ما بعد الكلام عن الما بعد


مازن كم الماز
2021 / 1 / 2 - 02:42     

بعد ما أحبط وسام سعادة و إحسان الفقيه آمالنا جاء الفرج على يد الأستاذ صبحي حديدي ، كان سيكون أسبوعًا محبطًا بحق لولا أنه تطوع بكل شجاعة لينقذ ما تبقى لنا … أستاذ صبحي ككل أعداء ما بعد الحداثة متخصص فقط بالحديث عن الغرب و انتقاده و فضح ما بعد حداثته و ككل رفاقه فإنه توقف منذ زمن طويل عن الحديث عن مجتمعاتنا أو حتى عن مخاطبتنا أو أن يكلف نفسه اي جهد لكي يدلنا على طريق الخلاص الذي يريد أن يقودنا عليه هو و رفاقه ، انه لا يقول لنا أكثر من أننا ضحايا فقط للغرب و لما بعد الحداثة …… صبحي غاضب من عالم الما بعد الذي يعيشه الغرب و يريدنا أن نعيشه ، ما بعد المجتمع الصناعي ، ما بعد القاعدة ، و طبعًا ما بعد الحداثة ، و ربما و الله يستر ، ما بعد صبحي حديدي … يقوده هذا الغضب إلى انتقاد عنيف شرس للشكل أو للنموذج الليبرالي الغربي أو الامريكي من الديمقراطية العلمانية التي تتجاهل ثقافات و مجتمعات العالم غير الغربي … في هذا الغضب تهديد ليس بالخفي على أحد بنماذج أخرى من الديمقراطية أو حتى العلمانية ، و واضح أن كل نقاد ما بعد الحداثة يشاركون الأستاذ صبحي غضبه و تهديده هذا ، هيا بنا أستاذ صبحي لنأخذ ما بعد الحداثيين إلى هذه الديمقراطية غير الغربية ، خذنا حيث تريد ، قطر ، قندهار ، ادلب ، طهران ، الضاحية الجنوبية ، طرابلس ، بنغازي ، قيادة حزب العدالة و التنمية في إستانبول ، اجتماعات المعارضة السورية ، اجتماعات حزب الشعب الديمقراطي، حيثما تشاء ، كي نخرس ما بعد الحداثيين ، كي يروا بام أعينهم ذلك النور الساطع … هيا أستاذ صبحي ، بعدما شتمنا ما بعد الحداثة و الغرب و كل أبيض على هذه الأرض و كل قوي و كل مؤمن بالعلم "الغربي" ما بعد الحداثي لا العلم "غير الغربي" الذي يحترم ثقافات الشعوب الأخرى و لا يتطاول عليها بعنصرية و فوبيا أو إسلاموفوبيا مقيتة ما بعد حداثية ، هيا بنا لنفاجئ العالم بنموذجنا الاستثنائي عن الديمقراطية الذي هو وليد ثقافتنا الوطنية الخاصة ، كيف أن "حيث ثقفتموهم" تحمل للعالم حلولًا و آفاقًا غير مسبوقة بالحضارة و الحرية لم تشهدها منذ سقطت آخر خلافة إسلامية … ليست السخرية من البيغ ماك شيئًا جديدًا على آذاننا ، انها فولكلور عربي نشترك فيه مع إخوتنا الأعداء الستالينيون ، الذين حاربناهم بالأمس لكننا اليوم نردد نفس حججهم لذبح كل خائن للبروليتاريا و لإجبار الغولاغ على أعمال السخرة التي كانت قد انقرضت تقريبًا منذ ذبح آخر اقطاعي في العالم … هيا أستاذ ، افحم الغرب و ما بعد الحداثيين بالقيم التي تريد البيغ ماك أن تمحوها و العياذ بالله … صحيح ما عندنا قيم و لا ديمقراطية تنكشف على أغراب خاصة إذا كانوا بعد حداثيين ، لكن معليش ، هالمرة فقط ، امسحها بدقني ، نورنا أستاذ: هل تقصد "و الذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر الا ادخله الله الجنة و من قتل قتيلًا فله سلبه" أو "اخرجوا من المدينة و لا تساكنوني بها و قد أجلتكم عشرا فمن وجدته بعد ذلك منكم ضربت عنقه" ام و "الله لو منعوني عقالًا كانوا يأدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه"الخ الخ … فاجئهم أستاذ ، افحهم ، افضح امثال روسو الذين سخروا ممن يقولون بأن العدالة و غيرها من القيم الإنسانية تتبدل بمجرد عبورنا الحدود من بلد إلى آخر … اشرح لهم كيف أن العدالة و غيرها تتغير بالفعل بمجرد اجتياز الحدود بين بلد و آخر لأسباب وجيهة جدًا … قول لهم ، اشرح لهم أستاذ صبحي ، و اشرح لنا أيضا بعد إذنك ، متحرقون نحن لنعرف ديمقراطيتنا أو ديمقراطيتكم الخاصة جدا … النقطة الأخرى التي تحتاج بعض الشرح و الوضوح أو الكثير من الوضوح هو ماذا تريدون كمعارضة سورية من بايدن و ترامب و المحافظون الجدد الخ الخ … انت ضد فرض المحافظين الجدد الديمقراطية بالقوة على شعوبنا و في نفس الوقت تتهمونهم بالتخلي عن الشعب السوري ، هل تقصد أن لا يتدخلوا في سوريا أو أن يتدخلوا … الحقيقة أنكم محيرون جدًا و لا يمكن لأحد أن يفك الشيفرة التي تستخدموها في كتاباتكم عن ما بعد الحداثة و خطاباتكم التي توجهونها لجنرالات البنتاغون … إذا كنتم تقولون في السر ما تقولونه في العلن فأجزم أن الجماعة يعانون من عسر الفهم مثلنا ، ماذا تريدون يا جماعة ، أن يتدخلوا أو الا يتدخلوا ، بكلمة و بدون اللف و الدوران تبع نقد ما بعد الحداثة