اليوم العربي للمسرح والعالم الافتراضي!


طه رشيد
2021 / 1 / 7 - 15:11     

ما زال العالم باجمعه يئن تحت وطئة كوفيد ١٩ - كورونا، حيث ادى انتشار الوباء بشكل متسارع الى تقويض اسس الحياة العامة بتمظهراتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وسقطت تحت اقدام كورونا مزاعم المؤامرة لان المتضرر منه كل دول العالم بمختلف انظمتها..صحيح ان الشرائح الفقيرة في بلدان العالم "الثاني" تتحمل القسط الاكبر من اية ازمة يمر بها البلد، اي انها ازدادت فقرا لانها لا تجد عونا ملموسا كما هو معمول به في البلدان المتحضرة او الراسمالية او سمها ما شئت! فهنا في فرنسا وعلى سبيل المثال لا الحصر، دفعت الدولة مائتي دولار تقريبا لكل المتقاعدين ذوي الدخل المنخفض ( عدد المتقاعدين في فرنسا 15مليون تقريبا) كهدية اضافية بمناسبة اعياد راس السنة الميلادية! اضف الى ذلك انها تدفع مرتبات ضخمة للعاطلين عن العمل او الذين اضطروا الى ايقاف انشطتهم بسبب الوباء فانضموا الى ركب العاطلين حتى وصل عددهم باقل من اربعة ملايين عاطل. وسارت بقية الدول الصناعية الكبرى على هذا النحو، ناهيك عن التكاليف الباهضة للقاح الذي سيوزع مجانا على المواطنين. وبهذه التفاصيل الاقتصادية اريد ان اسقط نظرية المؤامرة التي تدعي بان الوباء هو من صنع فلان او اختراع علان!
اما على المستوى الاجتماعي فان تاثير كورونا كان كارثيا في اوربا، لالتزام العوائل بالتباعد الاجتماعي ولان هذه العوائل تعودت على احياء احتفالات كبرى في كل المدن الغربية وهو ما لم يحصل، وهذه ربما المرة الاولى في تاريخ اوربا الحديث على الامتناع عن اقامة احتفالات راس السنة بالشكل الجمعي الجماهيري المعهود.
وبخصوص الوضع الثقافي فهو الاكثر تضررا من بقية الاوضاع وبالاخص المسرح والسينما والنوادي الليلية، فهي مغلقة لحد كتابة هذه السطور علما ان كل العاملين في هذه الاوساط ليس لديهم عمل اخر يتدبرون به حياتهم اليومية. والانكى من ذلك ففي كل مرة تعلن الحكومة، في فرنسا، مثلا، على فتح مسارحها وصالاتها السينمائية تاتي خلية الازمة الصحية لتؤجل الموضوع الى موعد اخر غير معلوم!
اما بخصوص منطقتنا فبودي ان اتحدث عن شريحة الفنانين وبالاخص المسرحيين العرب، وخاصة في المشرق، فقد حاولوا ان يستمر نشاطهم المسرحي الابداعي الذي توزع بين عروض اون - لاين وعروض اخرى بحضور الجمهور جهد الامكان، وقد تميز الفنانون السعوديون بشكل خاص في هذا المضمار وقدموا اعمالا عديدة في مختلف مدن المملكة دون كلل او ملل وهذه نقطة ايجابية تسجل لصالحهم اذا انهم يحاولون تدريب مواطنين على حسن المشاهدة واجتهدت الهيئة العربية للمسرح بمواصلة نشاطاتها المختلفة في اقامة الورشات وطبع الكتب والدراسات المتخصصة بالفنون المسرحية واجراء المسابقات واخرها مسابقتي النص المسرحي للاطفال والكبار. ولكنها من جانب اخر اجلت عقد مهرجان المسرح العربي، الذي يفترض ان يعقد خلال هذه الأيام( من 10/1 - 16/1/2021 ) التزاما منها بالتعليمات الصادرة من الجهات الصحية العليا، اذ لا يمكن ضمان التباعد الاجتماعي في ظل وجود اكثر من 600 فنان، بين ضيف ومشارك، في صالة واحدة!
الا ان " الهيئة " مصرّة على الاحتفال باليوم العربي للمسرح، الذي ابدعته منذ سنوات. وفي هذه السنة العصيبة تركت للفنانين المسرحيين في الدول العربية ان يتخذوا الشكل المناسب للاحتفال بهذا اليوم، الذي ستلقى فيه الكلمة التي سطرها الامين العام للهيئة الفنان اسماعيل عبدالله، في معظم الدول العربية التي ستحتفل بهذا اليوم. وعلى مستوى العراق دعت نقابة الفنانين كافة المسرحيين في بغداد والمحافظات العراقية الى الحفل، الذي سيقام في 10 / 1 / 2021 بمناسبة اليوم العربي للمسرح. وسيتضمن الحفل قراءة كلمة اليوم العربي للمسرح، وكلمة خاصة بالمسرحيين العراقيين . وسيتم التداول ايضا بشأن الموعد النهائي لإقامة مهرجان العراق الوطني للمسرح، بدعم مشكور من قبل الهيئة العربية للمسرح.
خلاصة القول: ارى ان المسرح العربي بشكل عام بخير بالرغم من الحصار الوبائي، اذ ان اكثر من عاصمة عربية قدمت عروضا مسرحية مباشرة مع الالتزام بالوصايا الصحية وبموضوعة التباعد الاجتماعي. وهذا يدلل على ان الفنان المسرحي العربي يعي ما يقوم به، مؤمنا بان " للمسرح" رسالة انسانية تحمل في طياتها السلام والمحبة والمساواة والتطهير من كل الموبقات، ولا بد من إيصال هذه الرسالة الى المتلقي الذي يستحق ان يعيش حياة هانئة، حرة وكريمة. واتمنى في هذا اليوم الجميل، اليوم العربي للمسرح، ان تحذو حكوماتنا ووزارات ثقافاتنا حذو حاكم الشارقة الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي بدعمه الغير محدود للحركة المسرحية سواء في بلاده ام في باقي المدن العربية لشغفه بالمسرح اولا ولايمانه برسالته الانسانية ثانيا.
كلما تطورت الديمقراطية بمعناها الواسع في بلادنا كلما تطور المسرح اكثر واكثر، فالديمقراطية والمسرح وجهان لعملة واحدة!