الماركسية مرشدة للنضال الطبقي القومي الثوري والطريق الى حرية الانسان والانسانية


خليل اندراوس
2021 / 1 / 15 - 18:36     


الماركسية ليست بمذهب جامد بل هي مرشدة للنضال والكفاح الطبقي التقدمي الثوري.

وهذا المظهر من الماركسية يجب ان لا يغيب عن بال أي ماركسي، فالفكر الجدلي الماركسي هو الروح الحية لهذه الفلسفة.

كتب لينين يقول: "كان إنجلز يقول في معرض الحديث عن نفسه وعن صديقه الشهير ان مذهبهما ليس بمذهب جامد، انما هو مرشد للعمل، ان هذه الصيغة الكلاسيكية تبين بقوة رائعة وبصورة اخاذة هذا المظهر من الماركسية الذي يغيب عن البال في كثير من الاحيان، وإذ يغيب هذا المظهر عن بالنا، نجعل من الماركسية شيئا وحيد الطرف، عديم الشكل، شيئا جامدا لا حياة فيه، ونفرغ الماركسية من روحها الحية، وننسف أسسها النظرية الجوهرية – ونعني بها الديالكتيك، أي مذهب التطور التاريخي المتعدد الاشكال والحافل بالتناقضات، ونضعف صلتها بقضايا العصر العملية والدقيقة، التي من شأنها ان تتغير لدى كل منعطف جديد في التاريخ". فمعرفة الماركسية والتعمق في دراستها وممارستها تجعل من كل ماركسي متواصلا ومتفاعلا مع قضايا العصر العملية والدقيقة، ومع القضايا الطبقية والقومية والاممية، في عصرنا الحالي عصر الامبريالية العالمية المتوحشة.



ففي عصرنا الحالي تتزايد ظواهر التفسخ الاجتماعي والفقر والبؤس ومظاهر العنصرية والصراعات الطبقية والصراع داخل دول رأس المال وكذلك الصراع بين الدول الامبريالية الغنية كالولايات المتحدة وغرب اوروبا وبين الشعوب المضطهدة والفقيرة حول العالم.

وتجري محاولات من قبل وسائل الاعلام في دول رأس المال بهدف تهميش ونقد الفلسفة الماركسية من اجل احداث انعطاف وتراجع عن مفاهيم الاشتراكية الدمقراطية الثورية الماركسية نحو طروحات تتبنى المفاهيم الاصلاحية الاجتماعية البرجوازية التي تخدم مصالح طبقة رأس المال والسوق الحرة المتوحشة في عصرنا الحالي.

وهذه الممارسات تهدف الى افساد الوعي الثوري لدى الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة، لكي يرتموا في احضان الانتهازية السياسية، ولكي يبتعدوا عن النضال الطبقي والقومي المثابر والمدروس والثوري.



الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة في عصرنا الامبريالي يسيرون في طريق وعر وصعب مليء بالتحديات والصراعات على مستوى طبقي وقومي، لذلك مهم جدا العمل على وحدة قوى اليسار الثوري الماركسي في كل دولة ودولة وحتى على مستوى عالمي لكي نستمر في طريق النضال والمقاومة الثورية، ولكي لا نقع في مستنقع الانتهازية والمهادنة والتطبيع وخيانة الوطن والشعب وخيانة المبادئ الثورية.

مهم جدا توعية وافهام الجماهير خاصة الطبقة العاملة ان عزل وفصل وفضح الانتهازية بكل اشكالها السياسية والتنظيمية امر حتمي وضروري، وتربية الجماهير على اهمية الكفاح والنضال من اجل احداث التغييرات الايجابية الكمية والكيفية في المجتمع، من اجل احقاق الحقوق العادلة للشعوب المضطهدة وانتصار الطبقة العاملة في ثورتها ضد طبقة رأس المال، هذه هي الطريق والخطة الماركسية الوحيدة للاحزاب الماركسية وللحركة العمالية العالمية، وقوى واحزاب مقاومة الهيمنة الامبريالية والصهيونية في منطقة غرب آسيا وعالميا، وهذه هي الطريق لخلق شعوب ثورية مناضلة مثل كوبا وبوليفيا والسلفادور ومحور المقاومة، وهذه هي الطريق لرفع طاقة النضال والكفاح لدى الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة مائة مرة عما في الايام العادية. وعلى الماركسي ان يفرق بين التمنيات والتصريحات وبين الواقع الموضوعي، فلا خلاص للبشرية من الحروب والفقر والبؤس والجوع بدون الكفاح المثابر والثوري ضد طبقة رأس المال العالمي والصهيوني وضد هيمنة الدول الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل في المنطقة.



