النفط والاستثمار في ضوء رؤية الحزب الشيوعي العراقي


عادل عبد الزهرة شبيب
2020 / 12 / 13 - 10:34     

أكد الحزب الشيوعي العراقي في وثائقه على اعتبار النفط سلعة استراتيجية , خاصة وان الاقتصاد العراقي اقتصاد وحيد الجانب يعتمد اعتمادا كليا على العائدات المالية النفطية كمصدر اساسي لتمويل الموازنة العامة للدولة في ظل الحاجة الى الموارد المالية لإعادة البناء والاعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية.
والعراق الذي يحتل المراكز المتقدمة في الاحتياطي النفطي العالمي بعد السعودية وفنزويلا ,ارتبط نفطه بالأحداث السياسية والحروب والويلات التي مرت على شعبنا في القرن الماضي والحاضر وكان النفط السبب المباشر لاحتلال العراق من قبل الاستعمار البريطاني عام 1914-1917 ولغزوه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها عام 2003 .
وحسب تصريح وزير النفط العراقي ( احسان عبد الجبار ) فإن العراق يستطيع حاليا انتاج خمسة ملايين برميل من النفط الخام يوميا ويستهدف الوصول في الانتاج الى سبعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2025, وكانت هناك تصريحات سابقة ووعود من قبل المسؤولين ان يصل الانتاج الى 12 مليون برميل عام 2017 ,وان يصل الانتاج الى 6,5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2015 ,الا ان هذه الوعود تصطدم بالعديد من التحديات حيث البنية التحتية المدمرة بسبب الغزو الامريكي اضافة الى التدهور الامني الذي يزداد يوما بعد يوم في ظل عجز الحكومة الكبير عن مواجهته والحد منه. ومازالت هجمات المسلحين على خطوط الامدادات واعمال الصيانة السيئة والمشكلات الفنية وعدم وجود خطوط انابيب كافية في الموانئ اضافة للفساد المالي والاداري تحول دون زيادة الصادرات النفطية. وكان ذلك مجرد كلام .
اما بالنسبة للسياسة النفطية بعد سقوط النظام السابق عام 2003 فلم تكن واضحة وخاصة فيما يتعلق بموضوع خصخصة الصناعة النفطية وموضوع توزيع الايرادات النفطية بين الاستخدامات المختلفة. فالسياسة النفطية ينبغي ان تكون جزءا من استراتيجية التنمية الاقتصادية- الاجتماعية البعيدة المدى ومن الضروري للحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة ان تعلن التزامها بالسياسة البعيدة المدى.
العراق اليوم بحاجة ماسة لبرنامج شامل لإعادة الاعمار والتنمية الاقتصادية الاجتماعية بعد ان دمرته حرب الثماني سنوات مع ايران وفترة الحصار الاقتصادي والتجاري وتبعاته الكارثية وبعد الاضطهاد السياسي والفساد وغزو العراق للكويت عام 1990 والتطاحن الطائفي والوضع الامني المتدهور من بعد عام 2003 والى اليوم .
واكد الحزب الشيوعي العراقي على الاخذ بنظر الاعتبار مصالحنا الوطنية عند التصرف بالثروة النفطية الناضبة وضمان تحكم بلادنا بمصير هذه الثروة وعوائدها. وبهذا الصدد دعا الحزب الى:
1. اعطاء الاولوية للاستثمار الوطني المباشر.
2. تهيئة الظروف المناسبة لإعادة تفعيل شركة النفط الوطنية وتشريع قانونها.
3. اعادة تجميع الكفاءات والخبرات العراقية المختصة بالنفط.
4. امكانية الاستعانة بشركات ومؤسسات عالمية والاستفادة من خبراتها وقدراتها وفق اسس وضوابط تؤمن مصالحنا الوطنية وتحفظ حق الشعب في امتلاك النفط والتحكم في مصيره ,مع امكانية الاستعانة بعقود الاسناد الفني في الحقول المنتجة التي هي بحاجة الى تطوير واعادة تأهيل وبعقود الخدمة في الحقول غير المنتجة حاليا.
5. اشر الحزب مخاطر اعتماد عقود المشاركة مشددا على عدم اللجوء اليها الا في الاحوال الاستثنائية ووفق شروط تضمن مصالحنا الوطنية بصورة لا لبس فيها.
6. واشار الحزب الى عدم وجود تفسير مقنع لمنح هذا الكم الكبير من التراخيص ’مؤكدا على التريث في منح المزيد من التراخيص حتى تجري الاستفادة من تجربة ونتائج تنفيذ عقود جولتها الاولى اضافة الى ان الكميات المزمع انتاجها تفوق كثيرا حصة العراق في التصدير في اطار الاوبك.
7. ضرورة العمل المكثف لمضاعفة طاقات التصفية ومعالجة الغاز لضمان الاكتفاء الذاتي وبأسعار مناسبة للمواطن من المشتقات النفطية اولا والتحول من ثم الى تصدير الفائض من المنتجات والغاز الحر السائل عبر الطاقات والكفاءات الوطنية او من خلال الاستثمارات الاجنبية والمحلية مع ضمان اشراف الدولة.
8. تشريع قانون وطني متوازن ينظم ادارة الصناعة النفطية ويوضح الصلاحيات والمهمات بما يساعد على انهاء حالة التجاذب المتواصلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
9. تنويع منافذ التصدير النفطي وتحديث شبكة الانابيب الناقلة وزيادة طاقتها.
10. التوسع في الصناعات البتروكيمياوية لسد الحاجة المحلية وتعظيم ايرادات الدولة عبر تصدير الفائض من المشتقات النفطية.
11. ضمان توزيع الموارد بشكل عادل ومنصف لينتفع منها ابناء شعبنا جميعا وبما يحفز تطوير وتحديث فروع اقتصادنا الوطني كافة.
12. اعتماد استراتيجية للتنمية تتكفل بتحويل القطاع النفطي (الخام) من قطاع مهيمن ومجرد مصدر للعوائد المالية (أي للتكاثر المالي وليس للتراكم) الى قطاع منتج للثروات يكون اساسا لقيام صناعات امامية وخلفية ..
ان العوائد المالية الكبيرة المتأتية من بيع النفط الخام لم تستثمر في تطوير القطاعات الاخرى غير النفطية وخاصة الزراعة والصناعة والسياحة ورفع المستوى المعيشي للسكان وتوفير الخدمات .وبسبب السياسة الاقتصادية المتبعة فقد تحول العراق الى اكبر مستورد للسلع الاجنبية بما فيه سلة غذائه ,كما ادت هذه السياسة الى تدمير الصناعة الوطنية والقطاعات الاقتصادية الاخرى, ورغم ان موازنته تعتبر من اكبر الموازنات في العالم الا ان شعبنا يعتبر من افقر الشعوب واكثرها تخلفا والعراق الأكثر فسادا حسب منظمة الشفافية الدولية.
لقد شخص الحزب الشيوعي العراقي الى ان تنويع الاقتصاد وايجاد مصادر بديلة لتمويل الموازنة العامة يظلان هدفا مركزيا باعتبارهما شرطا للتنمية المستدامة وضرورة استخدام عوائد النفط لخير الشعب ورفاهيته عبر تحسن مستوى معيشته وتوفير بنى تحتية تساعد على تقدم البلد وان يخصص جزء من اموال النفط لتمويل صناديق خاصة مثل صندوق الاجيال وصندوق دعم الثقافة, الضمان الاجتماعي.