خطاب الكراهية وصكوك الوطنية في منصات التواصل الاجتماعي


نهاد القاضي
2020 / 12 / 13 - 01:49     

منذ سنين انبثقت صفحات التواصل الاجتماعي كي تضيف لهذا الكون صورة رائعة من التعارف والتقارب بين قرى بسيطة في اقصى القطب الشمالي الى بيت صغير في اقصى القطب الجنوبي مارا بكل دول العالم لنشر معلومة عن بيئة صغيرة، او فكرة لطفل، او نشاط لشابة، او بحث لعالم، او اطروحة او دراسة في بناء الانسان او النبات او الحيوان، شبكة عنكبوتية كبيرة تكلفتها بسيطة جدا على المواطن، تنشر المعلومة الطبية والفرحة وتواسي الاحزان وترمم البيوت وتذكر بتاريخ ماضي و وثائق غير معلومة عن الانسان والوجود، علاقات وتواصل بين الثقافات وبين الذكور والاناث ومنصات خاصة بالحوار والنقاش واثراء الافكار، صفحات خاصة بأعمال للخير واسناد البيئة والدفاع عن حقوق الانسان، مجموعات مختلفة تشكلت هدفها الاول لعمل الخير ونشر المعلومة وتقوية العلاقات واختصار الوقت والمسافات .. كل هذا الجمال وهذا الثراء المعلوماتي للاسف تغير مفهومه واهدافه في بعض الاوطان وعند بعض المجموعات والاشخاص، حيث يحاول هؤلاء اليوم ان يحول هذه المنصات المعلوماتية الى مستنقعات لتصفية الحسابات ومسرح للإساءة وقلم للتهجم والافتراء مجموعات واشخاص غير بسيطة منها تدعي الثقافة، تصرح بالوطنيات، تحاول ان تجعل من هذه الصفحات المعلوماتية بيتا للهيمنة والردع والتخويف، وكرا لتصريف الاكاذيب وتشويه الحقيقة، والاغرب من ذلك اخذت فئات اخرى ان تقتحم صفحات الغير وتقدم مداخلات غايتها للإساءة بعبارات تهجمية واتهام غير مسبق بفرض افكار خاصة في مواضيع بعيدة عن ما ينشر في الصفحة، تطرح مطالبات بصيغة الامر على صاحب او صاحبة الصفحة ان يقوم بها، في محاولة الهيمنة على صفحات الغير ، وترفض بكل حدة اي معلومة اخرى تختلف معهم في الفكرة او الاتجاه او الهدف ناسفين بذلك كل ركائز الديموقراطية التي يؤمنون بها قولا ويمارسون العكس
تمادت هذه المواقف خلال سنة 2020 نتيجة تواجد الاغلبية في مساكنهم محجوزين، بسبب قواعد وانظمة كوفيد -19، كي تجعل من صفحات التواصل الاجتماعي اداة لجرح الاخر واذلاله او لتخوينه واتهامه بما لا يرضي احد فقط لأنه مخالف لهذه المجموعات بالفكرة او بالتوجه او بالوسيلة او لانه غير مقتنع بمسيرة الحقد والاكاذيب و مؤمن بان لكل الحق في نشر ما يبغيه على صفحته او مؤمن بالتسامح او بالنقد الهادف غير الجارح .
اصبحنا يوميا نستمع الى معزوفات نشاز من ابواق الحقد تحت مسميات حقوقية منها حرية التعبير، وحين المناقشة نقف امام مادة قانونية مهمة في لائحة حقوق الانسان تضعك بين فكي كماشة القانون الدولي حيث تقول ان المقابل يعبر عن رأيه و وجهة نظره انه يحاكي الاخر بفكرة ولكن اي فكر.. فكر كله اورام سرطانية وعبارات تكاد تكون ألغام جاهزة لتفجير منصات الحوار الهادئ او براميل بارود لأشعال الصفحات انها مشكلة كبيرة ودولية عند الجميع، حيث صعوبة التمييز بين وجهة النظر وحق التعبير وخطاب الكراهية فأستغل هذا البعض هذه الشعرة البسيطة بين القانون والا قانون، ونراه يمارسها يوميا بقرع طبول الحقد عليها، فيسب ويلعن من يريد ويتهم من لا يحب، ويفتري على من خالفه، ويكذب الحقائق، ويزور الوثائق الثبوتية بحكم العولمة والقدرة الالكترونية حيث يفبرك فلم فكاهي ويحوله الى مأساة ويضيف عليه ما يحب من اصوات وكلمات معبرة عن تصفية الحسابات فيصنع فيلم على مقياس الحاقد، ورغبة المعتدي وبصورة توثيقية .
لم يكتفي البعض هنا بل نصب نفسه او مجموعته بطلا للحوادث وقائدا للثورات والتظاهرات و مدرسة في الأخلاق والفن والوطنية والثقافة، وصنع لنفسه عرشا من العاج خلف جهازه الالكتروني راح يتهم الاخرين بما يحلو له من صفات، بل وصل به الامر ان يمنح من يريد وسام الوطنية ويدين الاخر بالعمالة او الانتماء لجهات بعيدة عن الانسانية والديموقراطية. للاسف انهم ينسون انفسهم احيانا ولا ينظرون لوجوههم في المرآة، من انتم يا سادة كي تمنحون الاخرين حق الوطنية، وكيف يحق للحاقدين تقييم وطنية الاخرين، وهل يتقبل العاقل الموافقة على من يتعامل مع خطاب الكراهية يحق له منح الاخرين صكوك الوطنية والديموقراطية
لقد اساء البعض كثيرا لاستعمال منصات هذا الصرح المعلوماتي الكبير، ليكونوا فيه بؤر للاأخلاقية وتوزيع صكوك الوطنية واتهام جهات ديمقراطية وطنية بكلمات نابية لا تصح قولها في المجالس.
قصر الكلام انهم يستغلون حرية الرأي بإيذاء الاخرين و يملؤون الصفحات بالكذب والترويج لجهات بعيدة عن الوطنية والديموقراطية ناشرين خطاب الكراهية والحقد واهمين بزهوي ثوبهم الوطني
نقول من خولكم كي تمنحوا لقب الوطني من عدمه للآخرين
من تكونوا حتى تنتقصوا من وطنية وديموقراطية الاخرين
بحقدكم وكراهيتكم لن تحصدوا الا الكراهية والحقد ولن تنتقصوا الا من انفسكم
ليكن عام 2021عام انهاء خطاب الكراهية - عام المحبة والعيش معا وسوية - عام احترام حرية حق التعبير والفصل بينه وبين فرض الراي وخطاب الكراهية، ليكون عام منصات التأخي والوطنية الفعلية والابتعاد عن صرف صكوك وهمية