الحرية تبدأ بالتحرر من التعاليم المحمدية (2)


كوسلا ابشن
2020 / 12 / 3 - 22:18     

الايديولوجية الإسلامية تنتج قوانين تشكل وعي مغلوط سيكولوجي, قائم على النزعة الإيمانية المطلقة السلبية المحفزة للمؤمن على الطاعة وقبول امر الواقع والاستسلام لقدر الله, فيكون الاستعمار قدر من الله وجب قبوله والإمتثال له (قابلية الإستحمار وقابلية الإستعمار). الموروثات اللاهوتية التقليدية خصوصا الاسلام, القائمة في الزمن التاريخي على إعادة صياغة نظم القوة الروحية لتنويم الشعوب المضطهدة (فتح الهاء), و القائمة بوظيفة خدمة السياسية الإستعمارية تلعب دور أساسي بالإحساس بعدمية المقاومة ضد الاستعمار صاحب الصناعية الفكرية (الاسلام) الأبدية وخصوصا عندما يدعي المقيم العام الإستعماري للخصوصية القدسية ((السلالة النبوية)).
رفض الموروث اللاهوتي الاستعماري, الصانع للتفوق العرقي والثقافي واللغوي والمبرر للإستغلال والاستبداد والإستعمار, و نفي ثقافة الاغتراب الذاتي والتحول الهوياتي, وإزالة الحواجز الخرافية المؤسسة للإيمان المثالي المطلق وصناعة الأوهام الماوراء الطبيعة (الجنوية), والتصدي لهذه الايديولوجية الظلامية القهرية , وتحرير العقل الامازيغي من براثين الايديولوجية الاسلامية الرجعية والتضليلية المبررة لسياسة النظام الكولونيالي العروبي القائمة على التمييز العنصري و التحول الهوياتي والإحتلال و الإستغلال و القمع و نشر الفساد.
النظام الكولونيالي العروبي يستمد قوة وجوده و إستمرارية العروبة الاستعمارية من التعاليم الاسلامية الميتافيزيقية المؤثثة للاحتلال و الإستعباد (الاخلاق الاسلامية), وبهذا فالعروبة والإسلام مرتبطان إراباطا وثيقا, يشكلان ثنائية منسجمة, الواحد يكمل الثاني, فتفكيك هذه المنظومة الفكرية الثنائية الرجعية, الاستلابية والاستغلالية, التمييزية والاستعمارية, والتصدي لهما بمنظومة فكرية مادية تحررية قادرة على الأخذ بالإعتبار هذه الثنائية, لتوجيه النضال في الاتجاه الصحيح, بخوض الصراع الفكري في كلا الاتجاهين بهدف إستراتيجي هو التحرر من العروبة الكولونيالية و بناء مجتمع مستقل و متحرر ودمقراطي و تقدمي.
العرو- اسلام وجهان لعملة واحدة تكونتا بهدف نقل القبائل الى نظام سياسي جديد (الدولة), وفي عملية البناء والاستمرارية, وفي كل تارخية الوجود لم تنفصل العروبة عن الاسلام, لم ينقطع الترابط الجدلي بينهما في كل الصراعات الفكرية والسياسية, حتى داخل البنية العروبية نفسها (الليبرالية, الماركسية, الاصولية السلفية...), أو توظيفهما معا في الصراع الهيمني والسيادي على أوطان الشعوب المحتلة, وتحالفهما المقدس يرى مثلا في تجمع (المؤتمر القومي- الاسلامي) المعادي لحركات التحرر الوطني-القومي في مستعمرات العرو-اسلام, فهي تعادي الأقليات الدينية والطائفية كما تعادي الشعوب المطالبة بالحقوق الطبيعية في تحرر من قبضة الانظمة الاستعمارية العروبية.
الواقع الاصطناعي الذي خلقته الايديولوجية (العرو-اسلام), استطاع إختراق المناعة الامازيغية بسبب قوة التأثير الايديولوجي وفعاليته في الوسط الجماهيري, وخصوصا توظيف كلا الاتجاهين لعناصر القداسة في معتقدين متناقضين (مادي و مثالي) لصناعة المشروعية التاريخية للغنيمة بمناهج متناقضة, لكنهما لهدف إستراتيجي واحد هو "الشرعية" الاستعمارية, إعادة صياغة المشروعية التاريخية بأدوات حداثية و تأملية وتجريدية داخل نسقها الفكري المظلم و مرجعيتها الأحادية المثالية الأخلاقية القدسية تحت إشراف سلطان السياسية.
الإندفاع العاطفي الإيماني من يوجه توجهات القوة الفاعلة لدى القوى الشعبية, وهذه الحالة السيكولوجية كثيرا ما تكون مخادعة, توجه الناس للوعي المغلوط, وهذا الفعل التزويري الذي تعمل قوى التحريف و النفاق السياسي ترويجيه يأثر على وعي الجماهير الشعبية الامازيغية بسبب الاندفاع العاطفي الإيماني وغياب العقل الخلاق جعلهم قصارى النظر, كما قال لينين:"ينظرون الى حد أنفهم مما يصابون بالعمى", وعن وعي أو عن غير وعي يدافعون عن الايديولوجية والسياسة الاستعمارية.
تفكيك ايديولوجية العرو-اسلام سيظهر الحلقة الإكثر قوة والمؤسسة للوجود الثنائي ألا هو الاسلام المتجذر في كل المجلات وهو جزء من ثقافة المجتمع,الا أنه يبقى مثل كل المعتقدات الدينية, جزء من الثقافة المتحولة وليس الجزء الثابت, فقد مر على بلاد الامازيغ أديان كثيرة و رحلت بقرار السلطة السياسية سواء كانت إستعمارية أو محلية. الاسلام قابل للتبديل بمعتقدا آخر, وهذه الواجهة النضالية لها أهمية كبيرة في النضال التحرري, فضرب الجزء الأهم والأقوى في ثنائية العروبة - الاسلام, والذي هو الاسلام يضعف مناعة العروبة في بلاد الامازيغ.
اندثار الايديولوجية الاسلامية وإحساس الشعب الامازيغي المخدوع بتحرره من أغلال العبودية والخوف من الأوهام وفي آن واحد سيكتشف عدم الرابط بينه والسلطة السياسية العروبية (والذي كان الاسلام رابطه الاساسي) ومع نمو الوعي الامازيغي سيدرك الشعب تماما بأنه شعب مستعمر (فتح التاء) قابع تحت نير العروبة الكولونيالية, ويشعر أنه كان ضحية التعاليم والوعود والتصريحات السياسية المزيفة والكاذبة, وستدخل العروبة في النفق المظلم مع أتباعها و زبائنها من دون مرجعية قدسية مؤثرة ومتغلغلة في الوسط الشعبي القاعدة المادية المنيعة للعروبة, وسيدفع الوعي بأمازيغيته المتناقضة مع سلطة العروبة الى تحفيز عملية النضال الثوري ودفعها الى الامام, وتكون الثورة ضرورة حتمية لتحرر الشعب في بلده من الاضطهاد القومي والإجتماعي.