كتب لينين في كتابه "الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية" ما يلي: "الامبريالية هي الرأسمالية عندما تبلغ من التطور درجة تكونت فيها سيطرة الاحتكارات والرأسمال المالي واكتسب فيها تصدير الرأسمال اهمية كبرى وابتدأ تقاسم العالم بين التروستات العالمية، وانتهى تقاسم جميع اقطار الارض بين كبريات البلدان الرأسمالية"، وهذا الامر يتعمق اكثر ويصبح اكثر وحشية في عصرنا الحاضر، عصر القطب الواحد الامبريالي الامريكي.

فطبقة رأس المال العالمي وخاصة التي تحكم وتهيمن على السلطة في الولايات المتحدة وبدعم الصهيونية العالمية وانظمة الاستبداد العربي في دول الخليج والسعودية خاصة في فترة حكم ترامب، الذاهب الى مزبلة التاريخ، دعمت وتدعم بالمال والسلاح ومارست الارهاب، وخاصة في غرب آسيا، في العراق وسوريا واليمن بهدف تمزيق الدول العربية وافتعال المؤامرات، وخلق الاعداء ومثال على ذلك تحويل ايران الى عدو الشعوب العربية وليس الحركة الصهيونية التي تمارس ابشع سياسات الاحتلال والاستيطان العنصري الكولونيالي، والرافضة لحل عادل للقضية الفلسطينية الكونية الانسانية العادلة، وافتعال الحروب المحلية الاهلية كما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا، وبهذا تسمح طبقة رأس المال وتخلق الصراعات المحلية لكي تقتتل الشعوب والديانات بعضها ببعض، من اجل تقاسم الغنيمة بين الرأسماليين، وتصبح "الارباح الرئيسية من نصيب "عباقرة" الملاعيب المالية" (لينين – الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية ص 446)، وهذا ما يحدث في عصرنا الحالي، خاصة في الفترة الاخيرة فترة انتشار وباء الكورونا.

فعلاقات السيطرة والقسر الناجم عنها (أي عن الرأسمالية) هو ما يميز "المرحلة الحديثة في تطور الرأسمالية" (الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية – ص 447). ويضيف لينين: "ان عهد الرأسمالية الحديثة يبين لنا ان ثمة علاقات تتكون بين اتحادات الرأسماليين على صعيد اقتسام العالم اقتصاديا وان ثمة علاقات تتكون بمحاذاة ذلك وتبعا لذلك بين الاتحادات السياسية، بين الدول، على صعيد اقتسام العالم اقليميا، على صعيد الصراع من اجل المستعمرات، "الصراع من اجل الرقاع الاقتصادية" (رقاع – ارض – رقع ثوبا، رقعة الشطرنج د.خ) (لينين الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية – المختارات المجلد 5 – ص 508).



وهذا هدف الامبريالية الامريكية عالميا وخاصة في منطقة غرب آسيا والشرق الاوسط حيث عملت من اجل خلق ما يسمى "الفوضى الخلاقة" بل الفوضى المتوحشة، لكن هذه السياسات، خاصة في فترة حكم ترامب، ادت الى تفسخ وتمزق المجتمع الامريكي، وهذا التفسخ يحدث ايضا داخل القاعدة الامامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط - اسرائيل. وهناك احتمالات ان يتحول الصراع داخل الولايات المتحدة الى حرب اهلية، وتفشي وانتشار الايديولوجيا اليمينية العنصرية للمحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية، خدمة طبقة رأس المال والمالي والعسكري وشركات النفط العابرة للقارات، - التجار بدم الشعوب- من اجل النفط، قد تؤدي الى هذه الحروب الاهلية داخل دول رأس المال، وما يجري الآن في فترة حكم المأفون ترامب اكبر مثل على ذلك.

