مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في مؤتمر الاحزاب الشيوعية والعمالية في شرق المتوسط وشمال افريقيا والشرق الأوسط والخليج، الذي عقد عن بعد، بتاريخ 29/11/2020


الحزب الشيوعي الفلسطيني
2020 / 11 / 30 - 14:37     

رفاقنا الأعزاء
تحية بلشفية نرسلها لكم من أرض فلسطين المغتصبة الصامدة في وجه الهجمة الصهيوأمريكية على شعبنا وشعوب المنطقة جمعاء، ونود في هذه المناسبة أن نقدم جزيل الشكر للرفاق في الحزب الشيوعي اليوناني لمبادرتهم هذه، واستضافتهم لهذا اللقاء نظرا للظروف الدولية الطارئة والاوضاع الاقتصادية العالمية الذي حكم عليه أن يكون بهذا الشكل بسبب جائحة كورونا الكونيه.
رفاقنا الأعزاء
بادئً ذي بدء يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار والتشديد على دور الحركة الشيوعية العالمية في دعم نضال الشعوب من أجل التحرر من العبودية والاستعمار، فمن فيتنام إلى كوبا، ومن الصين إلى انغولا كانت بصمة الشيوعيين واضحة. ولا يمكن لنا أن ننسى كيف كشفت و فضحت الثورة البلشفية مباشرةً بعد انتصارها مخططات الدول الرأسمالية العالمية، فيما يتعلق بشرقنا الاوسط من تقسيم للمنطقة العربية، والانتداب البريطاني على الارض الفلسطينية تمهيداً لإقامة كيان وقاعدة متقدمة للدول الرأسمالية للمحافظة على مصالحها وضرب حركات التحرر في المنطقة العربية متمثلا بوعد لإعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، ويطلق عليه وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو التي كانت اللبنة الأولى لبناء كيان الاحتلال الاسرائيلي. كذلك لا يمكن لنا أن ننسى المواقف الشجاعة للاتحاد السوفيتي وكافة شيوعيي العالم في دعم نضال شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.
رفاقنا الأعزاء
منذ عشرات السنين تحاول الدول الرأسمالية من خلال تحالفها مع قيادات الدول العربية الرجعية تكريس سيطرتها على المنطقة من أجل الحفاظ على مصالحها المتمثلة بالسيطرة الجيوسياسية للحفاظ على طرق التجارة العالمية، والسيطرة على مقدرات شعوب المنطقة وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي ومحاربة الوعي العلمي والنهوض الفكري وجهود التنمية وضرب حركات التحرر العربية والفلسطينية، من خلال تشكيل كيان مصطنع (دوله) لا يخضع لقوانين أو قرارات دولية وبدون حدود ثابتة أو نظام دستوري كباقي دول العالم إنما كبناء فوقي لخدمه البنية التحتية للرأسمالية والإمبريالية في المنطقة العربية والشرق الاوسط بمجمله، ويشكل القاعدة المتقدمة والثابتة على الارض العربية من هنا كان تشكيل دولة الاحلال الانعزالي العنصري الوظيفي لتكون شرطي مخلص للرأسمالية الاستعمارية البريطانية في ذلك الوقت ومن ثم الإمبريالية الامريكية في قلب المنطقة تحيك المؤامرات وتشارك الدول الرأسمالية العالمية والإمبريالية في مؤامراتها على شعوب المنطقة بأكملها، هذه المؤامرات أخذت أشكال مختلفة فمن محاولات فرض حلف بغداد ومن ثم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 إلى عدوان 1967، ومن انقلاب الشاة على حكومة مصدق في ايران إلى الحرب الأهلية في لبنان، وكانت مؤامرة الربيع العربي المتمثلة بالمصالحة بين المحور الصهيوأمريكي والاسلام السياسي، الذي افتتحه أوباما بخطابه المشهور بجامعة القاهرة، التي اشعلت المنطقة بحروب طائفية ومذهبية واثنية، في محاولة لتنفيذ وترجمة أهداف المحور الصهيوامريكي الذي اعلنت عنه في ذلك الوقت وزيرة خارجية أمريكا كونداليزا رايس المتمثل بمخطط الشرق الأوسط الجديد الهادف إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية وعرقيه متناحرة تبرر يهودية دولة الاحتلال العنصري وعنصريتها المقيتة، في هذا الاطار جائت "صفقة القرن الترمبية" التي تريد تكريس اسرائيل كدولة يهودية عنصرية وفاشية في المنطقة, كمقدمه لإنشاء دولة اسرائيل الكبرى من حدود نهر النيل في مصر الى حدود نهر الفرات في العراق كما جاء في بروتوكولات حكماء الحركة الصهيونية وفي تلمودهم .
