تأملات فى فكرة الإله والأديان والإنسان


سامى لبيب
2021 / 1 / 10 - 20:37     

- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .

مقدمة .
نحتفظ بأفكار وخيالات كثيرة لأنفسنا ولا نبوح بها لأحد, لعلمنا أن تلك الفكرة ستتسبب لنا المشاكل إن لم نكن مهيئين لطرحها كمصلحين أو كمؤمنين بفكرنا .
أتساءل هل هناك ما يمنعك في التفكير حتى بينك وبين نفسك عن أن تلك الفكرة خاطئة وأن تلك الجملة سخيفة وأن ذلك القول يناقض العقل أو العلم ؟
يرهب الدين الدينيين من التفكير في ذات الله , ليجرمهم عند تخيل هيئته رغم ما يُذكر في كتبهم من تجسيد الإله في بعض من صفاته ,فألا ترغمك طبيعتك البشرية على التخيل في مثل هذه الحالة ؟ فوأدك لهذا التخيل ستكون نتيجته صراع ذهني ونفسي.
يجب على المؤمن أن يراقب نفسه في كل شيء فهو مُرغم على أن لا يتخيل , و هو مُرغم على أن يقبر كل بصيص فكرة مهما كانت منطقية طالما أنها تخالف ما أتى به منهج السلف.. عليه أن يُنكر نفسه ويلعن أفكاره و تخيلاته وخواطره وحتى ابتكاراته ويسميها وساوس .. عليه أن لا يحظى بأي نوع من الحرية في فكره الواعي إلا إذا استقامت أفكاره على ما يسمى زوراً وبهتاناً المنهاج القويم للدين أى فكر القدماء .. أي حال سيصير عليه الإنسان بهذه الطريقة؟ إذا كان عليه أن يخوض صراعا مع نفسه في كل صغيرة و كبيرة لينصرف عن ذلك متوهماً أنه سيحظي بالطمأنينة بينما هو هارب .
يَدعي إيمانه عن قناعة بينما هو يحاول أن يدافع عن الهجمات العقلانية على لا عقلانيته ومن هنا أهمية أن يتحلي بالمصداقية مع نفسه وعقله, فهي حياة واحدة لا تتحمل الزيف والهروب والتأجيل .
إخواني الأحرار: كلما تقدمنا ونظرنا الى الخلف نتعجب من أنفسنا كيف أننا لم نكن نرى إلا القمة لا الجبل .

هي تأملات تخوض فى الأسباب النفسية العميقة التي أنتجت فكرة الإله والأديان لتفضح تلك الميديا والوهم المروج لهما , آملين أن يتفهم الإنسان الأسباب النفسية والإجتماعية والسياسية والبرجماتية التي أنتجت الإله والدين ليتحرر الإنسان من تلك الأسباب التى دعته للإنبطاح للوهم .

- إله نفسي ..إن المحرك الأساسي للإيمان بفكرة الإله هي الحاجة النفسية للعزاء والمواساة من حالات الخوف والتهديد باللجوء إلى قوى خارجية تقدم عزاء للنفس وتساعد الإنسان على تحمل واقعه الأليم كأساس للممارسات الدينية .

- من يقع في حالات تهديد وفقدان السيطرة على الواقع يلجأ لاشعورياً إلى مُعيل نفسي لنرى أن المُعيل النفسي في بدايات الأديان هم الأجداد والأباء المتوفين , فهم تحولوا إلى ظواهر روحية ليرى الإنسان أنهم يساعدونه في إيجاد حل , ولا يزال الناس إلى اليوم يلجئون إلى أجدادهم أو أقاربهم المتوفيين ليستمدوا العزاء , ثم تطور الموضوع ليخاطب الإنسان الكيان المجرد "الإله" فهو في الحقيقة يخاطب مباشرة كائناً مجرداً يعيش داخله , فما هذا الإله إلا الأنا نفسها وقد انفصمت , فالإله يعيش في الداخل أكثر مما هو له موجود فعلي في الخارج .
من هذا الاساس النفسي يستمد الإيمان شعلته التي لا تنطفئ مادام هناك بشر في حالة حاجة وحالة فقدان سيطرة على الواقع كما هو حال معظم البشر في عالمنا اليوم .

