الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ -من السيد الرئيس الى السيد القائد- القسم الخامس


قاسم علي فنجان
2020 / 12 / 4 - 23:49     

((السيد مقتدى الصدر شخصية إسلامية ذات عمق تاريخي ويعمل من أجل مصلحة العراق وأنه ماض وجاد باتجاه إقامة الدولة المدنية)) رائد فهمي. سكرتير الحزب الشيوعي العراقي.
كتبت مجلة الحزب الشيوعي العراقي "الثقافة الجديدة" في عددها الحادي والخمسين لسنة 1973 ما نصه:
((تم في تمام الساعة السادسة والدقيقة الخامسة والعشرين من مساء 17-7-1973 في القصر الجمهوري التوقيع على بيان مشترك بين حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي أعلن فيه الحزبان عن اتفاقهما على ميثاق العمل الوطني وقواعد العمل في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية.
وقد وقع الرفيق احمد حسن البكر امين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي البيان المشترك ووقعه عن الحزب الشيوعي العراقي الرفيق عزيز محمد السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب.
وحضر مراسيم التوقيع الرفيق شبلي العيسمي الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي والرفيق صدام حسين نائب امين سر القطر وعدد من الرفاق أعضاء القيادتين القومية والقطرية وأعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي)) انتهى الاقتباس.
وتمر الأعوام والسنين، ويصبح رفاق الامس البعثيون أعداءً، وامبرياليين، وخدما للرأسمالية والصهيونية العالمية، ويضحى الرفيق صدام حسين جلادا وجزارا، ويهيم الحزب في ضياع وتيه، وتستمر رحلة بحثه عن المنقذ "السوبرمان" الوطني التقدمي، الذي سيملأ حياة الطبقة العاملة عدالة وانصافا وسعادة، كما مٌلئت استغلالا لفائض قيمتها؛ وقد التقى هذا الحزب الكثير من "الاخوة الأعداء" في رحلته المستمرة منذ ولادته 1934، فبعد الجبهة الوطنية التقدمية، وانسلاخه منها، وبعد مجازر كبيرة وكثيرة، ارتمى هذا الحزب بأحضان القوميين الكورد، والاسلاميين "الشيعة"؛ لكن الرفيق جلال الطالباني هو الاخر ارتكب بحقهم مجزرة عظيمة "بشتآشان"؛ فارتموا بحضن "الشيعة" المجلس الإسلامي الأعلى الرفيق "باقر الحكيم"، ثم بحضن الرفيق بول بريمر والرفاق أعضاء مجلس الحكم الموقر، وتمضي رحلة العمر، الى ان طلع البدر عليهم من ثنيات "البيت الشيعي" فكان الرفيق المقدام "مقتدى الصدر" وأقاموا تحالفا معه "سائرون" عندها كتبت الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي العراقي "طريق الشعب" ما نصه:
((أُعلن صباح أمس في بغداد، عن تشكيل تحالف "سائرون"، الذي يضم ستة أحزاب سياسية، لخوض الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة. والاحزاب المذكورة هي الشيوعي العراقي، الاستقامة الوطني، التجمع الجمهوري العراقي، الترقي والإصلاح، الدولة العادلة، والشباب والتغيير.
وغطت واجهة القاعة التي عقد فيه مؤتمر إعلان التحالف في فندق الشيراتون ببغداد، لافتة كبيرة تحمل اسم التحالف "سائرون للإصلاح"، وشعاره: لبناء الدولة المدنية.. دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
وافتتح المؤتمر الذي حضرته قيادات الأحزاب المتحالفة، وشخصيات سياسية واجتماعية، وعدد كبير من المواطنين، بالنشيد الوطني وبالوقوف تمجيدا لذكرى شهداء الوطن والشعب.
بعدها القى د. حسن العاقولي رئيس التحالف كلمته (ننشر نصها في أدناه) ثم تقدم الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والقى كلمة الحزب ننشرها في أدناه أيضا)) انتهى الاقتباس.
لكن "الدولة المدنية" لم تأت، على يد الرفيق مقتدى الصدر مثلما كان يأمل هذا الحزب وسكرتيره رائد فهمي، وظل الطريق مرة أخرى كعادته؛ لكنه مصمم على البحث عن منقذ، قد يكون في المرة المقبلة الرفيق عمار الحكيم، لا أحد يعلم ذلك، فبعض الناس تتحدث عن "مدنيته" عسى ان يكون هذه المرة هو "نيو" كما يتنبأ بذلك قادة هذا الحزب و"منظروه" في دفاعهم المستميت عن الانتخابات المبكرة.
