأسواق لتغتصب قيمتها التبادلية من كتلة الدولار المنتشرة في كل أقاصي الأرض . استمرار فوضى الإنتاج على ما هي عليه اليوم في أميركا إنما يتم على حساب العالم كل العالم بعد أن حل الدولار محل الذهب في غطاء نقود العالم .
الدولار الذي تطبعه أميركا بغير حساب ليكون القيمة المطلقة والبديل لكل منتوجات العالم يؤكد حقيقة واحدة وهي أن فوضى الإنتاج تمسك بخناق العالم . ما يستصرخ أشد استهجان هو تجاهل حتى علماء الإقتصاد لحقيقة في غاية الغرابة والشذوذ وهي أن الدولار الأميركي الزائف ولا يحمل أدنى قيمة يصبح اليوم القيمة المطلقة والقيمة التبادلية لكل المنتوجات . نقود التبادل الرأسمالي هي نقود حقيقية .
لئن كان لنا أن نلوم أحداً على مثل هذه الفوضى في الإنتاج دون أن يستقر أحد من شعوب الأرض في نظام إنتاج ثابت الحدود ومستقر فالملوم الأول والأخير على حالة الضياع التي يعاني منها عالم اليوم إنما هو البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقيادة الجيش الذي أمسك بروسيا ليحولها بكل ثرواتها إلى مصنع للحرب الأمر الذي انتهى لتكون أميركا مطبعة للدولارات المكشوفة .
لئن كان بإمكان البورجوازية الوضيعة الروسية أن تقلع عن صناعة الأسلحة فليس بمقدور البورجوازية الوضيعة الأمريكية أن تقلع عن طباعة الدولار المكشوف .
فوضى الهروب من إستحقاق الإشتراكية

في السادس من مارس 1919 أعلن لينين في الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية أن الثورة الإشتراكية قد استحقت في كل العالم . فهل كذّب التاريخ نبوءة لينين نبيّ الشيوعية !؟
القراءة العلمية للتاريخ فيما بعد العام 1919 تقول العكس تماما بالرغم من كل جهود رجال السياسة الأفاقين ودوائر الإعلام المأجورة المختلفة الذين لم يألوا جهداً في تكذيب لينين . يقول التاريخ أن شعوب روسيا القيصرية التي كانت حسب لينين "تبيت على الطوى" في العام 1922 بعد انتهاء 8 سنوات من الحروب الشاملة قد غدت بفضل الثورة الإشتراكية في العام 1941 أقوى دولة في الأرض تسحق النازية وتحفظ حرية الدول الرأسمالية الكبرى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا . روسيا القيصرية المهزومة شر هزيمة في العام 1917 تتعملق لتغدو الآمر الناهي في الجغرافيا السياسية للمعمورة بعد أن تجاوزت الجهود الحربية الي بذلها الاتحاد السوفياتي في الحرب عشرة أمثال جهود الدول الغربية الكبرى الثلاث مجتمعة في الحرب . وما كان ذلك بالطبع ليكون بغير الثورة الاشتراكية التي فجّرها لينين في العالم .

فيما بعد الحرب العالمية وقد تحوّرت دولة دكتاتورية البروليتاريا الإشتراكية للضرورات الحيوية إلى دولة حربية في كل تفاصيلها يقودها عملياً مارشالات وجنرالات الجيش الأحمر وهو ما عطّل مسيرة الثورة الإشتراكية ورتب على الحزب الشيوعي بقيادة ستالين بعد إعادة الإعمار في العام 1951 إعادة الأمور إلى نصابها، إعادة دولة الحرب بقيادة العسكر إلى الدولة المدنية الإشتراكية بقيادة البروليتاريا . طبعاً ما كان ذلك ليتم بغير ثورة بلشفية عميقة يقودها ستالين بكل صرامته المعروفة على رأس حزب بكل تقاليده البلشفية الثورية الخلاقة .