- أساس الإيمان الديني بإله هو وهمنا بالقدرة على إجراء حوار داخلي مع أنا أخرى متخيلة و توقع ما يدور في فكر كيان آخر , من هنا تمكن الإنسان من نحت إله نفسي داخلي يخاطبه ويستمد منه العزاء بينما الحقيقة أنا منفصمة عن صميم الذات .

- الحب الإلهي الصوفي والرهبنة ماهو إلا هو حب الذات في سعيها للتكامل , ومن هنا حان الوقت أن ينعتق الإنسان من هذه الفصامية النفسية التي تسمى إله.. ولكن ذلك لن يتم إلا عندما يشعر الإنسان أنه مُسيطر على واقعه في شبكة أمان اجتماعية لا يحتاج فيها إلى معيل نفسي ماورائي .

- الخطأ المنهجي فى التفكير جاء من إبداع الشيوخ والكهنه لكلمة اليقين التي ليس لها أي وجود موضوعي في الحياة , فاليقين هو التحقق الدائم عبر الزمان والمكان بأدلة ملموسة لا تقبل الشك أو الظن وهذا غير حادث .. اليقين مبالغة وغرور اللغة فى التعبير .

- جاءت فكرة الإله ليس من منطلق سببية الوجود والحياة في المقام الأول بل من خوف الإنسان وغروره فى تقبل فكرة الموت كإنتهاء , فالإله سيوفر الحياة بعد الموت فى الآخرة وما سيصاحبها من متع .
عندما نتقبل فكرة بسيطة بأننا لم نُوجد قبل وجودنا وبأننا لن نوجد بعد وجودنا فلقد كنت ميتاً لملايين السنين قبل ولادتي ولم أعاني خلالها من افتقاد لهذا العالم , حينها سيزول الخوف من الموت وفكرة الإله معها .

- الإله هو العابر النفسى للإنسان من قسوة الموت .. مازلت أتذكر قول أمي أنها تأمل أن تلتقى بأخي المتوفي فى ملكوت الرب ليكون الإله المُحقق لهذا التلاقي والشوق ... عندما يزول وهم التلاقي فلا داعى لوجود إله .

- إله الجهل والعجز ..إله السببية .. تم اختراع الاله ليفسر ويشرح الأشياء التي لا نفهمها , ففكرة الإله جاءت من عجزنا وجهلنا في فهم سبب الظواهر الطبيعية ليأتي إيمان المؤمنين بالإله من هذا العجز والجهل , فلن تجد مؤمن يقدم لك تعريف بماهية الإله وكينونته وذاته بل برؤية ظنية بأنه الصانع والمُصمم .. والطريف إنه لا يأتى بإجابة عن وجود الإله بل كسؤال إستنكاري : فمن يا ترى أنتج وصنع الحياة والوجود ؟
إن الجهل بالعلوم الطبيعية هو السبب لمولد الله .. والآن وبعد أن اكتشفنا كيف تعمل الأشياء جردنا هذا الإله من أسباب وجوده وأصبحنا لا نحتاج الي وجوده , فأى تقدم للعلم كفيل بالقضاء عليه .

- إن فكرة الإله هى نتاج مزيج من العجز والجهل مع كسل معرفي لينتج حلول سهلة مُتعسفة تتسم بالسحر وهو ما يتوافق مع إفتنان الإنسان دوماً بالحلول السحرية عن الحلول العلمية الموضوعية .

- فكرة البدايات هي التي أنتجت الإله البادئ.. فكرة أن الأشياء لابد أن يكون لها بداية تُعزى إلى فقر خيالنا وفهمنا للوجود لننتج الإله البادئ حلا لإشكالية البداية , ولكن الغريب والطريف أننا جعلناه بلا بداية !

