النزعة الايديولوحية اليساروية وانعدام البصيرة!


فارس محمود
2020 / 12 / 23 - 23:13     

(رد على رفيق سابق!)

رد رفيق سابق لنا، سمير نوري، منتقداً لمقالي السابق: "ينبغي ان يرد التهديد الى نحر اصحابه". اذ ينتقد سمير موقفي حين اقول ان هذا ليس وقت الهجوم او "التشفي" (هذا التقليد المتخلف) بالحزب الشيوعي، بل يجب توجيه النضال للتيار الفاشي الذي يسعى الى استغلال انسحاب حزب ما من تحالف للهجمة عليه عبر تخوينه، أتهامه بالطعن في الظهر وان هذه "صفة دائمة فيهم باقية للابد". وِرداً على رده، اود ان اوضح مايلي:
1- هل هذا وقته ان تشن حملة على الحزب الشيوعي؟!: انه يرد مستغرباً: "لماذ ليس مو وقته؟! انه وقته"! مرت ثلاثة اعوام تقريباً على تاسيس "سائرون". والعام يتألف من 365 يوم بليله ونهاره. خلال كل هذه المدة "الطويلة"، كان لكل انسان الحق، ولم يتم مسك يد احد، في ابداء رايه السياسي تجاه هذه التجربة وحشع. ولكن لماذا حين يهدد تيار فاشي مدجج بالسلاح والاستهتار والعنجهية بقمع حزب سياسي سلمي، لماذا تضيع بوصلة التعامل مع الموقف وترى ان هذا وقته، وتضع الطرفين في كفة واحدة بوصفهم "مشاركين في العملية السياسية والانتخابات" وغيرها، وتواصل السؤال: "لماذا نحن نسكت عليهم"!! انه ليس "تبرير" لاحد او السكوت عن "مشاركتهم بالجريمة" و.... مثلما يدعي رفيقنا السابق. لقد كان بايدينا وقت اكثر من كاف لنقول راينا السياسي الاصولي الصريح والواضح بالحزب الشيوعي وسائرون، وقمنا بذلك بشكل مدون وصوتي اكثر من اي طرف اخر، ومن ضمنهم منتقدنا. لا اعتقد بوسع احد ان يزايد علينا.
2- تعامل ايديولوجي وغير سياسي: انه يسار اهم ما فيه هو ان يكون "اميناً لايديولوجيته" و"عقائده"، ليس المجتمع ولا صراعاته الواقعية منطلقاً له. وطالما ان الحزب الشيوعي حزب "برجوازي"، فلتحل عليه اللعنة، ولتأكل النار حطبهم مثلما يقولون. انه يسار كل همه ابداء موقف "لا يتعارض" مع ايديولوجيته. انه تعامل غير سياسي وغير اجتماعي. ان هذا التقليد كان موجود في حركتنا، ونبذته لحسن الحظ. كان ردنا الرد ذاته على اؤلئك الذين لم يسمح لهم التعامل الايديولوجي من تخصيص فقرات عن "برجوازية" و"قومية" اوجلان في بيانات ومقالات ابان اختطافه من قبل المخابرات التركية وغيرها عام 1999. وقلنا نحن امام قرصنة اشخاص وارهاب حكومي، أوقتها الحديث عن الطابع "البرجوازي" و"القومي" و"الاهداف السياسية المعادية للجماهير" لحزب العمال واوجلان؟! أ هذا وقتها؟! اليوم يوم ادانة هذه القرصنة والارهاب الحكومي. كان بيدكم عقد للحديث عن اوجلان او العمال الكردستاني وتسودوا الصفحات عن ذلك. اليوم ليس يوم امر اخر! وثمة امثلة اخرى كثيرة وحية من تاريخ حركتنا بهذا الصدد..
