ضد الانحراف القومي في السياسة الخارجية للدولة السوفيتية - ترجمة عزالدين بن عثمان الحديدي


جوزيف ستالين
2020 / 12 / 24 - 12:34     

دعونا ننتقل إلى الخطر الثاني.

يتسم هذا الخطر بالشك تجاه الثورة البروليتارية العالمية وحركة التحرر الوطني للمستعمرات والبلدان التابعة. وبعدم فهم أنه بدون دعم الحركة الثورية العالمية لم يكن بوسع بلادنا أن تصمد في مقاومة الإمبريالية العالمية . وكذلك من خلال عدم فهم تلك الحقيقة المتمثلة في أن انتصار الاشتراكية في بلد ما لا يمكن أن يكون نهائيًا (هذا البلد ليس مضمونًا ضد التدخل) ما لم تنتصر الثورة على الأقل في العديد من البلدان الأخرى . كما يتسم هذا الخطر بغياب الحد الأدنى من الروح الأممية الذي يقتضي أن يكون انتصار الاشتراكية في بلد ما ليس هدفا في حد ذاته، بل وسيلة لتطوير ودعم الثورة في البلدان الأخرى.

ذلك هو الطريق المؤدي إلى القومية ، إلى التفسخ ، إلى التصفية الكاملة للسياسة الدولية للبروليتاريا. لأن أولئك الذين يعانون من هذا المرض، لا يرون بلدنا كجزء من الحركة الثورية العالمية، ولكن باعتباره البداية والنهاية لتلك الحركة، ذلك أنهم يؤمنون بضرورة التضحية بمصالح الآخرين لفائدة مصالح بلادنا.

هل ندعم حركة التحرر الوطني في الصين؟ ما الفائذة ؟ أليس هذا خطير؟ ألن يربكنا هذا مع دول أخرى؟ ألن يكون من الأفضل إقامة مناطق نفوذ في الصين بالتنسيق مع القوى "المتحضرة" والاستيلاء على جزء من ذلك البلد؟ سيكون ذلك مفيدًا ولن نخاطر بشيء ...
هل يجب أن ندعم حركة التحرر في ألمانيا؟ هل تستحق ذلك؟ ألن يكون من الأفضل التوصل إلى اتفاق مع الحلفاء في إطار معاهدة فرساي والحصول على ثمن معين لذلك؟

هل يجب أن نحافظ على صداقتنا مع بلاد فارس وتركيا وأفغانستان؟ هل تستحق اللعبة كل هذا العناء؟ ألن يكون من الأفضل إعادة مناطق النفوذ بالاتفاق مع بعض القوى العظمى؟ إلخ ، إلخ.

هذه هي العقلية القومية من النوع الجديد ، والتي تميل إلى تصفية السياسة الخارجية لثورة أكتوبر وتمثل أرضًية خصبة لعناصر التفسخ.

إذا كان أصل الخطر الأول الذي سبق أن تحدثت عنه، هو تقوية التأثير البرجوازي على الحزب في السياسة الداخلية وفي الصراع بين العناصر الرأسمالية والاشتراكية في اقتصادنا، فإن أصل هذا الخطر الثاني هو تعزيز النفوذ البرجوازي على الحزب في السياسة الخارجية، وفي صراع الدول الرأسمالية ضد دكتاتورية البروليتاريا.

من المؤكد أن ضغط الدول الرأسمالية على دولتنا هائل، وأن موظفي مفوضية الشؤون الخارجية لدينا لا يتمكنون دائمًا من مقاومته. ومن أجل تجنب التعقيدات الدولية، غالبًا ما نجدهم يميلون إلى الانخراط في الطريق الأقل مقاومة، في طريق القومية.

من الواضح أنه فقط على أساس الأممية المتماسكة والسياسة الخارجية لثورة أكتوبر، يمكن أن تظل الدولة البروليتارية الأولى حاملة راية الحركة الثورية العالمية . من الواضح أن الخط الأقل مقاومة والخط القومي في السياسة الخارجية يعني عزلة وتفكك بلد الثورة الأولى المنتصرة.
لهذا السبب فإن غياب منظور ثوري عالمي يؤدي إلى خطر القومية والتفسخ. ولهذا السبب فإن النضال ضد خطر القومية في السياسة الخارجية هو من واجبات الحزب.

ستالين : من خطاب ألقى في جامعة سفيردلوف في 9 يونيو 1925 (أسئلة وأجوبة)