الإمبرياليّة – ما هي و ما ليست هي – و الحزب الديمقراطي كمؤسّسة من مؤسّسات النظام الرأسماليّ – الإمبرياليّ


شادي الشماوي
2020 / 11 / 29 - 23:09     

مقتطفات لم تنشر من مراسلة لبوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 666 ، 21 سبتمبر 2020
https://revcom.us/a/666/bob-avakian-imperialism-what-it-is-what-it-is-not-en.html

أودّ أن أشدّد على أنّه عند الحديث عن " الإمبرياليّة " ليس المقصود هو مفهوم الخطّ القديم للإستعمار و التملّك بشكل تام ( او الإحتلال ) لمناطق ترابيّة لشعوب أخرى ( رغم أنّ هذا لا يزال يحدث مع الإمبريالية المعاصرة ) و ليس المقصود كذلك أنّ جوهر الإمبرياليّة هو أنّها " تاجرة حروب " ( أو " صقر" ) رغم أنّ هذا أيضا مظهر فعليّ آخر للنظام الإمبريالي يتطلّب اللجوء إلى إحتمال التهديد و التنفيذ العملي للحرب . جوهر ما نقصده ب " الإمبريالية " و " الإمبريالي " ) هو التحليل العلمي للإمبرياليّة بإعتبارها تطوّرا للنظام الرأسماليّ كنظام إستغلال عالمي يعوّل بصفة متصاعدة على منتهى إستغلال العالم الثالث ( فكّوا في المعامل الهشّة التي تزخر بالنساء الفقيرات في بنغلاداش و في المناجم أين يتمّ إستغلال الأطفال إستغلالا عنيفا في الكنغو ) و النتيجة ( أو ما يصاحب ذلك ) من تغيّرات في الهيكلة الإجتماعيّة و الطبقيّة في البلدان الإمبرياليّة نفسها التي تتميّز بمظهر الطفيليّة الشديدة . الرأسماليّة اليوم - و قبل كلّ شيء رأسماليّة البلدان الإمبرياليّة كالولايات المتّحدة – لا يمكن أن توجد دون منتهى الإستغلال الوحشيّ حقيقة هذا و العنف المتعدّد الأوجه الذى يحافظ عليها و يفرضها . و ب" الطفيليّة " نقصد بخاصة مراكمة الثروة عبر الوسائل التي تعتمد على الإستغلال – و منتهى الإستغلال- بينما ليست هي ذاتها منخرطة حتّى مباشرة في تنظيم الإستغلال و منتهى الإستغلال و إنّما هي موجودة أكثر في مجال المضاربة الماليّة ( و البورصة الماليّة مثال مركّز لذلك ) . و يجد هذا تعبيره اليوم في واقع أنّ قطاعا قياديّا في إقتصاد الولايات المتّحدة هو " فاير" ( FIRE– الماليّة و التأمين و العقارات ) .
و مثلما أشار لينين ، تضع الإمبريالية " ختم الطفيليّة " على كامل البلدان الإمبرياليّة كالولايات المتّحدة . و تمرّر بعض " الغنائم " الإمبرياليّة إلى الفئات الطبقيّة غير الحاكمة ، خاصة في صفوف الطبقة / الطبقات الوسطى ، كجزء من صيانة " الاستقرار " في هذه البلدان الإمبرياليّة . و هذه الظاهرة – و الطابع العام للإمبرياليّة و تداعيات ذلك – جرى الحديث عنها في كتابى " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة "؛ و في كتابات ريموند لوتا ( على غرار المقالات الحديثة ، " الطفيليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : مقدّمة – خلاصة " و " من قبضة الخبث إلى قبضة الموت : الهيمنة الإمبرياليّة و كوفيد - 19 و فقراء العالم المحكوم عليهم بالبؤس" ، وجميعها متوفّر على موقع انترنت revcom.us ).
إنّه لواقع أنّ فرض نظام الإستغلال ( و منتهى الإستغلال ) هذا يتطلّب قمعا عنيفا و عادة مميتا – و هذا ، في العالم الثالث، تُنجزه عامة أنظمة محلّية رجعيّة ( و أحيانا ، منصّبة تنصيبا مباشرا ) مدعومة من قبل الإمبرياليّين ( و إمبرياليّو الولايات المتّحدة " قادة العالم " في هذا )، على الرغم من أنّ ذلك يتطلّب أحيانا تدخّلا مباشرا للإمبرياليّين أنفسهم كما هو الحال في غزو الولايات المتّحدة للعراق سنة 2003 ( أو لنضرب مثالا أسبق ، غزو جمهوريّة الدومينيك سنة 1965 الذى نفّذته إدارة ديمقراطيّة كانت حينها تخوض حربا رهيبة في الهند الصينيّة )، أو عديد " الإنقلابات " التي نظّمتها المخابرات الأمريكيّة السى أي أي ( كما جرى ذلك في إيران سنة 1953 و غواتيمالا سنة 1954 و الشيلي 1973 و كذلك الإنقلاب الدمويّ الوحشيّ في أندونيسيا سنة 1965 و بدوره جدّ هو الآخر أثناء إدارة جنسن و خلاله جرى قتل ما لا يقلّ عن نصف مليون إنسان أو ربّما ما يناهز المليون إنسانا ، و أحدث من ذلك ما مثّل فعلا إنقلابا في الهندوراس أنجز بدعم من إدارة أوباما ، و كانت هيلارى كلينتن سكرتيرة دولة ).
كافة هذه الإنقلابات و العزوات و الحروب المخاضة الأخرى من طرف الإمبرياليّين أنجزت بدافع جوهريّ و بهدف جوهريّ هو الحفاظ على التحكّم في ما يعدّه الإمبرياليّون مناطقا إستراتيجيّة من العالم و البحث عن تحقيق المصالح الإستراتيجية الإمبرياليّة ( ما يُطلق عليه إمبرياليّو الولايات المتّحدة " مصالح الأمن القومي" ) ، و ليس نتيجة أيّة مشاغل " إنسانيّة " ( و حتّى حيث تتقاطع مثل هذه المشاغل مع " مصالح الأمن القومي " الأساسيّة ، فإنّ هذه الأخيرة و ليست الأولى هي التي تكون دائما حيويّة و محدّدة بالنسبة للإمبرياليّين ). و مثال ساطع لكيف ينظر هؤلاء الإمبرياليّين و كيف يقاربون الأشياء ، جرى تسجيله حديثا عندما تبجّح ترامب في حواراته الصحفيّة مع بوب وود وارد بشأن الأسلحة الفتّاكة ( قاصدا أنّها أسلحة نوويّة ) التي تمتلكها الولايات المتّحدة و التي لا يعرف الروس و الصينيّون عنها شيئا أصلا . ماذا كان ردّ فعل سياسيّو الحزب الديمقراطي ( و هياكل الحكم المتناغمة معهم )؟ لم يكن " يا له من شيء مريع أن يتبجّح رئيس نظام الولايات المتّحدة ( والقائد العام لقواتها المسلّحة ) بإمتلاك أسلحة دمار شامل يأمل الجميع في عدم ( إعادة ! ) إستخدامها أبدا ". و لم يكن حتّى " هذا خطير لأنّ ترامب متغطرس مجنون يضع إصبعه على زرّ نوويّ ". لا - إنفجروا ضدّ ترامب لإذاعته سرّا للروس و الصينيين ) أنّ الولايات المتّحدة تملك مثل هذه الأسلحة . أيمكن لأيّ شيء أن يبيّن أكثر الإفلاس التام و الوحشيّ لهذا النظام – أجل ن الإمبريالي – و كافة ممثّلي طبقته الحاكمة ؟ !
و في ما يتّصل بكلّ هذا ، أودّ أن أوضّح أنّه عند الحديث عن الحزب الديمقراطي على أنّه " إمبريالي " – و التشديد على دوره كأداة بيد النظام الرأسمالي – الإمبريالي – لست أحيل على كلّ من صوّت – أو ينسجم سياسيّا مع – الحزب الديمقراطي و إنّما على قادة الحزب الديمقراطي و بأكثر أساسيّة على ذلك الحزب بإعتباره مؤسّسة سياسيّة ( أي نعم ، مؤسّسة سياسيّة من مؤسّسات النظام الرأسمالي- الإمبريالي ) .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------