3- تهديد اوسع واشمل من حشع: مثلما هو واضح في مقالي، ومثلما تكشفه ممارسة التيار الصدري بالاخص في الاشهر الاخيرة، ان هذا التيار يمضي صوب تثبيت وترسيخ سلطته بالنار والحديد، بسرايا السلام، بالقبعات الزرق، بقمع الانتفاضة، بالخطف والاغتيالات وغير ذلك. ولهذا، فانه لتصور واهم ان يظن احد ان هذا التهديد الصريح موجه للحزب الشيوعي حصراً، انه موجه للشيوعيين واليسار والتقدميين ودعاة حقوق المراة والعمال والشباب ....الخ. انها هجمة على حرية النشاط السياسي وحرية الراي والتعبير. لن يفلت من نارها احد. لن يكفي ان تقول "انا يسار الحزب الشيوعي العمالي" حتى يقولوا لك: "اعذرنا، تفضل! انت غير مشمول، لانقصدك!". يجب ان نرى سياق هذا التهديد. ان التعامل الايديولوجي هو ما يقف عائق امام رؤية السياق الذي يجري به التهديد. من جهة اخرى اي موقف هذا الذي يضع "من يُهدِد" و"من يُهدَد"، "المعتدي" و"المعتدى عليه" في كفة واحدة لان كلاهما "برجوازيان" و"ساندا الحكومات المجرمة والفاسدة" و"شارك الحزب في التحالفات القذرة"؟! انها ثورية لفظية فارغة وعديمة المحتوى، وبالاحرى معادية للانسان والطبقة العاملة والتحرر.
4- تهديد لاجواء سليمة للنشاط السياسي: ان تعامل التيار الصدري يخلق اجواء غير سليمة، غير صحية، يلبد الجو بغيوم القمع والانفلات والاغتيالات والاستهتار والتطاول على الاخرين اكثر من مما هو عليه الوضع الان. انه يوجه ضربة لاجواء نشاط سياسي هاديء و"آمن". ان هذا يوفر ارضية اخصب لتيارات السيناريو المظلم. وهي اكثر من تستفاد من وجود مثل هذه الوضعية. ونحن الشيوعيين وقوى التمدن والحرية والمساواة، على اختلاف نهجنا وخطوطنا السياسية، اكثر المتضررين من مثل هكذا وضعية، ان لم يكن اول ضحاياها للاسف. اي قيم يشيعها اسلوب امد يدي واتطاول عليك لانك تنسحب من تحالف، تحالف دخلناه بارادتنا ويخرج منه طرف بارادته، بغض النظر عن مهما كان موقف احد من هذا التحالف. نحن الاكثر مصلحة في جعل الاجواء السياسية اكثر سياسية وسلمية وهادئة. كما انه يناقض مبدأ الشيوعيين بالحرية السياسية غير المشروطة.
5- تعامل مسؤول: ان حياة وارواح الناس لست مجانية. على سبيل الفرض، ان هجمت، ولايتمنى احد ذلك، عصابات التيار الصدري وحثالاته وقتلت 10 اشخاص من الحزب الشيوعي مثلا، اتتصور ساكون سعيداً، او استطيع ان اسامح نفسي، وذلك لاني اتخذت موقفاً "ثورياً" بادانة الطرفين بوصفهما "من ضمن العملية السياسية"؟! حين يوجهوا السؤال لرفيقنا السابق بعد اشهر ماذا كنت تعمل حينها، حين كانت جريمة تجري امامك، ايتصور انه سيكون جواباً كافياً ومقنعاً لاحد ان يقول: كنت في انتقاد ايهام الحزب الشيوعي للجماهير بالتيار الصدري و"العملية السياسية" و "الانتخابات" و... ؟! ان هذا رد احد يريد ان يريّح ضميرة الايديولوجي غير السياسي وغير الاجتماعي، لا اكثر. ان هذا ليس بموقف شيوعي مسؤول تجاه المجتمع، سلامته، امانه ومساراته النضالية...الخ. وبالمناسبة، اننا في الحزب الشيوعي العمالي من قمنا بادانة تهديدات المالكي بغلق مقر الحزب الشيوعي بعد انتفاضة شباط 2011، كما قمنا بالدفاع عن هيفاء الامين وتخرصات الاسلاميين عليها، وشجبنا الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي في الناصرية اثر تصريحات الامين ورفع رفاق لنا دعوى قضائية ضد حزب الفضيلة الارهابي الذي قاد تلك الاعنداءات، كما ادنّا اعتداءات مليشيات "ربع الله" وحرق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، لاننا ببساطة ندافع ونناضل من اجل الحرية السياسية وحرية التعبير ونريد لهذه الحريات ان تترسخ في المجتمع.