أيٌّ من الشرطين لم يتوفر حينذاك ؛ فالحزب كان قد فقد عصبته الثورية بعد أن توقف عن ممارسة سياسته المقتصرة على الصراع الطبقي لضرورات الحرب منذ العام 39 وحتى العام 51 ؛ أما الشرط الثاني وهو ستالين فقد اغتاله رفاقه في المكتب السياسي بالسم في 28 فبراير 53 ؛ وعليه استفرد الجيش بمصائر الاتحاد السوفياتي وحال دون العودة إلى الإشتراكية وما كان منه بكل قباحته العسكرية إلا أن أعلن في العام 1961 إلغىاء دكتاتورية البروليتاريا، شرط الإشاراكية الأوحد .
الحقيقة الكونكريتية التي يتجاهلها مختلف السياسيين ودوائر الإعلام وهي أن البورجوازية الوضيعة التي تنتج الخدمات وعلى رأسها القوات المسلحة ليست طبقة إجتماعية مستقلة بذاتها حيث أن مجمل إنتاجها ينتهي إلى الصفر (نقد = خدمات = 00)، وهكذا لا مستقبل للمجتمع السوفياتي تقوده البورجوازية الوضيعة وتحول دون عودته إلى الثورة الإشتراكية، نبوءة لينين . وهكذا انتهى المجتمع السوفياتي إلى حكم المافيا وتجارة الرقيق وإلى أن دولة لم تكن متقدمة في النظام الرأسمالي كالبرتغال تحول قوى العمل المتاحة إلى بضائع أكثر مما تحوّل روسيا بالرغم من الفارق الكبير بعدد السكان . يداعي السياسيون الأفاقون والشيوعيون المفلسون زاعمين بأن روسيا تعود إلى النظام الرأسمالي حيث لا يعلم هؤلاء الطارئون في علم السياسة أن البورجوازية الوضيعة الحاكمة اليوم في روسيا هي أصلاً وحسب تقسيم العمل من أعداء النظام الرأسمالي .
تعطلت الثورة الإشتراكية في مركزها، في عاصمة لينين، فكان لها أن تتعطل في غرب أوروبا وسائر انحاء العالم . تعطيل الثورة في مركزها بفعل تداعيات الحرب لا يعني بأي معنى من المعاني خطل نبوءة لينين، فمشروع لينين الثوري بقيادة ستالين المتميزة كان قد نقل العالم من مسار التطور الرأسمالي إلى مسار الثورة الإشتراكية دون أدنى فرصة للرجوع عنه . على المسار الإشتراكي الجديد انهار النظام الرأسمالي في كل أطراف العالم بما في ذلك الرأسمال الأمريكي الذي تحول من إنتاج فائض القيمة إلى إنتاج مقاومة الشيوعية . ثمة فرق نوعي بين الحالتين، توظيف النظام الرأسمالي في مقاومة الشيوعية دون خدمة ذاته مصيره الإنهيار وهو ما كان للرأسمالية الأمريكية في العام 1971 .
نحن عندما نؤكد صحة نبوءة لينين ونرى أن على مسار الثورة الاشتراكية لم يعد هناك نظام مستقر للإنتاج وأن فوضى الهروب من الاستحقاق الإشتراكي التي بدأتها البورجوازية الوضيعة ىالسوفياتية لتنتشر في العالم كله، نحن إذّاك لا نتطفل عل التاريخ ونضيف إليه ما ليس فيه بل نشير إلى فقدان الولايات المتحدة الغطاء البضاعي لنقودها في العام 1971 وهو ما يؤكد انهيار النظام الرأسمالي فيها ؛ كما نتوقف بكل اعتبار لدواعي اجتماع قادة الدول الخمسة الكبرى (G.5) في 16 نوفمبر 1975 في رامبوييه بباريس ليعلنوا تكافلهم في الحفاظ على أسعار عملاتهم ضمن هامش رفيع محدود وتكليف هيئة إدارة صندوق النقد الدولي بإلغاء الذهب كغطاء حتمي للنقود . هذا أمر يفسر نفسه بنفسه دون تذاكي المتذاكين وهو أن تلك الدول الخمسة - وقد غدت اليوم سبعة دول بعد انضمام ايطاليا وكندا - لم تعد تنتج البضاعة أي أنها لم تعد رأسمالية طالما أن الرأسمالية تقوم قصراً على إنتاج البضاعة . الخمسة الرأسماليون المفلسون خالفوا أس الإقتصاد والمبدأ الأولي للتجارة وقانون النقد العالمي وأعلنوا نقل أصل القيمة (Value) من البضاعة وهي المكتنزة لقوى العمل (Labour Power) إلى النقود التي لا تكتنز أدنى كمية من قوى العمل .
