صراع الأضداد أم وحدتهم في المؤسسة الاميركية..


كامل الدلفي
2021 / 1 / 21 - 14:30     

الحزبان الجمهوري والديمقراطي مثلا دائرة التنافس في قيادة البيت الأبيض و تعاقب ممثليهما بحسب الحصاد الإنتخابي على ادارة الشأن العام في بلادهم عقب الحرب العالمية الثانية مروراً بظروف الحرب الباردة وما أعقبها ، من تفكيك المنظومة الاشتراكية وتهيئة الظروف للإنفراد بالعالم كقطبية واحدة . ولم يظهر رئيس اميركي مفرط الحركة بما يقرب الجنون او العته كما تجسد في شخصية دونالد ترامب اذ أدام جلد الانسانية بسيف الخوف والبطش والسيطرة والحروب والتدخل بالشؤون الداخلية للدول بما ينافي قواعد ولوائح النظام الدولي و شرعة حقوق الانسان و مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير و ترسيخ السلام الذي قدمه الرئيس الامريكي وودرو ويلسون . وفي الصعيد الأميركي واجه ترامب المبادىء والقواعد الديمقراطية الراسخة بتخرصات استبدادية مثل التشكيك العلني بنتائج الانتحابات والتشهير بنزاهتها
و الالتفاف على مبدأ الانتقال السلمي للسلطة باستخدام عناصر الرصيف الامريكي من غوغائيين و منفلتين في السلوك في عملية اقتحام للبيت الابيض ومزيد من الاعمال والممارسات الدولية والقرصنة و العرقية التي جعلت العالم يلتزم الصمت حيالها خوفاً من تدخلات ترامب العسكرية أو ان تعرض الدولة المحتجة نفسها للوضع على لائحة العقوبات الاقتصادية أو لائحة الارهاب وهكذا دواليك ... فهل ان الانفلات الفرداني للرئيس ترامب كان عفويأً غير مخطط له ، وان صراعه مع منافسه الديمقراطي الذي تطلب منه التجاوز على المبادىء الاساسية للدولة أمر بعيد عن انظار المؤسسة السياسية الأم؟
لا اعتقد بهذا، فقد مثّل ترامب دوره بإجادة بالغة كما رسمه أرباب المؤسسة من دون أن يترك أثرا وراءه..
ما الذي يقف وراء تمثيلية ترامب ذات الفصل الواحد ؟
لا احد ينكر ما لدونالد ترامب من دور في كسب الراي العام الامريكي وجعله ميال إلى جانبه ما دامه محلق بجناحي رامبو و مولع في تمثيل السطوة والقوة الامريكتين ويأتي بالمغانم الكونية ..
تلكم انساق التمثيلية في غضون ثلثي المدة الرئاسية وان المسارات الصاعدة ستمكنه من الفوز و هزيمة غريمه .. الملاحظ ان التنافس حول كرسي الرئاسة ابتدأ عنيفاً وحاداً، و إعترته سلوكيات تتقاطع كما أشرنا في اعلاه مع الثوابت الديقراطية.. فلماذا يا ترى حدث ما حدث في ذروة المشهد التمثيلي ؟ ان تخطيط المؤسسة الام بات واضحا في السياق الانتخابي ، حين انقلب ترامب على فرصة الهدوء المطلوبة اثناء الانتخابات ،ما جعله يحفر قبر فرصته المحققة ، ولو دققنا في خاصية مميزة للمؤسسة الامريكية الأم نجد ان همها الاول بوصفها منظومة إمبريالية يتجلى بثنائية تبادلية هي ( الربح
" المال" - التوسع) ، وان الرئيس الامريكي( ديمقراطي أم جمهوري) لابد وأن يكون ملتزماً لا محال بتطبيق هذا المبدأ .وبما ان الرجل المنافس لترامب هو جو بايدن وفي نظرة سريعة لسيرته السياسية نجد ان تكييفه مع مبدأ التوسع / الربح أعلى بمناسيب كبيرة من تكييف ترامب الذي كان سيكرر رئاسته ثانية في سياق الامور الاعتيادية لو لا تدخل المؤسسة التي احست بضرورة المبادرة السريعة وصناعة أجواء مناسبة لفوز
جو بايدن الذي طرح مشاريع التقسيم سواء في الشرق الاوسط او تقسيم بلدانه الى مجزوءات عرقية وطائفية العراق - ايران-السعودية -باكستان- مصر -سوريا..وما شابهه.في اطار افكار وبرامج اوتاد المؤسسة الأم مثل برنارد لويس وكيسنجر وبريجنسكي.
وفي ظل تكريس المال /التوسع سيبدأ العالم مع بايدن نظاما عالميا جديدا وان دونالد ترامب اختتم موجة سياسية ستكون عبئا على كاهل اميركا لو تجددت له الرئاسة مرة ثانية.