6- ماذا يحل بالصراع الطبقي والشفافية الطبقية: لو بيدنا لجعلنا كل الاختلافات سياسية، فكرية. لحذفنا السلاح والدم والقمع من المعادلة. كل تيار وحزب لقلمه ولافكاره، هو يقول مايفكر به والاخرين يقولون رايهم، والجماهير تقرر وتتخذ وجهتها السياسية بوعي وبحرية. اننا ننشد مجتمع تُصَفّرْ فيه كل الصراعات غير السلمية. ان هذا يصب الماء في طاحونة الشفافية الطبقية وشفافية الصراع الطبقي. ان هذا يوفر ارضية اوسع لبروز الصراعات الاجتماعية الواقعية اكثر. هل حركة التيار الصدري تجاه حشع تصب في هذا المسار ام تعيقه؟! ان التعامل مع تهديد الصدر ينبغي ان يضع هذا الامر بالحسبان لدى الشيوعي.
7- هل ان انتفاضة تشرين التي طردت الصدريين هي من "فرضت الفشل على التحالف"؟! واذا ما وضعنا معضلات الانتفاضة ونواقصها جانباً والتي تطرقنا لها كحزب وافراد مراراً وتكراراً، فاني ارى الامر على العكس؛ اذ ان فشل التحالف، في جانب منه، ناجماً عن هجمة الصدريين على الانتفاضة وانهائها. ان هجمة الصدريين وبلطجية القبعات الزرق بهراواتهم وسكاكينهم وسعت الشق داخل سائرون. ان الشق الواسع اساساً في داخل الحزب وكوادره حول سائرون قد تعاظم بحد لم تستطيع قيادة الحزب ان تبقى مكتوفة الايدي تجاهه. ولهذه خطت هذه الخطوة الصعبة بالنسبة لها امام تيار فاشي عديم التحمل و"مزاجي" ومتغطرس. ان "القبعات الزرق" وتعامل الصدريين القمعي وليس الانتفاضة هي القشة التي قصمت ظهر التحالف. من جهة اخرى، لا اريد تناول نظرة سمير ومن يفكرون على الغرار ذاته للانتفاضة، ولكن ما اود قوله هو انه للاسف ليست الانتفاضة من انتصرت، القبعات الزرق والكاظمي والسلام و... واجمالاً معسكر معاداة الانتفاضة والجماهير من انتصر. اين يصل هذا الصراع هو موضوع اخر. عليهم ان يتعاملوا بموضوعية وان يروا واقع الامور كما هو في الواقع وليس عبر نظارات امانيهم ورغباتهم. ان هذا التعامل لا يخدم الانتفاضة ولا نضال الجماهير، بل هو من يلحق اشد الضرر بهما وبمستقبل نضالاتهما وتسلحهما بافق سياسي ونضالي تحرري ومساواتي واضح.
ان هذا هو جانب من اختلافاتنا مع اليسار. وهو ما كان يهمني تبيانه فعلاً في هذا الرد.
ادناه نص تعليق سمير نوري:

بالعكس منك اني اقول" هذا وقته" كون الذي وقف ضد الجماهير تحت راية سائرون و الحركة المدنية هم شركاء في الجريمة الآن الشركاء في الجريمة يتعاركون فيما بينهم لماذا نحن نسكت عليهم. الحزب الشيوعي العراقي شارك في السلطة و شارك في احد التحالفات القذرة و ساند الحكومات المجرمة و الفاسدة ماذا تعني" ليس هذا وقته". يقولون عادت الحليمة الى عادتها القديمة الدفاع عن الحزب الشيوعي و تبرير مواقفها و السكوت عن شراكتهم في الجريمة لا تعني شيئا غير الرجوع الى العادة القديمة. الطرف الذي طرد الصدر و الصدريين من الساحات نفس الطرف فرض الفشل على التحالف، ثورة اكتوبر غير الموازين و طردهم من الساحات و طردهم من صفوف الجماهير و هذه نقطة انعطاف جوهرية في ثورة تشرين. الحزب الشيوعي العراقي حزب يدعو الى مشاركة الانتخابات المبكرة و نفس الحزب ساند للحكومة و السلطة في العراق منذ مشاركتهم في مجلس الحكم. نقد الحزب الشيوعي العراقي اي غض النظر في تاريخه الأسود يجب تحديدها على اساس بعده من السلطة و البرلمان و الأنتخابات البرلمانية و موقفها من هذه العملية السياسية برمتها.