ابن سينا في تاريخ ثقافة العالم


مالك ابوعليا
2020 / 12 / 7 - 13:55     

كاتب المقالة: الماركسي السوفييتي محمد سيف الدينوفيتش عظيموف*

الملاحظات والتفسير بعد الحروف الأبجدية بين قوسين (أ)، (ب)... هي من عمل المُترجم

ترجمة مالك أبوعليا

"لا يهتم التأريخ الفلسفي بفهم شخصية الفيلسوف وحتى سماته الروحية في طريقة كلامه وتركيز وصورة نظامه،أو أقل من ذلك، تصفيفة شعره. ان اهتمامه ينصب على التمييز بين مُحددات نظامه الفلسفي والتبلورات الفعلية من البراهين والحُجج التي تسود فيه، والعرض الذاتي للفلاسفة كما يُعرّفون أنفسهم. ان مهمته التمييز بين بذرة جوهر فلسفته المُتقدمة بصمت، وما هو خطابي وظاهر وذاتي للذات"(أ).
كارل ماركس

ان الارث النظر ي لابن سينا، الذي تضمّن بابداعه جميع الفروع الأساسية للمعرفة في العصور الوسطى وترك بصمةً لا تنضب على كلٍ منها، هو ارث هائل ومتعدد الأوجه. ومع ذلك، سنحاول في هذا المقال كشف واثبات جوهر وأهمية الانجازات الفكرية لابن سينا كفيلسوف.
كما نعلم، لم تُولد الأنظمة الفلسفية مثل اثينا (منيرفا) من رأس زيوس. انها، كقاعدة عامة، نتاجات للتطور الفكري السابق لها، وان تاريخ الفلسفة العربية الكلاسيكية باللغة الفارسية ليس استثناءاً لذلك. لقد كان لها مصدران ايديولوجيان قويان: التقاليد الثقافية للعصور الهندية-الايرانية من ناحية، والتقاليد اليونانية-الرومانية، من ناحيةٍ أُخرى.
شَهِدَ القرنان السابع والثامن تاريخ تأسيس ثقلفة الخلافة العربية على انه "عصر الترجمة". خلال تلك الفترة، حدثت عملية استيعاب مُكثّفة لأفكار واكتشافات فلاسفة وعلماء الطبيعة في اليونان القديمة من قِبَل شعوب الشرقين الأدنى والأوسط. تم نشر أعمال أفلاطون وأرسطو وأرخميدس وغالينوس على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء المنطقة العربية والاسلامية، من آسيا الوسطى وايران الى شمال افريقيا وشبه جزيرة البرانس. بالتوازي مع ترجمة التراث السوري-اليوناني المكتوب، كان هُناك ايضاً نشر نَشِط للأدب الهندي العملي والطبيعي والفلسفي الابداعي القديم. كان التأثير الايديولوجي للثقافة الايرانية القديمة قبل الاسلام محسوساً، بشكلٍ مُباشرٍ وغير مُباشر، على مُجمل تطور الفلسفة الشرقية في العصور الوسطى. تُقدّم أعمال يفغيني بيتيلز Yevgeny Bertels وبراجينسكي I. S. Braginskii وكوربن A. Corbin، وموين M. Muin وجورج مايكل ويكينزGeorge Michael Wickens وسُهيل أفنان Soheil Afnan وغيرهم من العُلماء، دليلاً واضحاً على انه خلال فترة القرون الوسطى الشرقية، أسس كُلٌ من الفلاسفة والأفراد والمدارس الفلسية، أنفسهم، على التقاليد الزرادشتية السابقة.
من وجهة النظر التاريخية العامة هذه، فان الاستيعاب الابداعي لحكمة اليونان القديمة هو مُجرد مُستوى من المستويات المُتعددة، وان كان مُستوىً مُرتفعاً، على طول مسار صعود الفكر الشرق أوسطي، الى حد بلوغ حدود سمات ادراكه الخاصة به.
لو قُمنا بتحليل تعاليم كلاسيكيات الفلسفة العربية ذات اللغة الفارسية على خلفية التُراث الايديولوجي للماضي وقُمنا بتقسيمها الى مُكوناتها (وهي "المُهمة" التي ينجذب اليها بعض الباحثين الذين ينتشون بايجاد "الاستعارات" ولا يرون من الغابة سوى الأشجار الفُرادى، أي المهتمين بالتفاصيل على حساب المهمة الأساسية)، لو قُمنا بذلك، فانه من السهل اكتشاف أنه لم تكن كُل الأفكار التي طورتها جديدة، وأنه تم التعبير عن بعضها بالفعل، بشكلٍ أو بآخر، من قِبَل مُفكري اليونان أو الهند القديمة. هذا هو بالضبط عامل الاستمرارية التاريخية، الذي يخلق للوهلة الأولى انطباعاً بأن هناك مُجرد اعادة صياغة وتكرارا لما هو معروف بالفعل. ان الارتباكات المنهجية التي ارتكبها كل اولئك الفلاسفة من هيغل الى راسل، والذين أثبتوا أنهم غير قادرين على تقديم تقييم موضوعي تاريخياً للفكر الفلسفي لشعوب الشرق في العصور الوسطى، كان مصدرها، عدم الكفاية المعرفية، والمركزية الثقافية الأوروبية.
أين تكمن أصالة وابداعية الفلسفة العربية الكلاسيكية ذات اللغة الفارسية على وجه التحديد؟ أين يكمن معناها وأهميتها في تاريخ الثقافة؟ قبل الاجابة على هذه الأسئلة، دعونا نستعرض ملاحظتين منهجيتين عامتين.
أولاً، لا يُمكن الحُكم على أصالة نظام فلسفي مُعيّن بالقياس على أنظمة المعرفة الخاصة التي يكون المعيار الرئيسي فيها هو حداثة المُشكلات والأساليب والحلول التي تطرحها. ان تاريخ الفلسفة هذا ليس تاريخاً للحلول المُتتالية للمشاكل التي تبرز بشكلٍ جديد وتراكماً مُناظراً للمعرفة الايجابية عن العالم. تكمن احدى السمات المُميزة للفلسفة كشكل من أشكال النشاط النظري في حقيقة أن عدداً من المُشكلات التي صيغت في فترات سابقة، تنتقل من عصرٍ الى آخر، ولا تجد في هذا الانتقال الى العصور اللاحقة حلاً لا لُبس فيه. علاوةً على ذلك، قد يتم الكشف عن صعوباتٍ جديدة وحتى مُفارقات في طرح هذه المُشكلات الفلسفية أثناء التطور اللاحق للفكر الفلسفي نفسه(ب).
ثانياً، واجه الفلاسفة الشرقيون الذين بدأوا في انشاء أنظمة فكرية جديدة مشاكل نظرية حول النظرة الى العالم في ذلك الوقت. كان عليهم أن يحلّوا مسائل مُختلفة عن تلك التي حلّها مُفكروا الثقافة اليونانية والرومانية الكلاسيكيون، على الرغم من أن انجازات هؤلاء الأخيرين لعبت دوراً في تشكيل مُنعطفٍ جديد في في السياق العام الأكبر لتطور العلوم والفلسفة العالمية التي يُمثلها مُفكري العالم الشرق أوسطي. وفقاً لطبيعة هذه المهام التاريخية الجديدة والمستوى الجديد لتطور المعرفة العلمية (وفي الشرق في العصور الوسطى، أحرز عددٌ من فروع المعرفة العلمية الطبيعية، لا سيما الرياضيات والمكيانيكيا والطب تقدماً كبيراً)، فان هذه الفلسفة استحوذت أيضاً، على سبيل المثال، واستوعبت منطق وميتافيزيق أرسطو، وكذلك تعاليمه السيكولوجية والأخلاقية.
هذه هي التُربة التي أُقيمَت عليها البُنية الرائعة للفكر العلمي الفلسفي والطبيعي لابن سينا.

***

لم تكن التعاليم الفلسفية لابن سينا مُتجانسة. لقد تشكّلت في جوٍ اجتماعيٍ مُعقد، في ظل الظروف الايديولوجية الرجعية للدين الاسلامي، والذي كان مُعادياً للابداع العلمي مثله مثل المسيحية أو أي شكل آخر من أشكال الأديان التوحيدية.
التحم تيارين مُختلفين-الميتافيزيقي والعلم طبيعي- في أعمال ابن سينا. هذا لا يعني بالطبع، أن تعالميه الفلسفية كانت انتقائيةً وتلفيقيةً في الأساس وبأنها تكونت من فُسيفساء مفاهيمية تفتقر الى التماسك الداخلي. بالنسبة لتعاليم العصور القديمة الفلسفية، والتي كان ابن سينا بمثابة وريثٍ ومُطوّرٍ لها، فانها غالباً ما حَمَلَت بصمة الصراع بين الاتجاهات غير المتوافقة. كان هذا هو الحال على وجه التحديد فيما يتعلق بتعاليم أرسطو، والتي، وفقاً لتقدير لينين المعروف جيداً، جمعت بين الاتجاهين المثالي والمادي(1).
اذا أخذنا في الاعتبار، كما تتطلب المنهجية الماركسية، الظروف الاجتماعية الثقافية الملموسة التي تنشأ فيها أي فلسفة وتتطور وتؤدي وظائف منهجية وايديولوجية مُعينة، فمن الضروري أن نُميّزالحدود داخلها، بين الاتجاهات التي تُعبّر عن نزعاتها التقدمية وتُحفّز التفكير الحُر وتُعمّق فهم الطبيعة والانسان وتُحفّز المزيد من التطور الثقافي على الرغم من حدودها التاريخية من جهة، والنزعات التي تُعزز القُوى الاجتماعية المُحافظة، من ناحيةٍ أُخرى.
عند رَسم هذه الحدود، علينا أن نُقيّم فلسفة ابن سينا على أنها تقدمية بعمق، على الرغم من أن تجاهل تأثير التعاليم المثالية عليها، مثل الأفلاطونية الجديدة بمفهومها عن الذكاء المُتعالي غير المادي الخارج عن الزمان والمكان والذي يُنظَر الى انبثاقاته على أنها في نظامٍ مُنحَلّ بما يتناسب من كمال الروح الفردية التي تجد جوهرها في الذكاء، ان تجاهل هذا سيكون تراجعاً عن الحقيقة التاريخية.
كان هذا الاعتبار الأفلاطوني الجديد لجوهر روعي غير مُتجسّد "يسود في كل شيء"، في أهميته كفكرة فلسفية، مُتطابق مع نظرية أفلاطون عن مبدأ أول لكل ما هو موجود، ومع نظرية أرسطو عن المُحرّك الأول-العقل الأسمى، الذي "يُفكّر بما هو أسمى وأكثر قيمة، ولا يتغير"(2). كان ابن سينا، في آرائه الانطولوجية، بلا شك، تحت تأثير هذا الخط المثالي في الفلسفة الذي بموجبه يكون المُحرّك الأول للوجود هو شيء ما روحي، هذا الخط المُعبّر عنه في كُلٍ من نظرية المبدأ الأول والفيض Emanations ومفهوم المُحرّك الأول جعل من المُمكن موائمة التقليد المثالي في الفلسفة مع العقيدة الاسلامية، وتجنّب الاصطدام مع الايديولوجيا السائدة. ومع ذلك، كان لا مَفَرّ من هذا الصِدَام. كان لا بد أن ينفجر، وقد حدث هذا بحكم حقيقة أنه، الى جانب نقاط الاتصال بالعقيدة الرسمية، كانت هناك خلافات من حيث المبدأ. كانت هذه الخلافات تحديداً هي التي حدّدت المواقع الأكثر تقدميةً لابن سينا، مُقترحةً مُستقبلاً واعداً للعلم بتأثير أفكاره فيما يتعلّق بمشاكل فروع المعرفة المُختلفة الملموسة، وقبل كُل شيء التعاليم حول البشر وقُدراتهم والاتجاهات التي يُمكن أن يُبدعوا فيها.
لا يُمكن النظر الى تطوّر هذه التعاليم من وجهة نظر توسّع المعارف التجريبية فيما يتعلق بالواقع، الناتج عن نجاحات العلوم الطبيعية، واستخلاص معلومات جديدة لم تكن معروفة لعلم اليونان القديمة في مخزون المعرفة العلمية. تجب الاشارة أيضاً الى الحاجة الاجتماعية والثقافية المُتزايدة لمنهجية في العلوم الطبيعية أثارها تقدّم العلوم الخاصة. تتوافق فلسفة ابن سينا مع روح عصره. لقد طَرَح فكرة أن الطبيعة أولية ولا يمكنها أن تفنى (لها نفس الطبيعة الأبدية مثل الألوهية نفسها)، وأن قوانينها لا تتغير بشكلٍ تعسفي، ويُمكن التوصل اليها على هذا النحو بالادراك البشري، وأن الروح تحكمها أنشطة الجسد، وخلودها الفردي مُستحيل، وعدد من الأفكار الأُخرى التي تتعارض مع العقائد الاسلامية التي تقف عقبة في وجه التقدّم العلمي.
ان الجزء الأكثر أصالة من التراث الفلسفي لابن سينا هو نظريته عن الوجود. انه ليس بدون سبب يُطلَقُ عليه "فيلسوف الوجود". ان الحد الفاصل الذي رسمه ابن سينا بين الوجود الضروري (واجب الوجود) والوجود المُحتَمَل، أي الوجود بالضررورة بسبب طبيعته الخاصة (أي شيء لا يُمكن أن يكون غير موجود)، والوجود الموجود بسبب الوجود الآخر، والذي يُصبح في النهاية حداً فاصلاً بين الجوهر (الماهية) والوجود، هو انجازه الأصيل في الفلسفة، والذي بدوره، يبدو أنه كان المصدر الايديولوجي لعدد من المفكرين الأوروبيين منهم سيغار دو برابانت Siger de Brabant الى سبينوزا.
تأسست أنطولوجيا ابن سينا على حلٍ مثاليٍ للمسألة الأساسية في الفلسفة. الموجود بالضرورة (واجب الوجود)، أي الوجود الحتمي هو جوهر (ماهية) روحي، انه خير محض، وحقيقة خالصة وعقل خالص. ان الموجود بالضرورة عند ابن سينا يُذكّرنا الى حدٍ ما بـ(الخير) "الواحد" لأفلاطون وأفلوطين و"المُحرّك الأول" لأرسطو. ان الموجود المُمكن هو الطبيعة والعالم المادي بكل تنوعه. هناك علاقة بين السبب والنتيجة، بين الموجود بالضرورة والموجود بالامكان. ان الواحد، الموجود بالضرورة (واجب الوجود) يُحدد الموجود بالامكان. بالاضافة الى ذلك، هذه العلاقة ثابتة. القضاء على السبب يؤدي الى القضاء على النتيجة. ان نزعة ابن سينا الحتمية في فهمه للعلاقة بين الروح والطبيعة تؤدي حتماً الى افتراض خلود الطبيعة، حيث أن الفعل المُسبب هو الروح، وهي أبدية. هذا لا يعني أن ابن اسينا كان ثُنائياً في الفلسفة، كما يزعم بعض طُلّاب تعاليمه الفلسفية. ان فلسفة ابن سينا، في مبدأها الأولي، في انطلاقتها، هي فلسفة أُحادية مثالية يتم فيها التأكيد على الدور الابداعي للروح الأعلى.
لكن مثالية ابن سينا، مُقارنةً بأشكالٍ أُخرى من المثالية، وحتى أكثر، مُقارنةً مع اللاهوت الاسلامي وعلم الكلام، هي أكثر موضوعية وأكثر عقلانية وتنفصل عنهما في كثيرٍ من النواحي. وفقاً لابن سينا، فان الموجود بالضرورة لا يخلق العالم، بل يفيض منه. أضف الى ذلك وصف ابن سينا الفيض نفسه بأنه عملية تتحقق بحُكم بعض الضرورة، وليس بسبب الارادة التلقائية للمبدأ الأعلى.
