تداعيات فوز - بايدن - على العلاقات الأمريكية الخليجية


خالد رافع الفضلي
2020 / 12 / 10 - 20:49     

تم اسدال الستار عن الانتخابات الأمريكية التي جرت على مستوي الولايات وأضحى " جو بايدن " قاب قوسين أو أدني من الانتقال إلى البيت الأبيض، عقب مارثون انتخابي لم تستطع التوقعات القائمة على العديد من الدراسات الاستبيانية التكهن بنتيجة تلك الانتخابات، التي أتت على غير المألوف بنتيجة مختلفة عما توقعه العديد من المحللين.
وضع المحللين والسياسيين اتجاه تصور لطبيعة العلاقات الأمريكية الخليجية في عهد " جو بايدن " الديمقراطي، الذي ترعرع داخل البيت الأبيض، فهو المحام والسياسي البارز، والذي يراه البعض خليفة " باراك أوباما " ومن ثم فإن سياساته سوف تتشابه كثيراً مع سياسات " باراك أوباما "، علي الجانب الآخر، يري فريق آخر أن السياسة الأمريكية منذ نشأتها تتألف من نسق يحوي ثبات السياسات بغض الطرف عن اختلاف الرؤساء، فهناك مؤسسات قائمة علي تنفيذ السياسات التي وضعت مسبقاً، ويكون دور الرؤساء تكميلي لا يحوي أي إضافات اللهم تباين الأساليب، أو ربما تباين حدة تطبيق تلك السياسات.

