التدليل على استقراطيه الاسلام السياسي , لايوتيبا الدين الاسلامي


ليث الجادر
2020 / 11 / 29 - 11:30     

ماذا تعني أسلمة السلطه في نظر الاغلبيه المناصره لحركاته واحزابه الاسلاميه , اهي الطريق الى الجنه السماويه ام انه طريق الخلاص والانعتاق من الجحيم الارضي , هل تعني لديهم مناصرتها, انهم سيحوزون على صكوك العالم الاخروي السعيد , ام انهم يعقدون عليها الامل في بناء واقع افضل مما هم عليه وان هذا الافضل عجزت كل المشاريع السياسيه بمختلف رؤاها في تحقيقه , هل هم طامعون في الخمر السماوي وحور العين ام انهم تواقون لرغيف خبز ثري ؟ ولو أتيحت وسيله لسماع الاجابه الجماعيه لمطلق المناصريين وليس الناشطين المتاصلين فانها حتما ستكون ..بلى اننا نبغي كل هذه النقائض معا وبوحده واحده لاانفصال فيها , وكما يعبر عنه في المثل الشعبي الدارج ( زياره وتسياره ) اي زياره لضريح مقدس مثلما هي نزهه وسفر !!والحقيقه الواضحه اننا في مثل طرح هذه التساؤلات لايمكن ان نتوقع اجابه غير هذه الاجابه الطاغيه ,التي يشيع فيها نوع من الاصوات على باقي تلوين الاصوات , ففي هذه الكتله المناصره تتوحد اتجاهات مختلفه في اشكالها الايمانيه وهي موزعه بين التدين والالتزام الديني والايمان الغير ملتزم دينيا , ومن خلال معايشة الواقع ظهر لنا وبوضوح جلي ان هذا الصنف الاخير يشكل نسبه مهمه من هذا التكتل , وقد يكون التيار الصدري اوضح مثال على هذه الفئه , ان مرد هذه الرؤيا المزدوجه او المتزامنه اتجاه اسلمة السلطه لايتعلق بحالة الاحباط والمعاناة التي تحيط بمجتمعاتنا فقط بل لان الاسلام هو الدين الاكثر اقرترابا من السياسه عن باقي اطروحات الاديان التي يتصلب الكثير منها بالروحيه اللاهوتيه بينما يتطرى الاسلام بادءاته الواقعيه وتتخم ادبياته بمعالجات الواقع اليومي المعاشي وتوجيهاته التي تصطبغ بالنزعه التوفيقيه الطبقيه , والحقيقه النهائيه لفحوى الاسلام حينما نشا , انما هو تجسيدا لحاله خاصه من حالات الثوريه البرجوازيه واستجابه للشروط الملحه التي افرزها تطور الطبقه التجاريه التي باتت مهيئه للطغيان الطبقي بما يقابلها من مقاومه طبيعيه لبنية المجتمع القبلي وما فيه من تقاليد البداوه ., ولم يحدث كلها هذا الا تفاعلا مع تداعيات المحيط الخارجي بقطبيه الفارسي والرماني , فعلى هذا الصعيد تحققت مقوله ان صراع قوتين متناحرتين في حالة خاصه يؤدي الى بزوغ قوه ثالثه تحمل خصائص نفي كلا القوتين معا .. وكان هذا ما تاسست عليه حركه انبعاث المد الاسلامي السياسي , حيث بدات اولى خطواته مع احتدام الصراع بين اتجاه الدوله الراسماليه وبين اتجاهات الليبراليه المتطرفه وحيث امتد هذا الصراع في كل المستويات على مدى ما يقارب القرن , ومع انه في الجانب الظاهر يبدو ان حركة الاسلام السياسي كان مبعثها سياسي بحت وهو المتعلق بالصراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي حيث سعى المعسكر الاخير الى بعث الحركات الاسلاميه ومدها بكل الضرورات , بغية منه في جعلها منصة صد ومقاومه للمد الشيوعي , الا ان هذا لم يكن اصلا ليتوافر ويتحقق مالم يكن هناك واقع اجتماعي يفرز دواعي مناصرة هذا المد السياسي للدين , ان العمل الجبهوي ونشاطات التعاون التي دخلت فيها الكثير من القوى الرائده للاسلام السياسي مع الاحزاب والكيانات الطبقيه الاشتراكيه لتفند بقوه تلك المزاعم التي تؤكد على الوجه السياسي الوحيد والارادات الخارجيه في نشئت هذا المد , ومن هذه التحالفات كان تحالف الاخوان المسلمين مع اليسار المصري المناهض لسلطة جمال عبد الناصر وتحالف اليسار الايراني مع الخميني في ثورته ضد الشاه , ان الاشاره لهذه الحالات لاتعني موافقتها ولا الوقوف اللامبالي اتجاهها ولاهو باي حال معني بالشعار الذي باتت ترفعه بروحيه تبريريه مجه بعض الفصائل الماركسيه والذي مفاده (احيانا مع الاسلاميين ودائما ضد الدوله ) , بل اننا بادىء ذي بدء نشير الى ان هذا الشعار كان واحد من اهم الاسباب التي تعثرت فيها خطى النضال الطبقي , والفصائل التي تضن بانها ترفع شعار جديد لمرحله نضاليه جديده انما هي في غايه الوهم والجهل بمعطيات تجربه خاضها اسلافهم , وفي الوقت نفسه وبتاكيدنا على ان حركات الاسلام السياسي ليست وحيده النسب بمرد اصولها للمؤامره السياسيه , فاننا نحاول ان نقدم طرح يفصل بين النشاط التنويري الذي يتاسس على نقد الدين ومحاوله نقضه , وبين الدعايه للمشروع النضالي الطبقي , هذا المشروع الذي من المفترض انه يخوض نشاطه بادوات الواقع المادي لايمكن ان يتحول الى منابر تنويريه فلسفيه وان يوجه نقده للدين كوسيله لمهاجمة الحركات الاسلاميه , بل يجب التركيز كاملا على الوجه البرجوازي الصغير الذي يتلفع باطروحات هذه الحركات , وكشف تلك الصله الوثيقه بينها وبين هيمنة الراسمال و خصوصا بعد ان اخذ اقتصاد الخدمات مكانة مهمه فيها ..يجب ان يكون الجهد الفكري المتصدي لحركات الاسلام السياسي , جهدا موجه الى الكشف العلمي الدقيق عن حالة الاستحاله في تحقيق مبادىء العدل والمساواه في عهد الراسماليه , يجب ان يصل هذا الجهد الى ان يمتلك القدره الفعليه لان يضع انصار الاسلام السياسي امام خيار , اما ان تطلبوا الجنه , او ان تسعوا للخروج من جحيم الارض , في مناصرتكم لاسلمه السلطه ..ليس من مهام النضال الطبقي ان ينقض وجود الجنه في الماوراء , مهمته ان يسعى الى الثوره على جحيم الارض وليس حتى اعطاء جنة الارض بديلا عن جنه الماوراء ..وان المنصه الفكريه التي ينطلق منها هذا النشاط يجب ان تكون صارمه في تحديد ماهيه الحركه الاسلاميه السياسيه بكونها اعاده انتاج لطبقه ارستقراطيه سياسيه تؤدي مهامها في عهد يطغى فيه الاقتصاد الخدمي وتحتدم فيه مفردات التناحر بين قوى الراسمال