كتب لينين يقول: "ان البناء الفوقي غير الاقتصادي القائم على اساس الرأسمال المالي، سياسة وايديولوجية هذا الاخير – كل هذا يشدد السعي الى الاستيلاء على المستعمرات وقد صدق هيلفردينغ اذ قال: "ان الرأسمال المالي لا يريد الحرية، بل السيطرة" وقد قال كاتب برجوازي فرنسي، وكأنه يطور ويكمل افكار سيسيل رودس المذكورة اعلاه (قد روى الصحفي ستيد ان صديقه الحميم سيسيل رودوس قد حدثه في سنة 1895 عن نظراته الامبريالية بقوله: "كنت امس في الإيست إند (حي العمال في لندن) وحضرت اجتماعا من اجتماعات العمال العاطلين (عن العمل)، وقد سمعت هناك خطابات فظيعة كانت من اولها الى آخرها صرخات: الخبز! الخبز!، وأثناء عودتي الى البيت كنت افكر بما رأيت واقتنعت بشكل اوضح من السابق بأهمية الامبريالية... ان الفكرة التي اصبو اليها هي حل المسألة الاجتماعية، اعني: لكي ما ننقد اربعين مليونا من سكان المملكة المتحدة من حرب اهلية فتاكة ينبغي علينا نحن الساسة طلاب المستعمرات ان نستولي على اراضٍ جديدة لنرسل اليها فائض السكان ولنقتني ميادين جديدة لتصريف البضائع التي تنتجها المصانع والمناجم. فالامبراطورية، وقد قلت ذلك مرارا وتكرارا، هي مسألة البطون، فإذا كنتم لا تريدون الحرب الاهلية ينبغي عليكم ان تصبحوا امبرياليين" وانه ينبغي ان تضاف الاسباب الاجتماعية الى الاسباب الاقتصادية التي تنشأ عنها السياسة الاستعمارية الراهنة: "ونتيجة لاشتداد تعقد الحياة والصعوبات التي لا تضغط على جماهير العمال وحسب، بل على الطبقات الوسطى، يتراكم في جميع بلدان المدنية القديمة "الضجر والنقمات والاحقاد مهددة الامن العام، وطاقة خارجة عن مجراها الطبقي العادي ينبغي استخدامها، ينبغي تشغيلها في الخارج لكي لا يحدث انفجار في الداخل" (فال. فرنسا في المستعمرات هنري روسيه – "تقاسم اوقيانيا" باريس سنة 1905 ص 165).



ولكن الاحداث الاخيرة في الولايات المتحدة، وبعد خسارة المأفون ترامب الانتخابات لهي اكبر دليل بان ما تقوم به الامبريالية العالمية وخاصة الامريكية من اعمال عدوانية وحصار ودعم الارهاب لا بد ان تؤدي ومن منطلق جدلي الى حدوث انفجارات في الداخل الامريكي.

وهنا لا بد ان نؤكد بانه في هذه الظروف الاقتصادية للرأسمالية في اعلى مراحلها الامبريالية، تسعى دائما طبقة رأس المال وبشكل مدروس الى شق صفوف العمال والشعوب والى تقوية الانتهازية بين صفوف العمال وبين جماهير الشعوب الواسعة، وما يجري في عالمنا العربي، وهنا ايضا في الداخل، من تطبيع مع دولة الاحتلال ورئيس حكومتها الصهيوني اليميني نتنياهو لهو اكبر دليل على الانتهازية والفساد، وهو خيانة لفلسطين – الفردوس المفقود. فالانتهازية تتنافى مع مصالح الشعوب المضطهدة والطبقة العاملة.

لا شك بأننا نمر في فترة حرجة ووعرة وصعبة، ولكن علينا ان نسير بطريقنا الماركسي الثوري والوطني وسنتعرض دائما لمؤامرات ونيران طبقة رأس المال، ولكن وحدة الصف والنضال المثابر والمقاوم متسلحين بالفكر والفلسفة الماركسية – اللينينية، لا بد وان تقودنا الى الحرية من عبودية رأس المال والى حرية الشعوب المضطهدة.