تاريخ الإبادة الجماعية, النموذج, 19 يناير 1984


كوسلا ابشن
2021 / 1 / 19 - 21:58     

عرف غرب بلاد ايمازيغن جرائم الإبادة الجماعية للأمازيغ في الفترات التاريخية للإستعمار العربي, وخصوصا بعد تمتين الإحتلال الفرنسي لسلطة العروبة الاستعمارية والدفاع عنها في المحافل الدولية و حمايتها من المتابعات الدولية على جرائم الابادة الجماعية للشعب الامازيغي وخصوصا مجازر 1956-1957 في الجنوب الشرقي و1958-1959 و1984 في الريف.
يحل اليوم الذكرى 37 لجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام الاستعماري العرقي العروبي بمنطقة الريف (شمال المروك), والتي بدأت يوم الخميس 19 يناير 1984 وظلت لأيام, راح ضحية بربرية النظام العرقي مئات الريفيون بين شهيد و جريح و مئات المعتقلين, حشر الشهداء في مقابر جماعية والجرحى أطال بهم المقام في السجون العلوية السيئة السمعة. أثناء مسرحية "الانصاف و المصالحة" كشف النظام عن قبر جماعي واحد, كان أصلا معروف عند العامة, وبقيت جل مواقع المقابر الجماعية الأخرى مجهولة حتى اليوم.
حسب القانون الدولي تعد مجزرة الريف جريمة الإبادة الجماعية, ليس بعدد القتلى الجرحى والبطش الوحشي للمعتقلين, وإنما بالتعريف الدولي لجريمة الإبادة الجماعية.
"أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948, ودخل حيز التنفيذ 12 يناير 1951. قرارها 96 المؤرخ في 1 ديسمبر 1946, المعلن أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي, يتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها.
وإذ تعترف بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت, في جميع عصور التاريخ, خسائر جسيمة بالإنسانية, وإيماناً منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي.
إن الأطراف المتعاقدة, تتفق على ما يلي:
المــادة الثانية
في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية, المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية, بصفتها هذه:
( أ ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
( ج) إخضاع الجماعة عمداً, لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
( د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة, عنوة, إلى جماعة أخرى.
المــادة الثالثة
يعاقب على الأفعال التالية:
( أ ) الإبادة الجماعية.
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
( ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
( د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
(هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.
المــادة الرابعة
يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة, سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا.
المــادة السادسة
يتحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها, أو أمام محكمة جزائية دو لية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها".
نتيجة سياسة الأبارتهايد, التي انتهجها النظام العرقي العروبي, تعرضت منطقة الريف للتهميش والإقصاء و الاستبداد, في المقابل تكدست السلطة اللقيطة ثروات ضخمة من المنطقة و خصوصا تحويلات المهجرين الريفيين من العملة الصعبة. في غياب السياسة التنموية, تراكمت الصعوبات الحياتية و إزداد حجم البطالة بين الشباب و من ضمنهم الخريجين الجامعيين, وفي غياب الدمقراطية لم يبقى للجماهير الشعبية الا النزول الى الشوارع للاحتجاج السلمي ضد سياسة الأبارتهايد (الفصل العنصري) والمطالبة بسن سياسة تنموية حقة في المنطقة والتخلي عن