وقت مستقطع
لقد بلغ هذا الحزب السادسة والثمانين عاما، وأمسى شيخا هرما، فقد بلغ من العمر عتيا، ولم يحظ بحليف واحد صحيح وحقيقي؛ يا لتعاسته، ترى هل تكمن المشكلة في قراءته للماركسية-اللينينية؟ لكن "منظريه" و "أكاديمييه" يستعرضون دائما "ثقافتهم المنهجية" و "سعة اطلاعهم" على كل صغيرة وكبيرة عند ماركس-انجلس-لينين؛ اذن هل تكمن المشكلة في العقلية الفصامية ما بين التطبيق العملي للماركسية وبين قراءات "منظريه" وقادته السياسية والفكرية؟ فمثلا ذات المجلة "الثقافة الجديدة" التي كتبت عن وقائع التوقيع على الجبهة الوطنية مع البعث، فيها مقال مترجم بعنوان "الطبقة العاملة دائمة النمو والتطور" بقلم "تشيرناييف، ومقالة أخرى تحت عنوان "القيمة العلمية لموضوعات ماركس عن فيورباخ" تصور قارئا شيوعيا اليوم يقرأ حول موضوعات ماركس عن فيورباخ ومن ثم يقرأ للرفيق عزيز محمد كلماته التالية: ((ولابد في هذه المناسبة ان اشير باعتزاز الى الدور الإيجابي الذي نهض به الرفيق احمد حسن البكر وبقية الرفاق القياديين في حزب البعث من اجل تأمين النجاح لمساعينا المشتركة في الوصول لهذا الاتفاق)) هنا هذا القارئ يتساءل مع نفسه: لكن الموضوعة الحادية عشرة لماركس تقول "المهمة تقوم على تغيير العالم" فهل التغيير يأتي عبر التحالف مع البعث- صدام والبكر؟ او عبر التحالف مع الإسلاميين- مقتدى الصدر وأبو درع؟ هنا يحدث تشويش على عقلية هذا القارئ؛ لكن "منظري" هذا الحزب مصرون على دورهم الفصامي هذا، وينقلون للجماهير مقالات ماركس ولقاءاته في صحيفة الهيرالد تريبون الذي يحلف فيها ماركس اغلظ الايمان "بروح السيد" انه لم يتحدث عن الدين بصورة سيئة، وان محاربة الدين هي "مجرد هٌراء" او يفسرون "حزورته" (الدين افيون الشعب) بتفسيرات وتأويلات عدة، ليمهدوا الأرضية للجماهير من اجل القبول بالتحالف مع الإسلاميين؛ هذه الفصامية هي اس المشكلة عند هذا الحزب، لهذا يلفه الضياع، ويتخبط في سياساته، فبوصلته لا تشير الا لمصالح قياداته.
يقول الرفيق حميد مجيد موسى في احدى الندوات "المنتدى الثقافي في الكرادة" عن تحالف سائرون: ((التغيير بالاستناد الى التركيبة الاجتماعية - الطبقية تفرض عليك البحث عن الأقرب ممن يتفق معك في الموقف من استقلال الوطن، ومن يشارك معك في الاحتجاجات في الساحات)) تصور هذا منطق قيادة الحزب؛ مقتدى الصدر هو الأقرب لاستقلال الوطن، الا يدعو ذلك للضحك بملء الفم، لا نعلم كيف يحللون الواقع وشخصياته؛ اما الرفيق رائد فهمي فيقول ((ان تحالف "سائرون" ردم الهوة المزعومة بين الاسلاميين والعلمانيين)) هذه هي رؤى قادة الحزب الشيوعي حول التحالف مع الرفيق القائد مقتدى الصدر، وهي ذات الرؤى التي قيلت عن الرفيق صدام حسين "كاسترو العرب" أيام الجبهة؛ ويبقى "منظروهم" المفصومون عن الواقع يستحضرون الاقتباسات تلو الاقتباسات من ماركس-لينين، في حالة مرضية مستعصية، وتبقى الجماهير في "انتظار اليسار".
وعلى شيوعية الشيوعي العراقي نلتقي..
https://images.app.goo.gl/CvMruxz4spwyqgM48