- فكرة الإيمان بإله هي دونية الإنسان والتقليل من شأنه , فالسائل لماذا لا نرى الله أليس قادرا على كل شئ ؟! سيجد إجابة تُحقر من قيمته وعقله فمن أنت أيها الحقير حتى ترى الإله الملك , ومن هنا يتعود الإنسان على الدونية ويضمحل وينقرض فى داخله السؤال والمعرفة , ليتعلم ألا يسأل عن الملك سواء فى الأرض أو السماء !

- الإله كمعالجة للخوف من الحاضر والمستقبل .. الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذى يدرك أن لديه مستقبل ومن هنا جاءت مخاوفه وآماله فى المستقبل .. لتضرب كل الأديان على ذلك الوتر الحساس, حيث أنها تعتمد على جانب الجهل الموجود في كل إنسان وتستغل خوف البشر من المستقبل وأسئلة ماذا يحدث غداً وماذا بعد الموت ؟ لكي تقودهم كقطيع الأغنام, فالإنسان لا يدري إلى أين يذهب ليكون سبيله إتباع خطوات الراعي .
لإختبار نفسية الإنسان وإثبات تلك النقطة بدون اللجوء الى النظريات العلمية المعقدة , تخيل انك قد دخلت الي غرفة مظلمة لا ترى يدك فيها من شدة الظلمة , فمن الطبيعي جداً أن يتملكك الشعور بالخوف مما قد يواجهك في تلك الغرفة, فيبدأ عقلك في محاولة إعطاء تفسير لما يحدث في تلك الظلمة الشديدة .. فتارة قد تشعر بأن هناك من يراقبك, وتارة أخرى تتخيل وجود أشباح أو عفاريت بجانبك .. نفس الكلام مع ما يسمى بـ"الحياة ما بعد الموت".. فكما نرى من المثال السابق فإن الجهل هو العدو اللدود للإنسان, أنت تجهل ما قد يحدث لك بعد موتك, فتحاول جاهداً أن تملأ ذلك الفراغ بأي تفسيرات حتى ولو كانت خيالية غير منطقية.. وهنا تكون الأديان أفضل من يعطي ذلك النوع من التفسيرات .

- إستغل القدماء تلك المعضلة لدي العقل البشري أسوأ إستغلال , وأوهموا البشر بأن هناك أهوال ومصائب وعقاب وعذاب وجنة وغلمان وحوريات وإله غاضب يحاسب عباده على ما إقترفوه من ذنوب في دنياهم , بينما فى الحقيقة ما إقترفوه مخالفاً لرغبة السادة والنخب .. إنه الخوف من الموت الذي تم إستثماره لتمرير منظومات ومصالح .

- إله الهوية والإنتماء .. فكرة الإله تشكلت منذ بدايتها كتعبير عن هوية وإنتماء معين كمحتوى يجمع ويوحد المجموع ليأتي الدين ليصيغ ملامح تلك الهوية ويشكل مضمونها وملاحها ..لن تجد إله ولا دين بلا هوية .

- فكرة الإله الواحد جاءت كفكرة توحيد الهويات والإنتماءات داخل المجتمع وليست كفكرة عقائدية فى الأساس ,فتاريخ المجتمعات القديمة يشهد بذلك , ومن هنا جاءت فكرة الإله الواحد كفكرة تعسفية ترفض أى ولاءات وإنتماءات أخرى لتحقق فكر السياسي

- إله متحيز .. الإنسان أنتج فكرة الإله كفكرة متحيزة لإنتماءاته , فبمجرد قراءتك للقرآن او الكتاب المقدس ستلاحظ أن الإله تم تصويره على أنه شخص وكائن مادي يكره ويحب, فاليهود "شعب الله المختار" الى المسلمين "خير أمة أخرجت للناس" إلى المسيحيين كأبناء الرب لتلاحظ بوضوح إن ذلك الإله الخيالي متحيز للجماعة التي أدعت وجوده , فإله المسلمين مثلاً يكره اليهود ويحض المسلمين على مقاتلتهم وكرههم, ويتوعدهم بشتى أنواع العذاب في الفرن الإلهي الخاص به, وهو ما يثبت ان ذلك الإله تم اختلاق وجوده لتحقيق أهداف سياسية بحتة.. وبهذه المناسبة سأذكر لكم حديثاً مضحكاً من أحاديث محمد:لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود وحتى يقول الحجر : يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله !

- الله العنصري .. الإله كوسيلة لتمجيد عنصرنا ..فعلاوة على تحيز منتجي فكرة الإله , فكل ديانة تصور الله في صورة العرق الذي نشأت فيه هذه الديانة , فالديانات الهندية نرى رسومات الآلهة على صورة هنود , وفي المسيحية يرسم الله على صورة رجل أبيض , أما في الإسلام فلم يُرسم لكنه أعطى امتيازات للعرب كما ورد في الحديث: "لما خلق الله الخلق اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم، فأنا خيرة من خيرة" .

- إله الإنتقام ..فكرة الإله جاءت كتعبير عن غضبنا وعجزنا عن الإنتقام من الذين ينتهكوننا ويغتصبون حقوقنا , فالإله سيتولى مهمة الإنتقام من هؤلاء في الآخرة لنأمل أن يكون الإنتقام أرضيا أيضا ليشفى غليلنا , ومن هنا يمكن تفسير حالة الشماتة التى تعتري المؤمنين بما يصيب الآخرين من مصائب وبلايا فهذا هو إنتقام الله الذى ننتظره .

- إله المحبة والراعي الصالح .. فى تطور إيجابي لفكرة الإله تم تصويره بالإله المُحب والراعي الصالح للخراف الضالة , فالإنسان فى سعيه نحو المصالحة مع عالمه بدأ ينفر من هذا الإله القوى القاسي المنتقم ليأمل من يحنو عليه ويترفق به ومن هنا تقبل أطنان من الخرافة فى سبيل الإحساس بالإله المُحب , لنتوقف هنا ونسأل هل الحب الإلهى للبشر مُستحدث وليد اللحظة أم صفة مُطلقة فى الإله .

- إن فكرة إله واحد يملك الخير والشر ويعاقب من يشاء ومتى يشاء لا تقدم أي نفع للبشرية بل تمنحها فكرا إزدواجياً فجاً ومنهجية تواكل وإنبطاح غبية .. عندما نُدرك أن الخير والشر هو من إنتاجنا وإنتاج الطبيعة الغير الغائية ولا المريدة ستسقط فكرة الإله .

- فكرة الإله صيغت خصيصاً لتغييب الفقراء والمعدمين والمهمشين والمقهورين , فهكذا هو رزق الإله وتقديره وإرادته وسيتم التعويض في السماء الخرافية وسيتم الإنتقام من الطغاة والأشرار , فلتصبروا وتقبلوا ذلكم وفقركم وقهركم , وليهنأ المستبدون والأقوياء والمترفون على الأرض .

- الإله غافر الذنوب والخطايا .. الإله هو جهلنا أن الأخلاق من إنتاجنا .. فكرة الإله تواجدت عندما تسلل في الإنسان فكرة الخطايا والذنوب التى هى إنتاج منظومة مجتمعية فى الأساس , ليؤرق الإنسان الخروج عن نواميس المجتمع الصارمة فيتم إنساب النواميس للإله من ميديا هائلة روجت لهذه الفكرة بغية الحفاظ على مصالحها بالترهيب من الخطية والذنب , ليكون الحل هو التودد لهذا الإله واضع النواميس والتذلل له لغفران الخطية .. الخطايا والذنوب إنتاج صفوة ونخب المجتمع فلا داعى للشعور بالذنب ولا داعى للإله .