برأينا، يكمن المعنى العقلاني لنظرية الفيض، بالشكل الذي طوره بها ابن سينا، في حقيقة أن التطور الذاتي للطبيعة تم تخمينه فيها، وان كان في شكل صوفي (أي ضد تعاليم القرآن عن خلق العالم من العدم). في وصفه للدرجات المُختلفة من توالي عملية الفيض في ترتيبٍ تنازلي، يصل ابن سينا الى وصف واقعي لتطور الطبيعة: ظهور عالم المعادن، وانتقاله الى عالم النباتات، ثم الى عالم الحيوانات، ومن ذلك وصولاً الى عالم الكائنات العاقلة.
تظهر النزعة المادية في فلسفة ابن سينا بشكل أكثر وضوحاً في تلك التقسيمات التي تكمن فيها مسألة العلاقة بين المادة والشكل. كما نعلم، لم يكن أرسطو قادراً على التغلّب تماماً على الفصل الأفلاطوني للمادة عن الشكل. وبينما كان يؤكد على وحدة المادة والشكل في الأشياء التي صنعها الانسان، الا أنه قَبِلَ الانفصال بينهما في الأشياء الموجودة في الطبيعة. ومع ذلك، رأى ابن سينا أن وحدة المادة والشكل لا تكمن فقط في الأشياء الاصطناعية، بل أيضاً في الطبيعة.
بقدر ما يتعلق الأمر بمكانة المادة في نموذج نشوء العالم الذي رسمه ابن سينا، فهي تُفهَم على أنها موضوع امكانية كل الواقع، وهي تقع خارج عملية الفيض العامة، وهي، في جوهرها، تكتسب مكانةً انطولوجية مُستقلة(3).
ابن سينا أكثر اتساقاً من أرسطو أيضاً في التفسير المادي لجوهر الحركة والمكان والزمان. في حين جادل أرسطو في الطابع الموضوعي العام للمكان باعتباره الحدود التي يشغلها أي جسم، وفي نفس الوقت اعتبره حقيقة مُستقلة، رأى ابن سينا أن امتداد المكان (الحيّز) والجسم مُتطابقان في الطبيعة. وفقاً له، لا يُمكن للأجسام أن تتواجد خارج المكان. كما لا يُمكن تصوّر الامتداد المكاني (الحيّز) خارج الأجسام، ولا يمكن أن يكون هذا الا في الخيال(4).
وفقاً لابن سينا، فان الزمان أيضاً موضوعي في طبيعته وموضوعيته نابعة من موضوعية الحركة والتغير. يتبنى ابن سينا، في هذه المسألة أيضاً، موقفاً مادياً أكثر ثباتاً من أرسطو. طالما أن العالم أزلي وأبدي، فان الزمان أيضاً أزلي وأبدي وليس له حدود. تبعاً له، اذا كان للوقت حد، اي اذا كانت له بداية في الماضي فلا بد أن يكون هنالك شيءٌ ما سبق هذه النقطة، واذا كانت له نهاية، فلا بدّ أن يتبع هذه النقطة شيءٌ ما"(5). كاد ابن سينا، أن يصل الى فهم أن الحركة والزمان والمكان هي خصائص لا تنفصل عن المادة، وتختلف عن بعض خصائصها الأُخرى (على سبيل المثال، السواد والبياض، الخشونة والنعومة، الخ).
فيما يتعلّق بمسألة بُنية المادة، كان ابن سينا من مؤيدي أرسطو ورَفَضَ النظرية الذرية، وكانت هُناك أسباب لذلك. بادئ ذي بدئ، فان النظرية الذرية، كما أكد س. ن. فافيلوف، كان لها افتراض ميتافيزيقي على شكل وجود فراغ كشرط ووسط لحركة الذرات(6). كمُنظّر للمنطق، لم يستطع ابن سينا أن يتصالح مع فكرة وجود الفراغ. لقد أضاف الى حُجّة أرسطو ضد الفراغ أفكاراً جديدة، طارحاً حُججه الابستمولوجية الخاصة.
كانت نظرية ابن سينا في المعرفة، المادية في اتجاهها الأساسي وذات الأساس المتين في العلوم الطبيعية، ذات قيمة هائلة لتطور الفكر الفلسفي. بدون أن يشك في أن الموضوع المُدرَك يتمتع بوجودٍ موضوعي، فانه قد اعتبر الادراك نفسه انعكاساً لصور الأشياء في مشاعر وذكاء الفرد المُدرِك. يقول: "من وجهة نظري، فان تحصيل المعرفة يتكوّن من اعادة انتاج صورة الادراك بواسطة الموضوع المُدرَك بطريقة خاصة. اذا كان ما يتم ادراكه شيئاً مادياً، فان الادراك ينشأ فوراً من استخلاص المُدرَك من المادة"(7).
يؤكد ابن سينا في تجسيده هذا الفهم لجوهر الادراك الذي طوّره: "من وجهة نظري، فان معنى عبارة "لقد شعرت شيئاً في الخارج" أن شيئاً ما قد تشكّل في أحاسيسي. ومعنى تعبير "شعرت في روحي" هو أن صورة الشيء تشكّلت في الروح"(8). لكن هذا المُفكّر رأى أنه لا يُمكن أن تُصاغ الأشياء في مشاعر وعقل مُعيّنين الا اذا امتلكت هذه الأشياء خصائص وسمات موضوعية تُثير أحاسيس مُعينة على القوى الادراكية.