وحول التداعيات المتوقعة لطبيعة العلاقات الأمريكية الخليجية وبصفة خاصة السعودية منها صرح السفير محمد مرسي والذي عمل لدي سفارات مصر ببعض دول الخليج...
قائلاً : لا أميل كثيراً للرأي القائل بأن علاقات الولايات المتحدة في عهد " بايدن " ستتوتر مع دول الخليج بصفة عامة والمملكة العربية السعودية علي وجه الخصوص، فالعلاقات بين الجانبين – الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي - قوية واستراتيجية وقائمة علي مصالح مشتركه تلعب الدور الرئيسي في تحديد توجهات أي إدارة أمريكية، وأكد علي أن" جو بايدن " رجل سياسة محترف وبلادة ذات مؤسسات عريقة يصعب تجاهلها, وأضاف ولكن لا يستبعد أن تشهد علاقات الطرفين قدرا معينا من الاختلاف عن إدارة " ترامب " يعود إلي احتمالات تغير النهج الأمريكي إزاء إيران ، وكذا التزام " بايدن " بقضايا الحريات وحقوق الأنسان أكثر من " ترامب." وبما قد يلقي بظلاله على علاقات أمريكا بدول الخليج ودون أن تصل الأمور إلى حد التوتر أو التأزم. خاصة وأن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية يدعم الانفتاح التاريخي بين اسرائيل ودول الخليج ويمكن أن يضغط على ادارة بايدن إذا ما اقتربت الامور من دائرة الخطر بالنسبة لإسرائيل.
دكتور العلوم السياسية سيد أبو فرحة، والاستاذ الزائر بالجامعات الأمريكية قال:
بطبيعة حال الدولة الأمريكية فإننا أمام مؤسسات قوية وثابتة ومستمرة بصرف النظر عن شخصية الرئيس فالرئيس يؤثر في الدرجة لا في الاتجاه وعليه فإن المملكة ستبقى حليف استراتيجي لا غنى عنه ومن ثم ستقدم المملكة العربية السعودية بصفة خاصة ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة مزيد من الخطوات الإصلاحية في الملفات محل اهتمام الديمقراطيين كحقوق الإنسان
وفي تحليل أكثر شمولاً أفاد الباحث في العلوم السياسية محمد نبيل والمتخصص في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، أن ثمة عدة عوامل فيما يتعلق بأثر صعود بايدن على دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط برمتها على النحو التالي:
1- الثابت والمتغير في العلاقات الأمريكية السعودية: هناك متغيرات وثوابت تحكم سياسة الدولتين مع بعضهما ولعل العامل الثابت وهو المتداول في المجتمع الدولي وهو عامل المصلحة الذي يحكم تحركات السياسات الخارجية للدول، وبالتالي فإن السعودية تمثل مصلحة كبرى اقتصادياً وسياسياً للولايات المتحدة في إقليم الشرق الأوسط. أما بالنسبة للعامل المتغير والذي من الممكن في المستقبل أن يؤثر على علاقات البلدين وهو عامل تغير الإدارة من الحزب الديمقراطي للجمهوري أو العكس، فهذا مبني على مدى الرؤية التي يتبناها الرئيس القادم للبيت الأبيض. وبالتالي فنحن أمام ربما تغير في شكل السياسة القادمة والتي ستنتهج من قبل الولايات المتحدة تجاه المملكة السعودية، وذلك ظهر جليلاً ومبكراً أيضاً في تصريحاته الانتخابية حينما وعد في أكتوبر الماضي بإنهاء كافة أشكال الدعم العسكري للمملكة السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وبالتالي هنا من المتوقع أن تتغير الحسابات السياسية في هذا الملف بين البلدين. وهذه الوعود الانتخابية لابد وأن تنفذ لأنها إذا تم التغاضي عنها ستهتز صورة الرئيس المقبل "بايدن" أمام الرأي العام الأمريكي. ومن ثم لابد هنا من القول إن هذه السياسة لن تكون القضية الرئيسية المهمة بالنسبة لبايدن بقدر أن لديه ملفات حرجة كثيرة في الداخل الأمريكي كملف كورونا أو ملف العنف ضد الأمريكيين من أصول إفريقية أو حتى ملف فقد الوظائف بسبب فيروس كورونا. ولكن بجانب ذلك سيتم العمل في هذا الملف الخاص بالسعودية.
2- ملف إيران والاتفاق النووي الإيراني: هنا لابد من عدم الاختلاف على سياسة الحزب الديمقراطي بخصوص الملف النووي والذي هندس بالفعل في ظل إدارة ديمقراطية وهي إدارة أوباما لذلك من المتوقع أن تعود الإدارة الأمريكية بالفعل لتوقيع أو استكمال الملف النووي الإيراني. ولكن يجب عدم التسرع في هذه النقطة قليلاً لأن من الممكن أن يكون الملف النووي الإيراني ورقة ضغط كبيرة من قبل الولايات المتحدة تجاه المملكة العربية السعودية في ملفات كثيرة منها ملف التواجد في المنطقة وهي سياسة الإدارات الديمقراطية في أزمنة مختلفة بمعني أن تكون إيران فزاعة لفتح المنطقة أمام شركات السلاح الأمريكية والتواجد الأمريكي الكثيف في المنطقة في مقابل الأموال السعودية.
3- حقوق الإنسان: هنا لابد من القول إن الإدارات الديمقراطية المتعاقبة تهتم أكثر من غيرها بملف حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي من المتوقع أن نري تعقيبات في المستقبل على الملف الحقوقي داخل المملكة السعودية من قبل " بايدن " وإدارته، ولعل التصريح الذي قاله "بايدن " في شهر أكتوبر الماضي في ظل ذكري اغتيال " جمال خاشقجي " حيث قال " بايدن "؛ (سأجعل بن سلمان يندم على ما فعله) هو مقدمة لذلك.
4- العمل المشترك بخصوص سوريا: من المتوقع أن نري نشاط أكبر وأكثر اتساعاً للولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع المملكة العربية السعودية حول الملف السوري والذي شهد انسحاب سياسي وعسكري من الجانب الأمريكي في ظل إدارة " ترامب ". لذلك فإن الملف السوري لازال يحمل نوع من القبول لسياسة البلدين في المستقبل. نحن نتحدث عن العودة السياسية سواء في الاستانة أو جنيف، نتحدث عن استرجاع بعض القوات العسكرية الأمريكية للأراضي السورية.
ختام القول إن صعود بايدن للرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية سيؤثر بشكل كبير على مجريات الأحداث في دول الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط بما يشكل أداة للتغيير لما تم تشكيله في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق " ترامب " مهما كان هناك من ثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية.