انتهاء عصر التوازن النووي


حسين علوان حسين
2020 / 12 / 1 - 21:29     

هذه هي ترجمتي لمقالة الكاتب الألماني "أندرياس كلوث" المهمة جداً أدناه ، و التي تتجاهل للأسف – على نسق النفاق الغربي المبرمج و الممنهج صهيونياً - الترسانة النووية الرهيبة و المتنوعة نوعاً (نووية / نيوترونية ..) و استهدافاً (بحراً : الغواصات ، و جواً : الطائرات و الصواريخ البالستية) للكيان الصهيوني ، في حين أنها تشكك بنوايا إيران الخالية من الاسلحة النووية على الرغم من صدور الفتوى الفريدة لمرشدها الديني الأعلى السيد "علي خامنئي" بتحريمها منذ عام 2003 ، مع تحريم استخدام كل أسلحة الدمار الشامل البيولوجية و الكيمياوية الأخرى – و هي الفتوى التي تم إبلاغها رسمياً لمنظمة الطاقة الذرية الدولية بفينا في آب ، عام 2005 . و يجد الباحث في موقع خامنئي عدة فتاوى بهذا الشأن ـ بضمنها هذا النص الذي يعود لعام 2010 :
نص فتوى آية الله العظمى السيد "علي خامنئي" بشأن تحريم إنتاج و تخزين كل أنواع أسلحة الدمار الشامل :

" نؤمن أنه بالإضافة إلى الأسلحة النووية ، فإن الأنواع الأخرى من أسلحة الدمار الشامل مثل الأسلحة الكيميائية و البيولوجية تشكل أيضًا تهديدًا خطيرًا للبشرية . إن الأمة الإيرانية التي هي نفسها الضحية للأسلحة الكيماوية تشعر أكثر من أي دولة أخرى بالخطر الذي يسببه إنتاج و تخزين هذه الأسلحة ، و هي مستعدة للاستفادة من جميع منشآتها لمواجهة مثل هذه التهديدات . نحن نعتبر استخدام مثل هذه الأسلحة حرامًا و نؤمن بأنه من واجب الجميع بذل الجهود لحماية البشرية ضد هذه الكارثة الكبرى ."
انتهى نص هذه الفتوى الدينية الفريدة دولياً .
المصدر :
https://en.wikipedia.org/wiki/Ali_Khamenei%27s_fatwa_against_nuclear_weapons
أدناه نص المقالة [العبارات بين الأقواس الكبيرة لي] .

"الاعتراض الناجح لصاروخ أمريكي ينهي عصر التوازن النووي
أندرياس كلوث
الاثنين ، 30 نوفمبر ، 2020 ، 9:00 ص GMT + 3 · (رأي بلومبيرغ) (Bloomberg Opinion)
تم في هذا الشهر إطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات في الاتجاه العام نحو جزر هاواي الأمريكية . أثناء هبوطه بعد بضع دقائق ، و هو ما يزال خارج الغلاف الجوي للأرض ، أصابه صاروخ اعتراضي آخر ، فدمره .
مع هذا التفجير ، قفد تهدد التوازن النووي الهش القائم في العالم فجأة بالخروج من حالة التوازن المستقر القائمة فيه . إن خطر استخدام القنابل الذرية آخذ في الازدياد بالفعل مرة أخرى . لقد تصاعدت احتمالاته مرة أخرى .
كان هذا الصاروخ البالستي العابر للقارات المحلق فوق المحيط الهادئ عبارة عن "دمية" أمريكية مصممة لاختبار نوع جديد من تكنولوجيا الاعتراض الفضائي [التقاطع] . أثناء تحليقه ، رصدته الأقمار الصناعية ، فأبلغت قاعدة للقوات الجوية في ولاية كولورادو ، و التي تواصلت بدورها مع مدمرة تابعة للبحرية متمركزة في شمال شرق هاواي . أطلقت هذه السفينة ، "يو أس أس جون فين" (USS John Finn) ، صاروخها الاعتراضي الخاص الذي "أصاب و قتل" الصاروخ القادم ، حسبما يقال .
للوهلة الأولى ، قد يبدو مثل هذا النوع من السحر التكنولوجي سببًا ليس فقط للرهبة و لكن أيضًا للبهجة ، لأنه يَعِد بحماية الولايات المتحدة الأمريكية من الهجمات الصاروخية من طرف كوريا الشمالية ، على سبيل المثال . و لكن في المنطق الغريب للستراتيجية النووية ، فإن هذا الاختراق التقني الذي يهدف إلى جعلنا أكثر أمانًا قد ينتهي به الأمر إلى جعلنا أقل أمانًا ، لأن تقنية الاعتراض الجديدة هذه تفصم الصلة القائمة حالياً بين "الهجوم" و "الدفاع" الكامنة خلف كل الحسابات حول السيناريوهات النووية . منذ الحرب الباردة ، فقد تم الحفاظ على الاستقرار العالمي - وبالتالي السلام الدولي - من خلال الواقع المروِّع للدمار المتبادل المؤكد (mutual assured destruction) ، أو MAD . و بفضله ، فلن تشن أي دولة نووية الضربة الأولى ما دامت تتوقع انتقامًا فوريًا بالمثل . و الطريقة الأخرة لوصف MAD هو وضع "توازن الضعف المتبادل" .
فإذا ما حصل لاعب واحد فقط في سيناريو نظرية اللعبة هذا فجأة على الدرع المضاد للصواريخ البالستية (هذه الأنظمة الأمريكية تسمى في الواقع Aegis ) [الدرع السماوي المرتبط بالإله زوس و أثينا في الأوديسا] ، فإن وضع توازن هذا الضعف المتبادل قد انتهى . يجب أن يفترض الخصوم ، في هذه الحالة - بشكل أساسي روسيا و لكن بشكل متزايد الصين أيضًا - أن الردع النووي الخاص بهم لم يعد فعالًا لأنهم قد يغدون عاجزين عن الرد بنجاح .
لهذا السبب ، فقد أصبح هذا التصعيد الدفاعي مثيرًا للجدل ، شأنه شأن النوع الهجومي تقريبًا . كانت روسيا تحارب أنظمة الاعتراض الأمريكية البرية المتمركزة في أماكن قريبة منها مثل أوروبا الشرقية وألاسكا . لكن اختبار هذا الشهر كان هو الأول الذي تتولى فيه سفينة في عرض المحيط عملية الاعتراض . هذا المنعطف يعني أنه لن تمر فترة طويلة قبل أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أخرى من حماية نفسها من جميع الجوانب ضد الضربة النووية .
إن حالة عدم اليقين الجديدة هذه تزيد التعقيد لموقف كان معقدًا أصلاً على نحوٍ شيطاني . لقد تخلت الولايات المتحدة وروسيا - اللتان تمتلكان حوالي 90% من الأسلحة النووية في العالم - عن معاهدتين للحد من الأسلحة النووية خلال عقدين من الزمن فقط . و المعاهدة الوحيدة المتبقية – المسماة "ستارت الجديدة" (New START) ، من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في 5 شباط القادم ، أي بعد 16 يومًا فقط من تولي جو بايدن منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية . كما إن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، التي حاولت طوال 50 عامًا منع الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية من الحصول عليها ، باتت هي الأخرى في ورطة عميقة ، و من المقرر إعادة التفاوض بشأنها العام المقبل . و نوايا إيران حيالها ما تزال مجهولة .
