الدنيا دي شوية كيميا وفيزيا -نحو فهم الوجود والحياة والإنسان


سامى لبيب
2020 / 12 / 9 - 20:04     

- نحو فهم الحياة والوجود والإنسان (101)
- فوقوا بقى – الجزء الرابع عشر .

أعشق كتابة التأملات ولا أتذكر عدد المقالات التي كتبت فيها تأملاتي .. التأملات هى تقديم أفكار مركزة بشكل موجز ورشيق فى سطور قليلة داعية القارئ للتوقف والتفكير .
- مازلت أعتز بأول تأمل كتبته فى المرحلة الإعدادية في كراستي الملونة لأقول فيه : الإيمان هو تلقيح وإختراق حيوان منوي ما لبويضة ما , في زمان ما بمكان ما .
هذا التأمل يعنى ببساطة أن الإيمان في الغالب وراثي نتاج تأثير البيئة والمجتمع والتاريخ فحظك من الجغرافيا والتاريخ سيحدد إعتقادك وهويتك الإيمانية .

- هذا التأمل البسيط له عمق كبير يتخطى هذا المفهوم المتعارف عليه , فالكيمياء والفيزياء تحدد وجودك وفكرك وميولك ألخ , فالكيمياء تظهر في التفاعل الكيميائي البيولوجي بين الحيوان المنوي والبويضة , والفيزياء يظهر تأثيرها في التاريخ والجغرافيا أي الزمان والمكان .
من هنا ننطلق نحو فهم حقيقي للوجود والحياة والإنسان , فالأمور لا تتعدى كيمياء وفيزياء عشوائية غير غائية لتكون موجودات يخلق منها الإنسان العاقل معنى وغاية في وجود لا يمنح معاني ولا غايات .

- الكيمياء تظهر جلية في التفاعلات والنواتج من تعاطى الطعام بمكوناته المختلفة كما هو معروف , ولكن الأمور تتعدى ذلك لمجالات شتى فأحاسيسنا ومشاعرنا وتفكيرنا وعواطفنا نتاج كيمياء فاعلة , فكل المشاعر والرغبات نتاج هرمونات تمنح الدافع للحب والجنس والغضب والسعادة والإكتئاب .

- إذن إذا كانت الحياة تتمحور فى الطعام والجنس , فالكيمياء هي الفاعل والمؤثر والمنتج فلا مكان لحرية وإرادة وغاية ليكون وظيفة العقل هو إيجاد الوسائل لتحقيق فعل الكيمياء .

- من فعل الكيمياء الطبيعي ومن تأثيره على الكائن الحي يمكن فهم الغريزة , فالغريزة إذا كانت مرتبطة بالجينات كشفرة ومكون كيميائي أيضا , كذا هي نتاج تصاعد الكيمياء في الجسد , فالغريزة الجنسية هي نتاج تصاعد هرمونات معينة تطلب وتلح على الجنس لتكون وظيفة العقل هو إيجاد الوسائل لتحقيق الجنس سواء بزواج أو علاقات حرة أو إستنماء .
غريزة حب البقاء نتاج جوع يطلب الإشباع وهو فعل كيميائي يطلب الإيفاء لتتحرك آليات العقل للحصول على إيفاء الطلب الكيميائي .

- لا يمكن إهمال فعل وتأثير الجينات التى هي مكونات كيميائية فى الأساس , فالتناسخ الذى ينتج الجينات المورثة والمحددة للشكل والمضمون والسلوك هى نتاج فعل كيميائي طبيعي غير غائي , والدليل ما يحدث من خلل في التناسخ والتركيب فسيعطى شكل من أشكال التمايز أو الضرر والتشوه وكلاهما لا علاقة بفرضية وجود إله هكذا إرادته ومشيئته , فالأمور كيميائية عشوائية لا غائية بحتة .

- التطور الذي هو سنة وطبيعة الحياة فعل كيميائى بحت من خلال الطفرات التي تحدث فى الحوض الجيني للكائن الحي , كذا الإنتخاب الطبيعي هو علاقة الكيمياء بالطبيعة المحيطة , فمن السخافة تصور أن الطبيعة تنتخب وتنتقي فالأمور لا تزيد عن ظهور حالة عضوية كيميائية جديدة تستمر وتنتقل إذا كانت هذه الحالة الكيميائية متوافقة مع الطبيعة المحيطة ويكون مصيرها للإنقراض والزوال حال عدم توافقها مع الطبيعة المحتضنة لها .