تكافل الدول الكبرى الخمسة في الاحتفاظ بأسعار عملاتها ضمن فروق محدودة انتهى ليكون الدولار الأميركي هو العملة الرئيسية المكفولة بحكم أن التجارة الأميركية كانت الأوسع على مستوى العالم، وما كانت تلك الكفالة لتأخذ دوراً محدوداً بغير المضاربة في أسواق المال ؛ فما أن يميل سعر صرف الدولار إلى الإتخفاض في أسواق لندن مثلا حتى يهب البنك المركزي في برلين أو في طوكيو إلى شراء مئات ملايين الدولارات فيعود سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه . وهكذا حافظت تلك الدول الخمسة الكبرى منذ ثمانينيات القرن الماضيي على تناسي القيمة البضاعية في المبادلات التجارية لكنها وبالرغام من كل الأموال الوفيرة المكدسة في خزائنها فهي لم تنجح في مسعاها وظلت القيمة البضاعية هي الأصل فالدولار الأميركي وهو محل عناية الدول الخمسة الكبرى كان بقيمة 50 سغم من الذهب في العام 1970 هو اليوم أقل من قيمة 1.5 سغم وهو ما يعني أن دولار العام 70 يساوي اليوم أكثر من 33 دولارا وبعد سنوات قليلة سينتهي الدولار ليكون بلا قيمة وعندئذ سينهارالنظام العالمي القائم اليوم .

في الإحصاءات الأخيرة للولايات المتحدة يبلغ مجمل الإنتاج الوطني السنوي 20 ترليون دولار ولما كان 80% من الاقتصاد الوطني يقوم على إنتاج الخدمات فذلك يعني أن الولايات المتحدة تنفق سنويا 16 ترليون دولار على إنتاج الخدمات التي لا يعود منها دولار واحد على الثروة الوطنية وعلى موازنة الدولة، انها تُستهلك تماماً حال إنتاجها كما في الدورة أعلاه (نقد = خدمات = 00) . وبمثل هذه النتيجة يترتب على الإدارة الأميركية أن تطبع 16 ترليونا من الدولارات لتنفق على إنتاج ذات الخدمات من جديد في السنة التالية . ولما كانت الولايات المتحدة لا تملك القيمة التبادلية لترليونات الدولارات الجديدة التي تطرح في الأسواق لتغتصب قيمتها التبادلية من كتلة الدولار المنتشرة في كل أقاصي الأرض . استمرار فوضى الإنتاج على ما هي عليه اليوم في أميركا إنما يتم على حساب العالم كل العالم بعد أن حل الدولار محل الذهب في غطاء نقود العالم .
الدولار الذي تطبعه أميركا بغير حساب ليكون القيمة المطلقة والبديل لكل منتوجات العالم يؤكد حقيقة واحدة وهي أن فوضى الإنتاج تمسك بخناق العالم . ما يستصرخ أشد استهجان هو تجاهل حتى علماء الإقتصاد لحقيقة في غاية الغرابة والشذوذ وهي أن الدولار الأميركي الزائف ولا يحمل أدنى قيمة يصبح اليوم القيمة المطلقة والقيمة التبادلية لكل المنتوجات . نقود التبادل الرأسمالي هي نقود حقيقية .
لئن كان لنا أن نلوم أحداً على مثل هذه الفوضى في الإنتاج دون أن يستقر أحد من شعوب الأرض في نظام إنتاج ثابت الحدود ومستقر فالملوم الأول والأخير على حالة الضياع التي يعاني منها عالم اليوم إنما هو البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقيادة الجيش الذي أمسك بروسيا ليحولها بكل ثرواتها إلى مصنع للحرب الأمر الذي انتهى لتكون أميركا مطبعة للدولارات المكشوفة .
لئن كان بإمكان البورجوازية الوضيعة الروسية أن تقلع عن صناعة الأسلحة فليس بمقدور البورجوازية الوضيعة الأمريكية أن تقلع عن طباعة الدولار المكشوف .