المنهج المادي التاريخي 2


حنضوري حميد
2020 / 12 / 17 - 18:41     

أكد ماركس أن المنهج الجدلي المثالي والمادي المكانيكي، غير قادرين على كشف حقيقة التاريخ وغاياته وقوانينه، كشفا علميا دقيقا يعبر عن حقيقته المادية التاريخية والمادية الجدلية. في هذا السياق يقول ماركس: "كان المنهج الجدلي يمشي على رأسه مع هيجل وأنا جعلته يمشي على قدمين "، ويعتبر ماركس أن الواقع هو الذي يحدد الفكر وان البنية التحتية تحدد البنية الفوقية والبنية الفوقية تؤثر في البنية التحتية؛ بحيث تشكل هذه المسلمة فلسفةَ النظرية و الممارسة لدراسة النشاط الاقتصادي و تقسيم العمل والوجود الاجتماعي والاقتصاد السياسي و التأريخ التاريخي والانثروبولوجي والفلسفة والعلوم الانسانية بالموازاة في إطار التداخل والترابط مع المادية الجدلية؛ أي بالتداخل الجدلي المادي الطبيعي والمادي التاريخي في شكل فلسفة مادية جدلية متفرعة الى موضوعين مختلفين ومترابطين جدليا وماديا ، بحيث أن الفلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية ينظر إليهما في اطار نسق ماركس وانجلس بمثابة فلسفة تهتم بالعلوم الطبيعية وفلسفة تهتم بالعلوم الانسانية وتوحدها وتوجهها وتنتقدها وتضمن خصوصياتها واستقلاليتها العلمية النسبية. هدف هذا المنهج في إطار هذه الفلسفة الماركسية هو تكوين وتشكيل معرفة علمية موضوعية نسبية حول الظواهر الطبيعية الجامدة والحية الماكروسكوبية والميكروسكوبية ، وأيضا تكوين معرفة موضوعية ذاتية حول نشاط وحياة النوع الإنساني في بيئته الطبيعية والمجتمعية من أجل تحقيق غاية التاريخ المادي، وغايته هي تحقيق الاشتراكية العلمية الشيوعية. من هنا تنكشف حقيقة مفهوم التاريخانية الماركسية في مقابل نقيضتها التاريخانية المثالية الهيجلية؛ بحيث تبدو تاريخانية هيجل مفارقة للواقع بينما تاريخانية ماركس أقرب إلى الواقع، بحيث ستطبق اولى تجاربها بعد ماركس وانجلس في روسيا بقيادة الفيلسوف والمنظر والقائد السياسي الم اركسي فلاديمير إليتش اوليانوف لينين وبعض تجارب حركات التحرر الوطني والاجتماعي بأمريكا اللاتينية والعالم العربي والصين الماوية و برامج الأحزاب الشيوعية والنقابات اليسارية وجمعيات المجتمع المدني في أوربا ومختلف المناطق والدول والشعوب العالمية ،ولكنها تجارب تطرح الكثير من النقاش حول ماهية المادية التاريخية بحيث ابتعد هذا المفهوم كثيرا عن مفهوم ماركس وانجلس الأصلي. فماهي اتجاهات التاريخانية الماركسية بعد ماركس وانجلس؟


مفاهيم النظرية المادية التاريخية الكلاسيكية وقوانينها:
ـ الايديولوجيا: ينتقد ماركس الايديولوجية المثالية، لأنها تؤدي إلى خلق الوعي الزائف وتقلب الواقع في الأفكار والتصور الذي يحمله الأفراد حول وجودهم الاجتماعي ونشاطهم الاقتصادي العملي، و كذلك عن بيئتهم الطبيعية وسياقهم التاريخي. ويلخص ماركس هذا النقد في كتابه الايديولوجية الألمانية بالقول إن الايديولوجيا ليست مرآة تعكس الواقع بشكل مباشر، وليست أيضا قواليب فكرية قبلية منسجمة وموحدة ؛ بل إنها تعني بشكل دقيق التعبير عن تناقضات البنية التحتية في الفن والفكر والثقافة الرمزية الفكرية والمادية والفلسفة ، بحيث من يسود اقتصاديا ويتحكم في علاقات الانتاج يصارع من أجل الهيمنة في البنية الفوقية.وقد تطور هذا المفهوم مع فترة لينين وبليخانوف وكاوتسكي وستالين وتروتسكي في روسيا و فلسفة فرانك فورد والاتجاهات المادية التاريخية المعاصرة، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار الستالينية وظهور الاتجاه الماركسي الماوي في الصين والماركسية الغرامشية في ايطاليا والاقتصاداوية البرينشتاينية الجديدة في أوروبا والخورتشوفية في الاتحاد السوفيات..
ـ البنية التحتية: هي القاعدة الاقتصادية والاجتماعية الملموسة وعلاقات الانتاج و تقسيم العمل التي تشكل بنيان نمط الانتاج الاقتصادي السائد.
ـ البنية الفوقية: هي الشكل الثقافي الرمزي والمادي والفكري، والفني والادبي والعلمي والدولة والنظام السياسي والقانوني والايديولوجي الذي توظفه الطبقة المسيطرة على وسائل الانتاج، من أجل الهيمنة في وعي قوى العمل المنتجة. أو هي اشكال ثقافية توظفها قوى العمل لتحرير وسائل الانتاج عن طريق النقبات والجمعيات والتنظيم السياسي والتعبير والممارسة الثقافية والمادية والفني والفكري...
ـ وسائل الانتاج: تشمل الموارد الطبيعية والالات والعلوم التكنولوجية والبحث العلمي ورأسمال الرأسمالي أو الاقطاعي، إذ لا يمكن انتاج البضاعة أو المحصول الزراعي أو المنتوج الصناعي التقليدي أو التقني العلمي بدون مورد طبيعيي زائد القوة والذكاء البشري و التكنولوجي الصناعي...
ـ قوى الإنتاج: عامة تشمل قوى الانتاج كلها البشرية منها ، والطبيعية، والتقنية الآلية ، غير أنها في سياق المقال تشير تدقيقا الى قوى العمل والانتاج البشرية الذهنية والعضلية. وتعتبر من حيث المعنى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والمادي التاريخي المعني الأساسي بتحرير وسائل الانتاج وقوة العمل البشرية والموارد الطبيعية من الاستغلال والبيروقراطية الفلاحية والصناعية والسياسية والقانونية...حسب وجهة نظر البيان الشيوعي وماركسية انجلس وماركس ولينين وغرامشي وماتسي تونغ.....