- العناصر الكيميائية بلا معنى ولا غاية ولا قيمة ليمنح الإنسان المعنى والقيمة للعناصر وفق رؤيته ورغباته , فالذهب مثلا معدن كعشرات المعادن في الطبيعة , ليرى الإنسان أنه نادر وليس بوسع الجميع الحصول عليه فمنحه الجمال والقيمة وجعله وسيلته للتمايز الطبقي .
تزداد معنى وقيمة الكيمياء عندما تتركب فيخلق لها الإنسان معاني وقيمة بينما هي مركبات كيميائية فيزيائية بحته تكونت بفعل طبيعة لا غائية , فالماء مثلا هو إتحاد كيميائي فيزيائي بين ذرة أكسجين وذرتي هيدروجين ليُدرك الإنسان أهمية وحيوية هذا التفاعل ليعطى له معنى وقيمة هائلة .

- الإنسان عبد لما يجهله ليتصور أن التفاعل المنتج للماء وراءه قوة أنتجته لتزول هذه الفكرة الميتافيزيقية مع العلم , ولكن يظل عبودية الإنسان لما يجهله كالبروتين وتكون الخلية الحية بالرغم أن العلم أنتج بعض البروتينات والأحماض الأمينية وصنع خلية حية من المكونات الطبيعية .

الفيزياء .
- قد تكون تأثير الفيزياء على الإنسان شديد الوضوح , فالعوامل المادية الفيزيائية مؤثرة بشكل فعال ووحيد ومُتفرد على الوجود مُشكلة الحياة لتتضافر مع الكيمياء لتنتج حالة من الحياة والوعي والفكر والأمثلة عديدة بل يمكن القول أنه لا يوجد مثال واحد خارج عن تأثير الطبيعة المادية , فالطبيعة المادية بشقيها الفيزيائي والكيميائي في وحدة مدمجة لتنتج الوعى والفكر والسلوك والميول فنحن نستمد وعينا من الصور المادية فلن تجد وعي لا يستقي صوره من الطبيعة المادية , فحتى التصورات الخيالية مكوناتها من لصق صور مادية بشكل خيالي فنتازي غير منطقي .

- لا توجد ظاهرة فيزيائية كالأمطار والزلازل والبراكين والأعاصير ألخ خارج تأثير الطبيعة العشوائية اللاغائية , فالعوامل الفيزيائية متى إجتمعت أنتجت هذه الحالات الفيزيائية ومن هنا نفهم أسبابها , لذا من الهراء تصور أن هناك إله يفتح صنابير الماء في السحاب لإنتاج المطر أو يدك الأرض بقدميه لينتج الزلازل .

- الطبيعة المادية تنتج أحوالها وظواهرها بدون خطة أو ترتيب أو غاية لذا تنتج منتجات تفتقر للمعنى والحكمة وقد تكون قاسية أو حانية , أما إنساب الطبيعة لإله فستصيب حتماً فكرة حكمة وتدبير الإله بالحرج والإضطراب عندما نجد مئات المشاهد الطبيعية التى تفتقد الحكمة والتدبير .

- من الخطأ تصور أن هناك حرية وإرادة إنسانية , فالأمور لا تزيد عن حراك نقطة داخل شكل هندسي كل أضلاعه وزواياه كيميائية فيزيائية تؤثر محصلتها على مسار النقطة رغما عنها لتخلق كينونتها وماهيتها .

- من الخطأ والعبث تصور أن هناك معنى وغاية وقيمة في ذات الأشياء , فالأشياء لا تحمل أي معنى أو رسالة أو قيمة في كينونتها , فالإنسان هو الوحيد الذى يخلق ويمنح المعنى والغاية والقيمة ليسقطها على الأشياء .

- قد يقول قائل إن الإنسان يتطور ويغير من فكره وسلوكه لنقول هنا أن هناك أضلاع وزوايا في الشكل الهندسي قد نشطت لتحتل المشهد , ونشاطها هنا ليس حرية وإرادة إنسانية بل تأثيرات مادية طبيعية فرضت منظومتها .

- من العبث والهراء أن يدعى أحد أن وراء الحياة والطبيعة قوى ميتافيزيقية تفرض إرادتها على الطبيعة والإنسان , فلا يوجد مشهد واحد خارج الطبيعة المادية الكيميائية الفيزيائية وما القول هذا إلا جهل الإنسان بالطبيعة وعجزه عن فهمها , فمن الجهل والعجز جاء الخيال عن الآلهة .

ختاما كتبت في هذا المقال تأملات بسيطة تعطى فهم لماهية الحياة والوجود والإنسان مبتعداً عن الإستفاضة العلمية بالرغم أن العلم داعم لها داعيا القارئ للتأمل والتدقيق والتحليل والبحث في المصادر العلمية ليتأكد أن الحياة هي وجود مادي فقط لا غائي وأن الدنيا شوية كيمياء على فيزياء .

دمتم بخير ولنستفيق وأرحب بنفدكم وإضافتكم .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.