ماذا يعني الرفيق فريدريك انجلز للماركسيين المغاربة؟


عبد السلام أديب
2021 / 1 / 21 - 09:14     

تعيش الحركة الماركسية اللينينية عبر العالم وبالمغرب على الخصوص هذا العام، ذكرى مرور مائتي سنة على ميلاد المفكر الشيوعي الثوري فريدريك انجلز والذي ولد بتاريخ 28 نونبر 1820 بمدينة بيرمن الألمانية. فماذا يعني هذا المفكر الثوري العظيم للماركسين المغاربة؟ خصوصا وأن الحركة الماركسية اللينينية المغربية ظلت منذ ظهورها في الثلاثينيات من القرن العشرين وعلى الخصوص منذ الإضافات النوعية للشباب الماركسي اللينيني في اطار منظمة الى الأمام الماركسية اللينينية التي تأسست في 30 غشت 1970 وكذا التنظيمات اللاحقة المتفرعة عنها بمختلف مسمياتها خاصة داخل الجامعات المغربية، تعتبر الرفيق فريدريك انجلز رافدا رئيسيا لفكرها الماركسي اللينيني الى جانب كل من الرفيقين كارل ماركس واليتش أوليانوف لينين.

فقد شهدت مختلف انتاجات الماركسيين اللينينيين المغاربة، على أنه لا يمكن الفصل بين أعمال كارل ماركس وفريديريك انجلز، كقاعدة أساسية صلبة للماركسية خلال القرن التاسع عشر. فاعتبروا أن أعمال الرفيقين معا تشكل وحدة منسجمة متداخلة في بناء الأسس الفلسفية والسياسية والنضالية الميدانية التي افرزت المنظومة الماركسية ككل. ورغم محاولة العديد من التحريفيين كما فعل البرجوازي الصغير جاك أتالي في كتابه "كارل ماركس أو فكر العالم" الفصل بين اعمال الرجلين ومحاولة تبخيس دور فريدريك انجلز في هذا البناء، الا ان تلك المحاولات اصطدمت دائما بصلابة تداخل مساهمة الرفيقين.

فمركزية الطبقة العاملة والبروليتاريا كمكون أساسي للنظرية الماركسية نشأت أصلا على يد فريدريك انجلز منذ كتاباته الأولى سنة 1842 بمدينة مانشيستر ببريطانيا. فقد دفعت معايشته المادية لنمو الصناعية الرأسمالية بهذه المدينة واختلاطه الميداني بالطبقة العاملة ومعاينته لبؤسها، الى انتقاله من الهيغلية حيث كان احد الشباب الهيغليين الى الشيوعية ومن تم صياغة كتابه الرائد حول حالة الطبقة العاملة في بريطانيا سنة 1845. كما حضي كتيب انجلز حول نقد الاقتصاد السياسي الصادر سنة 1848، بإعجاب كبير من طرف كارل ماركس ودفعه الى تعميق نقده للاقتصاد السياسي الرأسمالي في كتابه الرئيسي رأس المال، كما شكلت مسودة فريدريك انجلز لسنة 1847 حول مبادئ الشيوعية أرضية أولى أساسية لصياغة الصيغة النهائية للبيان الشيوعي من قبل ماركس سنة 1848.

أما بالنسبة للقضايا الفلسفية وخاصة أسس المادية التاريخية والمادية الجدلية والنظرة الماركسية للعالم فقد حظيت باهتمام كبير من طرف الماركسيين اللينينيين المغاربة خاصة الكتابات الرئيسية التي أنجزها فريدريك انجلز في هذا المجال والتي شكلت لبنات أساسية للفلسفة الماركسية اللينينية، مثل مؤلفات ضد دوهرينغ، وديالكتيك الطبيعة وأصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة، ولودفينغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية.

لقد تأثرت ممارسات الحركة الماركسية اللينينية المغربية الشابة منذ سبعينيات القرن العشرين أيضا بالنظرية والممارسة الشيوعية لفريدريك انجلز ونجد معالمها واضحة في الكثير من نضالاتها الميدانية وانتقاداتها اللاذعة لسياسات النظام القائم. فقد ترك انجلز لهؤلاء الشباب ارثا زاخرا من الممارسات الميدانية التي تشهد على انخراطه الميداني في العديد من المعارك الثورية أواسط القرن التاسع عشر، خاصة منها ثورات سنة 1848 والتي أثارت ورائه حفيظة العديد من الحكومات البرجوازية الأوروبية آنذاك، كما ساهم مرور انجلز بسلك الجندية ودراسته لأعمال الاستراتيجي الألماني الجنرال كارل فون كلاوزفيتس في صقل خبرته الثورية الميدانية الى درجة أن لقبه الكثيرون بالجنرال.

كما شكلت معايشة انجلز لأول اضراب عمالي في التاريخ لسنة 1842 في بريطانيا وقدرته على تشريح وتسجيل ما عبرت عنه آنذاك من ابداعات نضالية عمالية جديدة، لا زالت تشكل مرجعا للنضالات العمالية الى اليوم، والتي ابرزت الطبقة العاملة لأول مرة في التاريخ كقوة سياسية فاعلة، خلال ثورات 1848 و1871، مصدر الهام لممارسات الشباب الشيوعي المغربي منذ السبعينات من القرن العشرين وشكل تصوراته لتكتيكات خوض الصراع الطبقي الميداني وقدرته على التأثير ونقد علاقات الإنتاج الطبقية القائمة والتطلع نحو المجتمع الشيوعي البديل بدون طبقات. فالتاريخ كما سجل ذلك البيان الشيوعي لسنة 1848 ليس سوى تاريخ للصراع الطبقي، وأن لا مجال لقلب موازين القوى وانتزاع السلطة من يد البرجوازية المهيمنة بدون شريك، كما يؤكد على ذلك فريدريك انجلز، سوى الثورة كطريق وحيد لإلغاء الاغتراب الأيديولوجي والطبقات والسياسة والدولة البرجوازية تمهيدا للانتقال نحو المجتمع الشيوعي المتضامن.

إن مختلف الأفكار والممارسات التي انتهجها فردريك انجلز في تفاعل ديالكتيكي مع أفكار وممارسات رفيقه في النضال كارل ماركس، في سياق سيرورة الواقع العملي لتطور الرأسمالية في بريطانيا خلال القرن التاسع عشر، شكلت الأرضية الأيديولوجية والعملية على يد لينين كركيزة للممارسة السياسية والأيديولوجية للحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي واعتمدها البلاشفة خلال ثورة 1905 ثم خلال ثورة 1917 كأول ثورة عمالية مظفرة في التاريخ. فكل هذا الرصيد الثوري الزاخر، الذي ساهم فيه الرفيق فريدريك انجلز بشكل رئيسي الى جانب رفيقه كارل ماركس، شكل مرجعا لممارسات الماركسيين اللينينيين عبر العالم بشكل عام ولممارسات الماركسيين اللينينيين المغاربة بشكل خاص وفي مقدمتهم شهيدي الحركة الماركسية اللينينية المغربية، عبد اللطيف زروال وسعيدة لمنبهي.