- الإله هو مناورة الإنسان العميقة لدفع الشر والخطية عنه , فمن فرضية أن الإله كلى المعرفة والقدرة والمشيئة فهو يذل من يشاء ويهدي من يشاء , فستكون أنت الضحية لهذا الإله الذي لن يسمح بأى شئ يعوق علمه المطلق وترتيبه ومشيئته , لنسال هنا ما الحكمة فى خلق البشر خطائيين ثم تحميلهم المسئولية عن ترتيباته الخاصة .. لا أجد منطق سوى جهل الإنسان وغروره فى الإعتراف بأخطاءه ..عندما نمتلك الشجاعة والمصداقية فى الإعتراف بأخطائنا فلا داعي لوجود إله .

- فكرة الإله هي الغطاء للهمجية والبشاعة الإنسانية , فالبشر المؤمنون بإله يرتكبون الأفعال الشريرة كالقتل والذبح والسبي والإغتصاب بمتعة أكبر عندما يرتكبونها بإيمان ديني .. لا تنخدع فى شعارات الإرهابيين المثالية فهم فى شوق لممارسة العنف والوحشية بضمير مستريح متلذذ .

- فكرة الإله هي تغييب وعينا عن الحياة والوجود فأن تعطى رجل سمكة ستطعمه يوماً واحد, لكن لو أعطيته فكرة الإله الرازق ستجعله يموت جوعاً وهو يصلى أن يرزقه سمكة .. نحن فى حاجة للتحرر من منهجية الإيمان والتواكل والحلول السحرية لنعتمد على الموضوعية فى إصطياد السمكة .

- فكرة الإله هى أمل المتعلق بقشة وسط أمواج البحر العاتية , فقد مرر مُبدعي فكرة الإله أنه مُجيب لدعاء الداعي له , ولكن هذا لا يتحقق ليستمر فى الدعاء بالأمل فى النجاة بالتعلق بقشة ..عندما ندرك أن أمانينا يمكن تحقيقها بدراسة الظروف الموضوعية فلا داعي للدعاء ولا لفكرة الإله .

- الذين يقولون أنه لاعلاقة للدين بالسياسة هم في الحقيقة لا يعرفون ما هي الديانة , فالإله هو الصياغة السياسية لفكر النخب والحكام .. فكرة الإله هي الصياغة السياسية لأبشع أشكال الإستبداد , فالملك الطيب يلهم شعبه الولاء بينما الطاغية الشرير يطلب طاعة عمياء .. الملك الطيب يترك من لا يريدون خدمته يعيشون في سلام بينما الطاغية الشرير يقتل و يعذب من يرفضون أن يكونوا عبيداً .

- النظام السياسي البشري قائم على ترتيب هرمي تزيد فيه السلطات كلما اتجهنا للأعلى, فبداية بسلطة الأب في البيت حتى نصل لسلطة البرلمان والحكومة والرئيس أو الملك , لنجد أن كل مسئول يعتمد في تحكمه في الناس على أوامر الدرجة الأعلى , وبدلا من أن تقف الهرمية عند الملك إخترع البشر شيئا يكون له سلطة أعلى من الملك فسموه الإله ليسهل على الملك التحكم في الناس باسم سلطة أعلى , لذلك وجدنا محمد يقول :" أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم " , فهنا يتضح أن محمد يستعمل الله كعنصر في نظام سياسي هرمي .. الإله يُعتبر من قبل عامة الناس أنه موجود , ومن قبل الحكماء أنه وهم , ولكن من قبل الحكام والساسة فوجوده هو والأديان ضروري ومفيد .

- فكرة الإله هى أدلجة فكرة العبودية , فكما هناك إله سيد فى السماء وعبيد على الأرض فهناك سيد على الأرض وعبيد له ..لاحظ أن كل الأديان والمعتقدات أقرت العبودية ووصل الحال بالزعم أن الإله من سن تشريعات لخضوع العبيد للسادة .. الغريب والشاذ أن البشرية تخلصت من العبودية للسيد وبقت العبودية للإله .. في الحقيقة هذا يرجع أن منهجية ومنظومة العبودية مازالت قائمة ولكن في ورق سوليفان ملون .

- الدين هو الذى رسم صورة الإله الطالب للجهل المُرسخ للتجهيل فعندما يسود منهج الطاعة والإستماع لماما و بابا والمعلم والكاهن أو أي شخص ليخبرك كيف تُخري , فأنت تصير مؤمناً صادقاً ولكن ستستحق ما تعانيه .