في الوقت نفسه ، تقوم كل من الولايات المتحدة و روسيا بتحديث ترسانتيهما النوويتين ، بينما تضيف الصين المزيد إلى ترسانتها بأسرع ما يمكن . و من بين الأسلحة الجديدة تلك القنابل النووية التي تحملها صواريخ تفوق سرعة الصوت ، و هي سريعة جدًا لدرجة أن قادة الدولة المستهدفة ليس لديهم سوى بضع دقائق فقط لتحديد طبيعة ما هو وارد و كيفية الرد عليه . و هي تشمل أيضًا ما يسمى بالأسلحة النووية التكتيكية ، ذات الحمولات "الأصغر" (بالمعنى النسبي للغاية) التي تجعلها أكثر ملاءمة للحروب التقليدية ، و بالتالي خفض عتبة استخدامها .
و هكذا يستمر تفاقم مخاطر نشوب الحرب النووية بفعل الصدفة أو سوء التقدير أو الإنذار الكاذب ، لا سيما عندما نأخذ بنظر الاعتبار السيناريوهات التي تنطوي على الإرهاب أو الدول المارقة أو النزاعات في الفضاء الخارجي أو الفضاء الإلكتروني . و في نوع من الاحتجاج العالمي ضد هذا الجنون ، فقد وقعت (84) دولة لا تمتلك الأسلحة النووية على "معاهدة حظر الأسلحة النووية" ، و التي ستدخل حيز التنفيذ في العام المقبل . لكن الدول النووية التسع مع أقرب حلفائها لن توقع على هذه المعاهدة أبداً .
و بدلاً من ذلك ، ستفسر القوى النووية الحالية أنباء نجاح تجارب الاعتراض هذه على أنها الدافع لبدء سباق تسلح جديد . و سوف تصنِّع الصواريخ الأسرع مع المزيد من الشراك الخداعية و الإجراءات المضادة ، و الرؤوس الحربية الجديدة للاستخدامات الأكثر مرونة في مجموعة أكبر من السيناريوهات الستراتيجية ، و بالطبع تصنيع دروعها الخاصة .
يجب أن يتوقف كل هذا . و الزعيم الأفضل في العالم لأخذ زمام المبادرة لوقف هذا الجنون إنما هو الرئيس الأمريكي القادم . فعند توليه منصبه ، يجب على "بايدن" أن يقترح على الفور قيام الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا بتمديد معاهدة ستارت الجديدة لمدة خمس سنوات أخرى لكسب الوقت . كما يجب عليه في نفس الوقت دعوة الصين و القوى النووية الأخرى إلى طاولة المفاوضات .
و يجب أن يكون الهدف الأول هو إصدار الإعلان المشترك من طرف الدول النووية التسعة جميعًا بأن أسلحتها النووية لها غرض وحيد هو الردع ، و بأنها لن تُستخدم للعدوان أبدًا . و يجب علي هذه الدول أيضًا تقديم الضمانات الجديدة في الأمن و تقديم المساعدة للدول غير النووية ، و إنشاء بروتوكولات اتصالات جديدة للأزمات فيما بينها . و نعم ، يجب أن توافق الآن على تقييد و مراقبة ليس فقط الأسلحة الهجومية لبعضها البعض ، بل و مراقبة دفاعاتها أيضًا .
لقد كان عصر توازن "الضعف المتبادل" ( MA) عصراً مرعبًا و لكنه مستقر أيضًا بطريقة سريالية . و ستكون الحقبة القادمة من الردع المشكوك فيه و نقاط الضعف غير المتكافئة أقل استقرارًا و بالتالي أكثر إثارة للرعب . و سيكون لدى "بايدن" الكثير في صندوق البريد الخاص به في شباط القادم . و يجدر به أن يتأكد من أن الاهتمام بملف الحد من التسلح ليس هو آخر الأولويات .

لا يعكس هذا العمود بالضرورة رأي هيئة التحرير أو Bloomberg LP و أصحابها .
أندرياس كلوث هو كاتب عمود في موقع (Bloomberg Opinion) . و قد شغل سابقًا منصب رئيس تحرير( Handelsblatt Global ) [ الطبعة الإنجليزية لصحيفة الأعمال الألمانية الريادية ] و كاتبًا لمجلة "الإيكونوميست". و هو مؤلف كتاب "هانيبال و أنا : دروس حيّة من التاريخ " ."
انتهت .