عمل الأحزاب الشيوعية و العمالية و تنسيقها المشترك في ظروف الوباء


الحزب الشيوعي اليوناني
2020 / 12 / 8 - 12:39     




كان المؤتمر عن بُعد الناجح الأخير للأحزاب الشيوعية والعمالية، المنضوية ضمن المبادرة الشيوعية الأوروبية، والذي شارك فيه 24 حزبا من العديد من البلدان الأوروبية، شكلا جديدا من أشكال تبادلها للآراء و تنسيق عملها.

و أظهر أن باستطاعة الأحزاب الشيوعية أن تستخدم بنجاح أشكال مختلفة، عند تعويق الاتصال المباشر لممثليها في ظروف الوباء و تعويق الدعوات للمؤتمرات والفعاليات. إن الصراع الطبقي لا يتوقف، مما يجعل من الضروري تبادل وجهات النظر بين الأحزاب الشيوعية، لتوضيح مواقفها، وتنسيق عملها و السعي لرسم استراتيجية ثورية. و هي التي من غير الممكن أن نقوم تجاهها "بتراجعات" في ظروف الوباء التي سرَّعت بدورها من حضور أزمة اقتصادية عالمية جديدة للرأسمالية. حيث من المؤكد أن الأحزاب الشيوعية مُلزمة بتكييف أشكال عملها ذات الصلة، حيث من غير الممكن هو إقامة اللقاءات الأممية والإقليمية والثنائية عبر حضور فعلي.



عن صيغة البيانات المشتركة للأحزاب الشيوعية

إن البيانات المشتركة هي صيغة مجربة لتعاون و تنسيق الأحزاب الشيوعية. حيث تتضح خلال صياغة نصوص البيانات المشتركة التقييمات، التي خلُص إليها كل حزب شيوعي بشأن هذه المسألة أم سواها، كما وتتحدد أهداف صراع الأحزاب من أجل تطوير العمل المشترك.

و تحافظ هذه العملية على أهميتها، على الرغم من واقعة ضعف العديد من الأحزاب الشيوعية والعمالية، حالياً، أو واقعة عملها في ظروف شبه غير قانونية أو ظروف ملاحقات قاسية، أو عدم امتلاكها لجميع الوسائل التي يملكها الحزب الشيوعي اليوناني،تحت تصرفه مع بعض الأحزاب الأخرى من اجل الصراع في سبيل الأهداف المشتركة التي تحدَّد.

حيث من الضروري لإخراج الحركة الشيوعية الأممية من أزمتها الأيديولوجية - السياسية والتنظيمية التي تتواجد فيها خاصة في العقود الأخيرة، أن تقوم على حد السواء بتعزيز نفسها المتكامل الجوانب في كل بلد و منطقة، كما و بتنسيق الصراع المشترك وصياغة استراتيجية ثورية على مستوى دولي. حيث باستطاعة عملية تبادل وجهات النظر، والسِجال ذي الصلة بشأن المسائل الخطيرة، في سياق إعداد ونشر البيانات المشتركة أن يُسهم في التوجُّه المذكور أعلاه.



الحزب الشيوعي اليوناني و البيانات المشتركة الأخيرة



في الفترة الأخيرة للوباء، وقع الحزب 5 بيانات مشتركة للأحزاب الشيوعية والعمالية، و التي أقرَّت بعضها بعد أن كانت صياغتها بمبادرة منه، و كان بعضها الآخر قد صيغ بمبادرة من أحزاب أخرى وبدعم من حزبنا الذي سعى عند الضرورة، إلى الإسهام في تحسين محتواها. حيث نشرت جميعها في صحيفة “ريزوسباستيس” و كانت.:

1 / من أجل "تدابير فورية لحماية صحة وحقوق الشعوب" ، والتي أشارت إلى الوضع العالمي الناجم عن الوباء والأزمة الرأسمالية القادمة. حيث تم اتخاذ المبادرة من قبل الحزب الشيوعي اليوناني و وقعها 87 حزب شيوعي و عمالي.

2 / "بشأن التضامن مع كوبا"، حيث تدين اﻷحزاب الشيوعية الحصار الإجرامي الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا. تم اتخاذ المبادرة من قبل حزب آكيل ووقعها 73 حزب شيوعي و عمالي.

