قانون شكله نافع ومضمونه ناسف


علي عرمش شوكت
2020 / 11 / 25 - 14:40     

صدر مؤخراً قانون " جرائم المعلوماتية " كرد فعل دفاعي كما يبدو من قبل المتنفذين، على اثر خروج قانون الانتخابات من عنق الزجاجة الذي لم يلب طموح المتظاهرين بصيغته الاخيرة. مع ذلك ارتجفت فرائص الفاسدين منه. وبأدنى الحسابات.. قد جاء لسحب الاهتمام عن مكملات المقدمات الضرورية للقيام بالانتخابات المبكرة. واهمها انجاز قانون المحكمة الاتحادية. وبمتوسط الحسابات.. تأتي هذه الزوبعة السياسية المغرضة، متناغمة مع حملة تصفية خيام المتظاهرين.. كما في اعلى الحسابات جاء ليشكل كاتماً لشعار " نريد وطن " ومرادفاته المعبرة عن صوت المحرومين. اذ انه قد ارفق بقائمة عقوبات لا يتمناها المواطن شريف لاخيه المواطن قطعاً.
وحينما نبحث عن بعث الروح في هذا القانون " جرائم المعلوماتية " القديم الجديد. والغاية الحقيقية من اصداره في هذا الظرف المضطرب، سنجدها متجلية في توليفة مواده الحادية والثلاثين، والتي عمد مُشرّعها " النبيه " على استحضار ثلاثين مادة شبه محورة من مواد قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 بغية التمويه على مادة واحدة فقط، التي هي الغاية الاساس من اصداره. ولا نغالي اذ ما اعتبرناها قد شكلت قطرة السم الزُؤام المندسة في عسل القانون.. ومنها انطلقت المعارضة الواسعة الرافضة لهذا الطرح المفتعل غير المبرر منطقياً. والذي كان اصداره الاول في سنة 2011 وعلى اثر انطلاق حراك التظاهرات، و قد رُفض حينذاك. واليوم لا يخرج طرحه من جديد، عن ذات الهدف لمواجهة الانتفاضة ومفاعيلها القادمة وبخاصة اثناء حومة الانتخابات المنتظرة.
لا شك بان الطغمة الحاكمة مصابة بفقدان الصواب منذ انطلاق انتفاضة تشرين 2019 ويلازمها الشعور برحيلها المبكر،عقب الانتخابات المبكرة. ومن هذا الاحساس الذي اصابها بنوبة هستيرية، راحت تستعجل اسغلال ما تبقى من مدة برلمانها العتيد لاصدار التشريعات الضامنة والخادمة لمصالحها. لكونها باتت مملوءة بالهواجس المرعبة لفقدانها مثل فرصة سطوة الحكم الثمينة الحالية. مما غدا لديها التشبث بالسلطة وباي ثمن، طوق النجاة الوحيد من العواقب المتوقعة.
يبدو ان الطغمة المتسلطة مصابة بحالة نهم طاغ، وهي التي لم تكتف بوضع البلد على " الحديدة " كما يقال اي الافلاس التام، الى التهيؤ ان { تكلب بالدخل }. باحثة في الدفاتر القديمة متجاوزة للاعراف وللتاريخ وللقيّم الوطنية. لتخرج علينا بما سميّ بـ " تقاسم الاوقاف الدينية" وفق نسبة نفوس الطوائف والاديان..!! ان هذه النوايا المريبة لا تبتعد باي حال عن ان يراد بها خلق اشكاليات اضافية من شأنها ان تولد مزيداً من الكوابح في طريق التغيير، وعرقلة مفتاحه الاساس الانتخابات المبكرة. هذا اذا ما ربطناه ايضاً بالدوافع الطائفية المقيتة، واستغلالاً للفراغ المجتمعي الذي خلفته هجرة اعزتنا المسيحين. بغية استكمال نهب ما تبقى من املاكهم. ان الخشية الاعظم من هذا الفعل الغريب عن طبيعة شعبنا، الا ينظر اليه بتجرد.. لكون تركه يمر سيصب في الافق غير البعيد في مجرى الدعوة الى تقاسم الاحياء وسيراً حثيثاً نحو تقاسم البلد على ذات نهج التفريط بوحد شعبنا بكافة اطيافه المتآخية عبر التاريخ.