المقاربة الآمنية, والمطلب العادل المتمثل في المصالحة مع الريف, و عوض البحث عن حلول واقعية لتلبية المطالب العادلة للريفيين, إلتجأ النظام العرقي كعادته الى أداة القمع والإبادة الجماعية, لقد أعطيت الأوامر للجيش والشرطة والقوات المساعدة والدرك بإطلاق النارعلى المحتجين بدون تحذير, بهذا تم إنزال مكثف لأجهزة القتل مسلحة بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة بهدف إبادة الجماهير الشعبية الأمازيغية, وقد نجحت السلطة العرقية بإخماد الانتفاضة بعد إرتكاب جريمة الابادة الجماعية, من قتل وتنكيل بالجثث وتعذيب وحشي للمعتقلين و الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان, ولم ينسحب الجيش من شوارع المدن والبلدات الريفية الخالية من السكان الا بعد خطاب المقيم العام العروبي الحسن الفاشي العرقي, الذي وصف أهل الريف بالأوباش والمهربين, وحذرهم بقوله " سكان الشمال عرفوا ولي العهد, ومن الأحسن أن لا يعرفوا الحسن الثاني ", وهو تحذير من تكرار جينوسيد الريف (1958-1959), الذي ارتكبه في اهل الريف وهو ما زال أنذاك والي العهد, وباللغة المروكية أن ما إقترفه لا يساوي شيْ مما يمكن ان يفعله وهو صاحب الامر والنهي, هو الرب فوق الارض, خطاب الترهيب والاذلال يبين الطبيعة العرقية لمجزرة يناير 1984, التي إرتكبها النظام العروبي الاستعماري على أساس عنصري في حق إثنية أمازيغية محلية مضطهدة, من دون تنديد و شجب داخلي بالمذبحة العرقية التي إقترفها النظام العروبي. لا جدال في أن "سياسة الظهير العروبي" وصلت الى أقصى حد ممكن و المتجلى في الإبادة الجماعية من دون النظر الى العمر والجنس, تهمتهم الأساسية هوالانتماء الأمازيغي ( العرق المعين), والفعل الإجرامي العرقي لم يكن أن يمر بهذا الشكل المأساوي واللامبالات لولا المساندة والدعم الحماسي لقوى القومية القاهرة و زواياها السياسية والدعاوية الداعمة لسياسة الظهير العروبي التي ينهجها النظام العرقي الاستعماري, وبها وجدت سياسة معاداة الامازيغ مكانة لها في المجتمع. سياسة الظهير العروبي التي دشنها جينوسيد الريف 1958, و نظام الآبارتهايد الممنهج, تهدف من جهة الى تعريب ما تبقي مما لم يعرب بعد (إستبدال الهوية الأصلية بالهوية المزيفة ( القناع العربي) ), و من جهة آخرى الى طرد الامازيغ من بلادهم لإخلاء المنطقة من المخزون الشبابي خصوصا, لضرب الصمود التاريخي للأمازيغ في وجه الآلة العسكرية الاستعمارية.
جينوسيد الريف سيبقى محفورا في الذاكرة الجماعية للريفيين, كما ستبقى أفكار جمهورية الريف تنير درب الأحرار, فإنتفاضة يناير لم تكن البداية ولا النهاية , فهي ظاهرة طبيعية أنتجها الواقع الاستعماري, فلا إستسلام ولا التخلي عن مقاومة الآبارتهايد العروبي بالريف,فرغم الظروف الصعبة للنصال الامازيغي بالريف بسبب الاستبداد الممنهج المبسط الطريق للإيديولوجية الظلامية الإستئصالية والتضليلية لقوى العرو-اسلامية الإستعمارية, فدرب النضال ليس مفروشا بالورود و توفير الشروط الضرورية للثورة التحررية الريفية مهمة الشباب المسلح بالفكر التحرري الثوري, جيل الثورة التحررية الريفية قادم بأسلوب من طراز جديد فكرا و تنظيما وتخطيطا وتنفيذا, " فكر بهدوء وإضرب بقوة " (محمد ع الكريم الخطابي), بالثورة التحررية فقط سيمنع الامازيغ تكرار الإبادة الجماعية, وسيحطم طوطم الظهير العروبي وقوانينه العرقية والاستبدادية والاستغلالية .
المجد والخلود لشهداء الحق الامازيغي بالريف والمجد والخلود لشهداء ايمازيغن بليبيا وأزواد ومزاب ولقبايل وفي كامل بلاد الامازيغ تامازغا (شمال افريقيا).