3 / من أجل الذكرى "150 على ميلاد ف.إ.لينين"، حيث يتم التعبير عن مواقف هامة بمناسبة هذه الذكرى لشخصية لينين القيادية، و هي تلك التي ترتبط بمسائل أيديولوجية وسياسية جادة للحركة الشيوعية. و اتخذت المبادرة من قبل الحزب الشيوعي اليوناني ووقعها 93 حزب شيوعي وعمالي.

4 / "بمناسبة اليوم العالمي للطبقة العاملة"، الذي نُشر في أول أيارمايو هذا العام. و كانت المبادرة قد اتخذت من قبل الحزب الشيوعي الكردستاني – العراق، و وقعها 41 حزب شيوعي وعمالي.

5 / "باسم الحرية والسلام والحقيقة - ضد الفاشية والحرب" ، تم نشره بمناسبة الذكرى 75 للنصر على الفاشية. و كانت المبادرة قد اتخذت من قبل الحزب الشيوعي البرتغالي، ووقعها 86 حزب شيوعي و عمالي.

ليس كل ما يلمع ذهباً

يمكننا أن نقول أن مقولة لينين "قبل أن نتحد و لكيما نتحد، ينبغي في البدء أن نعين بيننا التخوم بحزم و وضوح[1]"، تناسب اليوم مسائل التموضعات المشتركة للأحزاب. حيث ثَبُت أن فترة الوباء "غنية" للغاية في اتخاذ مبادرات لنشر بيانات مشتركة. فبالإضافة إلى البيانات المشتركة الخمس المذكورة أعلاه، اتخذت أحزاب أخرى أيضاً مبادرات ذات صلة. و هذا لا يعني أن كان بالإمكان قبول جميعها و دعمها من قبل حزبنا باسم "وحدة" سطحية للحركة الشيوعية الأممية. فمثل هذه "الوحدة" ليست فحسب غير ضرورية، ولكنها تضر أيضاً بالحركة الشيوعية، ما دامت لا توضح مسائل مهمة.

حيث ضرورية هي مناقشة وجهات النظر المختلفة، و أوجه الاتفاق، والخلاف، والمواجهة الرفاقية بشأن مسائل أيديولوجية-سياسية جادة ذات أهمية استراتيجية، و هي التي ستستمر أيضاً خلال الفترة المقبلة. و من خلال هذه العملية واستخدام خبرة الصراع الطبقي، ستُمنح حوافز من أجل حيازة أكثر جوهرية لمبادئ نظريتنا الكونية و للمنهجية الماركسية اللينينية، وسيتم إثراء معالجات الأحزاب الشيوعية و هو أمر يتطلب مثابرة كبيرة.

هذا و كانت بعض الأحزاب التي اتخذت مبادرات بيانات مشتركة قد رفضت في البداية إسهام الأحزاب الأخرى في صياغة النصوص التي قدمتها. و على العكس من ذلك، قام الحزب الشيوعي اليوناني، وكذلك الأحزاب الأخرى، التي اتخذت المبادرات المذكورة أعلاه والتي أيدها حزبنا، بوضع النصوص الأصلية التي قدمتها في المشورة. مع الوقوف بانتباه كبير بشأن المقترحات العديدة المطروحة من جانب أحزاب أخرى. مع قبول ملاحظات جوهرية حسَّنت المحتوى الأصلي. و لم تسمح بعض الأحزاب بإجراء عملية كهذه على نصوصها الخاصة، ساعة احتواء هذه الأخيرة على مواقف إشكالية للغاية، مثل تلك التي تبرء الإدارة الاشتراكية الديمقراطية للنظام الرأسمالي، و تعزو وجود جميع المشاكل إلى الإدارة النيوليبرالية.

و بالتأكيد لم يكن باستطاعة الحزب الشيوعي اليوناني أن يوافق على دعوات مسدودة الأفق و وضارة تصدر عن أحزاب تدعو الولايات المتحدة إلى "الامتثال" للقانون الدولي، كما فعل الحزب الشيوعي الإسباني، كما لو أننا لسنا بصدد أعتى قوة إمبريالية على كوكبنا بل أمام "صبيِّة" تعرضت "للإغواء" وتنتظر من الأحزاب الشيوعية وضعها على"طريق الصواب" لـ "الحفاظ على القانون الدولي". أي هذا "القانون" الذي يضفي الشرعية اليوم على التدخلات الإمبريالية و يكلف منظمة الناتو الإمبريالية بفرضه في حالات مختلفة. حيث من المؤكد أن من الصعب توقع شيء مختلف من حزب انغمس في التيار الانتهازي للشيوعية الأوروبية لعقود، و تخلى عن المبادئ الثورية، و ينظر للدولة والقانون بنحو غير طبقي و هو الذي انزلق اليوم إلى إدارة الرأسمالية في بلده.

