انجازات انتفاضة تشرين .. باتت طريدة بلا ملاذ


علي عرمش شوكت
2020 / 12 / 20 - 16:36     

{ ان حساب الحقل ليس مثل حساب البيدر } . ينطبق هذا القول في السياسة وكذلك في مختلف مجالات الحياة لكونه مثلاً واقعياً. واذا ما بحثنا عنه في استراتيجية انتفاضة تشرين نجده غائباً ولم يتم التفاعل معه للاسف.. كان انفجار الحراك قد حصل بفعل عوامل قاهرة رُفعت في سياقها مطالب نابعة من ذات المعاناة الشاملة بغية تحقيق التغيير، الذي من شأنه التطويح بحيتان الفساد واحياء الدولة العراقية.. تمكن الثوار المنتفضون من الوصول الى بعض اهدافهم ، وكان وقعها وتأثيرها موجعاً بالطغمة الحاكمة. الامر الذي خلق رد فعل محتقن حاقد. تمثل باعمال بربرية عنيفة خلفت ضحايا باقل تقدير لها انها حرب ابادة. ورغم هذه الهجمة الاجرامية المعاكسة تم تحقيق بعض المنجزات ولكنها ظلت تراوح بمنتصف الطريق، لكون مستلزمات حمايتها لم تتوفر كما يتطلبها مكان " البيدر " الذي ينبغي ان يحرس وانما استمرت على حساب" الحقل " ظناً بعزم التغييرسيجرف الفاسدين الى مزبلة التاريخ دون رجعة. مما اوصل بعض المنتفضين الى حالة نشوة الانتصار والقناعة بان الشيء الذي انجز ليس بحاجة الى حماية وتكثيف مقومات تطوره لاستكمال ما تبقى المطالب معلقاً.. ومن ثم ظل كالمال السائب فسرق وفق اساليب واحابيل وخداع المفسدين المتنفذين.
لا نتجنى عندما نشير الى الالتفاف الذي طال انجازات الانتفاضة . حيث تولاها التشويه او تم تعليقها على حبل الظروف الموضوعية والصحية والاقتصادية، او غدت محرّفة بامتياز. واذا ما اريد تفحصها على حالها التي لم تتخلص من حسابات " الحقل " المتطلعة الى انجازات كاملة. نجدها في حالها الان على خلاف ذلك. اي انها ما زالت في حقل" البيدر ". بمعنى ان قناعة البعض تتصور ان الانجازات امنة بزخم الانتفاضة. ويغيب عن نظرها انها قد تعرضت الى الهتك والخطف والاغتيال المادي والمعنوي.
المطلب الاول: كان اسقاط حكومة عبد المهدي وجيء بحكومة الكاظمي الذي لم يختلف عن توأم روح سلفه. المطلب الثاني: قانون الانتخابات الذي فصل على مقاسات القوى المتنفذة. وبات لا يعدو عن كونه خديعة ولا يمثل ارادة المنتفضين، المطلب الثالث: محاربة الفاسدين الذي للان لم يقترب احد من الحيتان الكبيرة انما اخذ بعض صغار الحرامية ككبش فداء. المطلب الرابع: حصر السلاح بيد الدولة. هذا الذي لا ولم ولن يخطر على بال المسؤولين قطعاً.. لان ثمن المساس به يعني ان صور من يقدم عليه ستسحق بالاحذية اوتقطع يده. هذا في اقل تقدير. ولسنا بحاجة الى دليل اكثر مما ظهر على شاشات التلفاز بعيد واقعة" البو عثية " في منطقة الدورة. المطلب الخامس: والاهم هو الانتخابات المبكرة حيث تجري جهود محمومة لابعاد موعد القيام بعملية الاقتراع الى اواخر سنة 2021 ما يعني لن يبقى على موعد الدورة البرلمانية الاعتيادي سوى اربعة اوخمسة اشهر فقط. وربما تلغى ايضاً باية ذريعة كانت. بالقول الفصيح لايوجد ما يسمى" انتخاب مبكر" .
ولم يتوقف الحث على تسيير حكومة الكاظمي على ذات منهج القوى المتنفذة انما وصل الامر الى التجاهر من قبل ذات الاوساط بضرورة اسقاطها وهي وسيلة ثعلبية مخادعة تهدف. اول: ماتستهدفه سوق هذه الحكومة بعصا الطاعة لكي لا تزل عن الخط الذي رسم لها. وثاني: ما يراد بها قلع جذور اخر انجاز من مطالب المنتفضين مع انها حكومة اسم لهيكل مفرّغ من قوة القرار. كما لابد من عدم نسيان التكالب الذي تجلى مسعوراً في قلع خيام المتظاهرين باشرس الاساليب البربرية مقترنة بالاغتيالات وبالاسلحة الكاتمة بوضح النهار وتحت انظارالقوات الحكومة.. هكذا تطارد انجازات الانتفاضة واصبحت بلا ملاذ .. فهل استوعب المنتفضون الدرس لكي يوحدوا اطرافهم المبعثرة. بوجهة و قيادة رصينة موحدة..؟؟.