الأزمة أزمة خيارات لاوطنية و لا شعبية...


عمران مختار حاضري
2020 / 11 / 28 - 07:55     

الأزمة أزمة خيارات لاوطنية و لا شعبية :
رغم الإنهيار الاقتصادي الغير مسبوق و بوادر الإفلاس التام، حيث يعاني الاقتصاد التونسي عجزاً مزدوجاً خطيرا للغاية ، عجز في ميزانية الدولة و عجز في الميزان التجاري... و رغم الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتنمية، تراجعت ميزانية التنمية من48% في سبعينات القرن الماضي إلى أقل من 14%في ميزانية 2020 و بلغ عجز الميزان التجاري بقيمة 31.2 مليار دينار و أرتفع التوريد ليصل خلال 2019 إلى 42.4 مليار دينار مقابل تصدير بقيمة 11.2 مليار دينار و بحجم ديون بنسبة 88٪ من الناتج الداخلي الخام... و من المتوقع أن تصل البطالة إلى نسبة تقارب ال 20% و فقدان أكثر من 200 ألف لوظاءفهم... !!! و الحكومة الفاشلة بعدما أفرغت الخزينة العامة تجد نفسها "مجبرة" على الاقتراض من البنك المركزي بما قيمته 8.5 مليار دينار لتسديد دفوعات شهري نوفمبر/ ديسمبر و مع ذلك تواصل في سياسة الهروب إلى الأمام و الامعان في المديونية و السياسة التقشفية و ترفض الحلول البديلة القادرة على إنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي المنهار و تكتفي بالتغني بصعوبة الظرف الدولي و الحديث عن "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" و "تفعيل مجلة الاستثمار" و "استقلالية البنك المركزي"...!!!
و هذه حزمة من الحلول التي ما انفكت تتهرب منها و تتجاهلها حكومات الفشل و " الاستبداد المنتخب" المتعاقبة منذ الثورة و الامعان بكل تعنت و إصرار في الحفاظ على الخيارات القديمة المتازمة و التي ثار ضدها الشعب وذلك خدمة لمصالحها و مصالح أقلية كمبرادورية ( 10% من الأثرياء يحوزون على أكثر من 40% من الدخل الوطني و أكثر من نصف التونسيين يحوزون فقط على 18% حسب دراسة حديثة لمنظمة " اوكسفام" ) ... !!! :
*فتح ملف التهرب الضريبي
* مراجعة قانون الجباية التقديري
*مقاومة الإقتصاد الموازي و مافيات التهريب و الاحتكار
* إسترجاع الأموال المنهوبة و كذلك التي تم اقتراضها رجال أعمال من البنوك الوطنية
* فتح ملف الفساد و خاصة في قطاع الطاقة و المناجم و إيقاف نهب النفط والغاز و الملح
* تخفيض رواتب و إمتيازات أعضاء الحكومة و رئيس الجمهورية و مجلس النواب
* البحث و التدقيق في مصير القروض و الهبات التي تبخرت و كذلك موارد بيع المؤسسات و الشركات و الأملاك المصادرة و مصارحة الشعب بها.
* تعليق تسديد الديون الخارجية لمدة سنتين أو ثلاثة.
وعلى الرغم من الأزمة الحادة التي تمر بها البلاد و كل المؤشرات تنبؤ بانهيار وشيك و إعلان الإفلاس التام و ما سينجر عنها من تفاقم التجويع و الافقار و التهميش و ذبح المقدرة الشرائية للفئات الشعبية و الإعتداء على أسباب عيشها... تستمر الحكومات المتعاقبة في تجاهلها لهذه الحلول و عدم الاقتراب من هذه الملفات التي تشكل مخرجات حقيقية للانهيار الإقتصادي و المالي و الامعان في:
إعتماد نفس الخيارات المازومة التي ثار ضدها الشعب و توخي نفس الحلول الترقيعية الهشة المعادية لانتظارات الشعب و المتمثلة أساسا في:
عدم التعويل على القطاعات الاقتصادية المنتجة في الفلاحة و الصناعة القادرة على إنتاج الثروة و توفير فرص العمل... و بالمقابل تتمادى في التعويل على عاءدات القطاعات الهشة و اقتصاد مشلول أصلا تبعي خدمي بنكي ريعي متخلف...
إعتماد منظومة جباءية فاسدة و غير عادلة... الامعان في التداين الخارجي و تقليص الإنفاق العمومي عامة و التدمير الممنهج و القصدي للتعليم و الرعاية الصحية و الاجتماعية لفائدة لوبيات الاستثمار الخاص... و الضغط على نفقات القطاعات المنتجة و الجهات الداخلية... و
الانصياع الطوعي لاملاءات صندوق النقد الدولي و إتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي و الإذعان لشروطها الناهبة للثروة و العدوانية بحق الشعب و الوطن و كذلك الاتفاقيات و مشاريع الاتفاقيات المشينة مثل مشروع اليكا ALECA مع الإتحاد الأوروبي والاتفاقية الأمنية مع تركيا و مشروع إتفاقية صندوق التنمية مع قطر و الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية تشمل عدة ميادين و منها الغير معلنة خاصةً فيما يتعلق بتمركز قوات "افريكوم" ( القيادة العسكرية الأمريكية في افريقيا)...
* لن يرى الشعب التونسي النور و لن تتحسن أوضاعه و لن تتحقق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً ولن ينتصر لنفسه و لسيادته إلا متى نظم صفوفه و واصل المشوار النضالي مسنودا بالاطياف التقدمية الناهضة و الديموقراطية الثورية المنتصرة له و خوض معاركه المصيرية بكافة الأشكال النضالية المتاحة و في مقدمتها النزول إلى الشارع و توجيه طاقة الاحتجاجات الشعبية المرتقبة ، صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا و إبقاء هذه العصابات الفاشلة الحاكمة خارج دائرة الحكم فالوضع أخطر من أن يترك لهؤلاء... !
ليتحمل الأزمة المتسببون الحقيقيون فيها...

عمران حاضري
22/11/2020