مسرح الرباط الكبير والبنى التحتية في العراق!


طه رشيد
2020 / 12 / 7 - 09:42     

لا اريد ان اناقش التخبط في السياسة العراقية واسباب الخراب الذي حل بالبنى التحتية في بلدنا من صحة وتعليم وثقافة وكهرباء وصناعة وزراعة وغيرها من الخدمات، ولكني اود ان اشير الى ان بلدانا لا تمتلك ربع ميزانية العراق ولا تمتلك الموارد الطبيعية التي نمتلك، وميزانيتها اقل من ثلاثين مليار دولار ومع هذا تخصص ما يقارب ملياري درهم مغربي ( ما يقارب 181 مليون دولار ) لبناء مسرح وسط عاصمة بلادها، انه المغرب الجميل الزاخر بمهرجاناته الثقافية طيلة العام، ليعلن عن افتتاح مسرح الرباط الكبير، والمفاجأة الجميلة ان مصممة هذا الصرح الكبير هي المهندسة العراقية الراحلة زها حديد!
ارفع قبعتي وانحني لمن ساهم ببناء وانجاز هذا المَعْلم الذي سيبقى ذخرا للأجيال القادمة، وادناه نبذة مختصرة عن هذا الصرح:
المسرح الكبير للرباط هو مسرح يمتد على مساحة سبع هكتارات، وتم تشييده على ضفة نهر أبي رقراق، بمحاذاة معلمتين هما صومعة حسان وضريح محمد الخامس، وقد تطلب إنجازه استثماراً إجمالياً قدره مليار و677 مليون درهم، ويشتمل على مسرح يتسع لـ 7000 مقعد، وقاعة للعروض تتسع لـ 1900 مقعد، إلى جانب جميع المرافق الضرورية، ويهدف المسرح الكبير للرباط إلى تمكين مدينة الرباط كي تكون قطبا مخصصا للتنشيط الفني والترفيه، من شأنه احتضان التظاهرات الفنية الوطنية والدولية الكبرى وتحفيز بروز المواهب، لاسيما في أوساط الشباب. ويعتبر هذا المسرح جزءاً من البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط 2014 - 2018 "الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية"، والذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في 12 ماي 2014.

وضمن الميزانية السنوية تم تخصيص 47.5 مليون درهم (حوالي خمسة ملايين دولار أميركي) لدعم الصناعات الثقافية وتنظيم المهرجانات.
ويضاف إلى ذلك جانب آخر من التظاهرات الفنية يخضع لصلاحيات قطاع الاتصال، ويتعلق الأمر بالمهرجانات والملتقيات السينمائية التي تستفيد هي الأخرى بشروط مماثلة من برنامج الدعم العمومي، ويواجه كثيرا منها انتقادات من حيث ضعف البرنامج الفني وعجزها عن استقطاب الجمهور واختلالات إدارتها المالية.
وفي 2018، منحت اللجنة المختصة أكثر من 28 مليون درهم (ما يناهز ثلاثة ملايين دولار) توزعت بين 64 مهرجانا. علما ان عدد المهرجانات الفنية المحلية والدولية في المغرب يزيد على خمسمائة مهرجان!
بينما نحن في بغداد لم نستطع ان نقيم مهرجانا دوليا واحدا متميزا! والبنية التحتية متهرأة فلولا جهود بعض المخلصين الممثلة بالصديق د. احمد حسن موسى وكادر دائرة السينما والمسرح لما تم بناء مسرح اشور الصغير داخل بناية المسرح الوطني، ولا كان بالإمكان استعادة مسرح الرشيد الذي ما زال بحاجة الى اموال طائلة لاعادة تعمير بنايته، التي تضم اكثر من خمسة طوابق!
وما زالت ملفات الفساد في وزارة الثقافة العراقية تزكم الانوف! وها هي محكمة التمييز الاتحادية تحكم لصالح وزارة الثقافة في قضية مشروع دار الأوبرا بعد اثبات إخلال الشركة المتعاقد معها بشروط التعاقد. وجاء قرار التمييز لأنَّ الشركة المتعاقد معها أخلت بالتزاماتها التعاقدية فلا تستحق المبلغ الوارد في قرار محكمة الاستئناف ولا تستحق التعويض، وقد تأكد اخلالها بالتزاماتها. ولكن هل تم محاسبة هذه الشركة والمسؤولين عنها دار الاوبرا الذي كلف الدولة مليارات الدولارات!
من الجدير بالذكر أنَّ عقد إنشاء دار الأوبرا كان قد أبرم عام 2011 ورغم منح مدةٍ إضافيةٍ من قبل الوزارة للشركة إلا إنها بقيت متلكئةً، ولم تحقق تقدماً في إنجاز الأعمال المتعاقد على تنفيذها، مما حدا بالوزارة إلى سحب العمل من الشركة طبقاً للتشريعات القانونية النافذة، وهذا ما أيدته محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المنوه عنه. وهذه المعلومات صرح بها للصحافة مدير قسم الشؤون القانونية لوزارة الثقافة المشاور القانوني الأقدم كرم حسين حميد.
كانت السلفة التشغيلية لدائرة السينما والمسرح في بغداد تصل الى مائتين وخمسين الف دولار او ازيد قليلا سنويا في عام 2013، وبدأت تنخفض تدريجيا حتى وصلت الى الصفر في بحر 2015!! ونفس الشيء لميزانية الثقافة التي تتناقص سنويا حتى اصبحت تتمتع بالاصفار بعد الفارزة!
لكي نخطو خطوة الى الامام نحتاج الى سلطة تعتقد بأهمية الفن والثقافة والادب في بناء الانسان سوية مع الاوطان!