- "ما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله" هكذا يتم صياغة فكرة الإله كماحي لحرية الإنسان في التفكير والبحث , فالإيمان لا يأتي من إرادته وفكره الحر بل لأن الله أذن له بالإيمان , لأرى أن هذه الفكرة صيغت من مناخ إستبدادي وكمبرر لرفض البعض الإيمان بالإله الإسلامي فالأمورلا تتم من خلال عقولهم الحرة وقناعاتهم بل لأن الله لم يأذن لهم .. الخلاصة أن فكرة الإله تمرر الإستبداد والهيمنة ولا تعترف بعقل وحرية الإنسان .

- الدين يعود الى زمن طفولة البشرية , فلن تتواجد فكرة الإله إلا فى مجتمع الطفولة بالتسليم وتصديق الخرافات والفرضيات الخاطئة , لذا الدين يريدك أن تكون طفلاً على الدوام .. عندما نتجاوز طفولتنا البريئة الخيالية فلن تتواجد فكرة الإله.

- فكرة الإله هي معالجة للشك الذي لا يمكن تحمله , فالشك هو مراجعة الإنسان لفرضيات وأراء لا يمكن التحقق منها مما ينتج عنه تصادم مع مفاهيم المجتمع وما يُقال عنه ثوابته فيكون قبول فكرة الإله هو قتل هذا الشك المزعج .

- فكرة الإله هى الفكرة الإحتياطية للإنسان حال ضعفه , ففي أعماق الإنسان أنه الإله المتحكم والدليل إدعاء ملوك وطغاة أنهم آلهة , فمتى إمتلك الإنسان القوة والغرور وطرد الخوف والعجز من داخله فهو إله , ومتى تسلل الخوف والعجز فى داخله إستدعى فكرة الإله القوى المهيمن .

- الأديان قضيتها هي إثبات الإتصال وليس إثبات الوجود لخالق الكون ولأن مؤلفي الدين مُفلسين من إثبات هذا الإتصال فهم يهربون ويخادعون الناس بتحويل القضية إلى إثبات وجود وهذا ليس هو ما تدعيه الأديان , فلو قلت لأي مروج دين أنك تقبل فقط بفكرة وجود لخالق الكون فلن يقبلوا منك الإكتفاء بذلك ليطالبوا بتقبل فكرة إتصال خالق الكون بمن أدعى بدينهم .. لاحظ أن إيمانك بوجود إله ليس له أي قيمة وستُصنف كافراً ما لم تعترف بأن محمد رسول الله أو المسيح هو المخلص الفادي .
جرب أن تسأل رجال الدين فى أثبات منطقي أن خالق الكون الأولي أتصل بمحمد , وللمسيحي قل له : أثبت لي يقيناً ومنطقياً أن المسيح هو خالق الكون الأولي ولتنظر بنفسك كيف سيتخبطون ويهربون من هذا السؤال ولن يقبلوا الاستمرار الحوار فيه .

- أن التخمين المزاجي ليس دليل يقيني بالرغم أن الإيمان يَدعي اليقين وليس بالظن والتخمين , فالأديان لم تقل أنا أدعي بالظن والتخمين وهذا معناه أنك إذا قلت ظن وتخمين فأنت تكون كافر بالنسبة لما تَدعي به هذه الأديان ,فلا ترد علي من مزاجك الخاص لأن المرجع هو ما يدعيه الدين نفسه وليس مزاجك ورأيك الخاص فلو قال مسلم : أظن أن محمد رسول الله وأظن أن لا إله إلا الله. فسيكون كافر بالدين الإسلامي ولا يُعتبر مسلم...وهذا يعني أن الدين نفسه هو من رفض ظنك وتخمينك وبهذا يسقط منطقياً الظن والتخمين بالرد على هذا السؤال .

دمتم بخير وأرحب بنقدكم وتأملاتكم وإضافاتكم.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.