وبالتالي، فان المبادئ الأولية لنظرية ابن سينا الابستمولوجية تختلف عن نظرية أفلاطون وعن المبادئ الابستمولوجية اللاهوتية للفلاسفة المتكلمين. ان اطروحة ابن سينا القائلة بأن الأشياء تُثير الاحساسات اذا كانت تمتلك صفات وخصائص موضوعية وتؤثر على القوى الادراكية للانسان، موجهة ضد موقف المدرسة التي ترى أن خصائص وصفات الأشياء هي مُجرد حالة سلبية للمشاعر نفسها. كتب ابن سينا أن"مما يلفت النظر هو جهل هؤلاء الناس بحقيقة أن الأشياء لا يُمكن ادركها الا عندما يتم ادراك ألوانها وطعمها أو رائحتها أو غيرها من صفاتها، وأن الشيء الذي يفتقر الى الصفات لا يُمكن الشعور به أو ادراكه"(9).
انعكس عدم اتساق ابن سينا في المسائل الابستمولوجية في حقيقة أنه اعتبر الادراك هو نتيجة تلاقي النفس الانسانية بالعقل النَشِط: عندما تتصل النفس بالعقل الفعّال، تنعكس فيه صورة الأشياء، ويصير الانسان عارفاً بها. ان طرح المُشكلة هذا يجعل أي مُعالجة علمية مادية وطبيعية لها أمراً ليس هيناً في نظرية ابن سينا الابستمولوجية. لكن ليست هذه هي النزعة الأساسية. ما هو الأكثر أهميةً فيها هو فهم الادراك باعتباره انعكاساً للعالم الحقيقي، وهو ما تؤكده تعاليم هذا المُفكر حول المعرفة الحسية والعقلانية.
في أعمال ابن سينا، يتم ايلاء الكثير من الاهتمام لتحليل المسائل الابستمولوجية المُهمة مثل المعرفة المُباشرة والمُتوَسّطة وحقيقة المعرفة ودور الحدس في المعرفة. عند تحليل مسألة الحدس، على وجه الخصوص، يتوصّل الى فهم جديد له: الحدس ليس استيعاباً مُباشراً للحقيقة من خلال المشاعر (كما جادل الايليون) أو من خلال العقل (فكرة ديموقريطوس)، ولكنه ادراك انساني أعلى معصوم عن الخطأ. انه القدرة على اكتشاف سريع لمدى القياس المُتوسط دون تلقي أي تعليمٍ أو اجراء اي بحث"(10).
قدّم ابن سينا مُساهمةً مُهمة في تطوير المعرفة العلمية الفلسفية من خلال منهجهه في التفكير. أسهم منهجه العلمي العقلاني التحليل-التركيبي في التفكير فيما بعد بتزويد التفكير المُتقدم في أوروبا بدفعةً قويةً. استوعب ابن سينا منطق أرسطو في ظل ظروف تاريخية وثقافية جديدة، مُعتبراً اياه بمثابة تطبيق للادراك العلمي ووسيلة للوصول الى الحقيقة وأداة في يد البشر يخدمهم في التفكير كمقياس يمنع الأخطاء والالتباسات المُحتملة. على عكس العديد ممن سبقوه، اعتبر ابن سينا المنطق ليس فقط فناً للتفكير ولكن اعتبره علم قبل كل شيء. في هذا الصدد قام بتطوير أفكار أرسطو وأولى اهتماماً خاصاً لتعريف موضوع المنطق. يؤكد ابن سينا أن المنطق هو قبل كل شيء علم قوانين وأشكال الفكر المُستمدة من طبيعة الأفكار نفسها بغض النظر عن مُحتواها المُحدد. انه علم الحقيقة الذي يدرس أشكال الافتراضات وعمليات الاثبات. مطلوب من الباحث المُتعلّم أن يكون على دراية بالمنطق من أجل تمييز الصحيح عن الكاذب، والمعارف الحقيقية من تلك التي تبدو فقط صحيحة، والمعارف من الآراء المشكوك فيها. التفكير المنطقي ضروري بشكلٍ خاص في تلك الفروع العلمية التي تتطلب الوضوح والدقة وعدم التناقض والاتساق(11). تتميز أعمال ابن سينا نفسها بهذه السمات. يؤكد جميع طُلّاب ابن سينا على مساهمته الكبيرة في تطوير المنطق. لوحظ هذا في وقتٍ مُبكرٍ من القرن الثالث عشر من قِبَل روجر بيكون Roger Bacon. وفي يومنا هذا كان هذا رأي ايميلي ماري جويشون Amélie Marie Goichon. برأيها، تجاوز ابن سينا ارسطو في مجال المنطق(12). وفي الحقيقة، أظهر ابن سينا أصالةً في حله لعدد من المسائل المُتعلقة بالمنطق، و يُمكن للمرء أن يستشهد بعددٍ من الأمثلة التي تشهد على ذلك. غالباً ما دحض عدد من الافتراضات الخاطئة عند أرسطو وسابقيه، وقدّم بدلاً عنها تفسيره الأصلي لها(13).
