مقالات صديقة.العراق: مسودة موازنة 2021… و تغير موازين القوى ! بقلم رفيق (صادق عزيز)البديل الاشتراكى


تيار الكفاح العمالى - مصر
2021 / 1 / 18 - 14:45     

..فشل البرلمان العراقي في عقد جلسة خاصة لتمرير القراءة الثانية لمشروع الموازنة المالية الذي اقره مجلس الوزراء في اسبوعه الاول وضمن المهلة الممنوحة له لنحو شهر، للمناقشة و اقرار المسودة، دون التوصل الى اتفاق معين وسط خلافات حادة بين الكتل البرلمانية. وقد طغت، ظاهريا، الخلافات حول حصة اقليم كردستان من الموزانة الاتحادية وسعر صرف الدينار العراقي و رواتب الموظفين والمنتسبين، علاوة على مسالة الانفاق الحكومي وتخفيضه على اجواء الخلافات و الصراعات العقيمة التي تعبر اساساً عن ازمة سياسية و اقتصادية حادة.
ويعد مشروع الموزانة لعام 2021 اكبر موزانة مالية في تاريخ العراق الحديث حيث تتجاوز قيمتها 150 تريليون دينار عراقي (103.4 مليار دولار امريكي ) بعجز يصل الى 70 تريليون دينار عراقي 48.2 دولار امريكي، بما يعادل 46.6% من اجمالي الموازنة. و تعد هذه النسبة من اكبر عجز مالي يواجهه النظام.
يأتي هذا الفشل والتعثر في اقرار الموازنة في ظل الاستعداد لاجراء انتخات مبكرة من المزمع اجراؤها في السادس من حزيران المقبل، وسط تكهنات في الفشل في تنفيذ هذا الاجراء اثر تعمق الصراع والخلاف بين الكتل السياسية و خلاف بين مفوضية الانتخابات والرئاسات الثلاث. التي بدورها تعكس جانب آخر من الازمة السياسية و الاقتصادية التي تعاني منها القوى السياسية و النظام الطائفي القومي الحاكم و تعطيها بعداً أعمق.
لقد تمظهر الخلاف بين المركز و الاقليم حول حصة الاقليم من الموازنة و كيفية تسديد رواتب موظفي الاقليم مقابل تسليم اقليم لواردات النفط والواردات الداخلية المتمثلة بواردات المنافذ الحدودية. و قد تعهد الاقليم بتسليم واردات 250الف برميل من النفط يومياً في الوقت الذي تشير التقارير إلى ان انتاج الاقليم لكميات اكبرمن هذه الحصة قد تصل الى 420 الف برميل يومياً، بعد أن دخل نفقاً مظلماً ولا يوجد مخرجا للخلاص من الازمة الاقتصادية الخانقة التي أدت الى تعميق الخلاف بين القوى الكردستانية، بينما تحولت حلول من نمط مطادرة المهرببين في المراكز الحدودية الكمركية إلى ظواهر مثيرة للسخرية. في الوقت الذي تتصاعد فيه نقمة واستياء الجماهير العمالية و الموظفين والشبيبة العاطلة عن العمل بوجه سلطة الاحزاب القومية الكردية الفاسدة.
وفي مسعى لحكومة الكاظمي للخلاص من العجر المالي في الموازنة او تقليصها، اصدرت، اثر توصيات من صندوق النقد الدولي، قرارها برفع قيمة صرف الدولار الامريكي مقابل الدينار العراقي بنسبة تصل الى أكثر من 20% والذي ينعكس بشكل حادة على القدرة الشرائية للطبقة العاملة و الموظفين و جموع الطبقات المتوسط في ظل التضخم المفاجىء. وقد اعلن مدير صحة الكرخ ببغداد عن الغاء مشروع صحي مهم للمصابين بفايروس كرونا بسبب خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار و تراجع الخدمات الصحية و الوقائية و التشخيصية و العلاجية اللازمة لكل الامراض علاوة على اعمال الصيانة و التأهيل. و قد انعكست السياسة المالية الجديدة على القطاعات الخدمية و الصحة و التعليمية و كافة مرافق الحياة في المجتمع.
و تشير كل الدلائل والتقديرات الاحصائية الى أرتفاع نسبة الفقر في العراق لأكثر من 31.7% و وفق هذه التقديرات سيصل عدد الفقراء الى 12 مليون انسان.
إن النظام الاجتماعي الحاكم والقوى السياسية المهيمنة على رقاب الجماهير دخلت منذ أمد طويل في نفق معتم ولا بصيص أمل في النجاة أو الخلاص وتتوالى الازمات و الخلافات بين كل الكتل السياسية والدينية الطائفية و بقية القوى الليبرالية، على حد سواء، في ظل الازمة الاقتصادية العالمية و الاقليمية بشكل يجعل من اصلاح النظام القائم او ترميمه ضربا من الخيال والاوهام.
إن النظام السياسي الحاكم في العراق و الاقليم يترنح امام تصاعد الاحتجاجات الجماهير المطالبة بانهاء الفساد و تامين الخبز و الحياة الكريمة، والتي استطاعت من خلال نضالها الثوري طوال أكثر من 16 شهراً من عمر انتفاضة اكتوبر من أن تجعل من ضرورة رحيل النظام وانهاء عمره الفاسدة خطوة نحو اخراج المجتمع من الفقر و البؤس و الفساد والتمييز الطبقي.

إن انتفاضة اكتوبر باعتبارها ثورة مستمرة تعطي يوما بعد اخر ملحمة نضالية تغني بها المسار الثوري للعمال و الشبية العاطلة عن العمل و جموع الجماهير المحرومة. تجربة نضالية جدية وتسجل انتصارات باهرة. فبعد أن نقت صفوفها من اعداء الثورة والمنسدين ذوي القبعات الزرق باتت في مواجهة عنف وإرهاب هذه القوى وعملت على طرد كل النزعات التوفيقية و الاستسلامية، شاهدنا نجاح الشبيبة المنتفضة في ذي قار من كسب تعاطف وتضامن الجيش، إذ نجد انظمام ومساندة افراد من الجيش ضباطا و مراتب (من الفرقة التاسعة) الى صفوف المحتجيين في الناصرية والوقوف بوجه قوى الامن وخلية الإرهاب سيئة الصيت اسوءة ببعض افراد قوات البيشمركة التي رفضت اوامر قمع الاحتجاجات الجماهيرية في السليمانية الشهر الماضي.
إن مسار إنتفاضة اكتوبر يؤكد أن التغيير المنشود قادم
15 كانون الثاني 2021