إعادة رسمية العلاقات بين إسرائيل والسلطة العلوية في المروك


كوسلا ابشن
2020 / 12 / 14 - 20:21     

العلاقات الدولية تتأسس على مبادئ و قواعد و نظم تحدد الوضعية القانونية للمساحة المتاحة للعلاقات الدبلوماسية للتحرك, و بإعتبارها عامل التنشيط في الساحة الدولية, تحركها في المقام الرئيسي المصالح الاقتصادية والسياسية وسيادة الدولة, و في هذا السياق تصب العلاقات بين الدول ومنها العلاقات بين إسرائيل والدول المعترفة بها.
إستئناف العلاقات الرسمية بين إسرائيل و السلطة العلوية قد تكون الخطوة الوحيدة التي إمتثل لها النظام في سياق مصلحة البلد ومصلحة الوحدة الترابية للمروك خصوصا, بغض النظر عن الموقف من عملية العلاقات مع إسرائيل, فإن الإعتراف الامريكي بمروكية الصحراء له وزن لا يوازيه أحد في السياسة الدولية وداخل المنظمات الأممية وخصوصا مجلس الامن, فجديته سيكون في المستقبل لصالح الاطروحة المروكية و لصالح الوحدة الترابية للبلد.
إعادة رسمية العلاقات السياسية هي عملية سيرورة التطبيع في جميع المجالات, فالتعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي بين إسرائيل والسلطة العلوية كانت طبيعية و لم تتوقف منذ عقود وخصوصا بعد فتح مكاتيب الإتصال في الرباط وتل أبيب منذ زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق إسحاق ربين 1994, ورسمية العلاقات المباشرة بين الرباط وتل أبيب تكميلا للإعتراف المتبادل بين الطرفين و رغم ضبابيته في السابق إلا أنه كان يعلن عنه علانية عند الضرورة, وهذا ما حصل مثلا لزيارة رئيس الحكومة الإسرائلية السابق شمعون بيريز ولقاء الحسن الفاشي 1986 بمدينة إيفرن, بعدما كانت اللقاءات السابقة سرية وأهمها إستقبال وزير الخارجية الإسرائيلي موشه ديان سنة 1977 ترتيبا لزيارة السادات الى القدس و توقيع إتفاقية السلام بين دولة مصر و دولة إسرائيل.
العلاقات المعلنة الحالية ليست جديدة بقدر ما هي إلا إعادة رسميتها بعد إغلاق الظاهري للمكتبين في الرباط وتل أبيب, لكن مع إستمرار التعاون والتبادل الأقتصادي والثقافي والسياحي بشكل علاني وخصوصا في فترة تولي زمرة بن كيرانية لإستشارية القصر, و الجديد في الآمر حاليا تمديدها من الخاص الى العام بمكسب إعتراف أقوى دولة إمبريالية بالسيادة المروكية عن جغرافيته هو الاعتراف الأمريكي بمروكية الصحراء الذي سيكون له آثره الأيجابي على الصراع السلطتين في المروك و دزاير بالإضافة الى البيدق بوليساريو, وستنال الأطروحة المروكية (الحكم الذاتي) مصداقية أكثر بالدعم الامريكي و حليفه الإستراتيجي إسرائيل, كحل واقعي و عادل لتحقيق السلام.
التحالف الصهيوني العلوي ليس وليد الساعة فبدايته ترجع الى الخمسينات من القرن الماضي سواء بشكل سري أو علاني و لم ينتقد التصرف العلوي في الداخل, بل كان دائما الصمت هو سيد الموقف, وإن كان هناك رد فعل, فلم يكن إلا لتبرير الحدث. وفي عصر إعادة صياغة الاستبداد العلوي خرج الارتزاق العرقي الاسلامي من صمته لكن ليس للتنديد بالتطبيع السلطوي مع دولة إسرائيل, وإنما لتحميل الامازيغ مسؤولية التطبيع الاقتصادي والثقافي و كأن الامازيغ هم المسؤولون عن الإستثمارات الاسرائيلية في المروك, و هم كذلك المسؤولون عن البضائع الاسرائيلية في الاسواق المروكية وعن التعاون العسكري الاستخبراتي وعن حركية السياحة بين البلدين.
إعادة رسمية العلاقات وفتح السفارة الاسرائلية قريبا بالعاصمة السياسية الرباط مركز المظاهرات العرقية بالحان الشعارات القومجية العروبية ونغمة "فلسطين قضية عقدية" و" للتطبيع رافضون" و "التطبيع خيانة", فما هو موقف القومجي خالد السفياني و مع الجماعة الاسلامية لبن كيران من الحدث الذي لا يقل أهمية عن الحدث الذي نظم السفياني من شأنه لقاءا في الرباط بإسم "المؤتمر القومي الاسلامي", إعتبر فيه "أن إتفاق التطبيع البحريني مع إسرائيل خيانة عظمى وعمالة وشراكة في الارهاب والعنصرية وجرائم الحرب وتنصل من الاسلام والعروبة".
وعن الموقف من التطبيع الاماراتي مع إسرائيل صرح السفياني:" أن حكام الإمارات بعملهم هذا يعلنون شراكتهم في الجرائم الصهيونية ودعمهم للإرهاب الصهيوني, وهو ما يرتب ملاحقتهم ومحاكمتهم, مثلهم مثل الإرهابيين الصهاينة, إضافة إلى جريمة الخيانة العظمى للمقدسات وللقدس ولفلسطين وللأمة, بل وللإنسانية جمعاء".
وعن خونجية بن كيران خدام القصر المباشرين حاليا, فموقفهم من التطبيع الخليجي عبر عنه سعد الدين العثماني رئيس خدام القصر ((الحكومة)) في كلمته في الملتقى السادس عشر لشبيبة زاويته ((العدالة والتنمية)) بقوله:" أن المغرب سيظل يدافع على حقوق الشعب الفلسطيني وسيتصدى لـ"عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني", وأن هذه الأمور تمثل خطوطا حمراء للمغرب ملكا وحكومة وشعبا, و إن كل التنازلات التي تتم في هذا المجال مرفوضة".
السلطة المطلقة للمقيم العام محمد السادس بقيامه بإعادة العلاقات الرسمية مع إسرائيل, قد ورط التحالف القومجي الاسلامي, فهل سيتخلى العثماني عن وظيفته الحالية ويخون سيده محمد السادس؟ أم التقية ستلهمه بمبرر تجاوز فضيحة تبعية العبد لسيده؟.
السفياني في موقف الغريق بين التبعية للشرق والمثول لإرادة سيده, والكيل بمكيالين, أولا تخوين قادة الخليج والمطالبة بمحاكمته وثانيا البحث عن مبرر إنصاف سيده. أم سيختار طريق البطولة القومية, لا تراجع عن المواقف المبدئية, "للتطبيع رافضون" و "التطبيع خيانة" و المطالبة بمحاكمة سيده محمد السادس.