في هذا الصدد، من الضروري التعامل مع تفسيرٍ خاطئٍ واحد لنظرية ابن سينا الابستمولوجية سائدةٍ في الأدب. نُشير الى الفكرة المنسوبة اليه بأن الكُليات لها وجود ثُلاثي: 1- ما قبل الأشياء، في العقل الالهي. 2- في الأشياء. 3- ما بعد الأشياء (في العقل البشري). ومع ذلك، فان الالمام بالمصادر الأصلية، يُظهر لنا، أنه، على الأقل، من جانبٍ واحد (وجود الفكرة العامة قبل الأشياء) أن هذا لا ينطبق على ابن سينا. في عمله (كتاب المعرفة) يقول بوضوحٍ شديد: "يعتقد الكثيرون أنه من الممكن ان يوجد بالفعل جوهر حقيقي-انسانية أو سواد- الموجود بالفعل في عددٍ لا حصر له من الأشياء... هذا الكُل الذي هو واحد وينتمي الى أشياء كثيرة لا وجود له بالطبع الا في خيال الانسان أفكاره"(14).
لن يكون من المُبالغة وصف ابن سينا بأنه الشاعر الفلسفي لمبدأ السببية الكُلية، التي تتغلغل جميع أعماله في العلوم الطبيعية، ولا سيما كتابه (القانون في الطب). حاول ابن سينا ايجاد الأسباب الطبيعية حتى للظواهر "الخارقة للطبيعة"، واثبات أنه يُمكن ادراكها بلغة القواعد المعروفة. انطلاقاً من هذا المبدأ على وجه التحديد، رفض علم التنجيم تماماً باعتباره علماً زائفاً، وصنفه بانه شعوذة وشامانية.
اقترب ابن سينا من صياغة المبدأ التطوري Evolutionary للتطور. تشهد نظريته الجيولوجية على أن هذا المُفكّر العالم أيد فكرة التطور (قشرة الأرض)، وقام مع البيروني بالكثير لتقديم تبرير علمي لها. لم يكن لنظرية ابن سينا الجيولوجية أهمية نظرية علمية بحتة فحسب، بل كان لها أهمية من جانب النظرة الى العالم. لقد وجّهت نظرته ضربةً قاصمةً لفكرة الخلق الاسلامية، التي أنكرت التطور الذاتي للطبيعة.
أخيراً يجب أن تُقال بعض الكلمات عن العناصر "الصوفية" عند ابن سينا. ان مسألة موقف ابن سينا من التصوف هي موضوع مناقشة نشطة في الكتابات الغربية حول تاريخ الفلسفة والدين. يتفق الجميع الى حدٍ ما على أنه كان صوفياً. يعتقد البعض أنه كان مُتصوفاً بالمعنى الاسلامي التقليدي، بينما يعتقد الآخر أنه كان كذلك بمعنىً غير تقليدي، وبذلك يستشهدون بأقسام من كتابه (التعاليم والوصايا)، وكذلك سلسلة ما يُسمى بأعماله الباطنية، ولا سيما عمله (حي بن يقظان). ولكنهم ينسون الشيء الأكثر أهميةً: لم يكن ابن سينا فيلسوفاً وحسب، بل كان عالماً طبيعياً وطبيباً، وكان من الممكن، بصفته باحثاً في مسائل الطبيعة، أن يكون مُهتماً بالممارسات الصوفية وغيرها من وجهة نظر علمية صرف. في نهاية كتاب (العاليم والوصايا)، يحاول ابن سينا تحديداً الوصول الى تحليل علمي لجوهر عمل المُعجزات لدى "المتصوفين" و"القديسين". في هذا الصدد، يُمكن للمرء أن يتفق تماماً مع الاستنتاجات النهائية لأحد أوائل الباحثين السوفييت في كتابات ابن سينا أ. بوغوتدينوف A. M. Bogoutdinov الذي كتب: "لا يُمكن اعتبار ابوعلي سينا صوفياً. حتى في تلك الكتابات التي يبدو فيها أنه على وشك التصوّف، فاننا لا نرى فيه كذلك. لم يكن يُمجّد التصوّف ولم يكن يمتلك (نشوة الدراويش)، بل كان يُحاول أن يُحلل علمياً الحالات النفسية التي يعتقد أن المتصوفة يصلون اليها، وانه يُمكن فعل ذلك. من المُميز أنه عند حديثه عن مُعجزات الشيوخ، اعتقد ابن سينا انها مُمكنة الحدوث، لكنه رأى أنها تبدو وكأنها مُعجزات فقط لان الناس لم يعرفوا ولم يكتسبوا معرفةً ببعض القوانين الطبيعية التي يُمكن بواسطتها تفسيرها".

***

يأخذ تاريخ الثقافة الانسانية شكل سلسلة طويلة، ترتبط كل حلقة منها بالحلقة التي تسبقها والحلقة التي تليها. ان الاستمرارية والتفاعل، هي المُحفزات لتطور هذه السلسلة.
قام الاغريق، في العصور الكلاسيكية القديمة، بتركيب التقاليد الثقافية التي كانت موجودةً قبلهم في وحدةٍ واحدة، بما في ذلك تقاليد الشرق القديم. وفي وقتٍ لاحق استعارت ثقافة روما القديمة العديد من العناصر الهيلينية وانجازات الشعوب الشرقية المقهورة. وُلّدَ ابن سينا، الى جانب مُفكري الشرق الأدنى والأوسط البارزين في فترة العصور الوسطى المُبكّرة، موجةً جديدةً من الحركة الثقافية. هذه الموجة، التي استوعبت المصادر التي غذّت الثقافات اليونانية والرومانية والهندية والايرانية القديمة، امتدّت من الشرق الى الغرب حتى اسبانيا، حتى وصلت في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الى جنوب فرنسا.