العامل المستجد الاول هنا، هو نجاح بايدن بالوصول إلى قمة هرم السلطة في الولايات المتحدة الذي يعتبره حزبنا تغير بالأدوار أما بالجوهر فهو تنفيذ نفس المخطط لكن بأسلوب ناعم. وكما قال الرفيق فلوراكس لا يهم حبل المشنقة إذا كان من حرير أو من قنب لأن الناتج واحد هو خنق الشعوب.
فمن خلال الواقع الموضوعي والتحليل المادي الجدلي والتاريخي لسياسة ونهج الإمبريالية الأمريكية يُظهر أـن السياسة الخارجية واستعباد الشعوب واحدة لكلا الحزبين ( سياسة النهب والاستعباد) والنتائج من ممارساتهم واحدة، ومثالنا الحي اليوم تأسيس ودعم الحزب "الديمقراطي" لداعش على لسان هيلاري كلنتون، وما قالته رايس عن مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد أبان حرب تموز 2006.
رفاقنا الأعزاء
إن المستجد الثاني في هذه الفترة هو ظهور وانتشار جائحة كوفيد19، والغريب هنا انه ورغم تفشي أمراض مختلفة في العالم إلا أننا لم نواجه هذه الحملة من الاغلاقات كما حصل ويحصل اليوم في العالم. ما يراه حزبنا أن الحاصل اليوم هو صراع بين قطبي الدول الرأسمالية الصناعية والرقمية، والصراع القائم اليوم بين قطبي الرأسمالية في الولايات المتحدة الامريكية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي هو الاثبات الواضح على ذالك.
إن الاغلاقات هدفها بالأساس ليس مصلحة الطبقة العاملة ومصالح شعوب العالم الاقتصادية والاجتماعية، بل الى تغير شكل علاقات الانتاج الاجتماعية في داخل المجتمعات بحيث لا تقوى حتى على الاحتجاج السلمي في سبيل مصالحها، وتهدف أيضاً إلى قطع الصلة بين نقابات العمال والطبقة العاملة والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في علاقات الإنتاج، لكي يتم تقنين ردة فعل الشعوب وطبقتها العاملة لمواجهة هذه الهجمة البربرية على الشعوب، وبهذا تسحب الرأسمالية وحلفائها أهم سلاح نقابي في يد نقابات العمال والطبقة العاملة والمؤسسات الاجتماعية والمدنية وهو الاضراب.
رفاقنا الاعزاء
إن نجاح محور الردة في حرف البوصلة عن القضية الرئيسية قضية فلسطين، وخلق أعداء وهميين كإيران نتج عنه الاعلان وبوضوح عن تحالف جديد قديم بين الرجعية العربية ودولة الكيان الاحلالي الانعزالي العنصري وبعد أن كان هذا التحالف سري منذ نشأته في السابق، أخذ اليوم وبوضوح شكل التركيع والتطبيع بين هذه الدول العربية الرجعية ودولة الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين التاريخية .
إن ما سبق ذكره، له تأثير مباشر على قضيتنا فالدعم المنقطع النظير للإسلام السياسي يعمق الانقسام في فلسطين هذا الانقسام الذي أخذ وجهه السياسي هو بالفعل انقسام مصالح اقتصادية، فسلطة فتح تتمسك بأموال الضرائب المجنية من الشعب، أموال المقاصة وأموال الإعانات من الدول المانحة، أما حماس فتتمسك بأموال مجنية من الانفاق تحت أرضية والضرائب وأموال الدعم من دولة قطر ومن قوى الاسلام السياسي في العالم، مقابل هذه الاموال التي تعد بالمليارات لا تقدم أبسط الخدمات للشعب بل تُصرف على المقربين وأجهزتهم الامنية,أما موقف باقي القوى والفصائل فقد فقدت ثوريتها وتحولت من قوى مناضلة إلى مجموعة من المرتزقة تعتاش على فتات السلطتين (سلطة رام الله وسلطة الامر الواقع في غزه )، ولا يمكن لنا أن ننسى دور المنظمات الغير حكومية(NGOS) في تعميق الانقسام والمشاركة في شراء ذمم بعض مثقفي الشعب الفلسطيني، كذلك لا ننسى السياسة المالية والبنكية المسترشدة بسياسه البنك الدولي والنقد الدولي التي اغرقت الشعب بالديون والتي أصبحت تشكل ثقلاً على كاهل و عنق شعبنا.
رفاقنا الاعزاء
إن المفاوضات من أجل المفاوضات قد جلبت لنا الويلات فازداد الاستيطان وتزايدت وحشية الاحتلال والقتل على الحواجز العسكرية لأتفه الاسباب وبدون محاكمات حتى وصلت الأمور إلى الحياة في كنتونات معزولة عن بعضها البعض ببوابات تفتح وتغلق حسب أهواء مؤسسة الاحتلال العسكرية، وأصبحنا من خلال التنسيق الامني حراس لأمن وسلامة المحتل وبعد مرور ما يقارب الثلاثين عاماً على اتقاقية اوسلو نجد نفسنا في وضع أسوأ من السابق، وبدل من انهاء الاحتلال وانشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران حسب مقررات وقوانين الشرعية الدولية أصبحنا نعيش في كنتونات محاصرة، وبدل من أن تتحول انتفاضة الحجارة إلى بناء دولة مستقلة تحول بعض أبطالها إلى مرتزقة عند السلطة مرتبطين بالاحتلال من خلال التنسيق الأمني، من هنا أصبح الاحتلال أرخص احتلال في العالم يحافظ على أمنه بأيادي فلسطينية. ومن حل الدولتين حسب المقررات الدولية دولة اسرائيل ودولة فلسطين أصبح المطروح الآن دولة المستوطنات اليهودية ودولة الكنتونات الفلسطينية.
رفاقنا الأعزاء
بناء لكل ما سبق وبعد التحول الديمغرافي والجغرافي في الضفة الغربية (الارض المفروض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية) حيث ازداد عدد المستوطنين إلى ما يقارب ال850 ألف مستوطن وازدادت المساحة الجغرافية التي تحتلها هذه المستوطنات لما يقارب من ثلثي مساحة الضفة الغربية ولم يتبقى سوى 16% من مساحة الضفة الغربية لشعبنا على شكل كنتونات منعزلة ومتقطعة الاوصال تشكل بحد ذاتها نظام الابرتهايد الحقيقي الذي نعيش تحت وطأته يوميا، قرر حزبنا في مؤتمره عام 2016 التالي:
أولاً: العمل على تشكيل جبهة وطنية عريضة معادية للاحتلال واوسلو وذيوله مهمتها حشد كافة القوى الجماهيرية باتجاه مقاومة الاحتلال والاستيطان وقوى التطبيع الفلسطيني، شعارها التصدي للعنصرية الصهيونية لاغتصابها واحتلالها لأرضنا الفلسطينية بكافة أشكال ووسائل النضال المشروعة من أجل استعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني المتمثلة بحق العودة وانشاء دولته الحرة المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني.
ثانياً: إن الحل الدائم و العادل للقضية الفلسطينية يتمثل بانشاء الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة ولكافة أبنائها على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس.
في الختام نجدد تحياتنا الرفاقية البلشفية لجميع الرفاق ومزيد من الشكر للرفاق اليونانيين المخلصين للمبدأ و للفكر الماركسي_ اللينيني على هذه المبادرة الكريمة آملين للقائنا هذا النجاح من أجل خدمة شعوبنا وطبقتنا العاملة وأن تكون اجتماعاتنا القادمة بدون أمراض وإغلاقات.


العلاقات الأممية