هذا و لم تغِب محاولات إيجاد نصوص بيانات مشتركة، لا توقَّع فحسب من قبل أحزاب شيوعية و عمالية، بل و أيضاً من قبل ما يسمى بقوى "اليسار" الأخرى، والتي تظهر على سبيل المثال، متضامنة مع شعب فنزويلا و ضد الخطط الأمريكية، لكنها تدعم في نفس الوقت خططاً مماثلة، خاصةً من جانب الاتحاد الأوروبي الإمبريالي.

بل و كانت هناك محاولات من قبل أحزاب شيوعية للتوقيع على نصوص مشتركة ليس فقط مع قوى "يسارية" برجوازية، ولكن حتى مع قوى سياسية يمينية. فباسم "إنقاذ البشرية"، أو احترام "القانون الدولي". بذلت محاولة مماثلة بشأن مسألة الوباء من قبل الحزب الشيوعي الصيني. و وفقا لكلام أندريه كليموف، عضو مجلس الشيوخ وعضو رئاسة حزب يمين الوسط "روسيا الموحدة"، فقد كانت تلك مبادرة مشتركة بين الحزبين الحاكمين في الصين وروسيا، و التي قيل أنها وقعت من قبل أكثر من 200 حزباً من جميع أنحاء العالم. على الرغم من أن القائمة الكاملة لم يتم نشرها رسمياً أبداً، إلا بعض التقارير الإعلامية ذات الصلة تقول أن من بين هذه الأحزاب الكثير من الأحزاب البرجوازية من آسيا وأفريقيا والأمريكيتين و صناع السياسات الذين يخدمون مصالح رأس المال والمسؤولين عن سياسة تسليع الصحة، و اقتطاع الإنفاق على النظم العامة وما إلى ذلك. و في كل حال فإن التموضع المشترك المذكور لا يحتوي على إشارة إلى الهمجية الرأسمالية، أي إلى سبب الوضع الذي يخلق عواقب وخيمة ضد الشعوب، ولا يحتوي بالطبع على أهداف ضرورية للصراع من أجل تطوير العمل المشترك. كيف من الممكن لذلك أن يحدث؟ ففي الصين، سادت علاقات الإنتاج الرأسمالية منذ سنوات مضت، وروسيا اليوم هي عبارة عن نتاج الثورة المضادة و إعادة تنصيب الرأسمالية.

و يبدو أن من بين الأحزاب التي وقعت على هذا النص، أيضا أحزاب شيوعية تتحمل بطبيعة الحال مسؤولية خياراتها. ولكن من المهم أن العديد من الأحزاب الشيوعية قد تموضعت بشأن الصين و روسيا الحالية، اللتين تلعبان الآن دوراً مهماً في "الهرم" الإمبريالي العالمي، ساعة احتدام تناقضاتها الإمبريالية البينية مع الولايات المتحدة.

و مما سبق يتضح عدم امتلاك كافة محاولات إصدار بيانات مشتركة لكافة المقدمات الضرورية لاعتبارها إسهاماً في تعزيز الحركة الشيوعية الأممية. حيث نعتاد القول في حالات مماثلة "ليس كل ما يلمع ذهباً".

عن أهمية تسجيل أهداف الصراع المشترك

يمكن للشيوعيين من بلدان ومناطق مختلفة خوض معركتهم في كل بلد على حدة. و قد تبقى مقارباتهم مختلفة لمسائل ذات أهمية استراتيجية، ولكن للمحاولة الجماعية أهميتها الخاصة و لواقعة طرح الغرض المشترك في بيانات مشتركة و هو: إسقاط الهمجية الرأسمالية، وبناء مجتمع اشتراكي شيوعي جديد. و في الحاصل، ينبغي أن نجرب كل شكل ممكن من أشكال التعاون والتنسيق في ظروف الوباء، وأكثر من ذلك بكثير الشكل المجرب والمختبر للبيانات المشتركة، التي تعكس الخلاصات المشتركة، و أهداف الصراع التي تساهم في العمل المنسق على المستوى الأممي لصالح الطبقة العاملة.و الشعوب.

إليسيوس فاغيناس

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني

و مسؤول قسم علاقاتها الأممية

نُشر في صحيفة "ريزوسباستيس" بتاريخ 23|5|2020

[1] ف. إ. لينين: ما العمل، المختارات، المجلد 2 صفحة 35