كما نعلم، بلغت هذه العملية أوجها خلال الحروب الصليبية. بدأت الثقافة التي قضى عليها البرابرة ودفعوها الى الشرق نحو بيزنطة، بالتسرّب مرةً أُخرى الى أوروبا. أثبتت ابداعات ابن سينا انها رابطٌ هام في استمرارية التقاليد الانسانية الواحدة. في الواقع، لم يُحفّز ابن سينا مزيداً من تطوّر العلوم والثقافة الشرقية وحسب، بل وأيضاً العلوم والثقافة الغربية. يكفي أن نقول أن كتابه (القانون في الطب) كان هو الكتاب المدرسي لأطباء أوروبا لمدة ستة قرونٍ كاملة، حيث على حد تعبير ايميلي جويشون، تم قبوله باعتباره الكتاب الطبي المُقدّس. كما أصبحت قصيدته الطبية (ارجوزة الطب)، المكتوبة باللغة العربية معروفةً عالمياً. لقد كانت في الأساس نُسخةً مُصغّرةً من (القانون في الطب). في وقتٍ مُبكّرٍ من القرن الثاني عشر، تمت ترجمة الارجوزة من العربية الى اللاتينية بواسطة المُترجم الايطالي الشهير جيرارد الكريمونيGerard of Cremona تحت عنوان (Canticum). لاحقاً ترجم ابن طيبون Judah ben Saul ibn Tibbon هذه القصيدة الى العبرية. طُبِعَ Canticum عدة طبعات في البندقية بين الأعوام 1520-1522 كمُلحَق لـ(القانون في الطب).
من المُناسب القول أن ابن سينا، سعى في (الارجوزة)، الى توحيد فنون الشعر والطب، وكان كلاهما بديعٌ بالنسبة له بالقدر نفسه. اعتبر ابن سينا الشعراء سادة الكلمة، والأطباء ملائكة الصحة. يجلب الأول الفرح للروح، والثاني يشفي الجسد بتفانيه وطيبته. اعتبر ابن سينا نفسه، بصفته انسانياً حقيقياً أن من واجبه أن يُعالج الروح والجسد معاً وأن يربيهما ويكرمهما. يُعتَبَر ابن سينا عند الشعوب الايرانية ليس فقط فيلسوفاً ومرجعاً طبياً فقط، بل شاعر محبوب. وبكل دقة، يُعتَبَر ابن سينا أحد أكثر كُتّاب الأدب الكلاسيكييين تكريماً وحظوةً في اللغة الفارسية، حيث كان مؤسساً لأشكال فنية-أدبية جديدة- القصة الفلسفية والشعر العلمي. يُمكن أن نضيف الى هذا، الحقيقة البليغة التالية: اعتبر عمر الخيّام استاذ المُنمنمات الفلسفية والرباعيات غير المسبوق، اعتبر نفسه تلميذ ابن سينا في كُلٍ من الشعر والفلسفة.
بقدر ما تحوّلنا الى مساهمات ابن سينا في مجال الأدب، فمن الضروري أيضاً أن نُلاحظ دوره في صعود آداب "حُبّ الغزَل أو الحب اللطيف" courtly love الأوروبي ومُثل المحبوب المُتعلقة بالفروسية، والذي تم تعظيمه الى مستوى الالوهية. ان افكار ابن سينا التي عبّر عنها في رسالته الفلسفية عن الحب تكمن في أساس الشعر التوباداري poetry of the troubadours، وأدب المينيسينجر الألماني minnesingers، والخدمة المتفانية للسيدة الجميلة، وولّدت، في نهاية العصور الوسطى مفهوم دانتي للحب. وليس من قبيل الصدفة أن يذكر دانتي اسم ابن سينا على أنه بين أعظم مُكري كل العصور والشعوب.
تغلغلت السينوية كنظرية فلسفية في أوروبا خلال نفس القرن الثاني عشر الذي تميّز بالترجمة المُكثّفة لكتابات مُفكري بلاد الشرقين الأدنى والأوسط العلمية. اضافةً الى ذلك، فان اللاهوتيين المسيحيين الفلاسفة، المُنخرطين في ذلك الوقت في توفير الأساس العقلاني للفكر الأوغسطيني، وجهوا انتباههم أولاً وقبل كل شيء الى العوامل الأفلاطونية الجديدة و"الصوفية" في تعاليم ابن سينا. ولكن في القرن الثالث عشر، اجتذب ابن سينا قائمةً طويلةً من المفكرين الأوروبيين المُنتمين الى الدوائر الاوغسطينية، مثل ألبرتوس ماغنوس وتوما الاكويني ودونس سكوت.

* محمد سيف الدينوفيتش عظيموف 1920-1996 فيلسوف طاجيكي سوفييتي وعالم ثقافة ومُستشرق ماركسي مُتخصص في الانطولوجيا والابستمولوجيا. تخرّج عام 1941 من الجامعة الأوزبكية وشارك في الحرب الوطنية العُظمى ضد النازية. انتسب للحزب الشيوعي عام 1945. منذ عام 1946-1952 نائباً لقسم لينين أباد في المعهد التربوي وعضواً في معهد ستالين أباد البوليتيكنيكي في الأعوام 1956-1962. صار عظيموف في الأعوام 1962-1965 وزيراً للتعليم الشعبي لجمهورية طاجيكستان السوفييتية وسكرتيراً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الطاجيكي ونائب رئيس مجلس الوزراء في نفس الجمهورية. ونائب رئيس مجلس السوفييت الأعلى 1970-1989 ونائب في مجلس القوميات في الدورة السابعة في الأعوام من 1966-1970. وكان رئيساً لجمعية الصداقة بين الشعوب والعلاقات الثقافية الأجنبية.
حصل على جائزتي لينين وجوائز سوفييتية أُخرى.
في 27 تموز عام 1996 أطلق عليه مجهولون النار وهو في طريقه الى العمل. ارتبط هذا الحدث الارهابي المأساوي بتداعيات الحرب الأهلية في طاجيكستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
من أهم أعماله: (نشأة وتشكّل الفكر الفلسفي) 1970، (مفهوم المادة ومُشكلة الواقع المادي)-اطروحة في الدكتوراة عام 1971، (ابن سينا وحضارة العالم) 1980، (التقدم التاريخي للدول الاشتراكية) 1987.

أ- المقالة لا تذكر مصدر هذا الاقتباس. وجدته في كتابات ماركس المُبكّرة:
From the Preparatory Materials: Notebooks on Epicurean Philosophy. Marx And Engels Collected Works, Vol 1, P506, Progress Publishers 1975
ب- يُمكن للقارئ أيضاً، أن يرجع لكتاب (تاريخ تطور الفكر الفلسفي، تيودور اويزرمان، ترجمة سمير كَرَم، الطُبعة الرابعة، دار الطليعة)، من أجل بناء تصوّر أعمق وأكثر توسعاً لسمات الفكر الفلسفي
1- دفاتر عن الدياليكتيك، فلاديمير لينين، ترجمة الياس مرقص، دار الحقيقة 1988، ص47
2- The Complete Works of Aristotle in one Volume, Digital Edition Edited by Jonathan Barnes, Princeton University Press 1984, P3650
3- أُنظر ما يقوله ف. سوكولوف: "لقد حدّد المُكوّن الأرسطي، بالاضافة الى انشغالهم بالعلوم الطبيعية، حدّد مُسبقاً عزل الفلاسفة الاسلاميين المادة خارج حدود عملية الفيض، مُعلنين اياها كامكانية شاملة، بلا يمكن أن يمحدث خارجها أو بدونها أي شيء. المادة، كما حددها ابن سينا، هي نقيض أحد التعاليم الرئيسية للأفلاطونية الجديدة- انها ليست النتيجة النهائية لانحلالالوحدة الالهية الأولى، وليست ظل العالم المثالي، وهي ليست شكل سلبي خارج جميع أشكال الوجود، ولكنها عُنصر ضروري تماماً لظهور أي وُجود مُحتمل".
(V. V. Sokolov, Srednevekovaia filosofiia, Moscow, 1979, pp. 250-51).
4- انظر الرسالة الأولى من كتاب: تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، ابي علي الحسين بن عبدالله بن سينا، ترجمة حنين بن اسحاق، الطبعة الثانية، دار العربي.
5- انظر الرسالتين الأولى والثانية. نفس المصدر.
6- S. I. Vavilov, Lenin i fizika, Moscow, 1960, p. 29
7- الفن السادس من الطبيعيات-علم النفس من كتاب الشفاء، ابي علي الحسين بن عبدالله ابن سينا، طبعات من التراث العربي الاسلامي، باريس 1988.
لم أستطع أن أُحدد أين يقع هذا الاقتباس.
8- نفس المصدر
9- راجع: أحوال النفس- رسالة في النفس وبقائها ومعادها، ابن سينا، دار احياء الكُتُب 1952
لم أستطع أن أُحدد أين يقع هذا الاقتباس
10- نفس المصدر
11- Ibn Sina, Danish-name, Stalinabad, 1957, p. 89
12- See A.-M. Goichon, Introduction 5 Ibn Sina. Livre des -dir-ectives et remarques, translated by A.-M. Goichon, P.-B., 1951
13- انظر ما يقوله ب. بيخوفسكي: "يجد ابن سينا اجابته الخاصة لكل مسألة يتم فحصها، ويخرج، في أشياء كثيرة، عن الحلول المُقدّمة في تحليلات أرسطو ويدحضها، ويُقدّم أحياناً تفسيره الخاص به".
B. E. Bykhovskii, "Filosofskoe nasledie Ibn Siny," Voprosy filosofii, 1955, no. 5, p. 139
14- Ibna Sina, Danish-name, p. 159
في البحث في أقوال ابن سينا، في كتاب تلميذه باخمنيار (الادراك)، بانه كان من الخطأ ان يُنسَب الى ابن سينا فكرة أن الكُليّات لها وجود ثلاثلي. توصّل ساجاديف الى نفس الفكرة
Bakhman iar all-Azerbaidzhani o nekotorykh osnovopolozheniiakh filosofii Ibn Siny," Voprosy filosofii, 1980, no. 5, p. 123
15- A. M. Bogoutdinov, "Epokha Abu Ali Sina i formirovania ego nauchnykh .vzgliadov," see in Ibn Sina, Danish-name, Stalinabad, 1957, p. 56.

ترجمة لمقالة:
Avicenna in the History of World Culture, Mohammad. S. Asimov, Soviet Studies in philosophy, 19:4, 54-69, 1981